نظرية التفسير الجزيئي للفاروق الرطوبي
و ي مورتون & ج و س هيرل
ترجمة : صالح الرزوق
اقترح إيركهارت نظرية لتفسير الفاروق الرطوبي انطلاقا من آثار التركيب الجزيئي ، و لقد أعاد هيرمانس مناقشة هذه النظرية على ضوء التطورات الأخيرة التي أدخلت على بنية السيللوز . في السيللوز غير المتبلور تتوفر بعض الروابط العرضية حيثما تقارب جزيئان ، و هذه بدورها تحد من الامتصاص ، إما بالعوائق الميكانيكية أو بتخفيض عدد مجموعات الهيدروكسيل الشاغرة . و ما أن ترتفع درجة الامتصاص حتى تتحطم الروابط و تستبدل بالماء الذي يحجزه الهيدروكسيل .
بسبب ميل البنية إلى الاستقرار ، سوف تهيمن ظاهرة الفاروق على إلغاء ثم استعادة الروابط الجانبية ، و بالتالي على الامتصاص. في الألياف السيللوزية التي تتمتع بدرجة أعلى من الانتظام ، اللييفات ، تتكون الروابط الجانبية و يتم امتصاص الماء بين و على سوح اللييفات..... إن البنية في المناطق غير المتبلورة التي تجتاحها الفوضى هي عبارة عن شبكة ثلاثية الأبعاد ، و من الصعب حقا التبصر فيها تخطيطيا. و مع ذلك إن مخططات من بعدين إثنين تفي بالغرض لتفهم مجريات ما يحدث ... افترض أن البنيتين كلتيهما عرضة للجو نفسه.
في ضوء الطاقة الفطرية المتوفرة للنظام ، و التي تقود الحركة المتواصلة للذرات و الجزيئات ، إن المجموعات الفعالة سوف تتحرر خلال عتبات زمنية فاصلة نتيجة لتكسير الروابط العرضية أو لتبخر الماء. غير أنه من غير المقدر لمجموعة فعالة أن تتمتع بالحرية لفترة لا متناهية ، ما دام جزيء الماء سوف يغل يدها من جديد أو أن رابطة جانبية ستعاود اتخاذ موقع لها. إذا ما نظرنا إلى هذين الاحتمالين بشكل مستقل ، فرصة امتصاص الماء تعتمد على عدد و لزوجة جزيئات الماء الحاضرة في الجو ، و يستوي فعل هذا في كلتا الحالتين . أما فرصة تكوين الروابط فتقوم على مدى تقارب المجموعات النشطة . إنه من المحتمل ظهورها ، إذا ، في البنية الجافة لا الرطبة ، ما دامت الروابط تحافظ على المسافة بين الجزيئات في حدود معينة و تؤهلها للتنافر الجفافي. و حينما نضع هذين الاحتمالين على محك التنافس ، إن صافي فرص امتصاص الماء يكون أكبر في الحالة الرطبة ، و هذا يمهد الطريق للفاروق الرطوبي. و بترجمة هذه الرؤية السابقة إلى نمط مجسمات ثلاثية، من الممكن لحضور روابط جانبية أخرى في البنية الجافة أن تؤدي إلى تماسك الجزيئات في الشبكة ، و أن تسهل السبل أمام تشكيل جسور عرضية بالمقارنة مع بنية عد الروابط فيها أقل. لذلك إن عينة جافة منذ البداية سوف تحوز دائما على عدد أكبر من الروابط الجانبية ، إلى جانب امتصاص محدود بالمقارنة مع عينة كانت رطبة في الظروف الجوية نفسها. و إن افتراضات مماثلة تنطبق على شبكة اللييفات في الألياف الطبيعية ، حينما يتشكل السيللوز في البداية ، داخل نبات القطن ، حيث لا يترسب إلا بوجود الماء. و هذا يرجح كفة امتصاص الماء ، و يقود إلى بنية روابطها الجانبية أقل ، ترتفع فيها منحنيات معدل فقد الرطوبة الأولية. و ما أن تجف إلى ما دون حدود معينة من الرطوبة الجوية، فإن الروابط الجانبية تتشكل . و بعضها يأتي ليبقى و ليضع حواجز أمام استعادة درجات عالية من الكسب الرطوبي. أما رفع درجة حرارة ألياف رطبة ، فإنه سياق يرجح كفة امتصاص الرطوبة و إلغاء الروابط الجانبية ، و يرفع من كفاءة منحنيات الفقد الأولي. من جهة أخرى ، إن تسخين مادة جافة يزيد من عدد هذه الروابط و يخفض من أهمية منحنيات الكسب على خلفية من قوس قزح تدرجات الرطوبة النسبية.
الانتفاخ المحدود
على الرغم من أن الجلوكوز و السيللوز كيميائيا متشابهان ، يكون لهما سلوك مغاير في الماء . الجلوكوز يذوب ، لكن السيللوز ينتفخ ضمن حدود. هذا الانتفاخ المحدود يعود إلى اختراق الماء للمناطق غير المتبلورة أو ما بين اللييفات ، و إلى اخفاقه في الدخول إلى حرم المناطق المتبلورة.
وتنحو المناطق اللامتبلورة إلى الذوبان مثل الجلوكوز ، فجزيئات السيللوز لا تفترق تماما ، ما دامت هي متماسكة حيث توجد البلورات.
ويتوجب على اللييفات في ألياف السيللوز الطبيعي أن تلبث متماسكة بطريقة تمنع من تكوين محاليل أو أن تتحلى ، عوضا عن ذلك ، بقدر من الترابط في حالة توازن ديناميكي ، وهذا يمنع أي نوع من الألياف من التمتع بالحرية المطلقة في أية برهة من الزمن.
ما دام ثبات الألياف في الماء من الظروف المحتمة ، إن أسباب عدم ذوبان البلورات يستحق مقاربة مفصلة. و هذا يتوقف بالطبع ، على الفعل التراكمي لمجموع النهايات النشطة في تشكيل روابط جانبية.
في الجلوكوز ، أو السيللوز اللامتبلور ، يهاجم الماء مجموعة نشطة واحدة في البرهة الواحدة ، لكن للتغلغل في المركبات السيللوزية المتبلورة يجب على الماء أن يكر على عدد ضخم من المجموعات النشطة في الوقت ذاته ، ونحن لا نتوقع هذا تلقائيا ، ما دام الماء ينشط بعشوائية و ليس بطريقة منظمة. هذه الحالة تشبه معركة بين عصابات غير منظمة و جيش نظامي ضخم.
إذا تفرقت القوات النظامية يصبح من السهل على العصابات أن تهرع لتدك عروشه و تحتلها بسلسلة من الغارات ، غير أنه من الممكن أن لا تربح العصابات معركة واحدة حينما يكون الجيش متماسكا في خنادقه.
يحصل الانتفاخ حينما يتم فرق الجزيئات في الألياف عن بعضها بواسطة جزيئات الماء الممتصة. الخلل الناتج يخلق إجهادات داخلية ، تؤثر في كمية الامتصاص. و لقد عبر باركاس حسابيا عن هذا الجانب من الموضوع بتطبيق مبادئ الترموديناميك .
وهذا يفسر الفاروق بطريقة مغايرة ، ذلك أن وجود فاروق ميكانيكي في الألياف ، يترتب عليه بالضرورة فاروق رطوبي.
وإن تغير مستويات الكثافة بالانتفاخ من الأمور التي تستحق الاهتمام. مبدئيا يعزى إلى هذا التبدل مفارقة. فالزيادة في الحجم تكون أقل من حجم الماء الإضافي. بغض النظر عن الاقتراض غير المنطقي الذي يفترض تعرض الماء للانضباط، هذا يشير إلى تراصف المياه في البنية ، للاستفادة إلى أقصى حد من الحيز المتاح. و هذا يشبه تمثيليا ملء فراغ صندوق يحوي منحوتات من الرخام بكرات المضرب ، إن الترادف يماثل الترابط المباشر و القوي بين جزيئات الماء و النهايات غير المختزلة من جزيئات الألياف. بتقدم موجة الامتصاص ، تكون الزيادة في الحجم متساوية مع حجم الماء المضاف ، و هذا يؤكد أن الماء مرتب بطريقة مماثلة لما هي الحال عليه في الماء السائل أو مكعبات الجليد ، و إن دورها يقتصر ببساطة على توسيع بنية البوليمر. إن تبدلا في المحتوى الرطوبي يعكس تبدلا قليلا في الحجم سوف يذر بقرنه من جديد في محتويات رطوبة عالية ، إذا ما امتلأت الفراغات البينية بماء الامتصاص الشعري.
ملاحظة :
محمد سيد عبدالسلام في كتابه عن تكنولوجيا القطن يذكر هذا المصطلح باسم : التفارق الرطوبي.
و يعود المصطلح أساسا إلى ظاهرة الأثر المتبقي خلف الحقل المغناطيسي، حتى لو تقلصت القوة الممغنطة من حد الإشباع إلى الصفر . أما حلقة الأثر المغناطيسي فهي حقل رباعي الرؤوس ، يشكله الحقل المغناطيسي و عكسه في كلا الاتجاهين المتضادين. لكن في اللغة : إن فرق ، و منه الفرق : اسم معناه الطريق في شعر الرأس و الكتان ، و الفارق : و يعني عدم التطابق . و منه الفاروق : و هو الذي يفرق بين الأمور . أما التفارق ( صحيحه التفاريق ) معناه ما تفرق منه. و هو يفيد الوحدة من الكثرة.
و ي مورتون & ج و س هيرل
ترجمة : صالح الرزوق
اقترح إيركهارت نظرية لتفسير الفاروق الرطوبي انطلاقا من آثار التركيب الجزيئي ، و لقد أعاد هيرمانس مناقشة هذه النظرية على ضوء التطورات الأخيرة التي أدخلت على بنية السيللوز . في السيللوز غير المتبلور تتوفر بعض الروابط العرضية حيثما تقارب جزيئان ، و هذه بدورها تحد من الامتصاص ، إما بالعوائق الميكانيكية أو بتخفيض عدد مجموعات الهيدروكسيل الشاغرة . و ما أن ترتفع درجة الامتصاص حتى تتحطم الروابط و تستبدل بالماء الذي يحجزه الهيدروكسيل .
بسبب ميل البنية إلى الاستقرار ، سوف تهيمن ظاهرة الفاروق على إلغاء ثم استعادة الروابط الجانبية ، و بالتالي على الامتصاص. في الألياف السيللوزية التي تتمتع بدرجة أعلى من الانتظام ، اللييفات ، تتكون الروابط الجانبية و يتم امتصاص الماء بين و على سوح اللييفات..... إن البنية في المناطق غير المتبلورة التي تجتاحها الفوضى هي عبارة عن شبكة ثلاثية الأبعاد ، و من الصعب حقا التبصر فيها تخطيطيا. و مع ذلك إن مخططات من بعدين إثنين تفي بالغرض لتفهم مجريات ما يحدث ... افترض أن البنيتين كلتيهما عرضة للجو نفسه.
في ضوء الطاقة الفطرية المتوفرة للنظام ، و التي تقود الحركة المتواصلة للذرات و الجزيئات ، إن المجموعات الفعالة سوف تتحرر خلال عتبات زمنية فاصلة نتيجة لتكسير الروابط العرضية أو لتبخر الماء. غير أنه من غير المقدر لمجموعة فعالة أن تتمتع بالحرية لفترة لا متناهية ، ما دام جزيء الماء سوف يغل يدها من جديد أو أن رابطة جانبية ستعاود اتخاذ موقع لها. إذا ما نظرنا إلى هذين الاحتمالين بشكل مستقل ، فرصة امتصاص الماء تعتمد على عدد و لزوجة جزيئات الماء الحاضرة في الجو ، و يستوي فعل هذا في كلتا الحالتين . أما فرصة تكوين الروابط فتقوم على مدى تقارب المجموعات النشطة . إنه من المحتمل ظهورها ، إذا ، في البنية الجافة لا الرطبة ، ما دامت الروابط تحافظ على المسافة بين الجزيئات في حدود معينة و تؤهلها للتنافر الجفافي. و حينما نضع هذين الاحتمالين على محك التنافس ، إن صافي فرص امتصاص الماء يكون أكبر في الحالة الرطبة ، و هذا يمهد الطريق للفاروق الرطوبي. و بترجمة هذه الرؤية السابقة إلى نمط مجسمات ثلاثية، من الممكن لحضور روابط جانبية أخرى في البنية الجافة أن تؤدي إلى تماسك الجزيئات في الشبكة ، و أن تسهل السبل أمام تشكيل جسور عرضية بالمقارنة مع بنية عد الروابط فيها أقل. لذلك إن عينة جافة منذ البداية سوف تحوز دائما على عدد أكبر من الروابط الجانبية ، إلى جانب امتصاص محدود بالمقارنة مع عينة كانت رطبة في الظروف الجوية نفسها. و إن افتراضات مماثلة تنطبق على شبكة اللييفات في الألياف الطبيعية ، حينما يتشكل السيللوز في البداية ، داخل نبات القطن ، حيث لا يترسب إلا بوجود الماء. و هذا يرجح كفة امتصاص الماء ، و يقود إلى بنية روابطها الجانبية أقل ، ترتفع فيها منحنيات معدل فقد الرطوبة الأولية. و ما أن تجف إلى ما دون حدود معينة من الرطوبة الجوية، فإن الروابط الجانبية تتشكل . و بعضها يأتي ليبقى و ليضع حواجز أمام استعادة درجات عالية من الكسب الرطوبي. أما رفع درجة حرارة ألياف رطبة ، فإنه سياق يرجح كفة امتصاص الرطوبة و إلغاء الروابط الجانبية ، و يرفع من كفاءة منحنيات الفقد الأولي. من جهة أخرى ، إن تسخين مادة جافة يزيد من عدد هذه الروابط و يخفض من أهمية منحنيات الكسب على خلفية من قوس قزح تدرجات الرطوبة النسبية.
الانتفاخ المحدود
على الرغم من أن الجلوكوز و السيللوز كيميائيا متشابهان ، يكون لهما سلوك مغاير في الماء . الجلوكوز يذوب ، لكن السيللوز ينتفخ ضمن حدود. هذا الانتفاخ المحدود يعود إلى اختراق الماء للمناطق غير المتبلورة أو ما بين اللييفات ، و إلى اخفاقه في الدخول إلى حرم المناطق المتبلورة.
وتنحو المناطق اللامتبلورة إلى الذوبان مثل الجلوكوز ، فجزيئات السيللوز لا تفترق تماما ، ما دامت هي متماسكة حيث توجد البلورات.
ويتوجب على اللييفات في ألياف السيللوز الطبيعي أن تلبث متماسكة بطريقة تمنع من تكوين محاليل أو أن تتحلى ، عوضا عن ذلك ، بقدر من الترابط في حالة توازن ديناميكي ، وهذا يمنع أي نوع من الألياف من التمتع بالحرية المطلقة في أية برهة من الزمن.
ما دام ثبات الألياف في الماء من الظروف المحتمة ، إن أسباب عدم ذوبان البلورات يستحق مقاربة مفصلة. و هذا يتوقف بالطبع ، على الفعل التراكمي لمجموع النهايات النشطة في تشكيل روابط جانبية.
في الجلوكوز ، أو السيللوز اللامتبلور ، يهاجم الماء مجموعة نشطة واحدة في البرهة الواحدة ، لكن للتغلغل في المركبات السيللوزية المتبلورة يجب على الماء أن يكر على عدد ضخم من المجموعات النشطة في الوقت ذاته ، ونحن لا نتوقع هذا تلقائيا ، ما دام الماء ينشط بعشوائية و ليس بطريقة منظمة. هذه الحالة تشبه معركة بين عصابات غير منظمة و جيش نظامي ضخم.
إذا تفرقت القوات النظامية يصبح من السهل على العصابات أن تهرع لتدك عروشه و تحتلها بسلسلة من الغارات ، غير أنه من الممكن أن لا تربح العصابات معركة واحدة حينما يكون الجيش متماسكا في خنادقه.
يحصل الانتفاخ حينما يتم فرق الجزيئات في الألياف عن بعضها بواسطة جزيئات الماء الممتصة. الخلل الناتج يخلق إجهادات داخلية ، تؤثر في كمية الامتصاص. و لقد عبر باركاس حسابيا عن هذا الجانب من الموضوع بتطبيق مبادئ الترموديناميك .
وهذا يفسر الفاروق بطريقة مغايرة ، ذلك أن وجود فاروق ميكانيكي في الألياف ، يترتب عليه بالضرورة فاروق رطوبي.
وإن تغير مستويات الكثافة بالانتفاخ من الأمور التي تستحق الاهتمام. مبدئيا يعزى إلى هذا التبدل مفارقة. فالزيادة في الحجم تكون أقل من حجم الماء الإضافي. بغض النظر عن الاقتراض غير المنطقي الذي يفترض تعرض الماء للانضباط، هذا يشير إلى تراصف المياه في البنية ، للاستفادة إلى أقصى حد من الحيز المتاح. و هذا يشبه تمثيليا ملء فراغ صندوق يحوي منحوتات من الرخام بكرات المضرب ، إن الترادف يماثل الترابط المباشر و القوي بين جزيئات الماء و النهايات غير المختزلة من جزيئات الألياف. بتقدم موجة الامتصاص ، تكون الزيادة في الحجم متساوية مع حجم الماء المضاف ، و هذا يؤكد أن الماء مرتب بطريقة مماثلة لما هي الحال عليه في الماء السائل أو مكعبات الجليد ، و إن دورها يقتصر ببساطة على توسيع بنية البوليمر. إن تبدلا في المحتوى الرطوبي يعكس تبدلا قليلا في الحجم سوف يذر بقرنه من جديد في محتويات رطوبة عالية ، إذا ما امتلأت الفراغات البينية بماء الامتصاص الشعري.
ملاحظة :
محمد سيد عبدالسلام في كتابه عن تكنولوجيا القطن يذكر هذا المصطلح باسم : التفارق الرطوبي.
و يعود المصطلح أساسا إلى ظاهرة الأثر المتبقي خلف الحقل المغناطيسي، حتى لو تقلصت القوة الممغنطة من حد الإشباع إلى الصفر . أما حلقة الأثر المغناطيسي فهي حقل رباعي الرؤوس ، يشكله الحقل المغناطيسي و عكسه في كلا الاتجاهين المتضادين. لكن في اللغة : إن فرق ، و منه الفرق : اسم معناه الطريق في شعر الرأس و الكتان ، و الفارق : و يعني عدم التطابق . و منه الفاروق : و هو الذي يفرق بين الأمور . أما التفارق ( صحيحه التفاريق ) معناه ما تفرق منه. و هو يفيد الوحدة من الكثرة.
