رد: اعرف حبيبك 23
المفاوضة
وأرسل ابن أبي الحُقَيْق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنزلفأكلمك؟ قال: (نعم)، فنزل، وصالح على :-
حقن دماء مَنْ في حصونهم من المقاتلة،
وترك الذرية لهم،
ويخرجون من خيبر وأرضها بذراريهم،
ويخلون بين رسول الله صلى اللهعليه وسلم وبين ما كان لهم من مال وأرض،
وعلى الصفراء والبيضاء ـ أي الذهب والفضة ـوالكُرَاع والْحَلْقَة إلا ثوبًا على ظهر إنسان ،
فقال رسول الله صلى الله عليهوسلم: (وبرئت منكم ذمة الله وذمة رسوله إن كتمتموني شيئا)، فصالحوه على ذلك ،وبعد هذه المصالحة تم تسليم الحصون إلى المسلمين، وبذلك تم فتح خيبر.
قتل ابني أبي الحقيق لنقض العهد
وعلى رغم هذه المعاهدة غيب ابنا أبي الحقيق مالا كثيرا، غيبامَسْكًا فيه مال وحُلُي لحيي بن أخطب، كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النضير.
قال ابن إسحاق: وأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بكِنَانةالربيع، وكان عنده كنز بني النضير، فسأله عنه، فجحد أن يكون يعرف مكانه، فأتي رجلمن اليهود فقال: إني رأيت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة، فقال رسول الله صلىالله عليه وسلم لكنانة: (أرأيت إن وجدناه عندك أأقتلك؟) قال: نعم، فأمربالخربة، فحفرت، فأخرج منها بعض كنزهم، ثم سأله عما بقي، فأبي أن يؤديه. فدفعهإلى الزبير، وقال: عذبه حتى نستأصل ما عنده، فكان الزبير يقدح بزند في صدره حتىأشرف على نفسه، ثم دفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى محمد بن مسلمة، فضرب عنقهبمحمود بن مسلمة ـ وكان محمود قتل تحت جدار حصن ناعم، ألقي عليه الرحي، وهو يستظلبالجدار فمات ـ.
وسبي رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي بن أخطب، وكانت تحتكنانة بن أبي الحقيق، وكانت عروسًا حديثة عهد بالدخول.
قسمة الغنائم
وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجلي اليهود من خيبر،فقالوا: يا محمد، دعنا نكون في هذه الأرض، نصلحها، ونقوم عليها، فنحن أعلم بهامنكم، ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لأصحابه غلمان يقومون عليها،وكانوا لا يفرغون حتى يقوموا عليها، فأعطاهم خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع، ومنكل ثمر، ما بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرهم، وكان عبد الله بن رواحةيخرصه عليهم.
وقسم أرض خيبر على ستة وثلاثين سهمًا، جمع كل سهم مائة سهم، فكانتثلاثة آلاف وستمائة سهم، فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين النصف منذلك وهو ألف وثمانمائة سهم، لرسول الله صلى الله عليه وسلم سهم كسهم أحد المسلمين،وعزل النصف الآخر، وهو ألف وثمانمائة سهم، لنوائبه وما يتنزل به من أمور المسلمين،وإنما قسمت على ألف وثمانمائة سهم لأنها كانت طعمة من الله لأهل الحديبية من شهدمنهم ومن غاب، وكانوا ألفا وأربعمائة، وكان معهم مائتا فرس، لكل فرس سهمان، فقسمتعلى ألف وثمانمائة سهم، فصار للفارس ثلاثة أسهم، وللراجل سهم واحد.
ويدل على كثرة مغانم خيبر ما رواه البخاري عن ابن عمر قال: ماشبعنا حتى فتحنا خيبر، وما رواه عن عائشة قالت: لما فتحت خيبر قلنا: الآن نشبعمن التمر ، ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة رد المهاجرون إلىالأنصار منائحهم التي كانوا منحوهم إياها من النخيل حين صار لهم بخيبر مال ونخيل.
قدوم جعفر بن أبي طالب والأشعريين
وفي هذه الغزوة قدم عليه ابن عمه جعفر بن أبي طالب وأصحابه، ومعهمالأشعريون أبو موسى وأصحابه.
قال أبو موسي: بلغنا مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحنباليمن، فخرجنا مهاجرين إليه ـ أنا وأخوان لي ـ في بضع وخمسين رجلاً من قومي، ركبناسفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافقنا جعفرًا وأصحابه عنده، فقال:إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا وأمرنا بالإقامة، فأقيموا معنا، فأقمنا معهحتى قدمنا فوافقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فتح خيبر، فأسهم لنا، وما قسملأحد غاب عن فتح خيبر شيئا إلا لمن شهد معه، إلا لأصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه،قسم لهم معهم.
ولما قدم جعفر على النبي صلى الله عليه وسلم تلقاه وقَبَّلَ ما بينعينيه وقال: (والله ما أدري بأيهما أفرح؟ بفتح خيبر أم بقدوم جعفر).
وكان قدوم هؤلاء على أثر بعث الرسول صلى الله عليه وسلم إلى النجاشيعمرو بن أمية الضمري يطلب توجيههم إليه، فأرسلهم النجاشي على مركبين، وكانوا ستةعشر رجلاً، معهم من بقي من نسائهم وأولادهم، وبقيتهم جاءوا إلى المدينة قبل ذلك.
الزواج بصفية
ذكرنا أن صفية جعلت في السبايا حين قتل زوجها كِنَانة بن أبي الحقيقلغدره، ولما جمع السبي جاء دحية بن خليفة الكلبي، فقال: يا نبي الله، أعطني جاريةمن السبي، فقال: اذهب فخذ جارية، فأخذ صفية بنت حيي، فجاء رجل إلى النبي صلى اللهعليه وسلم فقال: يا نبي الله، أعطيت دحية صفية بنت حيي سيدة قريظة وبني النضير،لا تصلح إلا لك، قال: (ادعوه بها). فجاء بها، فلما نظر إليها النبي صلىالله عليه وسلم قال: (خذ جارية من السبي غيرها)، وعرض عليها النبي صلى اللهعليه وسلم الإسلام فأسلمت، فأعتقها وتزوجها، وجعل عتقها صداقها، حتى إذا كان بسدالصهباء راجعًا إلى المدينة حلت، فجهزتها له أم سليم، فأهدتها له من الليل، فأصبحعروسًا بها، وأولم عليها بحيس من التمر والسمن والسَّوِيق، وأقام عليها ثلاثة أيامفي الطريق يبني بها.
ورأى بوجهها خضرة، فقال: (ما هذا؟) قالت: يا رسول الله،رأيت قبل قدومك علينا كأن القمر زال من مكانه، وسقط في حجري، ولا والله ما أذكر منشأنك شيئا، فقصصتها على زوجي، فلطم وجهي. فقال: تمنين هذا الملك الذيبالمدينة.
أمر الشاة المسمومة
ولما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر بعد فتحها أهدت لهزينب بنت الحارث، امرأة سَلاَّم بن مِشْكَم، شاة مَصْلِيَّةً، وقد سألت أي عضو أحبإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقيل لها: الذراع، فأكثرت فيها من السم، ثمسمت سائر الشاة، ثم جاءت بها، فلما وضعتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلمتناول الذراع، فَلاَكَ منها مضغة فلم يسغها، ولفظها، ثم قال: (إن هذا العظمليخبرني أنه مسموم)، ثم دعا بها فاعترفت، فقال: (ما حملك على ذلك؟)قالت: قلت: إن كان ملكًا استرحت منه، وإن كان نبيًا فسيخبر، فتجاوز عنها.
وكان معه بِشْر بن البراء بن مَعْرُور، أخذ منها أكلة فأساغها، فماتمنها.
واختلفت الروايات في التجاوز عن المرأة وقتلها، وجمعوا بأنه تجاوزعنها أولا، فلما مات بشر قتلها قصاصا.
قتلى الفريقين في معارك خيبر
وجملة من استشهد من المسلمين في معارك خيبر 16، أربعة منقريش وواحد من أشْجَع، وواحد من أسْلَم، وواحد من أهل خيبر والباقون من الأنصار.
ويقال: إن شهداء المسلمين في هذه المعارك 81 رجلاً.
أما قتلي اليهود فعددهم 93
ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، بعث مُحَيِّصَة بنمسعود إلى يهود فَدَك، ليدعوهم إلى الإسلام، فأبطأوا عليه، فلما فتح الله خيبر قذفالرعب في قلوبهم، فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصالحونه على النصف منفدك بمثل ما عامل عليه أهل خيبر، فقبل ذلك منهم، فكانت فدك لرسول الله صلى اللهعليه وسلم خالصة؛ لأنه لم يُوجِف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب.
وادي القُرَي
ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر، انصرف إلى واديالقري، وكان بها جماعة من اليهود، وانضاف إليهم جماعة من العرب.
فلما نزلوا استقبلتهم يهود بالرمي، وهم على تعبئة، فقتل مِدْعَم ـعَبْدٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ـ فقال الناس: هنيئا له الجنة، فقال النبيصلى الله عليه وسلم: (كلا، والذي نفسي بيده، إن الشَّمْلَة التي أخذها يوم خيبرمن المغانم، لم تصبها المقاسم، لتشتعل عليه نارًا)، فلما سمع بذلك الناس جاء رجلإلى النبي صلى الله عليه وسلم بشِرَاك أو شراكين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(شراك من نار أو شراكان من نار).
ثم عَبَّأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه للقتال، وصَفَّهم،ودفع لواءه إلى سعد بن عبادة، وراية إلى الحُبَاب بن المنذر، وراية إلى سهل بنحُنَيْف، وراية إلى عباد بن بشر، ثم دعاهم إلى الإسلام فأبوا، وبرز رجل منهم، فبرزإليه الزبير بن العوام فقتله، ثم برز آخر فقتله، ثم برز آخر فبرز إليه علي بن أبيطالب رضي الله عنه فقتله، حتى قتل منهم أحد عشر رجلاً، كلما قتل منهم رجل دعا منبقي إلى الإسلام.
وكانت الصلاة تحضر هذا اليوم، فيصلي بأصحابه، ثم يعود، فيدعوهم إلىالإسلام وإلى الله ورسوله، فقاتلهم حتى أمسوا، وغدا عليهم فلم ترتفع الشمس قيد رمححتى أعطوا ما بأيديهم، وفتحها عنوة، وغَنَّمَهُ اللهُ أموالهم، وأصابوا أثاثاومتاعًا كثيرًا.
وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي القري أربعة أيام. وقسمعلى أصحابه ما أصاب بها، وترك الأرض والنخل بأيدي اليهود، وعاملهم عليها ـ كما عاملأهل خيبرـ.
تَيْمَـــاء
ولما بلغ يهود تيماء خبر استسلام أهل خيبر ثم فَدَك ووادي القُرَي،لم يبدوا أي مقاومة ضد المسلمين، بل بعثوا من تلقاء أنفسهم يعرضون الصلح، فقبل ذلكمنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقاموا بأموالهم. وكتب لهم بذلك كتابا وهاكنصه: هذا كتاب محمد رسول الله لبني عاديا، أن لهم الذمة، وعليهم الجزية، ولا عداءولا جلاء، الليل مد، والنهار شد، وكتب خالد بن سعيد.
العودة إلى المدينة
ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في العودة إلى المدينة، وفيالطريق أشرف الناس على واد فرفعوا أصواتهم بالتكبير: (الله أكبر، الله أكبر، لاإله إلا الله) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أربعوا على أنفسكم، إنكملا تدعون أصَمَّ ولا غائبا، إنكم تدعون سميعا قريبا).
وبعد النظر في تفصيل معارك خيبر، يبدو أن رجوع النبي صلى الله عليهوسلم كان في أواخر صفر أو في ربيع الأول سنة 7 هـ.
سرية أبَان بن سعيد
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف أكثر من كل قائد عسكري أن إخلاءالمدينة تماما بعد انقضاء الأشهر الحرم ليس من الحزم قطعًا، بينما الأعراب ضاربةحولها، تطلب غرة المسلمين للقيام بالنهب والسلب وأعمال القرصنة ؛ ولذلك أرسل سريةإلى نجد لإرهاب الأعراب تحت قيادة أبان بن سعيد، بينما كان هو إلى خيبر، وقد رجعأبان بن سعيد بعد قضاء ما كان واجبًا عليه، فوافي النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر،وقد افتتحها.
والأغلب أن هذه السرية كانت في صفر سنة 7هـ، وقد ورد ذكرها فيالبخاري. قال ابن حجر: لم أعرف حال هذه السرية.
بقية السرايا والغزوات في السنةالسابعة مع غزوة ذات الرقاع من اشد الغزوات قربا إلى القلب انها الغزوة الدامية ارجو انكم ما تفوتهوها
فانتظروها بإذن الله تعالى .