المقالة التاسعة والثمانون من سلسلة التاريخ العام 3-قصة اسحاق بن ابراهيم عليهما

الطائرالمسافر

عضو ذهبي
إنضم
Sep 27, 2013
المشاركات
1,447
العمر
79
الإقامة
جمهورية مصرالعربية-مدينة المنصورة-
المقالة التاسعة والثمانون من سلسلة التاريخ العام 3-قصة اسحاق بن ابراهيم عليهما


المقالة التاسعة والثمانون
من سلسلة التاريخ العام
قصة اسحاق عليه السلام ‏
فلما اجتمع لابان بيعقوب عاتبه في خروجه بغير علمه، وهلاّ أعلمه فيخرجهم في فرح ومزاهر وطبول، وحتى يودع بناته وأولادهن، ولم أخذوا أصنامه معهم ولم يكن عند يعقوب علم من أصنامه، فأنكر أن يكون أخذوا له أصناماً فدخل بيوت بناته وإمائهن يفتش، فلم يجد شيئاً، وكانت راحيل قد جعلتهن في بردعة الحمل وهي تحتها، فلم تقم واعتذرت بأنها طامث فلم يقدر عليهن‏.‏
فعند ذلك تواثقوا على رابية هناك يقال لها‏:
‏ جلعاد، على أنه لا يهبن بناته، ولا يتزوج عليهن، ولا يجاوز هذه الرابية إلى بلاد الآخرة، لا لابان، ولا يعقوب، وعملا طعاماً، وأكل القوم معهم، وتودع كل منهما من الآخر، وتفارقوا راجعين إلى بلادهم‏.‏
فلما اقترب يعقوب من أرض ساعير، تلقته الملائكة يبشرونه بالقدوم، وبعث يعقوب البرد إلى أخيه العيصو يترفق له، ويتواضع له، فرجعت البرد وأخبرت يعقوب بأن العيص قد ركب إليك في أربعمائة راجل‏.‏
فخشى يعقوب من ذلك، ودعا الله عز وجل وصلى له، وتضرع إليه، وتمسكن لديه، وناشده عهده ووعده الذي وعده به، وسأله أن يكف عنه شر أخيه العيص‏.‏
وأعد لأخيه هدية عظيمة، وهي مائتا شاة وعشرون تيساً، ومائتا نعجة، وعشرون كبشاً، وثلاثون لقحة، وأربعون بقرة، وعشرة من الثيران، وعشرون أتانا، وعشرة من الحمر،
وأمر عبيده أن يسوقوا كلاً من هذه الأصناف وحده، ليكن بين كل قطيع وقطيع مسافة،
فإذا لقيهم العيص فقال للأول‏:‏ لمن أنت، ولمن هذه معك‏؟‏
فليقل‏:‏ لعبدك يعقوب، أهداها لسيدي العيص،
وليقل الذي بعده كذلك، وكذا الذي بعده، ويقول كل منهم وهو جائي بعدنا، وتأخر يعقوب بزوجتيه وأمتيه وبنيه الأحد عشر، بعد الكل بليلتين، وجعل يسير فيهما ليلاً ويكمن نهاراً‏.‏
فلما كان وقت الفجر من الليلة الثانية، تبدا له ملك من الملائكة في صورة رجل، فظنه يعقوب رجلاً من الناس فأتاه يعقوب ليصارعه ويغالبه، فظهر عليه يعقوب فيما يرى إلا أن الملك أصاب وركه فعرج يعقوب، فلما أضاء الفجر قال له الملك‏:‏ ما اسمك‏؟‏
قال‏:‏ يعقوب‏.‏
قال‏:‏ لا ينبغي أن تدعى بعد اليوم إلا إسرائيل‏.‏
فقال له يعقوب‏:‏ ومن أنت، وما اسمك‏؟‏
فذهب عنه، فعلم أنه ملك من الملائكة، وأصبح يعقوب وهو يعرج من رجله، فلذلك لا يأكل بنو إسرائيل عرق النساء‏.‏
ورفع يعقوب عينيه فإذا أخوه عيصو قد أقبل في أربعمائة راجل، فتقدم أمام أهله فلما رأى أخاه العيص، سجد له سبع مرات، وكانت هذه تحيتهم في ذلك الزمان، وكان مشروعاً لهم كما سجدت الملائكة لآدم تحية له، وكما سجد أخوه يوسف وأبواه له كما سيأتي، فلما رآه العيص تقدم إليه واحتضنه، وقبله وبكى، ورفع العيص عينيه ونظر إلى النساء والصبيان، فقال‏:‏ من أين لك هؤلاء‏؟‏
فقال‏:‏ هؤلاء الذين وهب الله لعبدك، فدنت الأمتان وبنوهما فسجدوا له، ودنت ليا وبنوها فسجدوا له، ودنت راحيل وابنها يوسف فخرا سجدا له، وعرض عليه أن يقبل هديته وألح عليه فقبلها، ورجع العيص فتقدم أمامه، ولحقه يعقوب بأهله، وما معه من الأنعام، والمواشي، والعبيد قاصدين جبال ساعير‏.‏
فلما مر بساحور، ابتنى له بيتاً ولدوا به ظلالاً، ثم مر على أورشليم قرية شخيم، فنزل قبل القرية، واشترى مزرعة شخيم بن جمور بمائة نعجة، فضرب هنالك فسطاطه، وابتنى ثم مذبحاً فسماه إيل إله إسرائيل، وأمر الله ببنائه ليستعلن له فيه، وهو بيت المقدس اليوم، الذي جدده بعد ذلك سليمان بن داود عليهما السلام، وهو مكان الصخرة التي أعلمها بوضع الدهن عليها قبل ذلك كما ذكرنا أولاً‏.‏
وذكر أهل الكتاب هنا قصة دينا بنت يعقوب بنت ليا، وما كان من أمرها مع شخيم بن جمور، الذي قهرها على نفسها، وأدخلها منزله، ثم خطبها عن أبيها وأخوتها‏.‏
فقال إخوتها‏:‏ إلا أن تختتنوا كلكم فنصاهركم وتصاهرونا، فإنا لا نصاهر قوماً غلفاً، فأجابوهم إلى ذلك واختتنوا كلهم، فلما كان اليوم الثالث واشتد وجعهم من ألم الختان، مال عليهم بنو يعقوب فقتلوهم عن آخرهم، وقتلوا شخيماً وأباه جمور، لقبيح ما صنعوا إليهم، مضافاً إلى كفرهم، وما كانوا يعبدونه من أصنامهم، فلهذا قتلهم بنو يعقوب، وأخذوا أموالهم غنيمة‏.‏
ثم حملت راحيل فولدت غلاماً وهو بنيامين، إلا أنها جهدت في طلقها به جهداً شديداً، وماتت عقيبه، فدفنها يعقوب في أفراث، وهي بيت لحم، وصنع يعقوب على قبرها حجراً، وهي الحجارة المعروفة بقبر راحيل إلى اليوم‏.‏
وكان أولاد يعقوب الذكور اثنى عشر رجلاً، فمن ليا‏:‏ روبيل، وشمعون، ولاوي، ويهوذا، وايساخر، وزايلون‏.‏
ومن راحيل‏:‏ يوسف، وبنيامين‏.‏
ومن أمة راحيل‏:‏ دان، ونفتالي‏.‏
ومن أمة ليا‏:‏ حاد، وأشير عليهم السلام‏.‏
وجاء يعقوب إلى أبيه إسحاق، فأقام عنده بقرية حبرون التي في أرض كنعان، حيث كان يسكن إبراهيم، ثم مرض إسحاق ومات عن مائة وثمانين سنة، ودفن ابناه العيص ويعقوب مع أبيه إبراهيم الخليل في المغارة التي اشتراها كما قدمنا‏.‏
 

أحدث المواضيع

أعلى