232-المقالة الثانية والثلاثون بعد المائتين من سلسلة السيرة النبوية غزوة تبوك

الطائرالمسافر

عضو ذهبي
إنضم
Sep 27, 2013
المشاركات
1,447
العمر
79
الإقامة
جمهورية مصرالعربية-مدينة المنصورة-

المقالة الثانية والثلاثون بعدالمائتين
من سلسلة السيرة النبوية المباركة
وروى يونس بن بكير عن سعد بن أوس، عن بلال بن يحيى
أنَّ أبا بكر الصّديق كان على المهاجرين في غزوة دومة الجندل‏.‏
وخالد بن الوليد على الأعراب في غزوة دومة الجندل، فالله أعلم‏.‏
قال ابن إسحاق‏:‏
فأقام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بضع عشرة ليلة لم يجاوزها،
ثمَّ انصرف قافلاً إلى المدينة‏.‏
قال‏:‏
وكان في الطَّريق ماء يخرج من وشل يروي الرّاكب، والرّاكبين، والثّلاثة بواد يقال له‏:‏ وادي المشقق‏.‏
فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏:
‏ ‏(‏‏(‏من سبقنا إلى ذلك الماء فلا يستقين منه شيئاً، حتَّى نأتيه‏)‏‏)‏‏.‏
قال‏:‏ فسبقه إليه نفر من المنافقين، فاستقوا ما فيه‏.‏
فلمَّا أتاه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وقف عليه فلم ير فيه شيئاً‏.‏
فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏من سبقنا إلى هذا الماء‏؟‏‏)‏‏)‏‏.‏
فقيل له‏:‏ يا رسول الله فلان وفلان‏.‏
فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏أولم أنههم أن يستقوا منه حتَّى آتيه‏)‏‏)‏
ثمَّ لعنهم، ودعا عليهم، ثمَّ نزل فوضع يده تحت الوشل، فجعل يصبّ في يده ما شاء الله أن يصب، ثمَّ نضحه به، ومسحه بيده، ودعا بما شاء الله أن يدعو، فانخرق من الماء - كما يقول من سمعه - ما أن له حسّاً كحس الصّواعق، فشرب النَّاس، واستقوا حاجتهم منه‏.‏
فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏:‏
‏(‏‏(‏لئن بقيتم أو من بقي منكم ليسمعن بهذا الوادي، وهو أخصب ما بين يديه وما خلفه‏)‏‏)‏‏.‏

قال ابن هشام‏:‏
إنَّما سمي‏:‏ ذو البجادين، لأنَّه كان يريد الإسلام، فمنعه قومه، وضيَّقوا عليه، حتَّى خرج من بينهم، وليس عليه إلا بجاد - وهو الكساء الغليظ - فشقَّه بإثنين فائتزر بواحدة، وارتدى الأخرى، ثمَّ أتى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فسمي ذو البجادين
وذكر ابن إسحاق أنَّ النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم
إنَّما أعلم بأسمائهم حذيفة بن اليمان وحده، وهذا هو الأشبه والله أعلم‏.‏
ويشهد له قول أبي الدرداء لعلقمة صاحب ابن مسعود‏:
‏ أليس فيكم - يعني أهل الكوفة - صاحب السّواد، والوساد - يعني‏:‏ ابن مسعود - أليس فيكم صاحب السِّرّ الذي لا يعلمه غيره - يعني‏:‏ حذيفة - أليس فيكم الذي أجاره الله من الشَّيطان على لسان محمد - يعني‏:‏ عماراً -‏.‏
وروينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّه قال لحذيفة‏:‏ أقسمت عليك بالله أنا منهم‏؟‏
قال‏:‏ لا ولا أبرئ بعدك أحداً يعني‏:‏ حتَّى لا يكون مفشياً سرَّ النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم‏.‏

وفي صحيح مسلم من طريق شعبة عن قتادة، عن أبي نضرة، عن قيس بن عبادة قال‏:‏ ‏
قلت لعمار‏:‏
أرأيتم صنيعكم هذا فيما كان من أمر عليّ، أرأي رأيتموه أم شيء عهده إليكم رسول الله‏؟‏
فقال‏:‏
ما عهد إلينا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم شيئاً لم يعهده إلى النَّاس كافة، ولكن حذيفة أخبرني عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال ‏
(‏‏(‏في أصحابي إثنا عشر منافقاً منهم ثمانية لا يدخلون الجنَّة حتَّى يلج الجمل في سمِّ الخيَاط‏)‏‏)‏‏.‏
وفي رواية من وجه آخر عن قتادة‏:‏
‏(‏‏(‏إنَّ في أمتي إثنى عشر منافقاً لا يدخلون الجنَّة حتَّى يلج الجمل في سمِّ الخيَاط، ثمانية منهم يكفيكهم الدبيلة، سراج من النَّار يظهر بين أكتافهم حتَّى ينجم من صدورهم‏)‏‏)‏‏.‏
قال الحافظ البيهقي‏:‏
وروينا عن حذيفة أنَّهم كانوا أربعة عشر - أو خمسة عشر - وأشهد بالله أنَّ اثنى عشر، منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدُّنيا، ويوم يقوم الأشهاد، وعذر ثلاثة أنَّهم قالوا‏:‏ ما سمعنا المنادي ولا علمنا بما أراد‏.‏
وهذا الحديث قد رواه الإمام أحمد في مسنده قال‏:‏
حدَّثنا يزيد - هو ابن هارون - أخبرنا الوليد بن عبد الله بن جميع عن أبي الطفيل قال‏:‏ لما أقبل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من غزوة تبوك أمر منادياً فنادى‏:‏ إنَّ رسول الله آخذٌ بالعقبة فلا يأخذها أحد، فبينما رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقوده حذيفة ويسوقه عمَّار إذ أقبل رهط متلثمون على الرَّواحل، فغشوا عماراً، وهو يسوق برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأقبل عمَّار يضرب وجوه الرَّواحل‏.‏
فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لحذيفة‏:‏ ‏(‏‏(‏قد قد‏)‏‏)‏‏.‏
حتَّى هبط رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من الوادي، فلمَّا هبط، ورجع عمَّار‏.‏
قال يا عمَّار‏:‏ ‏(‏‏(‏هل عرفت القوم‏؟‏‏)‏‏)‏‏.‏
قال‏:‏ قد عرفت عامة الرَّواحل، والقوم متلثمون‏.‏
قال‏:‏ ‏(‏‏(‏هل تدري ما أرادوا‏؟‏‏)‏‏)‏‏.‏
قال‏:‏ الله ورسوله أعلم‏.‏
قال‏:‏ ‏(‏‏(‏أرادوا أن ينفروا برسول الله فيطرحوه‏)‏‏)‏‏.‏
قال‏:‏ فسارَّ عمَّار رجلاً من أصحاب النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال‏:‏ نشدتك بالله كم تعلم كان أصحاب العقبة‏؟‏
قال‏:‏ أربعة عشر رجلاً‏.‏
فقال‏:‏ إن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر‏.‏
قال‏:‏ فعذر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم منهم ثلاثة قالوا‏:‏
ما سمعنا منادي رسول الله، وما علمنا ما أراد القوم‏.‏
فقال عمَّار‏:‏ أشهد أنَّ الاثني عشر الباقين حرب لله ولرسوله في الحياة الدُّنيا، ويوم يقوم الأشهاد‏.
 

أحدث المواضيع

أعلى