المقالة السابعة والتسعون من سلسلة التاريخ العام 8-قصة نبى الله يوسف عليه السلام

الطائرالمسافر

عضو ذهبي
إنضم
Sep 27, 2013
المشاركات
1,447
العمر
79
الإقامة
جمهورية مصرالعربية-مدينة المنصورة-
المقالة السابعة والتسعون من سلسلة التاريخ العام 8-قصة نبى الله يوسف عليه السلام


المقالة السابعة والتسعون
من سلسلة التاريخ العام
8-قصة نبى الله يوسف عليه السلام
‏{‏وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ * قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ * وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ * يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ * قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ‏}‏ ‏
[‏يوسف‏:‏ 43-49‏]‏‏.‏
هذا كان من جملة أسباب خروج يوسف عليه السلام من السجن على وجه الاحترام والإكرام، وذلك أن ملك مصر وهو الريان بن الوليد بن ثروان بن اراشه بن فاران بن عمرو بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح، رأى هذه الرؤيا‏.‏
قال أهل الكتاب‏:‏
رأى كأنه على حافة نهر، وكأنه قد خرج منه سبع بقرات سمان، فجعلن يرتعن في روضة هناك، فخرجت سبع هزال ضعاف من ذلك النهر، فرتعن معهن، ثم ملن عليهن، فأكلنهن فاستيقظ مذعوراً‏.‏
ثم نام فرأى سبع سنبلات خضر في قصبة واحدة، وإذا سبع أخر دقاق يابسات فأكلنهن، فاستيقظ مذعوراً، فلما قصَّها على ملئه وقومه لم يكن فيهم من يحسن تعبيرها بل
‏{‏قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ‏}‏
أي‏:‏ أخلاط أحلام من الليل لعلها لا تعبير لها ومع هذا فلا خبرة لنا بذلك‏.‏
ولهذا قالوا‏:‏
‏{‏وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ‏}‏
فعند ذلك تذكر الناجي منهما الذي وصاه يوسف بأن يذكره عند ربه فنسيه إلى حينه هذا‏.‏ وذلك عن تقدير الله عز وجل وله الحكمة في ذلك، فلما سمع رؤيا الملك ورأى عجز الناس عن تعبيرها، تذكر أمر يوسف، وما كان أوصاه به من التذكار‏.‏
ولها قال تعالى‏:‏
‏{‏وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ‏}‏
أي‏:‏ تذكر‏.‏
‏{‏بَعْدَ أُمَّةٍ‏}‏
أي‏:‏ بعد مدة من الزمان، وهو بضع سنين‏.‏
وقرأ بعضهم كما حكي عن ابن عباس، وعكرمة، والضحاك
‏{‏وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ‏}‏
أي‏:‏ بعد نسيان‏.‏
وقرأها مجاهد‏:‏
‏(‏بَعْدَ أُمْة‏)‏ بإسكان الميم، وهو النسيان أيضاً،
يقال‏:‏ أمه الرجل يأمه أمهاً، وأمهاً إذا نسي‏.‏
قال الشاعر‏:‏
أمهت وكنت لا أنسى حديثاً * كذاك الدهر يزري بالعقول
فقال لقومه وللملك‏:‏
‏{‏أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ‏}‏
أي‏:‏ فأرسلوني إلى يوسف‏.‏
فجاءه فقال‏:‏
‏{‏يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ‏}‏
وعند أهل الكتاب أن الملك لما ذكره له الساقي إستدعاه إلى حضرته، وقصَّ عليه ما رآه، ففسره له، وهذا غلط‏.‏
والصواب
ما قصَّه الله في كتابه القرآن، لا ما عربه هؤلاء الجهلة الثيران، من قراى وربان‏.‏
فبذل يوسف عليه السلام ما عنده من العلم بلا تأخر، ولا شرط، ولا طلب الخروج سريعاً، بل أجابهم إلى ما سألوا، وعبر لهم ما كان من منام الملك الدال على وقوع سبع سنين من الخصب، ويعقبها سبع جدب‏.‏
‏{‏ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ‏}‏
يعني‏:‏ يأتيهم الغيث، والخصب، والرفاهية‏.‏
‏{‏وَفِيهِ يَعْصِرُونَ‏}‏
يعني‏:‏ ما كانوا يعصرونه من الأقصاب، والأعناب، والزيتون، والسمسم، وغيرها، فعبر لهم، وعلى الخير دلهم، وأرشدهم إلى ما يعتمدونه في حالتي خصبهم، وجدبهم، وما يفعلونه من ادخار حبوب سني الخصب في السبع الأول في سنبله، إلا ما يرصد بسبب الأكل ومن تقليل البذر في سني الجدب في السبع الثانية، إذ الغالب على الظن أنه لا يرد البذر من الحقل، وهذا يدل على كمال العلم، وكمال الرأي والفهم‏.‏
‏{‏وفَلَمَّا جَاءهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ * قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ * وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏ ‏
[‏يوسف‏:‏ 50-53‏]‏‏.‏
لما أحاط الملك علماً بكمال علم يوسف عليه الصلاة والسلام، وتمام عقله، ورأيه السديد وفهمه، أمر بإحضاره إلى حضرته، ليكون من جملة خاصته، فلما جاءه الرسول بذلك، أحب أن لا يخرج حتى يتبين لكل أحد أنه حبس ظلماً وعدواناً، وأنه بريء الساحة مما نسبوه إليه بهتاناً‏.‏
قال‏:‏
‏{‏ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ‏}‏
يعني‏:‏ الملك
‏{‏فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ‏}‏
قيل‏:‏ معناه إن سيدي العزيز يعلم براءتي مما نسب إلي، أي فأمر الملك فليسألهن كيف كان امتناعي الشديد عند مراودتهن إياي، وحثهن لي على الأمر الذي ليس برشيد ولا سديد‏.‏
فلما سئلن عن ذلك، أعترفن بما وقع من الأمر، وما كان منه من الأمر الحميد
‏{‏قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ‏}‏
فعند ذلك
‏{‏قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ‏}‏
وهي‏:‏ زليخا
‏{‏الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ‏}‏
أي‏:‏ ظهر، وتبين، ووضح، والحق أحق أن يتبع
‏{‏أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ‏}‏
أي‏:‏ فيما يقوله من أنه بريء، وأنه لم يراودني، وأنه حبس ظلماً، وعدواناً، وزوراً، وبهتاناً‏.‏ ‏
وقوله‏:‏
‏{‏ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ‏}‏
قيل‏:‏ إنه من كلام يوسف، أي‏:‏ إنما طلبت تحقيق هذا ليعلم العزيز أني لم أخنه بظهر الغيب‏.‏
وقيل‏:‏ إنه من تمام كلام زليخا، أي‏:‏ إنما اعترفت بهذا، ليعلم زوجي أني لم أخنه في نفس الأمر، وإنما كان مراده لم يقع معها فعل فاحشة،
وهذا القول هو الذي نصره طائفة كثيرة من أئمة المتأخرين وغيرهم،
‏{‏وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏ قيل‏:‏
وكونه من تمام كلام زليخا أظهر، وأنسب، وأقوى،
والله أعلم‏.
 

أحدث المواضيع

أعلى