المقالة الثانية والثمانون بعد المائة من سلسلة التاريخ العام قصة نبى الله شعيب ع

الطائرالمسافر

عضو ذهبي
إنضم
Sep 27, 2013
المشاركات
1,447
العمر
79
الإقامة
جمهورية مصرالعربية-مدينة المنصورة-
المقالة الثانية والثمانون بعد المائة
من سلسلة التاريخ العام
2-قصة نبى الله شعيب عليه الصلاة والسلام ‏
‏وقوله تعالى :
{‏قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ‏}‏ ‏
[‏هود‏:‏ 87‏]‏‏.‏
يقولون هذا على سبيل الاستهزاء والتنقص والتهكم، أصلاتك هذه التي تصليها هي الآمرة لك بأن تحجر علينا فلا نعبد إلا إلهك، ونترك ما يعبد آباؤنا الأقدمون، وأسلافنا الأولون‏.‏ أو أن لا نتعامل إلا على الوجه الذي ترتضيه أنت، ونترك المعاملات التي تأباها، وإن كنا نحن نرضاها‏؟‏
‏{‏إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ‏}‏
قال ابن عباس، وميمون بن مهران، وابن جريج، وزيد بن أسلم، وابن جرير‏:‏ يقولون ذلك أعداء الله على سبيل الاستهزاء‏.‏ ‏‏
‏{‏قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ‏}‏ ‏
[‏هود‏:‏ 88‏]‏‏.‏
هذا تلطف معهم في العبارة، ودعوة لهم إلى الحق بأبين إشارة، يقول لهم‏:
‏ ‏{‏أَرَأَيْتُمْ‏}‏ أيها المكذبون ‏{‏إن كنت على بينة من ربي‏}‏
أي‏:‏ على أمر بيـِّن من الله تعالى أنه أرسلني إليكم‏.‏
‏{‏وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً‏}‏
يعني النبوة والرسالة، يعني وعمى عليكم معرفتها فأي حيلة لي بكم‏.‏ وهذا كما تقدم عن نوح عليه السلام أنه قال لقومه سواء‏.‏
وقوله‏:‏
‏{‏وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ‏}‏
أي‏:‏ لست آمركم بالأمر إلا وأنا أول فاعل له، وإذا نهيتكم عن الشيء فأنا أول من يتركه، وهذه هي الصفة المحمودة العظيمة، وضدها هي المردودة الذميمة، كما تلبس بها علماء بني إسرائيل في آخر زمانهم، وخطباؤهم الجاهلون‏.‏
قال الله تعالى‏:‏
‏{‏أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ‏}‏ ‏
[‏البقرة‏:‏ 44‏]‏
وذكر عندها في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏
‏(‏‏(‏يؤتى بالرجل فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه - أي تخرج أمعاؤه من بطنه - فيدور بها كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار فيقولون‏:‏ يا فلان مالك‏؟‏ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر‏؟‏
فيقول‏:‏ بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه‏)‏‏)‏‏.‏
وهذه صفة مخالفي الأنبياء من الفجار والأشقياء، فأما السادة من النجباء، والألباء من العلماء، الذين يخشون ربهم بالغيب،
فحالهم كما قال نبي الله شعيب‏:‏
‏{‏وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ‏}‏
أي‏:‏ ما أريد في جميع أمري إلا الإصلاح في الفعال والمقال، بجهدي وطاقتي‏.‏
‏{‏وَمَا تَوْفِيقِي‏}‏
أي‏:‏ في جميع أحوالي‏.‏
‏{‏إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ‏}‏
أي‏:‏ عليه أتوكل في سائر الأمور، وإليه مرجعي ومصيري في كل أمري، وهذا مقام ترغيب‏.‏ ثم انتقل إلى نوع من الترهيب فقال‏:‏
‏{‏وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ‏}‏‏.‏
أي‏:‏ لا تحملنكم مخالفتي وبغضكم ما جئتم به، على الاستمرار على ضلالكم وجهلكم ومخالفتكم، فيحل الله بكم من العذاب والنكال نظير ما أحله بنظرائكم وأشباهكم، من قوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، من المكذبين المخالفين‏.‏
وقوله‏:‏
‏{‏صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ‏}‏‏.‏
قيل‏:‏ معناه في الزمان، أي ما بالعهد من قدم، مما قد بلغكم ما أحل بهم على كفرهم وعتوهم‏.‏
وقيل‏:‏ معناه وما هم منكم ببعيد في المحلة والمكان‏.‏
وقيل‏:‏ في الصفات والأفعال المستقبحات، من قطع الطريق، وأخذ أموال الناس جهرة وخفية، بأنواع الحيل والشبهات‏.‏
والجمع بين هذه الأقوال ممكن، فإنهم لم يكونوا بعيدين منهم لا زماناً، ولا مكاناً، ولا صفاتٍ‏.‏
ثم مزج الترهيب بالترغيب فقال‏:‏
‏{‏وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ‏}‏
أي‏:‏ أقلعوا عما أنتم فيه، وتوبوا إلى ربكم الرحيم الودود، فإنه من تاب إليه تاب عليه، فإنه رحيم بعباده، أرحم بهم من الوالدة بولدها، ودود‏:‏ وهو الحبيب ولو بعد التوبة على عبده، ولو من الموبقات العظام‏.
 
رد: المقالة الثانية والثمانون بعد المائة من سلسلة التاريخ العام قصة نبى الله شعي

سلمت يداك على جميل ما تخطه وتقدمه لن شيخنا الفاضل
بارك الله فيك
 

أحدث المواضيع

أعلى