المقالة الحادية والثمانون بعد المائة من سلسلة التاريخ العام قصة نبى الله شعيب ع

الطائرالمسافر

عضو ذهبي
إنضم
Sep 27, 2013
المشاركات
1,447
العمر
79
الإقامة
جمهورية مصرالعربية-مدينة المنصورة-
المقالة الحادية والثمانون بعد المائة
من سلسلة التاريخ العام
قصة مدين قوم شعيب عليه السلام
قال الله تعالى في سورة الأعراف بعد قصة قوم لوط‏:‏
‏{‏وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ * وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ * قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ * وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخَاسِرُونَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ * الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ * فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ‏}‏ ‏
[‏الأعراف‏:‏ 85-95‏]‏‏.‏
وقال في سورة هود بعد قصة قوم لوط أيضاً‏:‏
‏{‏وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ * وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ * قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ * قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ * وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ * وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ * قَالُوا يَاشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ * قَالَ يَاقَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءكُمْ ظِهْرِيّاً إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ * وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ * وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ‏}‏ ‏
[‏هود‏:‏ 84-95‏]‏‏.‏ ‏
وقال في الحجر بعد قصة قوم لوط أيضاً‏:‏
‏{‏وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ * فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ‏}‏ ‏
[‏الحجر‏:‏ 78-79‏]‏‏.‏
وقال تعالى في الشعراء بعد قصتهم‏:‏
‏{‏كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ * وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ * قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ * فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ‏}‏
‏[‏الشعراء‏:‏ 176-191‏]‏‏.‏
كان أهل مدين قوماً عرباً، يسكنون مدينتهم مدين التي هي قرية من أرض معان، من أطراف الشام مما يلي ناحية الحجاز، قريباً من بحيرة قوم لوط، وكانوا بعدهم بمدة قريبة، ومدين قبيلة عرفت بهم القبيلة‏.‏ وهم من بني مدين بن مديان بن إبراهيم الخليل‏.‏
وشعيب نبيهم هو ابن ميكيل بن يشجن، ذكره ابن إسحاق قال‏:‏ ويقال له بالسريانية‏:‏ بنزون، وفي هذا نظر‏.‏
ويقال‏:‏ شعيب بن يشخر بن لاوي بن يعقوب‏.‏
ويقال‏:‏ شعيب بن نويب بن عيفا بن مدين بن إبراهيم‏.‏
ويقال‏:‏ شعيب بن ضيفور بن عيفا بن ثابت بن مدين بن إبراهيم‏.‏
وقيل غير ذلك في نسبه‏.‏
قال ابن عساكر‏:‏ ويقال جدته، ويقال أمه‏:‏ بنت لوط‏.‏
وكان ممن آمن بإبراهيم وهاجر معه، ودخل معه دمشق‏.‏
وعن وهب بن منبه أنه قال‏:‏
شعيب وملغم ممن آمن بإبراهيم يوم أحرق بالنار وهاجرا معه إلى الشام، فزوجهما بنتي لوط عليه السلام‏.‏ ذكره ابن قتيبة‏.‏ وفي هذا كله نظر أيضاً، والله أعلم‏.‏
وقد روى ابن إسحاق بن بشر، عن جويبر، ومقاتل، عن الضحاك، عن ابن عباس قال‏:‏
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر شعيباً قال‏:‏
‏(‏‏(‏ذاك خطيب الأنبياء‏)‏‏)‏‏.‏
وكان أهل مدين كفاراً، يقطعون السبيل، ويخيفون المارة، ويعبدون الأيكة،
وهي شجرة من الأيك، حولها غيضة ملتفة بها، وكانوا من أسوء الناس معاملة، يبخسون المكيال والميزان، ويطففون فيهما، يأخذون بالزائد، ويدفعون بالناقص‏.‏
فبعث الله فيهم رجلاً منهم وهو رسول الله شعيب عليه السلام،
فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ونهاهم عن تعاطي هذه الأفاعيل القبيحة، من بخس الناس أشياءهم، وإخافتهم لهم في سبلهم وطرقاتهم،
فآمن به بعضهم، وكفر أكثرهم حتى أحل الله بهم البأس الشديد، وهو الولي الحميد‏.‏
كما قال تعالى‏:
‏ ‏{‏وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ‏}‏‏
[‏الأعراف‏:‏ 85‏]
‏ أي‏:‏ دلالة وحجة واضحة، وبرهان قاطع على
صدق ما جئتكم به، وإنه أرسلني‏.‏ وهو ما أجرى الله على يديه من المعجزات التي لم تنقل إلينا تفصيلاً، وإن كان هذا اللفظ قد دل عليها إجمالاً‏.‏
‏{‏فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا‏}‏ ‏
[‏الأعراف‏:‏ 86‏]‏
أمرهم بالعدل، ونهاهم عن الظلم، وتوعدهم على خلاف ذلك فقال‏:
‏ ‏{‏ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ‏}‏
أي‏:‏ طريق‏.‏
‏{‏تُوعِدُونَ‏}‏
أي‏:‏ تتوعدون الناس بأخذ أموالهم من مكوس وغير ذلك، وتخيفون السبل‏.‏
وقوله تعالى:
‏{‏وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً‏}‏

[‏الأعراف‏:‏ 86‏]‏
فنهاهم عن قطع الطريق الحسية الدنيوية والمعنوية الدينية‏.‏
‏{‏وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ‏}‏
ذكرهم بنعمة الله تعالى عليهم، في تكثيرهم بعد القلة، وحذرهم نقمة الله بهم إن خالفوا ما أرشدهم إليه، ودلهم عليه، كما قال لهم في القصة الأخرى‏:‏
‏{‏ولا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ‏}‏ ‏
[‏هود‏:‏ 84‏]‏‏.‏
أي‏:‏ لا تركبوا ما أنتم عليه وتستمروا فيه، فيمحق الله بركة ما في أيديكم، ويفقركم ويذهب ما به يغنيكم، وهذا مضاف إلى عذاب الآخرة، ومن جمع له هذا وهذا فقد باء بالصفقة الخاسرة‏.‏ فنهاهم أولاً عن تعاطي ما لا يليق من التطفيف، وحذرهم سلب نعمة الله عليهم في دنياهم، وعذابه الأليم في أخراهم، وعنفهم أشد تعنيف‏.‏
ثم قال لهم آمراً بعدما كان عن ضده زاجراً‏:
‏ ‏{‏وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ‏}‏‏.‏
قال ابن عباس، والحسن البصري‏:‏
‏{‏بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ‏}‏
أي‏:‏ رزق الله خير لكم من أخذ أموال الناس‏.‏
وقال ابن جرير‏:‏
ما فضل لكم من الربح بعد وفاء الكيل والميزان، خير لكم من أخذ أموال الناس بالتطفيف‏.‏
قال‏:‏
وقد روي هذا عن ابن عباس، وهذا الذي قاله وحكاه حسن، وهو شبيه بقوله تعالى‏:‏
‏{‏قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ‏}‏ ‏
[‏المائدة‏:‏ 100‏]‏
يعني أن القليل من الحلال، خير لكم من الكثير من الحرام، فإن الحلال مبارك وإن قل، والحرام ممحوق وإن كثر‏.‏
كما قال تعالى‏:‏
‏{‏يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ‏}‏
‏[‏البقرة‏:‏ 276‏]‏‏.‏
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏(‏‏(‏إن الربا وإن كثر فإن مصيره إلى قُل‏)‏‏)‏‏.‏
رواه أحمد‏.‏ أي‏:‏ إلى قلة‏.‏
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏(‏‏(‏البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما‏)‏‏)‏‏.‏
والمقصود‏:‏
أن الربح الحلال مبارك فيه وإن قل، والحرام لا يجدي وإن كثر‏.‏
ولهذا قال نبي الله شعيب‏:
‏ ‏{‏بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ‏}‏‏.‏
وقوله‏:‏
‏{‏وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ‏}‏
أي‏:‏ افعلوا ما آمركم به ابتغاء وجه الله، ورجاء ثوابه لا لأراكم أنا وغيري‏.
 
رد: المقالة الحادية والثمانون بعد المائة من سلسلة التاريخ العام قصة نبى الله شعي

سلمت يداك على جميل ما تخطه وتقدمه لن شيخنا الفاضل
بارك الله فيك
 

أحدث المواضيع

أعلى