المقالة الحادية والثمانون من سلسلة التاريخ العام 3-قصة نبى الله لوط عليه السلام

الطائرالمسافر

عضو ذهبي
إنضم
Sep 27, 2013
المشاركات
1,447
العمر
79
الإقامة
جمهورية مصرالعربية-مدينة المنصورة-


المقالة الحادية والثمانون
من سلسلة التاريخ العام
3-قصة نبى الله لوط عليه السلام ‏
فخرجت امرأته فأخبرت قومها فقالت‏:‏ إن في بيت لوط رجالاً، ما رأيت مثل وجوههم قط، فجاءه قومه يهرعون إليه‏.‏
وقوله‏:‏
‏{‏وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ‏}‏ ‏
[‏هود‏:‏ 78‏]‏
أي‏:‏ هذا مع ما سلف لهم من الذنوب العظيمة، الكبيرة، الكثيرة‏.‏
‏{‏قَالَ يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ‏}‏
يرشدهم إلى غشيان نسائهم، وهن بناته شرعاً؛ لأن النبي للأمة بمنزلة الوالد، كما ورد في الحديث، وكما قال تعالى‏:‏
‏{‏النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ‏}‏ ‏
[‏الأحزاب‏:‏ 6‏]‏‏.‏
وفي قول بعض الصحابة والسلف‏:‏ وهو أب لهم‏.‏
وهذا كقوله‏:‏
‏{‏أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ‏}‏ ‏
[‏الشعراء‏:‏ 165-166‏]‏‏.‏
وهذا هو الذي نص عليه مجاهد، وسعيد بن جبير، والربيع بن أنس، وقتادة، والسدي، ومحمد بن إسحاق وهو الصواب‏.‏ ‏
والقول الآخر خطأ مأخوذ من أهل الكتاب، وقد تصحف عليهم، كما أخطأوا في قولهم إن الملائكة كانوا اثنين، وإنهم تعشوا عنده‏.‏ وقد خبط أهل الكتاب في هذه القصة تخبيطاً عظيماً‏.‏
وقوله‏:‏
‏{‏فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ‏}‏ ‏

[‏هود‏:‏ 78‏]‏
نهي لهم عن تعاطي ما لا يليق من الفاحشة، وشهادة عليهم بأنه ليس فيهم رجل له مسكة، ولا فيه خير، بل الجميع سفهاء، فجرة أقوياء، كفرة أغبياء‏.‏
وكان هذا من جملة ما أراد الملائكة أن يسمعوا منه، من قبل أن يسألوه عنه‏.‏ فقال قومه عليهم لعنة الله الحميد المجيد‏.‏ مجيبين لنبيهم فيما أمرهم به من الأمر السديد‏:
‏ قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ‏}‏ ‏
[‏هود‏:‏ 79‏]‏‏.‏
يقولون عليهم لعائن الله‏:‏ لقد علمت يا لوط أنه لا أرب لنا في نسائنا، وإنك لتعلم مرادنا وغرضنا من غير النساء‏.‏ واجهوا بهذا الكلام القبيح رسولهم الكريم، ولم يخافوا سطوة العظيم، ذي العذاب الأليم‏.‏
ولهذا قال عليه السلام‏:
‏ ‏{‏قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ‏}‏ ‏
[‏هود‏:‏ 80‏]‏
ودّ أن لو كان له بهم قوة، أو له منعة وعشيرة ينصرونه عليهم، ليحل بهم ما يستحقونه من العذاب على هذا الخطاب‏.‏
وقد قال الزهري، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً‏:‏
نحن أحق بالشك من إبراهيم، ويرحم الله لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي‏.‏
ورواه أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة‏.‏
وقال محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏
‏(‏‏(‏رحمة الله على لوط، لقد كان يأوي إلى ركن شديد - يعني الله عز وجل - فما بعث الله بعده من نبي إلا في ثروة من قومه‏)‏‏)‏‏.‏
وقال تعالى‏:
‏ ‏{‏وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ * قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ * وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ * قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ * قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ‏}‏ ‏
[‏الحجر‏:‏ 67-71‏]‏‏.‏

فأمرهم بقربان نسائهم، وحذرهم الاستمرار على طريقتهم، وسيآتهم هذا، وهم في ذلك لا ينتهون ولا يرعوون، بل كلما لهم يبالغون في تحصيل هؤلاء الضيفان ويحرصون‏.‏ ولم يعلموا ما حمَّ به القدر مما هم إليه صائرون، وصبيحة ليلتهم إليه منقلبون‏.‏
ولهذا قال تعالى مقسماً بحياة نبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه‏:‏
‏{‏لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ‏}‏‏.‏
وقال تعالى‏:
‏ ‏{‏وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ * وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ‏}‏ ‏
[‏القمر‏:‏ 36-38‏]‏
ذكر المفسرون وغيرهم، أن نبي الله لوطاً عليه السلام، جعل يمانع قومه الدخول ويدافعهم، والباب مغلق وهم يرومون فتحه وولوجه، وهو يعظهم وينهاهم من وراء الباب، وكل ما لهم في إلحاح وإلعاج، فلما ضاق الأمر، وعسر الحال قال ما قال‏:‏
‏{‏لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد‏}‏
لأحللت بكم النكال‏.‏
قالت الملائكة‏:
‏ ‏{‏قَالُوا يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ‏}‏
وذكروا أن جبريل عليه السلام حرج عليهم، فضرب وجوههم خفقة بطرف جناحه، فطمست أعينهم، حتى قيل‏:‏ إنها غارت بالكلية، ولم يبق لها محل، ولا عين، ولا أثر، فرجعوا يتجسسون مع الحيطان، ويتوعدون رسول الرحمن، ويقولون‏:‏
إذا كان الغد كان لنا وله شأن‏.
 

أحدث المواضيع

أعلى