لماذا لا يثور المصريون ... كتاب

ADMIN

Administrator
طاقم الإدارة
إنضم
Sep 10, 2006
المشاركات
23,661
الإقامة
Egypt

لماذا لا يثور المصريون


لماذا لا يثور المصريون ؟ هو كتاب من تأليف علاء الأسواني، يتناول فيه الحياة السياسية والاجتماعية المصرية.والكتاب مجموعة من المقالات الصحفية الجريئة والتى نشرها الكاتب حتى عام 2008.

وفيها يتناول همومًا مصرية شغلتنا جميعًا فى تلك الفترة الحرجة من تاريخ مصر.

يناقش الأسوانى ويحلل أوضاع المصريين أمام حكّامهم، والزمن الصعب الذى يعيشونه.

ويستعرض أبرز الأفكار السياسية والأزمات الديمقراطية التى تهم كل من يفكر فى مستقبل مصر.

كما يتطرق إلى الأوضاع العربية وما شهدته الساحة السياسية العربية من تغيرات عنيفة فى تلك السنوات القلقة.

علاء الأسوانى يسجل يومياته ومشاهداته والجدالات التى دخل فيها مع مثقفين مصريين وعرب وأجانب امتازت جميعًا بأسلوب الكاتب الذى يمسك بتلابيب القارئ ولا يدعـه حتى ينتهى من القراءة.


فكرة الكتاب
من خلال الكتاب يشير علاء الأسواني أن الأوضاع الداخلية في مصر تكفي لإشعال عشر ثورات في بلد آخر ولكن خبرة الجماهير الأليمة مع القمع ويأسهم الكامل من الإصلاح جعلهم يبتعدون بقدر الإمكان عن السلطة بل ويسخرون منها أحيانا ولا يفكرون في الاعتراض عليها .. الكل يعمل ليكسب ويربي الأولاد وينعم ببعض المتع الصغيرة ، فلماذا يعبأ المواطن بمن يحكمه وهو لم يختره .

يقول المؤلف بكتابه : المصريون اعتادوا على وجود زعيم حقيقي مخلص للقضية الوطنية يلتفون حوله ويعبرون عن سخطهم على الأوضاع ، هكذا حدث مع سعد زغلول ومصطفى النحاس وجمال عبد الناصر.. حتى أنور السادات اجتمع حوله المصريون ليخوضوا حرب التحرير عام 1973 فلما انتهى السادات إلى الصلح مع إسرائيل، عاد المصريون وانسحبوا إلى داخلهم وراحوا يتفرجون على الأحداث.


أقسام الكتاب
يتكون الكتاب من مجموعة مقالات:

صناعة الطغيان
في مقال تحت عنوان " صناعة الطغيان " يقول المؤلف إن القمع بكل أسف سلوك مألوف في مصر، بل هو تراث نحمله داخلنا جميعا، وكما تحسب لشعبنا قدرته المذهلة على الاستمرار والإبداع في أسوأ الظروف، فالمؤكد أيضا أن تعايشنا الطويل مع الظلم قد ترك آثارا سيئة في سلوكنا ؛ حيث تعلمنا كيف نداهن السلطة الغاشمة لمجرد اتقاء شرها، تعلمنا أن نظهر غير ما نبطن حتى ننجو.. ولعلنا ننفرد بين شعوب العالم بتعدد ألقاب التفخيم والتعظيم التي نخاطب بها رؤساءنا . ويرى ان الاستبداد الطويل جعلنا نتجنب مواجهة من يقمعنا ونستعيض عن ذلك بالبحث عن سلطة صغيرة لأنفسنا نستطيع من خلالها أن نعيد إنتاج القهر الذي وقع علينا.

ضد الغش
يروي الأسواني بمقال آخر واقعة حدثت في إحدى المدارس بقيام المراقب بمساعدة التلاميذ على الغش قائلا لهم بالحرف "خذوا راحتكم في الغش وسوف أقف أنا على الباب أراقب الطريق وإذا جاء تفتيش خارجي سوف أنقر على الباب نقرتين وعندئذ تأخذون حذركم.." وبعد نهاية الامتحان ذهب التلاميذ ليشكروا المراقب فقال لهم "أنا لا أساعدكم انتم.. أنا أساعد آباءكم الذين يصرفون دم قلبهم على تعليمكم"..

وتكشف هذه الجملة في رأي المؤلف السبب الحقيقي وراء انتشار الغش الجماعي، ويراه نوعا من التضامن ضد الدولة بطريقة ما، نفس الشعور الذي يجعل المارة يحذرون الباعة المتجولين من شرطة المرافق القادمة لمصادرة بضائعهم، الشعور الذي يجعل المصري يحرص على تسديد ديونه الشخصية بمنتهى الأمانة وفي الوقت نفسه يتهرب من الضرائب أو يعبث بعداد الكهرباء في منزله حتى يدفع أقل من استهلاكه، شعور المواطن بأن الحكومة تظلمه وتخدعه وتسرقه وبالتالي فهو يعطي لنفسه الحق في أن يخدعها بدوره في أول فرصة يأمن فيها من العقاب.

حرارة الفرن
يقارن الأسواني في كثير من مقالاته بين الأوضاع في البلاد العربية وبين غيرها من الدول الديمقراطية فيقول أنه في أوائل الثمانينات عندما رشح رونالد ريجان نفسه لفترة رئاسية ثانية اعترضت بعض الصحف الأمريكية على إعادة ترشيحه وكتبت تصفه بأنه "عجوز مخرف ومصاب بفقدان الذاكرة"، أما الرئيس جيمي كارتر فقد وصفته بعض الصحف بأنه غبي لدرجة أنه لا يستطيع أن يمضغ لبانة ويحتفظ في الوقت نفسه توازنه أثناء المشي.

وكان بيل كلينتون من أكثر الرؤساء تعرضا لهجوم الصحف التي وصفته بأنه "مجرد دمية تحركها زوجته هيلاري".. هذا النقد اللاذع يوجه إلى رؤساء الدول الديمقراطية يوميا فلا يثير غضب أحد ولا يحبس أحد بسببه، وفي الوقت نفسه فإن أقل إهانة توجهها إلى كناس في الشارع هناك توقعك فورا تحت طائلة القانون ..

ويرى الأسواني أن هناك تفرقة دقيقة بين حقوق المواطن العادي وواجبات المسئول العام لدرجة صارت راسخة في الغرب ؛ فواجب المسئول هناك أن يحتمل نقد الصحافة مهما كان قاسيا وأن يسعى للدفاع عن نفسه أمام الرأي العام وهو يعتبر الهجوم عليه واختراق حياته الخاصة نوعا من ضريبة العمل العام التي ينبغي أن يتحملها ولقد شكا أحد الوزراء الأمريكيين من هجوم الصحافة عليه إلى الرئيس هاري ترومان فأجابه ضاحكا "إما أن تتحمل حرارة الفرن أو تخرج من المطبخ، وفي فرنسا يرى فقهاء القانون أنه لا يوجد ما يسمى بقدسية الحياة الخاصة لكل من يتولى مسئولية في الدولة لأن من يتقدم للعمل العام لابد أن يتحمل النقد مهما يكن قاسيا .. هذه هي الديمقراطية.

في مقال آخر يحكي الأسواني انه عندما تولى هتلر قيادة ألمانيا وبدأت الجيوش النازية في الاعتداء على أوروبا، تباينت ردود الفعل داخل بريطانيا، فكان نيفيل تشمبرلين (رئيس الوزراء آنذاك) متمسكا باستمرار السلام مع ألمانيا بأي ثمن وأخذ يردد كلاما عن بشاعة الحرب وأن طاقة الأمة يجب أن توجه إلى البناء والرخاء وليس إلى الهدم والدمار.. وعلى النقيض من ذلك وقف الزعيم ونستون تشرشل يحذر الحكومة من الاستسلام لأوهام السلام الزائف ويدعوها للاستعداد للحرب مع ألمانيا النازية التي لا تعترف إلا بلغة القوة وبالتالي فكل معاهدات السلام معها تظل بلا قيمة لأنها سوف تخرقها بمجرد أن تتاح لها الفرصة .. على أن سياسة مهادنة ألمانيا ظلت سائدة حتى أفاق البريطانيون على جيوش النازي وقد هاجمت بريطانيا، وفي عام 1940 استقال تشمبرلين وانتخب البريطانيون تشرشل الذي استطاع بشجاعته وحكمته أن يقود بريطانيا وحلفائها إلى النصر النهائي.

يقول المؤلف أن الدروس التي نتعلمها من هذا التاريخ كثيرة فالصهاينة كالنازيين لا يفهمون إلا القمع والقتل والتوسع وبالتالي علينا ألا نثق أبدا في تعهداتهم لأن إسرائيل التي خرقت كل الاتفاقات التي وقعتها مع الفلسطينيين ليس هناك ما يمنعها من خرق معاهدة كامب ديفيد ومهاجمة مصر في أول فرصة سانحة، ويعلق بأنه شتان بين الطريقة التي قاد بها تشرشل أمته وبين ذلك العجز المشين الذي يتخبط فيه حكامنا العرب الآن.

من إدوارد سعيد إلى مقهى ريش
تحت عنوان "من إدوارد سعيد إلى مقهى ريش" يقدم لنا المؤلف تحليلا دقيقا لعنصرية الغرب التي قدمها من قبل المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد، ويقول إن الأطفال والنساء الذين تذبحهم إسرائيل كل يوم لا يمكن أن يثيروا عطف الغرب مثل ضحايا 11 سبتمبر، فهؤلاء غربيون وهؤلاء عرب.. كما أن الانحياز الغربي الأعمى لإسرائيل لا يرجع فقط إلى تحقيق إسرائيل لمصالح الغرب، ولكن يبقى العامل الأساسي الذي نجهله أو نتجاهله وهو أن الغرب يعتبر إسرائيل جزءا من الحضارة الغربية، وبالتالي لا يمكن أن يساوي الذهن الغربي بين حقوق الإسرائيليين وحقوق العرب..

إن أعرق الديمقراطيات الغربية قامت على الحملات الاستعمارية بكل ما تعنيه من قتل ونهب. وأكثر الحكومات الغربية احتراما لحقوق الإنسان لا تجد غضاضة في الحفاوة بحكام عرب مستبدين ما داموا يحققون مصالحها.. بل إن القوانين الاستثنائية التي يتم إعدادها في الغرب من أجل مكافحة الإرهاب، لا تؤرق الضمير الغربي الديمقراطي لأنها ببساطة ستطبق فقط على العرب والمسلمين المشتبه فيهم دائما..

وتمنى الأسواني أن نفهم طبيعة التحيز الغربي حتى نقلع عن اللهاث خلف العدل الغربي الذي لن يجيء أبدا، إن الطريق الوحيد لتحقيق العدل هو أن ننتزع حقوقنا بأنفسنا.. عندما نعود كما كنا أمة قوية لها أهداف كبرى وكرامة وطنية لا تسمح لأحد بإهانتها.. عندئذ فقط سوف يسمع الغرب كلمتنا

من هنا نبدأ
على مدى قرنين من الزمان ظل المثقفون المصريون يقودون الحركة الوطنية، لذا يتأمل الأسواني وضع المثقفين الآن منذ تولي فاروق حسني وزارة الثقافة في أواخر الثمانينات والذي أدرك أن المثقفين قد يبدون أفرادا ضعاف الحيلة من السهل تجاهلهم لكن هؤلاء الأفراد سوف يفعلون الكثير إذا اجتمعوا على موقف وطني حقيقي.

واعتبر المؤلف أن وزير الثقافة حاول استقطاب حتى المثقفين المعارضين للوزارة وله ، وقد تم له ما أراد بالفعل مع شريحة كبيرة منهم ، لدرجة ان نرى مثقفين يناصرون النظام في كل قراراته بدعوى مناصرة الدولة المدنية ضد ما يعتبرونه فاشية دينية تمارسها الجماعات الإسلامية في مصر ، وتناسى هؤلاء أنه لا توجد في مصر دولة مدنية أساسا حتى نقف معها أو ضدها.

وينتقد الأسواني معظم بيانات المثقفين وكتاباتهم التي أصبحت قاصرة على إدانة القوى الخارجية لكننا لا نجد أبدا موقفا قويا من أجل إلغاء قانون الطوارئ أو منع التعذيب وتزوير الانتخابات وغيرها.. توجد بعض المواقف المعلنة لكنها تكون أقرب إلى تسجيل الموقف وإبراء الذمة منها إلى مواقف حقيقية تضغط على النظام من أجل تحقيق العدل.

وفي هذا يثمن الأسواني كثيرا موقف الأديب الكبير صنع الله إبراهيم الذي رفض جائزة الرواية احتجاجا على سياسة الحكومة ، وبهذا أثبت صنع الله أن الكاتب الحقيقي غير قابل للشراء.

ديمقراطية أبو طربوش
تحت عنوان " ديمقراطية أبو طربوش " يرى الأسواني أن العبقرية المصرية ربما تتلخص في كلمة واحدة: التأقلم .. إن قدرة المصري اللانهائية على التكيف مع أصعب الظروف والاستمرار في الحياة، هذه القدرة صفة حضارية رائعة يتميز بها شعبنا بجدارة.. فربما لا نكون أشجع الشعوب ولا أمهرها لكننا بالتأكيد أساتذة كبار في الدفاع الحياة ضد كل ما يهددها، فنحن نعرف تماما كيف ننتزع من الطغاة مساحة ما ولو صغيرة لنعيش ونستمتع ونبدع.

وعندما يجلس المصري آخر النهار وسط أولاده فإنه يعرف كيف يسخر من ظالميه ويكون مجرد استمراره في الحياة بمثابة هزيمة للذين قمعوه.. ولم يكن المصري ليستمر عبر آلاف السنين من الظلم لو لم يكن حكيما وصبورا وقد تعلم من تجربته الطويلة كيف يتعايش مع الطغيان بحيث لا يصيبه إلا أقل الضرر، إنه لا يتمرد على الطاغية ولا ينسحق أمامه بل هو يبحث دائما عن حل وسط يقيه الشرور ويمكنه من الاستمرار.

وقد يرى البعض أن المصريين شعب مذعن وخاضع وبالتالي غير ثوري.. ولكن ثورات المصريين على مر العصور تكذب هذا الزعم، فالمصريون يثورون في النهاية ولكن متى؟!.. عندما تتدهور أحوالهم إلى درجة لا رجاء منها وبعد أن تنفد كل محاولات التأقلم والتعايش مع الظلم والفقر، عندئذ ينتفض المصريون وتكون ثورتهم هنا إلى غضب الحليم الذي قد يتأخر لكنه عندما يندلع يكتسح كل شيء، والمدهش أن كل الثورات المصرية (على الأقل في العصر الحديث) قد اندلعت فجأة بعد فترات من السكون الظاهري التي قد يظن معها أن مقاومة الناس قد ماتت.
 

أحدث المواضيع

أعلى