بحث عن قصة سيدنا ايوب عليه كاملة مكتوبة

إنضم
Oct 4, 2006
المشاركات
3,326
الإقامة
مصر
بحث عن قصة نبي الله ايوب عليه كاملة

كان أيوب رجلاً كثير المال من سائر صنوفه وأنواعه من الأنعام والعبيد والمواشي والأراضي المتسعة بأرض البثينة من أرض حوران وحكى ابن عساكر أنها كلها كانت له وكان له أولاد وأهلون كثير فسلب من ذلك جميعه وابتلى في جسده بأنواع البلاء ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه يذكر الله عز وجل بها وهو في ذلك كله صابر محتسب ذاكر لله عز وجل في ليله ونهاره وصباحه ومسائه وطال مرضه حتى عافه الجليس أوحش منه الأنيس وأخرج من بلده وانقطع عنه الناس ولم يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته كانت ترعى له حقه وتعرف قديم إحسانه إليها وشفقته عليها فكانت تتردد إليه فتصلح من شأنه وتعينه على قضاء حاجته وتقوم بمصلحته وضُعف حالها وقل ما لها حتى كانت تخدم الناس بالأجر لتطعمه وتقود بأوده رضي الله عنها وأرضاها وهي صابرة معه على ما حل بهما من فراق المال والولد وما يختص بها من المصيبة بالزوج وضيق ذات اليد وخدمة الناس بعد السعادة والنعمة والخدمة الحرمة.
ولم يزد هذا كله أيوب عليه السلام إلا صبراً واحتساباً وحمداً وشكراً، حتى أن المثل ليضرب بصبره عليه السلام، ويضرب المثل أيضاً بما حصل له من أنواع البلايا وكان أيوب عليه السلام أول من أصابه الجدري وقد اختلفوا في مدة بلواه على أقوال وتساقط لحمه حتى لم يبق إلا العظم والعصب فكانت امرأته تأتيه بالرماد تفرشه تحته فلما طال عليها قالت : يا أيوب لو دعوت ربك لفرج عنك فقال : قد عشت سبعين سنة صحيحاً فهو قليل لله أن أصبر له سبعين سنة فجزعت من هذا الكلام وكانت تخدم الناس بالأجر وتطعم أيوب عليه السلام ثم إن الناس لم يكونوا يستخدمونها لعلمهم أنها امرأة أيوب خوفاً أن ينالهم من بلائه أو تعديهم بمخالطته فلما لم تجد أحداً يستخدمها عمدت فباعت لبعض بنات الأشراف إحدى ضفيرتيها بطعام طيب كثير فأتت به أيوب فقال : من أين لك هذا وأنكره فقالت : خدمت به أناساً فلما كان الغد لم تجد أحداً فباعت الضفيرة الأخرى بطعام فأتته به فأنكره أيضاً وحلف لا يأكله حتى تخبره من أين لها هذا الطعام فكشفت عن رأسها خمارها فلما رأى رأسها محلوقاً قال في دعائه : ( أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) وكان لأيوب أخوان فجاءا يوماً فلم يستطيعا أن يدنوا منه من ريحه فقاما من بعيد فقال أحدهما لصاحبه : لو كان الله علم من أيوب خيراً ما ابتلاه بهذا فجزع أيوب من قولهما جزعاً لم يجزع من شيء قط فقال : اللهم إن كنت تعلم أني لم أبت ليلة قط شبعاناً وأنا أعلم مكان جائع فصدقني فصدق من السماء وهما يسمعان ثم قال : اللهم إن كنت تعلم أني لم يكن لي قميصان قط وأنا أعلم مكان عار فصدقني فصدق من السماء وهما يسمعان ثم قال : اللهم بعزتك وخر ساجداً وقال : اللهم بعزتك لا أرفع رأسي أبداً حتى تكشف عني فما رفع رأسه حتى كشف عنه.
وقيل ايضاً إن نبي الله أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه كانا من أخص إخوانه له كانا يغدوان إليه ويروحان فقال أحدهما لصاحبه : يعلم الله لقد أذنب أيوب ذنباً ما أذنبه أحد من العالمين قال له صاحبه : وما ذاك قال : منذ ثماني عشر سنة لم يرحمه ربه فكشف ما به فلما راحا إليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له فقال أيوب : لا أدري ما تقول غير أن الله عز وجل يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما كراهية أن يذكر الله إلا في حق وكان يخرج في حاجته فإذا قضاها أمسكت امرأته بيده حتى يرجع فلما كان ذات يوم أبطأت عليه فأوحى الله إلى أيوب في مكانه أن ( ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ) فاستبطأته فتلقته تنظر وأقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء وهو على أحسن ما كان فلما رأته قالت : أي بارك الله فيك هل رأيت نبي الله هذا المبتلى فوالله على ذلك ما رأيت رجلاً أشبه به منك إذ كان صحيحاً قال : فإني أنا هو وكان له أندران أندر للقمح وأندر للشعير فبعث الله سحابتين فلما كانت إحداهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض وأفرغت الأخرى في أندر الشعير الورق حتى فاض وألبسه الله حلة من الجنة فتنحى أيوب وجلس في ناحية وجاءت امرأته فلم تعرفه فقالت : يا عبد الله هذا المبتلى الذي كان ههنا لعل الكلاب ذهبت به أو الذئاب وجعلت تكلمه ساعة قال : ولعل أنا أيوب قالت : أتسخر مني يا عبد الله فقال : ويحك أنا أيوب قد رد الله عليّ جسدي ورد الله عليه ماله وولده بأعيانهم ومثلهم معهم وأوحى الله إليه : قد رددت عليك أهلك ومالك ومثلهم معهم فاغتسل بهذا الماء فإن فيه شفاءك وقرب عن صحابتك قرباناً واستغفر لهم فإنهم قد عصوني فيك فلما عافى الله أيوب عليه السلام أمطر عليه جراداً من ذهب فجعل يأخذ بيده ويجعل في ثوبه فقيل له يا أيوب أما تشبع فقال : يا رب ومن يشبع من رحمتك وقوله : ( ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ) أي اضرب الأرض برجلك فامتثل ما أمر به فأنبع الله له عيناً باردة الماء وأمر أن يغتسل فيها ويشرب منها فأذهب الله عنه ما كان يجده من الألم والأذى والسقم والمرض الذي كان في جسده ظاهراً وباطناً وأبدله الله بعد ذلك كله صحة ظاهرة وباطنة وجمالاً تاماً ومالاً كثيراً حتى صب له من المال صباً مطراً عظيماً جراداً من ذهب وأخلف الله له أهله كما قال تعالى : ( وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ) أي ان الله أحياهم بأعيانهم وقيل ايضاً ان آجره فيمن سلف وعوضه عنهم في الدنيا بدلهم وجمع له شمله بكلهم في الدار الآخرة وقوله : ( رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا ) أي رفعنا عنه شدته وكشفنا ما به من ضر رحمة منا به ورأفة وإحساناً ( وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ) أي تذكرة لمن ابتلي في جسده أو ماله أو ولده فله أسوة بنبي الله أيوب حيث ابتلاه الله بما هو أعظم من ذلك فصبر واحتسب حتى فرج الله عنه ورد الله إلى إمرأته شبابها وزادها حتى ولدت له ستة وعشرون ولداً ذكراً وعاش أيوب بعد ذلك سبعين سنة بأرض الروم على دين الحنيفية وقوله : ( وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) هذه رخصة من الله تعالى لعبده ورسوله أيوب عليه السلام فيما كان من حلفه ليضربن امرأته مائة سوط وكان حلفه ذالك لأنه اعترضها الشيطان في صورة طبيب يصف لها دواء لأيوب فأتته فأخبرته فعرف أنه الشيطان فحلف ليضربها مائة سوط فلما عافاه الله عز وجل أفتاه أن يأخذ ضغثاً وهو كالعثكال الذي يجمع الشماريخ فيجمعها كلها ويضربها به ضربة واحدة ويكون هذا منزلا منزلة الضرب بمائة سوط ويبر ولا يحنث وهذا من الفرج والمخرج لمن اتقى الله وأطاعه ولا سيما في حق امرأته الصابرة المحتسبة المكابدة الصديقة البارة الراشدة رضي الله عنها وتوفي ايوب وعمره ثلاثاً وتسعين سنة وقيل ايضاً انه عاش اكثر من ذالك والعلم عند الله.
 

المواضيع المتشابهة

أحدث المواضيع

أعلى