همسات حائرة
عضو ذهبي
رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين :::
( و أكواب موضوعة ) أي : أوانٍ ممتلئة من أنواع الأشربة اللذيذة , قد وضعت بين أيديهم , و أعدت لهم , و صارت تحت طلبهم و اختيارهم , يطوف بها عليهم الولدان المخلدون . و الكوب هو إناء لا أُذن له .
( و نمارق مصفوفة ) وسائد من الحرير و الإستبرق و غيرهما مما لا يعلمه إلا الله , قدصُفت للجلوس و الإتكاء عليها , و قد أريحوا عن أن يضعوها , و يَصُفُّوها بأنفسهم .
( و زرابي مبثوثة ) أي : البسط الحسان , مملوءةبها مجالسهم , مفروشة هنا و هناك لمن أراد الجلوس عليها .
يقول الله تعالى حثًّى للذين لا يصدقون الرسول صلى الله عليه و سلم , و لغيرهم من الناس , أن يتفكروا في مخلوقات الله الدالة على توحيده :
( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ) فإنها خَلق عجيب , و تركيبها غريب , فإنها في غايةالقوة و الشدة , و هي مع ذلك تلين للحمل الثقيل , و تنقاد للقائد الضعيف , و تصبرعلى الجوع و العطش , و تكتفي بما يتيسر لها من شوك و شجر و غير ذلك , مما لا يكاديرعاه سائر البهائم , و تؤِكل , و ينتفع بوبرها , و يشرب لبنها . و قد نبهوا بذلك لأن العرب غالب دوابهم كانت الإبل .
( و إلى السماء كيف رفعت ) أي : كيف رفعها الله عز و جل , عن الأرض هذا الرفع العظيم , بغير عمد يدعمها و لا سند يسندها . و كيف رفعت كواكبها رفعا سحيق المدى , و أمسك كل منها في مداره إمساكا لا يختل سيره و لا يفسد نظامه .
( و إلى الجبال كيف نصبت ) أي : جعلت منصوبة قائمة ثابتة راسية , بهيئة باهرة , حصل بها استقرار الأرض و ثباتها عن الإضطراب بأهلها , و جعل فيها ما جعل من المنافع والمعادن .
( و إلى الأرض كيف سطحت ) أي بسطت و مهدت , حسبما يقتضيه صلاح أمور ما عليها من الخلائق , فمدت مدًا واسعًا , و سهلت غايةالتسهيل . ليستقروا على ظهرها , و يتمكنوا من حرثها و غرسها , و البنيان فيها , وسلوك الطرق الموصلة إلى أنواع المقاصد فيها .
و اعلم أن تسطيحها لا ينافي أنهاكرة مستديرة , قد أحاطت الأفلاك فيها من جميع جوانبها , كما دل على ذلك النقل والعقل و الحس و المشاهد , كما هو مذكور معروف عند أكثر الناس , خصوصا في هذه الأزمنة , التي وقف الناس على أكثر أرجائها بما أعطاهم الله من الأسباب المقربة للبعيد , فإن التسطيح إنما ينافي كروية الجسم الصغير جدا , الذي لو سطح لم يبق له استدارة تذكر . و أما جسم الأرض الذي هو في غاية الكبر و السعة , فيكون كرويا مسطحا , و لا يتنافى الأمران , كما يعرف ذلك أرباب الخبرة .
ففي هذه الآيات -" أفلا ينظرون .... سطحت "- نبّه الله تعالى البدوي على الإستدلال بما يشاهده من بعيره الذي هو راكب عليه , و السماء التي فوق رأسه , و الجبل الذي تجاهه , و الأرض التي تحته , على قدرة خالق ذلك و صانعه , و أنه الرب العظيم الخالق المتصرف المالك , و أنه الإله الذي لا يستحق العبادة سواه . قال الزمخشري: و المعنى أفلا ينظرون إلى هذه المخلوقات الشاهدة على قدرة الخالق , حتى لاينكروا اقتداره على البعث , فيسمعوا إنذار الرسول صلى الله عليه و سلم و يؤمنوا ويستعدوا للقائه .
( فذكّر إنما أنت مذكّر , لست عليهم بمسيطر ) أي فذكّر – يا محمد – الناس بما أرسلت به إليهم , فإنما عليك البلاغ و علينا الحساب , و لهذا قال " لست عليهم بمسيطر" أي لم تبعث مسيطرا عليهم , مسلطا موكّلا بأعمالهم , فإذا قمت بما عليك , فلا عليك بعد ذلك لوم , قال تعالى " و ما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد" .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله , فإذا قالوها عصموامني دماءهم و أموالهم إلا بحقها , و حسابهم على الله عز و جل " , ثم قرأ " فذكّر إنما أنت مذكّر , لست عليهم بمسيطر" رواه مسلم .
( إلا من تولى و كفر ) أي : تولى عن العمل بأركانه , و كفر بالحق بجنانه و لسانه , و هذه كقوله تعالى " فلا صدق و لا صلى , و لكن كذّب و تولّى"
( فيعذّبه الله العذاب الأكبر ) أي : الشديد الدائم , و هو عذاب الآخرة
( إنّ إلينا إيابهم ) أي رجوعهم إلينا لا إلى غيرنا , بالموت و البعث .
( ثم إنّ علينا حسابهم ) أي : نحن نحاسبهم على أعمالهم و نجازيهم بها , إن خيرا فخير , و إن شرا فشر . لذافلا يضرك يا رسولنا إعراضهم و لا توليهم , و حسبك تذكيرهم فمن اهتدى نجا و نجاته لنفسه , و من ضلّ فإنما يضل عليها إذ عاقبة ضلاله و هي الخسران التام عائدة عليه .
( و نمارق مصفوفة ) وسائد من الحرير و الإستبرق و غيرهما مما لا يعلمه إلا الله , قدصُفت للجلوس و الإتكاء عليها , و قد أريحوا عن أن يضعوها , و يَصُفُّوها بأنفسهم .
( و زرابي مبثوثة ) أي : البسط الحسان , مملوءةبها مجالسهم , مفروشة هنا و هناك لمن أراد الجلوس عليها .
يقول الله تعالى حثًّى للذين لا يصدقون الرسول صلى الله عليه و سلم , و لغيرهم من الناس , أن يتفكروا في مخلوقات الله الدالة على توحيده :
( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ) فإنها خَلق عجيب , و تركيبها غريب , فإنها في غايةالقوة و الشدة , و هي مع ذلك تلين للحمل الثقيل , و تنقاد للقائد الضعيف , و تصبرعلى الجوع و العطش , و تكتفي بما يتيسر لها من شوك و شجر و غير ذلك , مما لا يكاديرعاه سائر البهائم , و تؤِكل , و ينتفع بوبرها , و يشرب لبنها . و قد نبهوا بذلك لأن العرب غالب دوابهم كانت الإبل .
( و إلى السماء كيف رفعت ) أي : كيف رفعها الله عز و جل , عن الأرض هذا الرفع العظيم , بغير عمد يدعمها و لا سند يسندها . و كيف رفعت كواكبها رفعا سحيق المدى , و أمسك كل منها في مداره إمساكا لا يختل سيره و لا يفسد نظامه .
( و إلى الجبال كيف نصبت ) أي : جعلت منصوبة قائمة ثابتة راسية , بهيئة باهرة , حصل بها استقرار الأرض و ثباتها عن الإضطراب بأهلها , و جعل فيها ما جعل من المنافع والمعادن .
( و إلى الأرض كيف سطحت ) أي بسطت و مهدت , حسبما يقتضيه صلاح أمور ما عليها من الخلائق , فمدت مدًا واسعًا , و سهلت غايةالتسهيل . ليستقروا على ظهرها , و يتمكنوا من حرثها و غرسها , و البنيان فيها , وسلوك الطرق الموصلة إلى أنواع المقاصد فيها .
و اعلم أن تسطيحها لا ينافي أنهاكرة مستديرة , قد أحاطت الأفلاك فيها من جميع جوانبها , كما دل على ذلك النقل والعقل و الحس و المشاهد , كما هو مذكور معروف عند أكثر الناس , خصوصا في هذه الأزمنة , التي وقف الناس على أكثر أرجائها بما أعطاهم الله من الأسباب المقربة للبعيد , فإن التسطيح إنما ينافي كروية الجسم الصغير جدا , الذي لو سطح لم يبق له استدارة تذكر . و أما جسم الأرض الذي هو في غاية الكبر و السعة , فيكون كرويا مسطحا , و لا يتنافى الأمران , كما يعرف ذلك أرباب الخبرة .
ففي هذه الآيات -" أفلا ينظرون .... سطحت "- نبّه الله تعالى البدوي على الإستدلال بما يشاهده من بعيره الذي هو راكب عليه , و السماء التي فوق رأسه , و الجبل الذي تجاهه , و الأرض التي تحته , على قدرة خالق ذلك و صانعه , و أنه الرب العظيم الخالق المتصرف المالك , و أنه الإله الذي لا يستحق العبادة سواه . قال الزمخشري: و المعنى أفلا ينظرون إلى هذه المخلوقات الشاهدة على قدرة الخالق , حتى لاينكروا اقتداره على البعث , فيسمعوا إنذار الرسول صلى الله عليه و سلم و يؤمنوا ويستعدوا للقائه .
( فذكّر إنما أنت مذكّر , لست عليهم بمسيطر ) أي فذكّر – يا محمد – الناس بما أرسلت به إليهم , فإنما عليك البلاغ و علينا الحساب , و لهذا قال " لست عليهم بمسيطر" أي لم تبعث مسيطرا عليهم , مسلطا موكّلا بأعمالهم , فإذا قمت بما عليك , فلا عليك بعد ذلك لوم , قال تعالى " و ما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد" .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله , فإذا قالوها عصموامني دماءهم و أموالهم إلا بحقها , و حسابهم على الله عز و جل " , ثم قرأ " فذكّر إنما أنت مذكّر , لست عليهم بمسيطر" رواه مسلم .
( إلا من تولى و كفر ) أي : تولى عن العمل بأركانه , و كفر بالحق بجنانه و لسانه , و هذه كقوله تعالى " فلا صدق و لا صلى , و لكن كذّب و تولّى"
( فيعذّبه الله العذاب الأكبر ) أي : الشديد الدائم , و هو عذاب الآخرة
( إنّ إلينا إيابهم ) أي رجوعهم إلينا لا إلى غيرنا , بالموت و البعث .
( ثم إنّ علينا حسابهم ) أي : نحن نحاسبهم على أعمالهم و نجازيهم بها , إن خيرا فخير , و إن شرا فشر . لذافلا يضرك يا رسولنا إعراضهم و لا توليهم , و حسبك تذكيرهم فمن اهتدى نجا و نجاته لنفسه , و من ضلّ فإنما يضل عليها إذ عاقبة ضلاله و هي الخسران التام عائدة عليه .