الحجامة فوائد الحجامة أوقات الحجامة كل ما يتعلق بالحجامة

ADMIN

Administrator
طاقم الإدارة
إنضم
Sep 10, 2006
المشاركات
23,661
الإقامة
Egypt
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فهرس الموضوع


1- تعريف الحجامـة

2- بداية الحجامة

3- تكرار الحجامة

4- أوقات الحجامة في الحديث

5- مواضع الحجامة في الحديث

6- كسب الحجام

7- الترغيب في دفن دم الحجامة

8- أنواع الحجامة وطريقة عملها

9- الحجامة عند ابن سينا

10- بعض أحاديث الحجامة

11- الحجامة في الطب النبوي لابن قيم الجوزية

12- أحاديث الحجامة في صحيح البخاري مع الشرح

13- أحاديث ضعيفة وموضوعة

14- أحاديث الحجامة تخريج الألباني

15- فوائد الحجامـة للعين والسحـر

16- الإحتجاج بالأحاديث النبوية

17- الأحكام الفقهية المتعلقة بالحجامة

18- مقالة جيدة حول الحجامة وفوائدها

19- الحجامة مفتاح العلاج في الطب البديل

20- مختصر كتاب ارشاد الأنام

21- صوره توضيحية

22- صور توضيحية لمواضع الحجامة الجافة

23- صوره توضيحية للأعصاب وتأثيرها

24- صور توضيحية لمواضع الحجامة الرطبة والجافة

25- آلة الحجامة وأماكن بيعها

26- مواقع الحجامـة على الإنترنت

27- كتاب الحجامة الدواء العجيب " 1 "

28- كتاب الحجامة الدواء العجيب " 2 "
=================
=======
====


1- تعريف الحجامة


تعريف الحجامة : هي حرفة وفعل الحَجَام ، والحَجْمُ : المَصّ. يقال:حَجَمَ الصبيُّ ثَدي أُمه إذا مصه. والحَجَّامُ: المَصَّاص . قال الأَزهري: يقال للحاجم حَجَّامٌ لامْتِصاصه فم المِحْجَمَة ؛ قال ابن الأَثير: المِحْجَم ُ، بالكسر، الآلة التي يجمع فيها دم الحِجامة عند المصّ، قال: والمِحْجَمُ أَيضاً مِشْرَطُ الحَجَّام؛ ومنه الحديث: لَعْقَةُ عَسلٍ أَو شَرْطة مِحْجَم ٍ." انظر لسان العرب "


والحجامة معروفة منذ القدم ، عرفها الصينيون والبابليون والفراعنة ، ودلت آثارهم وصورهم المنحوتة على استخدامهم الحجامة في علاج بعض الأمراض ، وكانوا في السابق يستخدمون الكؤوس المعدنية وقرون الثيران وأشجار البامبو لهذ الغرض وكانوا يفرغونها من الهواء بعد وضعها على الجلد عن طريق المص ومن ثم استخدمت الكاسات الزجاجية والتي كانو يفرغون منها الهواء عن طريق حرق قطعة من القطن أو الصوف داخل الكأس.

بداية الحجامة :
قيل أنه كانت الحجامة في بداية نشأتها تستخدم فقط لعلاج الدمامل وسحب الدم والقيح منها , واستخدمت كعلاج مساعد يرافق العلاج بالطرق الصينية التقليدية , ثم أثبتت هذه الوسيلة العلاجية كفاءتها وتطور استخدامها ليشمل التداوي من أمراض عدة , وكان من أبرز دواعي استخدام كاسات الهواء عند الصينين طرد " البرودة " من ممرات الطاقة بالجسم , و كانت تستخدم الكاسات الدافئة " Hot Cupping " في معاجة هذه الحالات , فكانت تسخن كاسات البامبو في مغلي العشاب قبل وضعها على جسم المريض , كما كانت توصف لعلاج ألالام المفاصل والعضلات على وجه الخصوص والحالات المرضية المرتبطة بالبرودة
بعض أحاديث الحجـامة
روى البخاري في صحيحه عن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ الشِّفَاءُ فِي ثَلاثَةٍ شَرْبَةِ عَسَلٍ وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ وَكَيَّةِ نَارٍ وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الْكَيِّ ، وفي رواية عَنْ أَنَسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَجْرِ الْحَجَّامِ فَقَالَ احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ وَأَعْطَاهُ صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ فَخَفَّفُوا عَنْهُ وَقَالَ إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ وَالْقُسْطُ الْبَحْرِيُّ. وفي رواية عن عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِاللَّهِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ أَوْ يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ تُوَافِقُ الدَّاءَ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ . وعند أحمد عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَحْتَجِمُ بِقَرْنٍ وَيُشْرَطُ بِطَرْفِ سِكِّينٍ فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ شَمْخَ فَقَالَ لَهُ لِمَ تُمَكِّنُ ظَهْرَكَ أَوْ عُنُقَكَ مِنْ هَذَا يَفْعَلُ بِهَا مَا أَرَى فَقَالَ هَذَا الْحَجْمُ وَهُوَ مِنْ خَيْرِ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ ُ. وفي مسند أحمد عَنْ أَيُّوبَ بْنِ حَسَنِ ابْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ جَدَّتِهِ سَلْمَى خَادِمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ مَا سَمِعْتُ أَحَدًا قَطُّ يَشْكُو إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعًا فِي رَأْسِهِ إِلا قَالَ احْتَجِمْ وَلا وَجَعًا فِي رِجْلَيْهِ إِلا قَالَ اخْضِبْهُمَا بِالْحِنَّاءِ . وأخرج أحمد و والحاكم وصححه وابن مردويه، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما مررت بملأ من الملائكة ليلة أسري بي، إلا قالوا عليك بالحجامة" وفي لفظ مر أمتك بالحجامة.

مواضع الحجامة التي ورد أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم احتجمها
روى البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي رَأْسِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ بِمَاءٍ يُقَالُ لَهُ لُحْيُ جَمَلٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي رَأْسِهِ مِنْ شَقِيقَةٍ كَانَتْ بِهِ. وعن أبي هريرة أن أبا هند حجم النبي صلى الله عليه وسلم في اليافوخ من وجع كان به ، وفي رواية أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم احتجم فوق رأسه وهو يومئذ محرم ، وفي رواية احتجم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو محرم بلَحي جمل في وسط رأسه ، " أي ما فوق اليافوخ فيما بين أعلى القرنين " .
اليافوخ : عظم مقدم الرأس

وعند أبي داود وابن ماجة عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ ثَلاثـا فِي الأَخْدَعَيْـنِ وَالْكَاهــِلِ ( الاخدع عرق جانب الرقبة والكاهل بين الكتفين ، والأَخْدَعانِ: عِرْقان خَفِيّانِ في موضع الحِجامة من العُنق، وربما وقعت الشَّرْطة على أَحدهما فيَنْزِفُ صاحبه لأَن الأَخْدَع شُعْبَةٌ مِنَ الوَرِيد ). وعند أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الأَخْدَعَيْنِ وَبَيْنَ الْكَتِفَيْن. وعند ابن ماجة في سننه عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ عَلَى جِذْعٍ فَانْفَكَّتْ قَدَمُهُ قَالَ وَكِيعٌ يَعْنِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ عَلَيْهَا مِنْ وَثيءٍ . وعند أبي داودِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ عَلَى وِرْكِهِ مِنْ وَثْيءٍ كَانَ بِهِ. وفي سنن النسائي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ مِنْ وَثْيءٍ كَانَ بِهِ ( وجع يصيب العضو من غير كسر ). وفي رواية عند أحمد عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ مِنْ وَثْيٍ كَانَ بِوَرِكِهِ أَوْ ظَهْرِهِ. وكان جابر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم على كاهله من أجل الشاة التي أكلها حجمه أبو هند مولى بني بياضة بالقرن .

أوقات الحجامة بالنسبة لأيام الأسبوع وأيام الشهر
عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ أَرَادَ الْحِجَامَةَ فَلْيَتَحَرَّ سَبْعَةَ عَشَرَ أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ أَوْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَلا يَتَبَيَّغْ بِأَحَدِكُمُ الدَّمُ فَيَقْتُلَهُ. رواه ابن ماجة في سننه ، وفي رواية عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ يَا نَافِعُ قَدْ تَبَيَّغَ بِيَ الدَّمُ فَالْتَمِسْ لِي حَجَّامًا وَاجْعَلْهُ رَفِيقًا إِنِ اسْتَطَعْتَ وَلا تَجْعَلْهُ شَيْخًا كَبِيرًا وَلا صَبِيًّا صَغِيرًا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ الْحِجَامَةُ عَلَى الرِّيقِ أَمْثَلُ وَفِيهِ شِفَاءٌ وَبَرَكَةٌ وَتَزِيدُ فِي الْعَقْلِ وَفِي الْحِفْظِ فَاحْتَجِمُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَاجْتَنِبُوا الْحِجَامَةَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ وَالْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ وَيَوْمَ الأَحَدِ تَحَرِّيًا وَاحْتَجِمُوا يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَالثُّلاثَاءِ فَإِنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي عَافَى اللَّهُ فِيهِ أَيُّوبَ مِنَ الْبَلاءِ وَضَرَبَهُ بِالْبَلاءِ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ فَإِنَّهُ لا يَبْدُو جُذَامٌ وَلا بَرَصٌ إِلا يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ أَوْ لَيْلَةَ الأَرْبِعَاءِ. رواه ابن ماجة

والمقصود بهيجان الدم هو التبيغ يقول صلى الله عليه وسلم <لا يَتَبَيَّغْ بأحَدكُم الدَّمُ فيقتُلَه> أي غَلَبة الدَّم على الإنسان، يقال تبَيَّغ به الدَّم إذا تَردّد فيه. تَبَيَّغَ به الدمُ: هاجَ به، وذلك حين تَظْهَرُ حُمْرَتُه في البَدَن ومنه تبيَّغَ الماء إذا تردّد وتحيَّر في مَجْراه.أي لا يَبْغي عليه الدم فيقتله، من البَغْي: مجاوزةِ الحدّ.ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <ابْغِني خادِماً لا يكون قَحْماً فانِياً، ولا صَغيرا ضَرَعاً، فقد تَبَيَّغ بي الدَّمُ>. ومن ذلك الشعور بالصداع والامتلاء في الرأس والدوار والانفعال ، وقد تحدث اضطرابات بصرية.
المختصر المفيد في أوقات وأماكن الحجامة :

أوقات الحجامة: ذكرنا أعلاه بعض الأحاديث الواردة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم تفيد في تعين أيام وأوقات وأماكن الحجامة والحقيقة أن أحاديث الحجامة كثيرة جدا فمنها الصحيح والضعيف والموضوع ، وان افضل أيام الشهر 17-19-21 من كلّ شهر هجري. أما افضل أوقات ألسنه لإجرائها فهو فصل الربيع ، أما النهي الوارد في الأحاديث عن الحجامة في بعض أيام الأسبوع إن صح الحديث فيكون كما قال موفق الدين البغدادي في الطب النبوي : هذا النهي كله إذا احتجم حال الصحة أما وقت المرض وعند الضرورة فعندها سواء كان سبع عشرة أو عشرين ، وكان أحمد بن حنبل يحتجم في أي وقت هاج عليه الدم وأي ساعة كان أ.هـ. ويقول ابن القيم في الطب النبوي وفي ضمن هذه الأحاديث المتقدمة استحباب التداوي ، واستحباب الحجامة ، وأنها تكون في الموضع الذي يقتضيه الحال ، وجواز احتجام المحرم ، وإن آل إلى قطع شئ من الشعر ... وجواز احتجام الصائم ، فإن في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احتجم وهو صائم " . ولكن هل يفطر بذلك ، أم لا ؟ الصواب : الفطر بالحجامة ، لصحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير معارض ، وأصح ما يعارض به حديث حجامته وهو صائم أ.هـ. ولكن يقول العلماء الأحوط أن يؤخر الحجامة الى الليل بعد الإفطار خروجا من الخلاف .
أماكن الحجامة: أما أماكن الحجامة فهي أماكن ليس بالتوقيفية لأنها من الطب وليست من الأمور التعبدية ، يقول ابن القيم في الطب النبوي وفي ضمن هذه الأحاديث المتقدمة استحباب التداوي ، واستحباب الحجامة ، وأنها تكون في الموضع الذي يقتضيه الحالأ.هـ. ومن خلال إطلاعي على الكثير من الكتب ومواقع الإنترنت الأجنبية وجدت أنه لا يوجد أماكن مقيدة بالحجامة ولكنها أماكن اجتهادية يعلمها الناس بالخبرة ، وهي كما ذكر الأستاذ أحمد حفني / القاهرة / حارة الزيتون: في محاضرة له منشورة على أوراق وأشرطة بأن الحجامة تعمل على خطوط الطاقة ، وهي التي تستخدم في الإبر الصينية، ويقول وجد أن الحجامة تأتي بنتائج أفضل عشرة أضعاف من الإبر الصينية، وتعمل الحجامة على مواضع الأعصاب الخاصة بردود الأفعال، وتعمل الحجامة على الغدد الليمفاوية، وتقوم بتنشيطها ، وتعمل أيضًا على الأوعية الدموية وعلى الأعصاب. وله كلام طويل جميل استفدنا منه ولخصنا بعضه في هذه الصفحات جزاه الله عنا وعن المسلمين كل خير ، ولقد أوضحت الأماكن الأكثر شهرة في الحجامة في صفحات مستقلة على شكل صور توضيحية .


ماذا تفعل بالدم بعد الحجامة:
ينبغي أن يوارى الدم بدفنه بالتراب بعد الحجامة حفاظا عليه من تلاعب السحرة به وحتى لا يكون سببا في انتشار الجراثيم والأمراض المعدية ، ولما ورد في بعض الأحاديث وان كانت ضعيفة ولكن يستأنس بها فعن أم سعد قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بدفن الدم إذا احتجم ، وعن عامر بن عبدالله بن الزبير يقول إن أباه حدثه أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم، فلما فرغ قال: ( يا عبدالله اذهب بهذا الدم فأهرقه حيث لا يراك أحد)، فلما برز عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمد إلى الدم فشربه، فلما رجع قال: يا عبدالله ما صنعت به؟. قال: جعلته في أخفى مكان ظننت أنه خافيا عن الناس. قال: لعلك شربته؟ ، قال نعم. قال: لم شربت الدم، وويل للناس منك وويل لك من الناس . وعن رواية عن عبد الله بن الزبير قال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاني دمه، قال: اذهب فواره لا يبحث عنه سبع أو كلب أو إنسان، فتنحيت فشربته ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما صنعت؟ قلت: صنعت الذي أمرتني، قال: ما أراك إلا قد شربته! قلت: نعم، قال: ماذا تلقى أمتي منك! قال أبو سلمة فيرون أن القوة التي كانت في ابن الزبير من قوة دم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي حديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يأمر بدفن سبعة أشياء من الإنسان:الشعر، والظفر، والدم، والحيضة، والسن، والعلقة، والمشيمة.

تكرار الحجامــة :
يقول الإمام علي الرضا كما هو مكتوب في " الرسالة الذهبية للدكتور محمد علي البار " لتكن الحجامة بقدر ما يمضي من السنين فابن عشرين سنة يحتجم في كل عشرين يوماً ، وابن ثلاثين في كل ثلاثين يوماً مرة واحدة ، وكذلك من بلغ من العمر أربعين سنة يحتجم كل أربعين يوماً مرة وما زاد فبحسب ذلك .أ.هـ. ، ولعل الصواب والله أعلم أنه يمكن تكرار الحجامة كل أسبوع عند الحاجة إليها كما ذكر الدكتور علي رمضان . لأن بعض الأمراض تزول من أول حجامة وأخرى تزول بعد عدة مرات .

أخذ الأجرة على الحجامة:
سُئِلَ أنَسٌ عَنْ كَسْبِ الْحَجّامِ؟ فَقَالَ أَنَسٌ: احْتَجَمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. وَحَجَمَه أبُو طَيْبَةَ. فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَكَلّمَ أهْلَهُ فَوَضَعُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ، وَقَالَ "إنّ أَفْضَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِه الْحِجَامَةُ" أوْ "إنّ مِنْ أمْثَلِ دَوَائِكُمُ الْحِجَامَةَ".
قال أبو عيسى حديثُ أنَسٍ حَدِيثٌ حسنٌ صحيحٌ. وَقَدْ رَخّصَ بَعْضُ أهل الْعِلمِ مِنْ أصْحَابِ النبيّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ. في كَسبِ الْحَجّامِ. وَهُوَ قَوْلُ الشّافِعيّ.

يقول ابن قيم الجوزية في زاد المعاد في هدي خير العباد: وأما إعطاءُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم الحجام أجره، فلا يُعارض قوله ((كسب الحجام خبيث)) فإنه لم يقل: إن إعطاءه خبيث، بل إعطاؤه إما واجب، وإما مستحب، وإما جائز ولكن هو خبيثٌ بالنسبة إلى الآخذ، وخبثُه بالنسبة إلى أكله، فهو خبيثُ الكسب، ولم يلزم مِن ذلك تحريمُه ، فقد سمى النبىُّ صلى الله عليه وسلم الثوم والبصل خبيثين مع إباحة أكلهما.


أهم مراجع هذا المبحث :
الطب النبوي / ابن القيم .
الطب النبوي / البغدادي .
فتح الباري شرح صحيح البخاري .
رسالة في الطب النبوي / د. محمد علي البار.
الحجامة / شهاب الدين الشافعي .
الحجامة / محمد عبد الرحيم .
الحجامة / مبحث مكون من 13 صفحة مع 2 شريط كاسيت / أحمد حفني
تذكرة داود / داود الأنطاكي .
كتاب الدواء العجيب / محمد امين شيخو.
مواقع أجنبية كثيرة من الإنترنت .
إضافة الى بعض التجارب الشخصية

**************************
*************
*********



2- بداية الحجامة


قيل أنه كانت الحجامة في بداية نشأتها تستخدم فقط لعلاج الدمامل وسحب الدم والقيح منها , واستخدمت كعلاج مساعد يرافق العلاج بالطرق الصينية التقليدية , ثم أثبتت هذه الوسيلة العلاجية كفاءتها وتطور استخدامها ليشمل التداوي من أمراض عدة , وكان من أبرز دواعي استخدام كاسات الهواء عند الصينين طرد " البرودة " من ممرات الطاقة بالجسم , و كانت تستخدم الكاسات الدافئة " Hot Cupping " في معاجة هذه الحالات , فكانت تسخن كاسات البامبو في مغلي العشاب قبل وضعها على جسم المريض , كما كانت توصف لعلاج ألالام المفاصل والعضلات على وجه الخصوص والحالات المرضية المرتبطة بالبرودة
بعض أحاديث الحجـامة
روى البخاري في صحيحه عن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ الشِّفَاءُ فِي ثَلاثَةٍ شَرْبَةِ عَسَلٍ وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ وَكَيَّةِ نَارٍ وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الْكَيِّ ، وفي رواية عَنْ أَنَسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَجْرِ الْحَجَّامِ فَقَالَ احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ وَأَعْطَاهُ صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ فَخَفَّفُوا عَنْهُ وَقَالَ إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ وَالْقُسْطُ الْبَحْرِيُّ. وفي رواية عن عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِاللَّهِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ أَوْ يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ تُوَافِقُ الدَّاءَ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ . وعند أحمد عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَحْتَجِمُ بِقَرْنٍ وَيُشْرَطُ بِطَرْفِ سِكِّينٍ فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ شَمْخَ فَقَالَ لَهُ لِمَ تُمَكِّنُ ظَهْرَكَ أَوْ عُنُقَكَ مِنْ هَذَا يَفْعَلُ بِهَا مَا أَرَى فَقَالَ هَذَا الْحَجْمُ وَهُوَ مِنْ خَيْرِ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ ُ. وفي مسند أحمد عَنْ أَيُّوبَ بْنِ حَسَنِ ابْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ جَدَّتِهِ سَلْمَى خَادِمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ مَا سَمِعْتُ أَحَدًا قَطُّ يَشْكُو إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعًا فِي رَأْسِهِ إِلا قَالَ احْتَجِمْ وَلا وَجَعًا فِي رِجْلَيْهِ إِلا قَالَ اخْضِبْهُمَا بِالْحِنَّاءِ . وأخرج أحمد و والحاكم وصححه وابن مردويه، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما مررت بملأ من الملائكة ليلة أسري بي، إلا قالوا عليك بالحجامة" وفي لفظ مر أمتك بالحجامة.

مواضع الحجامة التي ورد أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم احتجمها
روى البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي رَأْسِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ بِمَاءٍ يُقَالُ لَهُ لُحْيُ جَمَلٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي رَأْسِهِ مِنْ شَقِيقَةٍ كَانَتْ بِهِ. وعن أبي هريرة أن أبا هند حجم النبي صلى الله عليه وسلم في اليافوخ من وجع كان به ، وفي رواية أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم احتجم فوق رأسه وهو يومئذ محرم ، وفي رواية احتجم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو محرم بلَحي جمل في وسط رأسه ، " أي ما فوق اليافوخ فيما بين أعلى القرنين " .
اليافوخ : عظم مقدم الرأس

وعند أبي داود وابن ماجة عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ ثَلاثـا فِي الأَخْدَعَيْـنِ وَالْكَاهــِلِ ( الاخدع عرق جانب الرقبة والكاهل بين الكتفين ، والأَخْدَعانِ: عِرْقان خَفِيّانِ في موضع الحِجامة من العُنق، وربما وقعت الشَّرْطة على أَحدهما فيَنْزِفُ صاحبه لأَن الأَخْدَع شُعْبَةٌ مِنَ الوَرِيد ). وعند أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الأَخْدَعَيْنِ وَبَيْنَ الْكَتِفَيْن. وعند ابن ماجة في سننه عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ عَلَى جِذْعٍ فَانْفَكَّتْ قَدَمُهُ قَالَ وَكِيعٌ يَعْنِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ عَلَيْهَا مِنْ وَثيءٍ . وعند أبي داودِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ عَلَى وِرْكِهِ مِنْ وَثْيءٍ كَانَ بِهِ. وفي سنن النسائي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ مِنْ وَثْيءٍ كَانَ بِهِ ( وجع يصيب العضو من غير كسر ). وفي رواية عند أحمد عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ مِنْ وَثْيٍ كَانَ بِوَرِكِهِ أَوْ ظَهْرِهِ. وكان جابر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم على كاهله من أجل الشاة التي أكلها حجمه أبو هند مولى بني بياضة بالقرن .

أوقات الحجامة بالنسبة لأيام الأسبوع وأيام الشهر
عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ أَرَادَ الْحِجَامَةَ فَلْيَتَحَرَّ سَبْعَةَ عَشَرَ أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ أَوْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَلا يَتَبَيَّغْ بِأَحَدِكُمُ الدَّمُ فَيَقْتُلَهُ. رواه ابن ماجة في سننه ، وفي رواية عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ يَا نَافِعُ قَدْ تَبَيَّغَ بِيَ الدَّمُ فَالْتَمِسْ لِي حَجَّامًا وَاجْعَلْهُ رَفِيقًا إِنِ اسْتَطَعْتَ وَلا تَجْعَلْهُ شَيْخًا كَبِيرًا وَلا صَبِيًّا صَغِيرًا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ الْحِجَامَةُ عَلَى الرِّيقِ أَمْثَلُ وَفِيهِ شِفَاءٌ وَبَرَكَةٌ وَتَزِيدُ فِي الْعَقْلِ وَفِي الْحِفْظِ فَاحْتَجِمُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَاجْتَنِبُوا الْحِجَامَةَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ وَالْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ وَيَوْمَ الأَحَدِ تَحَرِّيًا وَاحْتَجِمُوا يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَالثُّلاثَاءِ فَإِنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي عَافَى اللَّهُ فِيهِ أَيُّوبَ مِنَ الْبَلاءِ وَضَرَبَهُ بِالْبَلاءِ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ فَإِنَّهُ لا يَبْدُو جُذَامٌ وَلا بَرَصٌ إِلا يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ أَوْ لَيْلَةَ الأَرْبِعَاءِ. رواه ابن ماجة

والمقصود بهيجان الدم هو التبيغ يقول صلى الله عليه وسلم <لا يَتَبَيَّغْ بأحَدكُم الدَّمُ فيقتُلَه> أي غَلَبة الدَّم على الإنسان، يقال تبَيَّغ به الدَّم إذا تَردّد فيه. تَبَيَّغَ به الدمُ: هاجَ به، وذلك حين تَظْهَرُ حُمْرَتُه في البَدَن ومنه تبيَّغَ الماء إذا تردّد وتحيَّر في مَجْراه.أي لا يَبْغي عليه الدم فيقتله، من البَغْي: مجاوزةِ الحدّ.ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <ابْغِني خادِماً لا يكون قَحْماً فانِياً، ولا صَغيرا ضَرَعاً، فقد تَبَيَّغ بي الدَّمُ>. ومن ذلك الشعور بالصداع والامتلاء في الرأس والدوار والانفعال ، وقد تحدث اضطرابات بصرية.
المختصر المفيد في أوقات وأماكن الحجامة :

أوقات الحجامة: ذكرنا أعلاه بعض الأحاديث الواردة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم تفيد في تعين أيام وأوقات وأماكن الحجامة والحقيقة أن أحاديث الحجامة كثيرة جدا فمنها الصحيح والضعيف والموضوع ، وان افضل أيام الشهر 17-19-21 من كلّ شهر هجري. أما افضل أوقات ألسنه لإجرائها فهو فصل الربيع ، أما النهي الوارد في الأحاديث عن الحجامة في بعض أيام الأسبوع إن صح الحديث فيكون كما قال موفق الدين البغدادي في الطب النبوي : هذا النهي كله إذا احتجم حال الصحة أما وقت المرض وعند الضرورة فعندها سواء كان سبع عشرة أو عشرين ، وكان أحمد بن حنبل يحتجم في أي وقت هاج عليه الدم وأي ساعة كان أ.هـ. ويقول ابن القيم في الطب النبوي وفي ضمن هذه الأحاديث المتقدمة استحباب التداوي ، واستحباب الحجامة ، وأنها تكون في الموضع الذي يقتضيه الحال ، وجواز احتجام المحرم ، وإن آل إلى قطع شئ من الشعر ... وجواز احتجام الصائم ، فإن في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احتجم وهو صائم " . ولكن هل يفطر بذلك ، أم لا ؟ الصواب : الفطر بالحجامة ، لصحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير معارض ، وأصح ما يعارض به حديث حجامته وهو صائم أ.هـ. ولكن يقول العلماء الأحوط أن يؤخر الحجامة الى الليل بعد الإفطار خروجا من الخلاف .
أماكن الحجامة: أما أماكن الحجامة فهي أماكن ليس بالتوقيفية لأنها من الطب وليست من الأمور التعبدية ، يقول ابن القيم في الطب النبوي وفي ضمن هذه الأحاديث المتقدمة استحباب التداوي ، واستحباب الحجامة ، وأنها تكون في الموضع الذي يقتضيه الحالأ.هـ. ومن خلال إطلاعي على الكثير من الكتب ومواقع الإنترنت الأجنبية وجدت أنه لا يوجد أماكن مقيدة بالحجامة ولكنها أماكن اجتهادية يعلمها الناس بالخبرة ، وهي كما ذكر الأستاذ أحمد حفني / القاهرة / حارة الزيتون: في محاضرة له منشورة على أوراق وأشرطة بأن الحجامة تعمل على خطوط الطاقة ، وهي التي تستخدم في الإبر الصينية، ويقول وجد أن الحجامة تأتي بنتائج أفضل عشرة أضعاف من الإبر الصينية، وتعمل الحجامة على مواضع الأعصاب الخاصة بردود الأفعال، وتعمل الحجامة على الغدد الليمفاوية، وتقوم بتنشيطها ، وتعمل أيضًا على الأوعية الدموية وعلى الأعصاب. وله كلام طويل جميل استفدنا منه ولخصنا بعضه في هذه الصفحات جزاه الله عنا وعن المسلمين كل خير ، ولقد أوضحت الأماكن الأكثر شهرة في الحجامة في صفحات مستقلة على شكل صور توضيحية .

ماذا تفعل بالدم بعد الحجامة:
ينبغي أن يوارى الدم بدفنه بالتراب بعد الحجامة حفاظا عليه من تلاعب السحرة به وحتى لا يكون سببا في انتشار الجراثيم والأمراض المعدية ، ولما ورد في بعض الأحاديث وان كانت ضعيفة ولكن يستأنس بها فعن أم سعد قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بدفن الدم إذا احتجم ، وعن عامر بن عبدالله بن الزبير يقول إن أباه حدثه أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم، فلما فرغ قال: ( يا عبدالله اذهب بهذا الدم فأهرقه حيث لا يراك أحد)، فلما برز عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمد إلى الدم فشربه، فلما رجع قال: يا عبدالله ما صنعت به؟. قال: جعلته في أخفى مكان ظننت أنه خافيا عن الناس. قال: لعلك شربته؟ ، قال نعم. قال: لم شربت الدم، وويل للناس منك وويل لك من الناس . وعن رواية عن عبد الله بن الزبير قال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاني دمه، قال: اذهب فواره لا يبحث عنه سبع أو كلب أو إنسان، فتنحيت فشربته ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما صنعت؟ قلت: صنعت الذي أمرتني، قال: ما أراك إلا قد شربته! قلت: نعم، قال: ماذا تلقى أمتي منك! قال أبو سلمة فيرون أن القوة التي كانت في ابن الزبير من قوة دم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي حديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يأمر بدفن سبعة أشياء من الإنسان:الشعر، والظفر، والدم، والحيضة، والسن، والعلقة، والمشيمة.

تكرار الحجامــة :
يقول الإمام علي الرضا كما هو مكتوب في " الرسالة الذهبية للدكتور محمد علي البار " لتكن الحجامة بقدر ما يمضي من السنين فابن عشرين سنة يحتجم في كل عشرين يوماً ، وابن ثلاثين في كل ثلاثين يوماً مرة واحدة ، وكذلك من بلغ من العمر أربعين سنة يحتجم كل أربعين يوماً مرة وما زاد فبحسب ذلك .أ.هـ. ، ولعل الصواب والله أعلم أنه يمكن تكرار الحجامة كل أسبوع عند الحاجة إليها كما ذكر الدكتور علي رمضان . لأن بعض الأمراض تزول من أول حجامة وأخرى تزول بعد عدة مرات .

أخذ الأجرة على الحجامة:
سُئِلَ أنَسٌ عَنْ كَسْبِ الْحَجّامِ؟ فَقَالَ أَنَسٌ: احْتَجَمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. وَحَجَمَه أبُو طَيْبَةَ. فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَكَلّمَ أهْلَهُ فَوَضَعُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ، وَقَالَ "إنّ أَفْضَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِه الْحِجَامَةُ" أوْ "إنّ مِنْ أمْثَلِ دَوَائِكُمُ الْحِجَامَةَ".
قال أبو عيسى حديثُ أنَسٍ حَدِيثٌ حسنٌ صحيحٌ. وَقَدْ رَخّصَ بَعْضُ أهل الْعِلمِ مِنْ أصْحَابِ النبيّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ. في كَسبِ الْحَجّامِ. وَهُوَ قَوْلُ الشّافِعيّ.

يقول ابن قيم الجوزية في زاد المعاد في هدي خير العباد: وأما إعطاءُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم الحجام أجره، فلا يُعارض قوله ((كسب الحجام خبيث)) فإنه لم يقل: إن إعطاءه خبيث، بل إعطاؤه إما واجب، وإما مستحب، وإما جائز ولكن هو خبيثٌ بالنسبة إلى الآخذ، وخبثُه بالنسبة إلى أكله، فهو خبيثُ الكسب، ولم يلزم مِن ذلك تحريمُه ، فقد سمى النبىُّ صلى الله عليه وسلم الثوم والبصل خبيثين مع إباحة أكلهما.


أهم مراجع هذا المبحث :
الطب النبوي / ابن القيم .
الطب النبوي / البغدادي .
فتح الباري شرح صحيح البخاري .
رسالة في الطب النبوي / د. محمد علي البار.
الحجامة / شهاب الدين الشافعي .
الحجامة / محمد عبد الرحيم .
الحجامة / مبحث مكون من 13 صفحة مع 2 شريط كاسيت / أحمد حفني
تذكرة داود / داود الأنطاكي .
كتاب الدواء العجيب / محمد امين شيخو.
مواقع أجنبية كثيرة من الإنترنت .
إضافة الى بعض التجارب الشخصية

**************************
*************
*********



أنواع الحجـامة

الحجامة أربعة أنواع : الفصد ، الحجامة الجافة ، الحجامة الرطبة ، الحجامة بدودة العلقة والذي يهمنا في هذا المبحث هو الحجامة الرطبة.

1_ الفصد
2_ الحجامة بدودة العلقة . Blood-sucking leech

يقول ابن منظور في لسان العرب العَلَقُ: دُوَيْدةٌ حمراء تكون في الماء تَعْلَقُ بالبدن وتمص الدم، وهي من أَدوية الحلق والأَورام الدَّمَوِيّة لامتصاصها الدم الغالب على الإِنسان. والمعلوق من الدواب والناس: الذي أَخَذ العَلَقُ بحلقه عند الشرب. وقد يُشْرَطُ موضعُ المَحَاجم من الإنسان ويُرْسل عليه العَلَقُ حتى يمص دمه. والعَلَقَةُ: دودة في الماء تمصُّ الدم، والجمع عَلَق. والإعْلاقُ: إِرسال العَلَق على الموضع ليمص الدم. وفي حديث عامر: خيرُ الدواءِ العَلَقُ والحجامة؛ العَلَق: دُوَيْدةٌ حمراء تكون في الماء تَعْلَقُ بالبدن وتمص الدم، وهي من أَدوية الحلق والأَورام الدَّمَوِيّة .

‏وفي الحديث: (خير الدواء اللدود والسعوط والمشي والحجامة والعلق) بفتح العين واللام بضبط المصنف دويبة حمراء تكون في الماء تعلق بالبدن وتمص الدم وهي من أدوية الحلق والأورام الدموية لمصها الدم الغالب على الإنسان ، انظر فتح القدير شرح الجامع الصغير ‏ولا تزال هذه الطريقة تستخدم في معظم دول العالم يتعالجون بالعلق بأنواعه حتى يومنا هذا ، يقول ابن القف 630- 685 هـ: والعلق جذبه للمواد الدموية ابلغ من جذب الحجامة ولو انه أقل من الفصد. ومن العلق ما طبعه السمية ومنه ما هو خال من السمية وهو المستعمل في المداواة الطبية وتصاد قبل يوم أو يومين ثم تكب على رؤوسها حتى يخرج جميع ما في اجوافها حتى يشتد جوعها وتلتقم الجلد حتى اذا امتلأت اجوافها تسقط ويعلق غيرها اذا لزم الأمر.

بعد ذلك تعلق المحاجم على مواضعها وتمص مصا قويا لجنب الدم المتبقي في الموضع.

3_ الحجامة الجافة " كاسات الهواء "

cupping3.jpg

تفيد في نقل الأخلاط الرديئة من مواضع الألم الى سطح الجلد وبذلك يختفي جزء كبير من الألم ، وتختلف عن الحجامة الرطبة " بتشريط الجلد " .

طريقة عمل الحجامة الجافة :
1. عقم الموضع المراد حجامة بالمطهرات الطبية .
2. ربما تحتاج الى وضع قليلاً من الزيت أو الفازلين على حافة الكأس حتى يحكم لصق المحجمة على الجلد .
3. ضع كأس المحجمة على الموضع المراد حجامته .
4. فرغ كأس المحجمة من الهواء بواسطة جهاز السحب.
5. سوف ينسحب الجلد الى داخل الكأس .
6. بعد خمسة دقائق الى عشرة دقائق " حبذ أن لا تزيد على 10 دقائق " انزع الكأس برفق وذلك بالضغط على الجلد عند حافة الكأس .
7. في حالة حجامة الوجه لا تزيد المدة عن نصف دقيقة .

4_ الحجامة الرطبة :
headcup.gif

وتختلف عن الحجامة الجافة " بتشريط الجلد تشريطا خفيفا " ووضع المحجمة على مكان التشريط وتفريغها من الهواء عن طريق المص فيندفع الدم والأخلاط الرديئة من الشعيرات والأوردة الصغيرة الى سطح الجلد بسبب التفريغ الذي أحدثه المص ، وهي غير فصد الدم .

طريقة عمل الحجامة الرطبة:
1. المكان الذي تجرى فيه الحجامة يجب أن يكون نظيفا، ومهيأ لعملية الحجامة .
2. أنصح بأن تكون الأرضية مغطاة ببساط أو مفرشة من البلاستيك كالذي يستخدم للطعام خشية سقوط المحجمة أو قطرات الدم .
3. تأكد من نظافة وتعقيم آلات الحجامة ، واستخدم مشرط جديد ومعقم لكل شخص.
4. عقم الموضع المراد حجامة بالمطهرات الطبية .
5. يجب على الشخص الذي يقوم بالحجامة ارتداء قفازات طبية ( جوانتي ).
6. قد تحتاج الى وضع قليلاً من الزيت أو الفازلين على حافة الكأس حتى يحكم لصق المحجمة على الجلد .
7. ضع كأس المحجمة على الموضع المراد حجامته .
8. فرغ كأس المحجمة من الهواء بواسطة جهاز السحب .
9. سوف ينسحب الجلد الى داخل الكأس .
10. بعد دقيقتين أو نحوها انزع الكأس برفق وذلك بالضغط على الجلد عند حافة الكأس أو سحب البلف.
11. شَرط موضع الحجامة بالمشرط (أو موس حلاقة معقم ) تشريطا خفيفاً سطحياً " ويمكنك استخدام إبرة فحص فصيلة الدم في حالة مرض السكر وسيولة الدم " .
12. يجب أن يكون التشريط على امتداد العروق وليس بالعرض أي بالطول من ناحية الرأس الى ناحية القدم.
13. ضع الكأس على نفس الموضع المراد حجامته مرة أخرى .
14. فرغ كأس المحجمة من الهواء ، ومن أجل تخفيف ألم الحجامة التدرج بتفريغ المحجمة من الهواء " المص " فالأولى تكون أخف من الثانية والثانية تكون أخف من الثالثة .
15. سوف ينسحب الجلد الى داخل الكأس ويخرج الدم من خلال الجروح التي أحدثها المشرط.
16. فرغ الكأس إذا امتلأ بالدم وكرر نفس العملية مرة أخرى ، حتى يخرج الدم صافيا رقيقا ، أو ينقطع خروج الدم .
17. نظف موضع الحجامة بالمطهرات الطبية وضع لاصق طبي على موضع الجروح اذا لم يرقأ الدم .
18. يوجد في الصيدليات مراهم خاصة بالجروح تساعد على حماية الجرح من الجراثيم كما تسرع في اندمال الجروح والأهم من ذلك أنها لا تترك أثر للتشريط على الجلد" .

المُشْرَطُ:المِشْرَطُ: المِبْضَعُ ، والمِشْراطُ والمِشْرَطةُ: الآلةُ التي يَشْرُط بها.

وقد حدد ابوالقاسم خلف الزهراوي المتوفي سنة 404هـ في "كتابه التصريف لمن عجز عن التأليف" مواضع الحجامة بقوله والمحاجم التي تستعمل بالشرط واخراج الدم له اربعة عشر موضعا من الجسم أحدها محاجم الفقرة وهو مؤخر الرأس والكاهل وهو وسط القفاء ومحاجم الأخدعين وهما صفحتا العنق من الجانبين جميعا ومحاجم الزمن وهو تحت الفك الأسفل من الفم ومحاجم الكتفين ومحاجم العصعص على عجب الذنب ومحاجم الزندين وهما وسط الذراعين ومحاجم الساقين ومحاجم العرقوبين ثم شرح الأمراض المختلفة التي تعالجها الحجامة وانها مرتبطة بمواقع الحجامة فمثلا يقول عن حجامة الأخدعين انها تنفع من الأوجاع الحادثة في الرأس والرمد والشقيقة والخناق ووجع اصول الاسنان وعن حجامة العصعص يقول انها تنفع من بواسير المقعدة وقروح الأسفل ثم تسير في نفس الفصل الى كيفية الحجامة فيقول ان المحجمة "اداة الحجامة" توقع اولا فارغة وتمص مصا معتدلا ولا يطال وضع المحاجم وانما توضع سريعا وتنزع سريعا لتقبل الاخلاط الى الموضع اقبالا مستويا ويكرر ذلك ويوالي حتى يرى الموضع وقد احمر وانتفخ وظهرت حمرة الدم فحينئذ يشرط ويعاود المص رويدا رويدا ثم ينظر في حال الابدان فمن كان من الناس رخص اللحم متخلخل المسام فيشرط شرطة واحدة لا غير لئلا يتقرح الموضع ويوسع الشرط ويعمق قليلا ويعاد المص في رفق وتحريك لطيف فان كان في الدم غلظ فيشرط مرتين في المرة الأول لفتح طريق لطيف الدم ومائيته واماالثانية فلاستقصاء اخراج الدم الخليط وان كان الدم الغليظ عكراً جدا فيكرر الشرط مرة ثالثة لتبلغ الغاية، ويصف الحد المعتدل في الشرط العميق بأنه عمق الجلد فقط." نقلا عن جريد الرياض الاثنين 16 صفر 1423 العدد 12362 "

وفي كتاب الجراحة لابن القف )630- 685 هـ( إن الحجامة عند الجراحين تعنى بالمادة الدموية المستولية على ظاهر البدن لاخراجها أما بشرط ( رطبه ) أو بلا شرط ( جافه ) ، والتي بغير شرط إما بنار أو بغير نار(مص)، والطبيب خادم الطبيعة يحذو حذو أفعالها وإذا دعت الحركة الطبيعية المادة إلى جهة من الجهات أو مالت هي بنفسها إلى تلك الجهة ، فمن الواجب أن تعان على إخراجها وتجفيف مقدارها وذلك بفتح مجاريها أو بشرط الجلد ثم وضع ما يعين على بروزها بالمحاجم. والحجامة تلزم حين الحاجة لا سيما في الأبدان العليلة مع مراعاة مقدار الشرط ( طوله وعمقه بحسب مقدار مادة الخلط وقواها) ويمرخ العضو قبل الشرط تمريخا قويا ويعلق عليه المحاجم مرة وأخرى بغير شرط لتنجذب المواد المراد إخراجها. إما المواضع المناسبة للحجامة فمنها النقرة التي فوق القفا بأربع أصابع وتنفع من الرمد وثقل الرأس والقمحدوة والاخدعين في جانبي العنق والذقن والكاهل بين الكتفين والمنكب مقابل الترقوة من الخلف والناغض خلف اليد. والمحاجم بغير النار فتمص مصا بالغا وتريح العضو لتسكين الوجع. والمحاجم بالنار فيوضع قطن داخل المحجمة أو في قدح مناسب ويوقد فيه نار ثم تلقمه العضو فإنه يجذبه ويمصه مصا قويا.

لـــون لدم
misuse,cupping(020809).jpg

عدم خروج الدم: قد يستدل به على سلامة العضو من العلل .
دم أحمر سائـل : قد يستدل به على سلامة ذلك الموضع من العلل .
دم اسود سائل : يستدل به على وجود أخلاط ضاره " دم فاسد " (1) في ذلك العضو .
دم اسود متخثر: يستدل به على وجود أخلاط كثيرة ضارة في ذلك العضو .
توقف خروج الدم أو خروج البلازما(2) المادة الصفراء يستفاد منه على نهاية الحجامة ويجب التوقف وعدم المبالغة في المص " الشفط ".
قد يواصل الدم بالخروج بسبب عمق التشريط ، فينبغي التوقف بعد استفراغ كمية الدم المناسبة من ذلك العضو والتي هي حوالي 200 مل.
(1) "البلازما plasma " طبقة رائقة يميل لونها إلى الصفرة وهي وتشكل (55%) من حجم الدم. وهي تحوي المواد السكرية والأحماض الأمينية والكالسيوم والمغنزيوم واليود والحديد على شكل مركبات مختلفة كما تحوي الهرمونات والخمائر التي تسيطر على نمو الجسم وأنشطته المختلفة.
(2) الدم الفاسد: يطلق هذا التعريف على الدم الحاوي على نسبة عظمى من الكريات الحمر الهرمة وأشباحها وأشكالها الشاذة ومن الشوائب الدموية الأخرى.

احتياطات وتنبيهات
precautions
(درهم وقاية خير من قنطار علاج)

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من تطبَّبَ ولم يعلم منه طبٌّ قبل ذلك فهو ضـامن ))
فقد أجمع أهل العلم على تضمين الطبيب الجاهل، وكذلك تضمين الطبيب المتعدي الذي يجاوز الحدود والضوابط المعتبرة عند أهل المعرفة والاختصاص.

جاء في كتاب ‏الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني في باب حكم التعالج:
‏‏(‏ فوائد تتعلق بالحجامة ‏)‏ منها ‏:‏ أنه يستحب لمن أراد الحجامة أن لا يقرب النساء قبل ذلك بيوم وليلة وبعده كذلك ‏,‏ ومثل الحجامة في ذلك الفصادة ‏.‏ ومنها ‏:‏ أنه إذا أراد الحجامة في الغد يستحب له أن يتعشى في ذلك اليوم عند العصر ‏,‏ وإذا كان به مرة بكسر الميم " يقصد مثل مرضى السكري" فليذق شيئا قبل حجامته خيفة أن يغلب على عقله ‏,‏ ولا ينبغي له دخول الحمام في يومه ذلك ‏.‏ ومنها ‏:‏ أنه ينبغي أن لا يأكل مالحا إثر الحجامة فإنه يخاف منه القروح والجرب ‏,‏ نعم يستحب له إثرها الحلو ليسكن ما به ثم يحسو شيئا من المرقة ويتناول شيئا من الحلو إن قدر ‏,‏ وينبغي له ترك اللبن بسائر أصنافه ولو رائبا ‏,‏ ويقلل شرب الماء في يومه ‏.‏ ومنها ‏:‏ اجتناب الحجامة في نقرة القفا لما قيل من أنها تورث النسيان ‏,‏ والنافعة في وسط الرأس لما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال ‏:‏ ‏{‏ إنها في هذا المحل نافعة من وجع الرأس والأضراس والنعاس والبرص والجذام والجنون ‏}‏ ولا تنبغي المداومة عليها لأنها تضر ‏.‏ ومنها ‏:‏ أنه يستحب ترك الحجامة في زمن شدة الحر في الصيف ‏,‏ ومثله شدة البرد في الشتاء ‏,‏ وأحسن زمانها الربيع ‏,‏ وخير أوقاتها من الشهر عند أخذه في النقصان قبل انتهاء آخره ‏. ا. هـ.

في البداية يجب التأكد من أن المكان الذي تجرى به الحجامة نظيف ومعقم وتوجد أدوات الإسعاف الأولية الضرورية لمواجهة أي طارىء قد ينشأ عند إجراء الحجامة .

ولا بد من توفير منشورات تثقيفية للناس توضح بأن الحجامة ولا بد من ان تنقل أمراضا عديدة مثل الإنتانات الجلدية (بكتيرية نظرية فيروسية) والتهابات الكبد الوبائية وحتى مرض نقص المناعة المكتسبة وقانا الله والمسلمين منه. ومن الأمراض التي تنتقل عن طريق الدم، التهاب الكبدالفيروسي (ب)، التهاب الكبد الفيروسي (ج) أو ما يسمى (سي) وأخطرها مرض الإيدز (نقص المناعة المكتسبة) وتنتقل هذه الأمراض من مريض سابق بهذه الأمراض تم إجراء عملية الحجامة له ثم تجري عملية الحجامة لشخص لاحق بدون تنظيف آلة الحجامة بصورة جيدة وتعقيمها.

وهنالك جراثيم أخرى متنوعة تحصل نتيجة تلوث ألة الحجامة من الجراثيم الموجودة في البيئة، وغالبا ما تكون غير ذات ضرر ما لم يحصل جرح في الجلد وأخطرها مرض الكزاز، ومن الاحتياطات الواجب توافرها فيمن يقوم بالحجامة، يجب التأكد من سلامة من يقوم بمهنة الحجامة من الأمراض المعدية مثل: التهاب الكبد الفيروسي (ب) وكذلك (ج) والإيدز حتى لا ينقلها إلى الشخص المقرر إجراء الحجامة له، إضافة إلى سلامة الحجام (من يقوم بمهنة الحجامة) من الأمراض الجلدية مثل: الهربس والالتهابات المزمنة. وكذلك الأدوات المستخدمة يجب أن تعقم بطريقة جيدة.

1. لا تحجم المريض وهو واقفاً أو على كرسي ليس له جوانب تمنع المريض من السقوط على الأرض ، لأنه قد يغمى عليه وقت الحجامة .
2. لا تحجم الجلد الذي يحتوي على دمامل وأمراض جلديه معدية أو التهاب جلدي شديد .
3. لا تحجم في مواضع لا يكون فيها عضلات مرنه .
4. لا تحجم المواضع التي تكثر فيها الأوردة والشرايين البارزة مثل ظهر اليدين والقدمين مع الأشخاص ضعيفي البنية .
5. لا تحجم المرأة الحامل في أسفل البطن وعلى الثديين ومنطقة الصدر خصوصا في الأشهر الثلاثة الأولى .
6. ينبغي أن تكون الحجامة دائما مزدوجة ، مثال : كلا اليدين وكلا القدمين وعلا جانبي العمود الفقري ومن الأمام والخلف في بعض الحالات .
7. تجنب الحجامة في الأيام الشديدة البرودة حيث تزيد لزوجة الدم وتقلِل ميوعته " يمكن تدفئة المكان قبل وبعد الحجامة " .
8. تجنب الحجامة للإنسان المصاب بالرشح أو البرد ودرجة حرارته عالية .
9. تجنب الحجامة على أربطة المفاصل الممزقة .
10. تجنب الحجامة على الركبة المصابة بالماء ولتكن الحجامة بجوارها وكذلك الدوالي .
11. تجنب الحجامة بعد الأكل مباشرة ولكن على الأقل بعد ساعتين .
12. تجنب الحجامة بأكثر من كأس في وقت واحد لمن يعاني من الأنيميا " فقر الدم "أو يعاني من انخفاض في ضغط الدم وعدم حجامته على الفقرات القطنية لأنها تتسبب في انخفاض ضغط الدم بسرعة ، وينصح بأن يشرب المصاب شيء من السكريات أو طعام يزوده بسعرات حرارية قبل الحجامة .
13. تجنب الحجامة لمن بدأ في الغسيل الكلوي .
14. تجنب الحجامة لمن تبرع بالدم إلا بعد يومين أو ثلاثة .
15. تجنب الحجامة لكبار السن والأطفال دون سن البلوغ إلا أن يكون الشفط قليلا.
16. في حالة الإغماء وقت الحجامة أو على إثرهـا هبوط ضغط الدم أو السكري ، يستلقي المصاب على ظهره وترفع قدماه للأعلى بوسادة أو غيرها، ويسقى شيء من السكريات أو العصيرات الطازجه.
17. يُفضَّل عدم القيام بالاستحمام قبل الحجامة: الاستحمام التدليكي المجهد للجسم، لأنه يؤدي إلى تنشيط بسيط للدورة الدموية وهذا ما لا يخفى أثره في تحريك بعض الراكد من الشوائب في منطقة الكاهل الواجب امتصاصها بالحجامة. أما الاستحمام لغسل العرق دون مجهود فلا مانع.

بعد الحجامة ينصح بما يلي :
1. ينبغي أن يمتنع من يريد أن يحتجم عن الجماع قبل الحجامة مدة 12 ساعة وبعد الحجامة لمدة 24 ساعة " وذلك من أجل المحافظة على قوته ونشاطة . وقد تحدث عن هذه النقطة الكثير من العلماء واهل الإختصاص يقول ابن حجر في الفتح " حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ " احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَائِمٌ "الشرح:
ذكر حديث ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم " وهو يقتضي كون ذلك وقع منه نهارا، وعند الأطباء أن أنفع الحجامة ما يقع في الساعة الثانية أو الثالثة، وأن لا يقع عقب استفراغ عن جماع أو حمام أو غيرهما ولا عقب شبع ولا جوع.
2. ينبغي أن يرتاح المريض ولا يجهد نفسه ولا يغضب بعد الحجامة حتى لا يحصل هيجان وارتفاع في ضغط الدم ، وعدم أخذ الراحة الكافية قد يكون أيضا سبباً في عودة الألم مرة ثانية بسبب عدم توازن الطاقة .
3. يمتنع عن شرب السوائل شديدة البرودة لمدة 24 ساعة .
4. ينبغي أن يغطي المحتجم موضع الحجامة ولا يعرضه للهواء البارد كما هو الحال في جميع الجروح وحتى لا تتعرض للجراثيم والالتهابات.
5. ينبغي أن لا يأكل المحتجم طعاما مالحا أو فيه بهارات " حوار " بعد الحجامة مباشرة ، بل ينتظر لمدة ثلاث ساعات أو نحوها .
6. بعض الناس يشعر بارتفاع في درجة حرارة في الجسم وذلك ثاني يوم من الحجامة ، هذا أمر طبيعي ويزول بسرعة .
7. بعض الناس يشعر بغثيان أو يحصل له إسهال عندما يحتجم في ظهره ، هذا أيضا أمر طبيعي .
8- يذكر الإطباء السوريون أنه بإمكان المحجوم أن يتناول من الطعام النوع السهل الهضم كالخضار والفواكه والسكاكر.. وعادةً يُقدَّم للمحجومين طبقٌ من سلطة الخضار الممزوجة مع قطع من الخبز المحمَّر والمتبَّلة بالزيت والخل وهو ما يعرف بإسم (الفتُّوش) عند أهل الشام مصحوباً بطبق من الزيتون. ومن المهم: يحظر تناول الحليب ومشتقاته كالجبن واللبن والقشدة والأكلات المطبوخة مع أحد هذه الأنواع طيلة يوم الحجامة، أي: طوال نهاره وليله فقط ، وذلك لأن الحليب ومشتقاته على الغالب تؤدي للغثيان وتثير الإقياء وتعمل على اضطراب في الضغط بما يؤدي للضرر، وعموماً نحن بغنى عن آثارها السلبية في الجسم بعد تحقق الشفاء بالحجامة

**************************
*************
*********
 
الحجامة عند ابن سيناء

الحجامة تنقيتها لنواحي الجلد أكثر من تنقية الفصد واستخراجها للدم الرقيق أكثر من استخراجها للدم الغليظ ومنفعتها في الأبدانالعبال الغليظة الدم قليلة لأنها لا تبرز دماءها ولا تخرجها كما ينبغي بل الرقيقجداً منها بتكلف وتحدث في العضو المحجوم ضعفاً‏.‏
ويؤمر باستعمال الحجامة لا في أوّل الشهر لأن الأخلاط لا تكون قدتحركت أو هاجت ولا في أخره لأنها تكون قد نقصت بل في وسط الشهر حين تكون الأخلاطهائجة تابعة في تزيدها لزيد النور في جرم القمر ويزيد الدماغ في الأقحاف والمياه فيالأنهار ذوات المدّ والجزر‏.‏
واعلم أن أفضل أوقاتها في النهار هي الساعة الثانية والثالثة ويجبأن تتوقى الحجامة بعد الحمام إلا فيمن دمه غليظ فيجب أن يستحم ثم يبقى ساعة ثميحجم‏.‏
وأكثر الناس يكرهون الحجامة والحجامة على النقرة خليفة الأكحل وتنفعمن ثقل الحاجبين وتخفف الجفن وتنفع من جرب العين والبخر في الفم والتحجر فيالعين‏.‏
وعلى الكاهل خليفة الباسليق وتنفع من وجع المنكب والحلق‏.‏
وعلى أحد الأخذعين خليفة القيفال وتنفع من ارتعاش الرأس وتنفعالأعضاء التي في الرأس مثل الوجه والأسنان والضرس والأذنين والعينين والحلق والأنفلكن الحجامة على النقرة تورث النسيان حقاً كما قيل فإن مؤخر الدماغ موضع الحفظوتضعفه الحجامة وعلى الكاهل تضعف فم المعدة‏.‏
والأخدعية ربما أحدثت رعشة الرأس فليسفل النقرية قليلاً وليصعدالكاهلي قليلاً إلا أن يتوخى بها معالجة نزف الدم والسعال فيجب أن تنزل ولاتصعد‏.‏
وهذه الحجامة التي تكون على الكاهل وبين الفخذين نافعة من أمراضالصدر الدموية والربو الدموي لكنها تضعف المعدة وتحدث الخفقان‏.‏
والحجامة على الساق وقارب الفصد وتنقي الدم وتدر الطمث‏.‏
ومن كانت من النساء بيضاء متخلخلة رقيقة الدم فحجامة الساقين أوفقلها من فصد الصافن والحجامة على القمحدوة وعلى الهامة تنفع فيما ادعاه بعضهم مناختلاط العقل والدوار وتبطىء فيما قالوا بالشيب وفيه نظر فإنه قد تفعل ذلك في أبداندون أبدان‏.‏
وفي أكثر الأبدان يسرع بالشيب وينفع من أمراض العين وذلك أكثرمنفعتها فإنها تنفع من جربها وبثورها لكنها تضر بالدهن وتورث بلهاً ونسياناً ورداءةفكر وأمراضاً مزمنة وتضرّ بأصحاب الماء في العين اللهم إلا أن تصادف الوقت والحالالتي يجب فيها استعمالها فربما لم تضر‏.‏
والحجامة تحت الذقن تنفع الأسنان والوجه والحلقوم وتنقي الرأسوالفكين‏.‏
والحجامة على القطن نافعة من دماميل الفخذ وجربه وبثوره من النقرسوالبواسير وداء الفيل ورياح المثانة والرحم ومن حكّة الظهر‏.‏
وإذا كانت هذه الحجامة بالنار بشرط أو غير شرط نفعت من ذلك أيضاًوالتي بشرط أقوى في غير الريح والتي بغير شرط أقوى في تحليل الريح الباردةواستئصالها ههنا وفي كل موضع‏.‏
والحجامة على الفخذين من قدام تنفع من ورم الخصيتين وخراجات الفخذينوالساقين والتي على الفخذين من خلف تنفع من الأورام والخراجات الحادثة فيالأليتين‏.‏
وعلى أسفل الركبة تنفع من ضربان الركبة الكائن من أخلاط حادة ومنالخراجات الرديئة والقروح العتيقة في الساق والرجل‏.‏
والتي على الكعبين تنفع من احتباس الطمث ومن عرق النسا والنقرس‏.‏
وأما الحجامة بلا شرط فقد تستعمل في جذب المادة عن جهة حركتها مثلوضعها على الثدي لحبس نزف دم الحيض وقد يراد بها إبراز الورم الغائر ليصل إليهالعلاج وقد يراد بها نقل الورم إلى عضو أخس في الجوار وقد يراد بها تسخين العضووجذب الدم إليه وتحليل رياحه وقد يراد بها رده إلى موضعه الطبيعي المنزول عنه كمافي القيلة وقد تستعمل لتسكين الوجع كما توضع على السرة بسبب القولنج المبرح ورياحالبطن وأوجاع الرحم التي تعرض عند حركة الحيض خصوصاً للفتيات‏.‏
وعلى الورك لعرق النسا وخوف الخلع‏.‏
وما بين الركبتين نافعة للوركين والفخذين والبواسير ولصاحب القيلةوالنقرس‏.‏
ووضع المحاجم على المقعدة يجذب من جميع البدن ومن الرأس وينفعالأمعاء ويشفي من فساد الحيض ويخف معها البدن ونقول‏:‏ إن للحجامة بالشرط فوائدثلاث‏:‏ أولاها‏:‏ الاستفراغ من نفس العضو ثانيتها‏:‏ استبقاء جوهر الروح من غيراستفراغ تابع لاستفراغ ما يستفرغ من الاخلاط وثالثتها‏:‏ تركها التعرّض للاستفراغمن الأعضاء الرئيسة‏.‏
ويجب أن يعمق المشرط ليجذب من الغور وربما ورم موضع التصاق المحجمةفعسر نزعها فليؤخذ خرق أو اسفنجة مبلولة بماء فاتر إلى الحرارة وليكمّد بها حواليهاأولاً‏.‏
وهذا يعرض كثيراً إذا استعملنا المحاجم على نواحي الثدي ليمنع نزفالحيض أو الرعاف ولذلك لا يجب أن يضعها على الثدي نفسه وإذا دهن موضع الحجامةفليبادر إلى إعلاقها ولا تدافع بل تستعجل في الشرط وتكون الوضعة الأولى خفيفة سريعةالقلع ثم يتدرج إلى إبطاء القلع والإمهال‏.‏
وغذاء المحتجم يجب أن يكون بعد ساعة والصبي يحتجم في السنة الثانيةوبعد ستين سنة لا يحتجم البتة وفي الحجامة على الأعالي أمن من انصباب المواد إلىأسفل والمحتجم الصفراوي يتناول بعد الحجامة حب الرمان وماء الرمان وماء الهندبابالسكر والخس بالخل‏.
**************************
*************
*********
بعض أحاديث الحجـامة
روى البخاري في صحيحه عن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ الشِّفَاءُ فِي ثَلاثَةٍ شَرْبَةِ عَسَلٍ وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ وَكَيَّةِ نَارٍ وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الْكَيِّ ، وفي رواية عَنْ أَنَسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَجْرِ الْحَجَّامِ فَقَالَ احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ وَأَعْطَاهُ صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ فَخَفَّفُوا عَنْهُ وَقَالَ إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ وَالْقُسْطُ الْبَحْرِيُّ. وفي رواية عن عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِاللَّهِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ أَوْ يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ تُوَافِقُ الدَّاءَ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ . وعند أحمد عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَحْتَجِمُ بِقَرْنٍ وَيُشْرَطُ بِطَرْفِ سِكِّينٍ فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ شَمْخَ فَقَالَ لَهُ لِمَ تُمَكِّنُ ظَهْرَكَ أَوْ عُنُقَكَ مِنْ هَذَا يَفْعَلُ بِهَا مَا أَرَى فَقَالَ هَذَا الْحَجْمُ وَهُوَ مِنْ خَيْرِ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ ُ. وفي مسند أحمد عَنْ أَيُّوبَ بْنِ حَسَنِ ابْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ جَدَّتِهِ سَلْمَى خَادِمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ مَا سَمِعْتُ أَحَدًا قَطُّ يَشْكُو إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعًا فِي رَأْسِهِ إِلا قَالَ احْتَجِمْ وَلا وَجَعًا فِي رِجْلَيْهِ إِلا قَالَ اخْضِبْهُمَا بِالْحِنَّاءِ . وأخرج أحمد و والحاكم وصححه وابن مردويه، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما مررت بملأ من الملائكة ليلة أسري بي، إلا قالوا عليك بالحجامة" وفي لفظ مر أمتك بالحجامة.


مواضع الحجامة التي ورد أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم احتجمها
روى البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي رَأْسِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ بِمَاءٍ يُقَالُ لَهُ لُحْيُ جَمَلٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي رَأْسِهِ مِنْ شَقِيقَةٍ كَانَتْ بِهِ. وعن أبي هريرة أن أبا هند حجم النبي صلى الله عليه وسلم في اليافوخ من وجع كان به ، وفي رواية أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم احتجم فوق رأسه وهو يومئذ محرم ، وفي رواية احتجم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو محرم بلَحي جمل في وسط رأسه ، " أي ما فوق اليافوخ فيما بين أعلى القرنين " .
اليافوخ : عظم مقدم الرأس

وعند أبي داود وابن ماجة عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ ثَلاثـا فِي الأَخْدَعَيْـنِ وَالْكَاهــِلِ ( الاخدع عرق جانب الرقبة والكاهل بين الكتفين ، والأَخْدَعانِ: عِرْقان خَفِيّانِ في موضع الحِجامة من العُنق، وربما وقعت الشَّرْطة على أَحدهما فيَنْزِفُ صاحبه لأَن الأَخْدَع شُعْبَةٌ مِنَ الوَرِيد ). وعند أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الأَخْدَعَيْنِ وَبَيْنَ الْكَتِفَيْن. وعند ابن ماجة في سننه عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ عَلَى جِذْعٍ فَانْفَكَّتْ قَدَمُهُ قَالَ وَكِيعٌ يَعْنِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ عَلَيْهَا مِنْ وَثيءٍ . وعند أبي داودِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ عَلَى وِرْكِهِ مِنْ وَثْيءٍ كَانَ بِهِ. وفي سنن النسائي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ مِنْ وَثْيءٍ كَانَ بِهِ ( وجع يصيب العضو من غير كسر ). وفي رواية عند أحمد عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ مِنْ وَثْيٍ كَانَ بِوَرِكِهِ أَوْ ظَهْرِهِ. وكان جابر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم على كاهله من أجل الشاة التي أكلها حجمه أبو هند مولى بني بياضة بالقرن .

أوقات الحجامة بالنسبة لأيام الأسبوع وأيام الشهر

عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ أَرَادَ الْحِجَامَةَ فَلْيَتَحَرَّ سَبْعَةَ عَشَرَ أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ أَوْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَلا يَتَبَيَّغْ بِأَحَدِكُمُ الدَّمُ فَيَقْتُلَهُ. رواه ابن ماجة في سننه ، وفي رواية عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ يَا نَافِعُ قَدْ تَبَيَّغَ بِيَ الدَّمُ فَالْتَمِسْ لِي حَجَّامًا وَاجْعَلْهُ رَفِيقًا إِنِ اسْتَطَعْتَ وَلا تَجْعَلْهُ شَيْخًا كَبِيرًا وَلا صَبِيًّا صَغِيرًا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ الْحِجَامَةُ عَلَى الرِّيقِ أَمْثَلُ وَفِيهِ شِفَاءٌ وَبَرَكَةٌ وَتَزِيدُ فِي الْعَقْلِ وَفِي الْحِفْظِ فَاحْتَجِمُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَاجْتَنِبُوا الْحِجَامَةَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ وَالْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ وَيَوْمَ الأَحَدِ تَحَرِّيًا وَاحْتَجِمُوا يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَالثُّلاثَاءِ فَإِنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي عَافَى اللَّهُ فِيهِ أَيُّوبَ مِنَ الْبَلاءِ وَضَرَبَهُ بِالْبَلاءِ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ فَإِنَّهُ لا يَبْدُو جُذَامٌ وَلا بَرَصٌ إِلا يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ أَوْ لَيْلَةَ الأَرْبِعَاءِ. رواه ابن ماجة


والمقصود بهيجان الدم هو التبيغ يقول صلى الله عليه وسلم <لا يَتَبَيَّغْ بأحَدكُم الدَّمُ فيقتُلَه> أي غَلَبة الدَّم على الإنسان، يقال تبَيَّغ به الدَّم إذا تَردّد فيه. تَبَيَّغَ به الدمُ: هاجَ به، وذلك حين تَظْهَرُ حُمْرَتُه في البَدَن ومنه تبيَّغَ الماء إذا تردّد وتحيَّر في مَجْراه.أي لا يَبْغي عليه الدم فيقتله، من البَغْي: مجاوزةِ الحدّ.ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <ابْغِني خادِماً لا يكون قَحْماً فانِياً، ولا صَغيرا ضَرَعاً، فقد تَبَيَّغ بي الدَّمُ>. ومن ذلك الشعور بالصداع والامتلاء في الرأس والدوار والانفعال ، وقد تحدث اضطرابات بصرية.


المختصر المفيد في أوقات وأماكن الحجامة :
أوقات الحجامة: ذكرنا أعلاه بعض الأحاديث الواردة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم تفيد في تعين أيام وأوقات وأماكن الحجامة والحقيقة أن أحاديث الحجامة كثيرة جدا فمنها الصحيح والضعيف والموضوع ، وان افضل أيام الشهر 17-19-21 من كلّ شهر هجري. أما افضل أوقات ألسنه لإجرائها فهو فصل الربيع ، أما النهي الوارد في الأحاديث عن الحجامة في بعض أيام الأسبوع إن صح الحديث فيكون كما قال موفق الدين البغدادي في الطب النبوي : هذا النهي كله إذا احتجم حال الصحة أما وقت المرض وعند الضرورة فعندها سواء كان سبع عشرة أو عشرين ، وكان أحمد بن حنبل يحتجم في أي وقت هاج عليه الدم وأي ساعة كان أ.هـ. ويقول ابن القيم في الطب النبوي وفي ضمن هذه الأحاديث المتقدمة استحباب التداوي ، واستحباب الحجامة ، وأنها تكون في الموضع الذي يقتضيه الحال ، وجواز احتجام المحرم ، وإن آل إلى قطع شئ من الشعر ... وجواز احتجام الصائم ، فإن في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احتجم وهو صائم " . ولكن هل يفطر بذلك ، أم لا ؟ الصواب : الفطر بالحجامة ، لصحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير معارض ، وأصح ما يعارض به حديث حجامته وهو صائم أ.هـ. ولكن يقول العلماء الأحوط أن يؤخر الحجامة الى الليل بعد الإفطار خروجا من الخلاف .
أماكن الحجامة: أما أماكن الحجامة فهي أماكن ليس بالتوقيفية لأنها من الطب وليست من الأمور التعبدية ، يقول ابن القيم في الطب النبوي وفي ضمن هذه الأحاديث المتقدمة استحباب التداوي ، واستحباب الحجامة ، وأنها تكون في الموضع الذي يقتضيه الحالأ.هـ. ومن خلال إطلاعي على الكثير من الكتب ومواقع الإنترنت الأجنبية وجدت أنه لا يوجد أماكن مقيدة بالحجامة ولكنها أماكن اجتهادية يعلمها الناس بالخبرة ، وهي كما ذكر الأستاذ أحمد حفني / القاهرة / حارة الزيتون: في محاضرة له منشورة على أوراق وأشرطة بأن الحجامة تعمل على خطوط الطاقة ، وهي التي تستخدم في الإبر الصينية، ويقول وجد أن الحجامة تأتي بنتائج أفضل عشرة أضعاف من الإبر الصينية، وتعمل الحجامة على مواضع الأعصاب الخاصة بردود الأفعال، وتعمل الحجامة على الغدد الليمفاوية، وتقوم بتنشيطها ، وتعمل أيضًا على الأوعية الدموية وعلى الأعصاب. وله كلام طويل جميل استفدنا منه ولخصنا بعضه في هذه الصفحات جزاه الله عنا وعن المسلمين كل خير ، ولقد أوضحت الأماكن الأكثر شهرة في الحجامة في صفحات مستقلة على شكل صور توضيحية .


ماذا تفعل بالدم بعد الحجامة:
ينبغي أن يوارى الدم بدفنه بالتراب بعد الحجامة حفاظا عليه من تلاعب السحرة به وحتى لا يكون سببا في انتشار الجراثيم والأمراض المعدية ، ولما ورد في بعض الأحاديث وان كانت ضعيفة ولكن يستأنس بها فعن أم سعد قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بدفن الدم إذا احتجم ، وعن عامر بن عبدالله بن الزبير يقول إن أباه حدثه أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم، فلما فرغ قال: ( يا عبدالله اذهب بهذا الدم فأهرقه حيث لا يراك أحد)، فلما برز عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمد إلى الدم فشربه، فلما رجع قال: يا عبدالله ما صنعت به؟. قال: جعلته في أخفى مكان ظننت أنه خافيا عن الناس. قال: لعلك شربته؟ ، قال نعم. قال: لم شربت الدم، وويل للناس منك وويل لك من الناس . وعن رواية عن عبد الله بن الزبير قال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاني دمه، قال: اذهب فواره لا يبحث عنه سبع أو كلب أو إنسان، فتنحيت فشربته ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما صنعت؟ قلت: صنعت الذي أمرتني، قال: ما أراك إلا قد شربته! قلت: نعم، قال: ماذا تلقى أمتي منك! قال أبو سلمة فيرون أن القوة التي كانت في ابن الزبير من قوة دم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي حديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يأمر بدفن سبعة أشياء من الإنسان:الشعر، والظفر، والدم، والحيضة، والسن، والعلقة، والمشيمة.

تكرار الحجامــة :
يقول الإمام علي الرضا كما هو مكتوب في " الرسالة الذهبية للدكتور محمد علي البار " لتكن الحجامة بقدر ما يمضي من السنين فابن عشرين سنة يحتجم في كل عشرين يوماً ، وابن ثلاثين في كل ثلاثين يوماً مرة واحدة ، وكذلك من بلغ من العمر أربعين سنة يحتجم كل أربعين يوماً مرة وما زاد فبحسب ذلك .أ.هـ. ، ولعل الصواب والله أعلم أنه يمكن تكرار الحجامة كل أسبوع عند الحاجة إليها كما ذكر الدكتور علي رمضان . لأن بعض الأمراض تزول من أول حجامة وأخرى تزول بعد عدة مرات .

أخذ الأجرة على الحجامة:
سُئِلَ أنَسٌ عَنْ كَسْبِ الْحَجّامِ؟ فَقَالَ أَنَسٌ: احْتَجَمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. وَحَجَمَه أبُو طَيْبَةَ. فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَكَلّمَ أهْلَهُ فَوَضَعُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ، وَقَالَ "إنّ أَفْضَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِه الْحِجَامَةُ" أوْ "إنّ مِنْ أمْثَلِ دَوَائِكُمُ الْحِجَامَةَ".
قال أبو عيسى حديثُ أنَسٍ حَدِيثٌ حسنٌ صحيحٌ. وَقَدْ رَخّصَ بَعْضُ أهل الْعِلمِ مِنْ أصْحَابِ النبيّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ. في كَسبِ الْحَجّامِ. وَهُوَ قَوْلُ الشّافِعيّ.

يقول ابن قيم الجوزية في زاد المعاد في هدي خير العباد: وأما إعطاءُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم الحجام أجره، فلا يُعارض قوله ((كسب الحجام خبيث)) فإنه لم يقل: إن إعطاءه خبيث، بل إعطاؤه إما واجب، وإما مستحب، وإما جائز ولكن هو خبيثٌ بالنسبة إلى الآخذ، وخبثُه بالنسبة إلى أكله، فهو خبيثُ الكسب، ولم يلزم مِن ذلك تحريمُه ، فقد سمى النبىُّ صلى الله عليه وسلم الثوم والبصل خبيثين مع إباحة أكلهما.


أهممراجع هذا المبحث :
الطب النبوي / ابن القيم .
الطب النبوي / البغدادي .
فتح الباري شرح صحيح البخاري .
رسالة في الطب النبوي / د. محمد علي البار.
الحجامة / شهاب الدين الشافعي .
الحجامة / محمد عبد الرحيم .
الحجامة / مبحث مكون من 13 صفحة مع 2 شريط كاسيت / أحمد حفني
تذكرة داود / داود الأنطاكي .
كتاب الدواء العجيب / محمد امين شيخو.
مواقع أجنبية كثيرة من الإنترنت .
إضافة الى بعض التجارب الشخصية

**************************
*************
*********



الطــــب النبــوي
من كتـاب زاد المعـاد فصل في هديه في العلاج بشرب العسل ، والحجامة ، والكي

في صحيح البخاري : عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " الشفاء في ثلاث : شربة عسل ، وشرطة محجم ، وكية نار ، وأنا أنهى أمتي عن الكي " .

قال أبو عبد الله المازري : الأمراض الإمتلائية : إما أن تكون دموية ، أو صفراوية ، أو بلغمية ، أو سوداوية . فإن كانت دموية ، فشفاؤها إخراج الدم ، وإن كانت من الأقسام الثلاثة الباقية ، فشفاؤها بالإسهال الذي يليق بكل خلط منها ، وكأنه صلى الله عليه وسلم بالعسل على المسهلات ، وبالحجامة على الفصد ، وقد قال بعض الناس : إن الفصد يدخل في قوله : شرطة محجم . فإذا أعيا الدواء ، فآخر الطب الكي ، فذكره صلى الله عليه وسلم في الأدوية ، لأنه يستعمل عند غلبة الطباع لقوى الأدوية ، وحيث لا ينفع الدواء المشروب . وقوله : وأنا أنهى أمتي عن الكي ، وفي الحديث الآخر : وما أحب أن أكتوي ، إشارة إلى أن يؤخر العلاج به حتى تدفع الضرورة إليه ، ولا يعجل التداوي به لما فيه من استعجال الألم الشديد في دفع ألم قد يكون أضعف من ألم الكي ، انتهى كلامه .

وقال بعض الأطباء : الأمراض المزاجية : إما أن تكون بمادة ، أو بغير مادة ، والمادية منها : إما حارة ، أو باردة ، أو رطبة ، أو يابسة ، أو ما تركب منها ، وهذه الكيفيات الأربع ، منها كيفيتان فاعلتان : وهما الحرارة والبرودة ، وكيفيتان منفعلتان ، وهما الرطوبة واليبوسة ، ويلزم من غلبة إحدى الكيفيتين الفاعلتين استصحاب كيفية منفعلة معها ، وكذلك كان لكل واحد من الأخلاط الموجودة في البدن ، وسائر المركبات كيفيتان : فاعلة ومنفعلة.

فحصل من ذلك أن أصل الأمراض المزاجية هي التابعة لأقوى كيفيات الأخلاط التي هي الحرارة والبرودة ، فجاء كلام النبوة في أصل معالجة الأمراض التي هي الحارة والباردة على طريق التمثيل ، فإن كان المرض حاراً ، عالجناه بإخراج الدم ، بالفصد كان أو بالحجامة ، لأن في ذلكاستفراغاً للمادة ، وتبريداً للمزاج . وإن كان بارداً عالجناه بالتسخين ، وذلك موجود في العسل ، فإن كان يحتاج مع ذلك إلى استفراغ المادة الباردة ، فالعسل أيضاً يفعل في ذلك لما فيه من الإنضاج ، والتقطيع ، والتلطيف، والجلاء، والتليين ، فيحصل بذلك استفراغ تلك المادة برفق وأمن من نكاية المسهلات القوية .

وأما الكي : فلأن كل واحد من الأمراض المادية ، إما أن يكون حاداً فيكون سريع الإفضاء لأحد الطرفين ، فلا يحتاج إليه فيه ، وإما أن يكون مزمناً ، وأفضل علاجه بعد الإستفراغ الكي في الأعضاء التي يجوز فيها الكي ، لأنه لا يكون مزمناً إلا عن مادة باردة غليظة قد رسختفي العضو ، وأفسدت مزاجه ، وأحالت جميع ما يصل إليه إلى مشابهة جوهرها ، فيشتعل في ذلك العضو، فيستخرج بالكي تلك المادة من ذلك المكان الذي هو فيه بإفناء الجزء الناري الموجود بالكي لتلك المادة .

فتعلمنا بهذا الحديث الشريف أخذ معالجة الأمراض المادية جميعها ، كما استنبطنا معالجة الأمراض الساذجة من قوله صلى الله عليه وسلم : " إن شدة الحمى من فيح جهنم ، فأبردوها بالماء " .

***
فصل : وأما الحجامة ، ففي سنن ابن ماجه من حديث جبارة بن المغلس ، - وهو ضعيف - عن كثير بن سليم ، قال : سمعت أنس بن مالك يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما مررت ليلة أسري بي بملإ إلا قالوا : يا محمد ! مر أمتك بالحجامة " .
وروى الترمذي في جامعه من حديث ابن عباس هذا الحديث : وقال فيه : "عليك بالحجامة يا محمد " .
وفي الصحيحين : من حديث طاووس ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم : " احتجم وأعطى الحجام أجره " .
وفي الصحيحين أيضاً ، عن حميد الطويل ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حجمه أبو طيبة ، فأمر له بصاعين من طعام ، وكلم مواليه ، فخففوا عنه من ضريبته ، وقال : " خير ما تداويتم به الحجامة " .

وفي جامع الترمذي عن عباد بن منصور ، قال : سمعت عكرمة يقول : كان لابن عباس غلمة ثلاثة حجامون ، فكان اثنان يغلان عليه ، وعلى أهله ، وواحد لحجمه ، وحجم أهله . قال : وقال ابن عباس : قال نبي الله صلى الله عليه وسلم : " نعم العبد الحجام يذهب بالدم ، ويخف الصلب ، ويجلو البصر " ، وقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث عرج به ، ما مر على ملإ من الملائكه إلا قالوا : " عليك بالحجامة " ، وقال : " إن خير ما تحتجمون فيه يوم سبع عشرة ، ويوم تسع عشرة ، ويوم إحدى وعشرين " ، وقال : " إن خير ما تداويتم به السعوط واللدودوالحجامة والمشي " ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لد فقال: " من لدني ؟ فكلهم أمسكوا ، فقال : لا يبقى أحد في البيت إلا لد إلا العباس " . قال : هذا حديث غريب ، ورواه ابن ماجه .

***
فصل : وأما منافع الحجامة : فإنها تنقي سطح البدن أكثر من الفصد ، والفصد لأعماق البدن أفضل ، والحجامة تستخرج الدم من نواحي الجلد .
قلت : والتحقيق في أمرها وأمر الفصد ، أنهما يختلفان باختلاف الزمان ، والمكان ، والأسنان ، والأمزجة ، فالبلاد الحارة ، والأزمنة الحارة ، والأمزجة الحارة التي دم أصحابها في غاية النضج الحجامة فيها أنفع من الفصد بكثير ، فإن الدم ينضج ويرق ويخرج إلى سطح الجسد الداخل ، فتخرج الحجامة ما لا يخرجه الفصد ، ولذلك كانت أنفع للصبيان من الفصد ، ولمن لا يقوى على الفصد ، وقد نص الأطباء على أن البلاد الحارة الحجامة فيها أنفع وأفضل من الفصد ، وتستحب في وسط الشهر ، وبعد وسطه . وبالجملة ، في الربع الثالث من أرباع الشهر ، لأن الدم في أول الشهر لم يكن بعد قد هاج وتبيغ ، وفي آخره يكون قد سكن . وأما في وسطه وبعيده ، فيكون في نهاية التزيد .

قال صاحب القانون : ويؤمر باستعمال الحجامة لا في أول الشهر ، لأن الأخلاط لا تكون قد تحركت وهاجت ، ولا في آخره لأنها تكون قد نقصت ، بل في وسط الشهر حين تكون الأخلاط هائجة بالغة في تزايدها لتزيد النور في جرم القمر . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنهقال : " خير ما تداويتم به الحجامة والفصد " . وفي حديث : " خير الدواء الحجامة والفصد " . انتهى .

وقوله صلى الله عليه وسلم : " خير ما تداويتم به الحجامة " إشارة إلى أهل الحجاز ، والبلاد الحارة ، لأن دماءهم رقيقة ، وهي أميل الى ظاهر أبدانهم لجذب الحرارة الخارجة لها إلى سطح الجسد ، واجتماعها في نواحي الجلد ، ولأن مسام أبدانهم واسعة ، وقواهم متخلخلة ، ففيالفصد لهم خطر ، والحجامة تفرق اتصالي إرادي يتبعه استفراغ كلي من العروق ، وخاصة العروق التي لا تفصد كثيراً ، ولفصد كل واحد منها نفع خاص ، ففصد الباسليق : ينفع من حرارة الكبد والطحال والأورام الكائنة فيهما من الدم ، وينفع من أورام الرئة ، وينفع من الشوصة وذات الجنب وجميع الأمراض الدموية العارضة من أسفل الركبة إلى الورك .

وفصد الأكحل : ينفع من الإمتلاء العارض في جميع البدن إذا كان دموياً ، وكذلك إذا كان الدم قد فسد في جميع البدن .
وفصد القيفال : ينفع من العلل العارضة في الرأس والرقبة من كثرة الدم أو فساده .
وفصد الودجين : ينفع من وجع الطحال ، والربو ، والبهر ، ووجع الجبين .

والحجامة على الكاهل : تنفع من وجع المنكب والحلق .
والحجامة على الأخدعين ، تنفع من أمراض الرأس ، وأجزائه ، كالوجه ، والأسنان ، والأذنين ، والعينين ، والأنف ، والحلق إذا كان حدوث ذلك عن كثرة الدم أو فساده ، أو عنهما جميعاً . قال أنس رضي الله تعالى عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتجم في الأخدعين والكاهل .

وفي الصحيحين عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتجم ثلاثاً : واحدة على كاهله ، واثنتين على الأخدعين .
وفي الصحيح : عنه ، أنه احتجم وهو محرم في رأسه لصداع كان به .
وفي سنن ابن ماجه عن علي ، نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم بحجامة الأخدعين والكاهل .
وفي سنن أبي داود من حديث جابر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم : " احتجم في وركه من وثء كان به " .

***
فصل واختلف الأطباء فى الحجامة على نقرة القفا ، وهى القمحدوة .
وذكر أبو نعيم في كتاب الطب النبوي حديثاً مرفوعاً " عليكم بالحجامة في جوزة القمحدوة ، فإنها تشفي من خمسة أدواء " ، ذكر منها الجذام .
وفي حديث آخر : " عليكم بالحجامة في جوزة القمحدوة ، فإنها شفاء من اثنين وسبعين
headl.gif
داء " .

فطائفة منهم استحسنته وقالت : إنها تنفع من جحظ العين ، والنتوء العارض فيها ، وكثير من أمراضها ، ومن ثقل الحاجبين والجفن ، وتنفع من جربه . وروي أن أحمد بن حنبل احتاج إليها ، فاحتجم في جانبي قفاه ، ولم يحتجم في النقرة ، وممن كرهها صاحب القانون وقال : إنها تورث النسيان حقاً ، كما قال سيدنا ومولانا وصاحب شريعتنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ، فإن مؤخر الدماغ موضع الحفط ، والحجامة تذهبه ، انتهى كلامه .

ورد عليه آخرون ، وقالوا : الحديث لا يثبت ، وإن ثبث فالحجامة ، إنما تضعف مؤخر الدماغ إذا استعملت لغير ضرورة ، فأما إذا استعملت لغلبة الدم عليه ، فإنها نافعة له طباً وشرعاً ، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه احتجم في عدة أماكن من قفاه بحسب ما اقتضاه الحال في ذلك ، واحتجم في غير القفا بحسب ما دعت إليه حاجته .


***
فصل : والحجامة تحت الذقن تنفع من وجع الأسنان والوجه والحلقوم ، إذا استعملت في وقتها ، وتنقي الرأس والفكين ، والحجامة على ظهر القدم تنوب عن فصد الصافن ، وهو عرق عظيم عند الكعب ، وتنفع من قروح الفخذين والساقين ، وانقطاع الطمث ، والحكة العارضة في الإنثيين ، والحجامة في أسفل الصدر نافعة من دماميل الفخذ ، وجربه وبثوره ، ومن النقرس والبواسير ، والفيل وحكة الظهر .

***
فصل: في هديه في أوقات الحجامة
روى الترمذي في جامعه : من حديث ابن عباس يرفعه : " إن خير ما تحتجمون في يوم سابع عشرة ، أو تاسع عشرة ، ويوم إحدى وعشرين " .
وفيه "عن أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتجم في الأخدعين والكاهل ، وكان يحتجم لسبعة عشر ، وتسعة عشر ، وفي إحدى وعشرين " .
وفي سنن ابن ماجه عن أنس مرفوعاً : " من أراد الحجامة فليتحر سبعة عشر ، أو تسعة عشر ، أو إحدى وعشرين ، لا يتبيغ بأحدكم الدم فيقتله " .
وفي سنن أبي داود من حديث أبي هريرة مرفوعاً : " من احتجم لسبع عشرة ، أو تسع عشرة ، أو إحدى وعشرين ، كانت شفاء من كل داء " ، وهذا معناه من كل داء سببه غلبة الدم .
وهذه الأحاديث موافقة لما أجمع عليه الأطباء ، أن الحجامة في النصف الثاني ، وما يليه من الربع الثالث من أرباعه أنفع من أوله وآخره ، وإذا استعملت عند الحاجة إليها نفعت أي وقت كان من أول الشهر وآخره .
قال الخلال : أخبرني عصمة بن عصام ، قال : حدثنا حنبل ، قال : كان أبو عبد الله أحمد بن حنبل يحتجم أي وقت هاج به الدم ، وأي ساعة كانت .

وقال صاحب القانون : أوقاتها في النهار : الساعة الثانية أو الثالثة ، ويجب توقيها بعد الحمام إلا فيمن دمه غليط ، فيجب أن يستحم ، ثم يستجم ساعة ، ثم يحتجم ، انتهى .
وتكره عندهم الحجامة على الشبع ، فإنها ربما أورثت سدداً وأمراضاً رديئة ، لا سيما إذا كان الغذاء رديئاً غليظاً . وفي أثر : " الحجامة على الريق دواء ، وعلى الشبع داء ، وفي سبعة عشر من الشهر شفاء " .
واختيار هذه الأوقات للحجامة ، فيما إذا كانت على سبيل الإحتياط والتحرز من الأذى ، وحفظاً للصحة . وأما في مداواة الأمراض ، فحيثما وجد الإحتياح إليها وجب استعمالها . وفي قوله : " لا يتبيغ بأحدكم الدم فيقتله " دلالة على ذلك ، يعني لئلا يتبيغ ، فحذف حرف الجر مع ( أن ) ، ثم حذفت ( أن ) . والتبيغ : الهيج ، وهو مقلوب البغي ، وهو بمعناه ، فإنه بغي الدم وهيجانه . وقد تقدم أن الإمام أحمد كان يحتجم أي وقت احتاج من الشهر .

***

فصل : وأما اختيار أيام الأسبوع للحجامة ، فقال الخلال في جامعه : أخبرنا حرب بن إسماعيل ، قال : قلت لأحمد : تكره الحجامة في شيء من الأيام ؟ قال : قد جاء في الأربعاء والسبت .

وفيه : عن الحسين بن حسان ، أنه سأل أبا عبد الله عن الحجامة : أي يوم تكره ؟ فقال : في يوم السبت ، ويوم الأربعاء ، ويقولون : يوم الجمعة .

وروى الخلال ، عن أبي سلمة وأبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " من احتجم يوم الأربعاء أو يوم السبت ، فأصابه بياض أو برص ، فلا يلومن إلا نفسه " . وقال الخلال : أخبرنا محمد بن علي بن جعفر ، أن يعقوب بن بختان حدثهم ، قال : سئل أحمد عن النورة والحجامة يوم السبت ويوم الأربعاء ؟ فكرهها . وقال : بلغني عن رجل أنه تنور ، واحتجم يعني يوم الأربعاء ، فأصابه البرص . قلت له : كأنه تهاون بالحديث ؟ قال : نعم .
وفي كتاب الأفراد للدارقطني ، من حديث نافع قال : قال لي عبد الله بن عمر : تبيغ بي الدم ، فابغ لي حجاماً ، ولا يكن صبياً ولا شيخاً كببراً ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " الحجامة تزيد الحافظ حفظاً ، والعاقل عقلاً ، فاحتجموا على اسم الله تعالى ، ولا تحتجموا الخميس ، والجمعة ، والسبت ، والأحد ، واحتجموا الإثنين ، وما كان من جذام ولا برص ، إلا نزل يوم الأربعاء " . قال الدارقطني : تفرد به زياد بن يحيى ، وقد رواه أيوب عن نافع ، وقال فيه : " واحتجموا يوم الإثنين والثلاثاء ، ولا تحتجموا يوم الأربعاء " .
وقد روى أبو داود في سننه من حديث أبي بكرة ، أنه كان يكره الحجامة يوم الثلاثاء ، وقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يوم الثلاثاء يوم الدم وفيه ساعة لا يرقأ فيها الدم " .

***
فصل : وفي ضمن هذه الأحاديث المتقدمة استحباب التداوي ، واستحباب الحجامة ، وأنها تكون في الموضع الذي يقتضيه الحال ، وجواز احتجام المحرم ، وإن آل إلى قطع شئ من الشعر ، فإن ذلك جائز . وفي وجوب الفدية عليه نظر ، ولا يقوى الوجوب ، وجواز احتجام الصائم ، فإن في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احتجم وهو صائم " . ولكن هل يفطر بذلك ، أم لا ؟ مسألة أخرى ، الصواب : الفطر بالحجامة ، لصحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير معارض ، وأصح ما يعارض به حديث حجامته وهو صائم ، ولكن لا يدل على عدم الفطر إلا بعد أربعة أمور .
أحدها : أن الصوم كان فرضاً .
الثاني : أنه كان مقيماً .
الثالث : أنه لم يكن به مرض احتاج معه إلى الحجامة .
الرابع : أن هذا الحديث متأخر عن قوله : " أفطر الحاجم والمحجوم " .

فإذا ثبتت هذه المقدمات الأربع ، أمكن الاستدلال بفعله صلى الله عليه وسلم على بقاء الصوم مع الحجامة ، وإلا فما المانع أن يكون الصوم نفلاً يجوز الخروج منه بالحجامة وغيرها ، أو من رمضان لكنه في السفر ، أو من رمضان في الحضر ، لكن دعت الحاجة إليها كما تدعو حاجة من به مرض إلى الفطر ، أو يكون فرضاً من رمضان في الحضر من غير حاجة إليها ، لكنه مبقى على الأصل . وقوله : " أفطر الحاجم والمحجوم " ، ناقل ومتأخر ، فيتعين المصير إليه ، ولا سبيل إلى إثبات واحدة من هذه المقدمات الأربع ، فكيف بإثباتها كلها .

وفيها دليل على استئجار الطبيب وغيره من غير عقد إجازة ، بل يعطيه أجرة المثل ، أو ما يرضيه .

وفيها دليل على جواز التكسب بصناعة الحجامة ، وإن كان لا يطيب للحر أكل أجرته من غير تحريم عليه ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه أجره ، ولم يمنعه من أكله ، وتسميته إياه خبيثاً كتسميته للثوم والبصل خبيثين ، ولم يلزم من ذلك تحريمهما .
وفيها دليل على جواز ضرب الرجل الخراج على عبده كل يوم شيئاً معلوماً بقدر طاقته ، وأن العبد أن يتصرف فيما زاد على خراجه ، ولو منع من التصرف ، لكان كسبه كله خراجاً ولم يكن لتقديره فائدة ، بل ما زاد على خراجه ، فهو تمليك من سيده له يتصرف فيه كما أراد ، والله أعلم .

**************************
*************
*********




باب: أيَّ ساعة يحتجم.
باب: الحجم في السفر والإحرام.
باب: الحجامة من الداء.
باب: الحجامة على الرأس.
باب: الحجم من الشقيقة والصداع
باب: أيَّ ساعة يحتجم.
واحتجم أبو موسى ليلاً. [ش (واحتجم..) ذكرها هنا ليشير إلى أنه لا يتعين وقت للحجامة، من ليل أو نهار. وانظر الصوم، باب: ()]. عن ابن عباس قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم. [ر: ].​

باب: الحجم في السفر والإحرام.
قاله ابن بُحَينة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ر: ]. حدثنا مسدَّد: حدثنا سفيان، عن عمرو، عن طاوُس، وعطاء، عن ابن عباس قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو مُحْرِمٌ. [ر: ].​

باب: الحجامة من الداء.
عن أنس رضي الله عنه: أنه سئل عن أجر الحجَّام، فقال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حجمه أبو طيبة، وأعطاه صاعين من طعام، وكلَّم مواليه فخففوا عنه، وقال: (إن أمثل ما تداويتم به الحجامة، والقسط البحري). وقال: (لا تعذِّبوا صبيانكم بالغَمْزِ من العُذْرَةِ، وعليكم بالقُسْطِ). [ر: ]. [ش (مواليه) الذين أعتقوه. (فخففوا عنه) من الخراج المفروض عليه. (القسط البحري) انظر الباب: (). (بالغمز) بالعصر برؤوس الأصابع. (العذرة) انظر: ]. حدثنا سعيد بن تليد قال: حدثني ابن وهب قال: أخبرني عمرو وغيره: أن بُكَيراً حدثه: أن عاصم بن عمر بن قتادة حدثه: أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: دعا المقنَّع ثم قال: لا أبرح حتى تحتجم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن فيه شفاء). [ر: ]. [ش (لا أبرح) لا أذهب من مكاني ولا أخرج].​

باب: الحجامة على الرأس.
حدثنا إسماعيل قال: حدثني سليمان، عن علقمة: أنه سمع عبد الرحمن الأعرج: أنه سمع عبد الله بن بُحَينة يحدث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم بِلَحْيِ جمل من طريق مكة، وهو محرم، في وسط رأسه. وقال الأنصاري: أخبرنا هشام بن حسان: حدثنا عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم في رأسه. [ر: ، ].​

باب: الحجم من الشقيقة والصداع.
حدثني محمد بن بشار: حدثنا ابن أبي عدي، عن هشام، عن عكرمة، عن ابن عباس: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم في رأسه وهو محرم، من وجع كان به، بماء يقال له لحْيُ جَمَلٍ. وقال محمد بن سواء: أخبرنا هشام، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم في رأسه، من شقيقة كانت به. [ر: ]. [ش (شقيقة) وجع في أحد شقي الرأس، والصداع ألم في أعضاء الرأس]. حدثنا إسماعيل بن أبان: حدثنا ابن الغسيل قال: حدثني عاصم بن عمر، عن جابر بن عبد الله قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن كان في شيء من أدويتكم خير، ففي شربة عسل، أو شرطة محجم، أو لذعة من نار، وما أحب أن أكتوي).​

فتح الباري شرح صحيح البخاري
كِتَاب الطب
باب أَيَّ سَاعَةٍ يَحْتَجِمُ
باب الْحَجْمِ فِي السَّفَرِ وَالْإِحْرَامِ
باب الْحِجَامَةِ مِنْ الدَّاءِ
باب الْحِجَامَةِ عَلَى الرَّأْسِ
باب الْحِجَامَةِ مِنْ الشَّقِيقَةِ وَالصُّدَاعِ
باب الْحَلْقِ مِنْ الْأَذَى
قوله: (باب الحلق من الأذى) أي حلق شعر الرأس وغيره

باب أَيَّ سَاعَةٍ يَحْتَجِمُ وَاحْتَجَمَ أَبُو مُوسَى لَيْلاً
الشرح:
قوله: (باب أية ساعة يحتجم) في رواية الكشميهني " أي ساعة " بلا هاء، والمراد بالساعة في الترجمة مطلق الزمان لا خصوص الساعة المتعارفة.
قوله (واحتجم أبو موسى ليلا) تقدم موصولا في كتاب الصيام، وفيه أن امتناعه من الحجامة نهارا كان بسبب الصيام لئلا يدخله خلل، وإلى ذلك ذهب مالك فكره الحجامة للصائم لئلا يغرر بصومه، لا لكون الحجامة تفطر الصائم.
وقد تقدم البحث في حديث " أفطر الحاجم والمحجوم " هناك وورد في الأوقات اللائقة بالحجامة أحاديث ليس فيها شيء على شرطه، فكأنه أشار إلى أنها تصنع عند الاحتياج ولا تتقيد بوقت دون وقت، لأنه ذكر الاحتجام ليلا.
الحديث:
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَائِمٌ
الشرح:
ذكر حديث ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم " وهو يقتضي كون ذلك وقع منه نهارا، وعند الأطباء أن أنفع الحجامة ما يقع في الساعة الثانية أو الثالثة، وأن لا يقع عقب استفراغ عن جماع أو حمام أو غيرهما ولا عقب شبع ولا جوع.
وقد ورد في تعيين الأيام للحجامة حديث لابن عمر عند ابن ماجه رفعه في أثناء حديث وفيه " فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس، واحتجموا يوم الاثنين والثلاثاء؛ واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء والجمعة والسبت والأحد " أخرجه من طريقين ضعيفين، وله طريق ثالثة ضعيفة أيضا عند الدار قطني في " الأفراد " وأخرجه بسند جيد عن ابن عمر موقوفا، ونقل الخلال عن أحمد أنه كره الحجامة في الأيام المذكورة وأن الحديث لم يثبت، وحكى أن رجلا احتجم يوم الأربعاء فأصابه برص لكونه تهاون بالحديث.
وأخرج أبو داود من حديث أبي بكرة أنه كان يكره الحجامة يوم الثلاثاء وقال " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يوم الثلاثاء يوم الدم، وفيه ساعة لا يرقأ فيها".
وورد في عدد من الشهر أحاديث: منها ما أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة رفعه " من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء " وهو من رواية سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن سهيل بن أبي صالح، وسعيد وثقه الأكثر ولينه بعضهم من قبل حفظه.
وله شاهد من حديث ابن عباس عند أحمد والترمذي ورجاله ثقات، لكنه معلول.
وشاهد آخر من حديث أنس عند ابن ماجه، وسنده ضعيف.
وهو عند الترمذي من وجه آخر عن أنس لكن من فعله صلى الله عليه وسلم، ولكون هذه الأحاديث لم يصح منها شيء قال حنبل بن إسحاق: كان أحمد يحتجم أي وقت هاج به الدم وأي ساعة كانت.
وقد اتفق الأطباء على أن الحجامة في النصف الثاني من الشهر ثم في الربع الثالث من أرباعه أنفع من الحجامة في أوله وآخره، قال الموفق البغدادي: وذلك أن الأخلاط في أول الشهر تهيج وفي آخره تسكن، فأولى ما يكون الاستفراغ في أثنائه.
والله أعلم.
باب الْحَجْمِ فِي السَّفَرِ وَالْإِحْرَامِ
قَالَهُ ابْنُ بُحَيْنَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشرح:
قوله: (باب الحجم في السفر والإحرام، قاله ابن بحينة عن النبي صلى الله عليه وسلم) كأنه يشير إلى ما أورده في الباب الذي يليه موصولا عن عبيد الله بن بحينة " أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم في طريق مكة " وقد تبين في حديث ابن عباس أنه كان حينئذ محرما، فانتزعت الترجمة من الحديثين معا، على أن حديث ابن عباس وحده كاف في ذلك، لأن من لازم كونه صلى الله عليه وسلم كان محرما أن يكون مسافرا، لأنه لم يحرم قط وهو مقيم.
وقد تقدم الكلام على ما يتعلق بحجامة المحرم في كتاب الحج، وأما الحجامة للمسافر فعلى ما تقدم أنها تفعل عند الاحتياج إليها من هيجان الدم ونحو ذلك فلا يختص ذلك بحالة دون حالة، والله أعلم.​

باب الْحِجَامَةِ مِنْ الدَّاءِ
الشرح:
قوله: (باب الحجامة من الداء) أي بسبب الداء.
قال الموفق البغدادي: الحجامة تنقي سطح البدن أكثر من الفصد، والفصد لأعماق البدن، والحجامة للصبيان وفي البلاد الحارة أولى من الفصد وآمن غائلة، وقد تغني عن كثير من الأدوية، ولهذا وردت الأحاديث بذكرها دون الفصد، ولأن العرب غالبا ما كانت تعرف إلا الحجامة.
وقال صاحب الهدى: التحقيق في أمر الفصد والحجامة أنهما يختلفان باختلاف الزمان والمكان والمزاج، فالحجامة في الأزمان الحارة والأمكنة الحارة والأبدان الحارة التي دم أصحابها في غاية النضج أنفع، والفصد بالعكس، ولهذا كانت الحجامة أنفع للصبيان ولمن لا يقوى على الفصد.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَجْرِ الْحَجَّامِ فَقَالَ احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ وَأَعْطَاهُ صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ فَخَفَّفُوا عَنْهُ وَقَالَ إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ وَالْقُسْطُ الْبَحْرِيُّ وَقَالَ لَا تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالْغَمْزِ مِنْ الْعُذْرَةِ وَعَلَيْكُمْ بِالْقُسْطِ
الشرح:
قوله: (عبد الله) هو ابن المبارك.
قوله: (عن أنس) في رواية شعبة عن حميد " سمعت أنسا " وقد تقدمت الإشارة إليه في الإجارة.
قوله (عن أجر الحجام) في رواية أحمد عن يحيي القطان عن حميد " كسب الحجام".
قوله: (حجمه أبو طيبة) بفتح المهملة وسكون التحتانية بعدها موحدة، تقدم في الإجارة ذكر تسميته وتعيين مواليه، وكذا جنس ما أعطي من الأجرة وأنه تمر، وحكم كسبه، فأغني عن إعادته.
قوله: (وقال: إن أمثل ما تداويتم به الحجامة) هو موصول بالإسناد المذكور، وقد أخرجه النسائي مفردا من طريق زياد بن سعد وغيره عن حميد عن أنس بلفظ " خير ما تداويتم به الحجامة " ومن طريق معتمر عن حميد بلفظ " أفضل"، قال أهل المعرفة: الخطاب بذلك لأهل الحجاز ومن كان في معناهم من أهل البلاد الحارة، لأن دماءهم رقيقة وتميل إلى ظاهر الأبدان لجذب الحرارة الخارجة لها إلى سطح البدن، ويؤخذ من هذا أن الخطاب أيضا لغير الشيوخ لقلة الحرارة في أبدانهم.
وقد أخرج الطبري بسند صحيح عن ابن سيرين قال: إذا بلغ الرجل أربعين سنة لم يحتجم.
قال الطبري.
وذلك أنه يصير من حينئذ في انتقاص من عمره وانحلال من قوى جسده، فلا ينبغي أن يزيده وهيا بإخراج الدم ا ه.
وهو محمول على من لم تتعين حاجته إليه، وعلى من لم يعتد به، وقد قال ابن سينا في أرجوزته: ومن يكن تعود الفصادة فلا يكن يقطع تلك العادة ثم أشار إلى أمه يقلل ذلك بالتدريج إلى أن ينقطع جملة في عشر الثمانين.
قوله: (وقال لا تعذبوا صبيانكم بالغمز من العذرة؛ وعليكم بالقسط) هو موصول أيضا بالإسناد المذكور إلى حميد عن أنس مرفوعا.
وقد أورده النسائي من طريق يزيد بن زريع عن حميد به مضموما إلى حديث " خير ما تداويتم به الحجامة " وقد اشتمل هذا الحديث على مشروعية الحجامة والترغيب في المداواة بها ولا سيما لمن احتاج إليها، وعلى حكم كسب الحجام وقد تقدم في الإجارة، وعلى التداوي بالقسط وقد تقدم قريبا، وسيأتي الكلام على الأعلاق في العذرة والغمزة في " باب اللدود".
الحديث:
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو وَغَيْرُهُ أَنَّ بُكَيْراً حَدَّثَهُ أَنَّ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَادَ الْمُقَنَّعَ ثُمَّ قَالَ لَا أَبْرَحُ حَتَّى تَحْتَجِمَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ فِيهِ شِفَاءً
الشرح:
قوله: (حدثنا سعيد بن تليد) بمثناة ولام وزن سعيد، وهو سعيد بن عيسى بن تليد نسب لجده، وهو مصري، وثقه أبو يونس وقال: كان فقيها ثبتا في الحديث، وكان يكتب للقضاة.
قوله: (أخبرني عمرو وغيره) أما عمرو فهو ابن الحارث، وأما غيره فما عرفته؛ ويغلب على ظني أنه ابن لهيعة، وقد أخرج الحديث أحمد ومسلم والنسائي وأبو عوانة والطحاوي والإسماعيلي وابن حبان من طرق عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث وحده لم يقل أحد في الإسناد " وغيره " والله أعلم.
قوله: (أن بكيرا حدثه) هكذا أفرد الضمير لواحد بعد أن قدم ذكر اثنين، وبكير هو ابن عبد الله بن الأشج وربما نسب لجده، مدني سكن مصر، والإسناد إليه مصريون.
قوله: (عاد المقنع) بقاف ونون ثقيلة مفتوحة هو ابن سنان تابعي.
لا أعرفه إلا في هذا الحديث.
قوله: (إن فيه شفاء) كذا ذكره بكير بن الأشج مختصرا، ومضى في " باب الدواء بالعسل " من طريق عبد الرحمن ابن الغسيل عن عاصم بن عمر مطولا، وسيأتي أيضا عن قرب.​

باب الْحِجَامَةِ عَلَى الرَّأْسِ
الشرح:
قوله: (باب الحجامة على الرأس) ورد في فضل الحجامة في الرأس حديث ضعيف أخرجه ابن عدي من طريق عمر بن رباح عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رفعه " الحجامة في الرأس تنفع من سبع: من الجنون والجذام والبرص والنعاس والصداع ووجع الضرس والعين".
وعمر متروك رماه الفلاس وغيره بالكذب، ولكن قال الأطباء: إن الحجامة في وسط الرأس نافعة جدا، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم فعلها كما في أول حديثي الباب وآخرهما وإن كان مطلقا فهو مقيد بأولهما، وورد أنه صلى الله عليه وسلم احتجم أيضا في الأخدعين والكاهل أخرجه الترمذي وحسنه وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم.
قال أهل العلم بالطب: فصد الباسليق ينفع حرارة الكبد والطحال والرئة ومن الشوصة وذات الجنب وسائر الأمراض الدموية العارضة من أسفل الركبة إلى الورك، وفصد الأكحل ينفع الامتلاء العارض في جميع البدن إذا كان دمويا ولا سيما إن كان فسد، وفصد القيفال ينفع من علل الرأس والرقبة إذا كثر الدم أو فسد، وفصد الودجين لوجع الطحال والربو ووجه الجنبين، والحجامة على الكاهل تنفع من وجه المنكب والحلق وتنوب عن فصد الباسليق، والحجامة على الأخدعين تنفع من أمراض الرأس والوجه كالأذنين والعينين والأسنان والأنف والحلق وتنوب عن فصد القيفال، والحجامة تحت الذقن تنفع من وجع الأسنان والوجه والحلقوم وتنقي الرأس، والحجامة على ظهر القدم تنوب عن فصد الصافن وهو عرق عند الكعب وتنفع من قروح الفخذين والساقين وانقطاع الطمث والحكة العارضة في الأنثيين، والحجامة على أسفل الصدر نافعة من دماميل الفخذ وجربه وبثوره ومن النقرس والبواسير وداء الفيل وحكة الطهر، ومحل ذلك كله إذا كان عن دم هائج وصادفه وقت الاحتياج إليه، والحجامة على المقعدة تنقع الأمعاء وفساد الحيض.
الحديث:
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ بُحَيْنَةَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ بِلَحْيِ جَمَلٍ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي وَسَطِ رَأْسِهِ وَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ فِي رَأْسِهِ​

الشرح:
قوله: (حدثنا إسماعيل) هو ابن أبي أويس، وسليمان هو ابن بلال، وعلقمة هو ابن أبي علقمة، والسند كله مدنيون، وقد تقدم بيان حاله في أبواب المحصر في الحج.
قوله: (احتجم بلحمه جمل) كذا وقع بالتثنية وتقدم بلفظ الإفراد واللام مفتوحة ويجوز كسرها، وجمل بفتح الجيم والميم، قال ابن وضاح: هي بقعة معروفة وهي عقبة الجحفة على سبعة أميال من السقيا، وزعم بعضهم أنه الآلة التي احتجم بها أي احتجم بعظم جمل، والأول المعتمد، وسأذكر في حديث ابن عباس التصريح بقصة ذلك.
قوله: (في وسط رأسه) بفتح السين المهملة ويجوز تسكينها، وتقدم بيانه في كتاب الحج وقول من فرق بينهما.
قوله: (وقال الأنصاري) وصله الإسماعيلي قال: " حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا عبيد الله بن فضالة حدثنا محمد بن عبد الأنصاري " فذكره بلفظ " احتجم احتجامة في رأسه " ووصله البيهقي من طريق أبي حاتم الرازي حدثنا الأنصاري بلفظ " احتجم وهو محرم من صداع كان به أو داء، واحتجم فيما يقال له لحي جمل " وهكذا أخرجه أحمد عن الأنصاري، وسيأتي في الباب الذي بعده في حديث ابن عباس بلفظ " بما يقال له لحي جمل".
باب الْحِجَامَةِ مِنْ الشَّقِيقَةِ وَالصُّدَاعِ​

الشرح:
قوله: (باب الحجامة من الشقيقة والصداع) أي بسببهما، وقد سقطت هذه الترجمة من رواية النسفي، وأورد ما فيها في الذي قبله، وهو متجه.
والشقيقة بشين معجمة وقافين وزن عظيمة: وجع يأخذ في أحد جانبي الرأس أو في مقدمه، وذكر أهل الطب أنه من الأمراض المزمنة، وسببه أبخرة مرتفعة أو أخلاط حارة أو باردة ترتفع إلى الدماغ، فإن لم تجد منفذا أحدث الصداع، فإن مال إلى أحد شقي الرأي أحدث الشقيقة، وإن ملك قمة الرأس أحدث داء البيضة.
وذكر الصداع بعده من العام بعد الخاص.
وأسباب الصداع كثيرة جدا: منها ما تقدم، ومنها ما يكون عن ورم في المعدة أو في عروقها، أو ريح غليظة فيها أو لامتلائها، ومنها ما يكون من الحركة العنيفة كالجماع والقيء والاستفراغ أو السهر أو كثرة الكلام، ومنها ما يحدث عن الأغراض النفسانية كالهم والغم والحزن والجوع والحمى، ومنها ما يحدث عن حادث في الرأس كضربة تصيبه، أو ورم في صفاق الدماغ، أو حمل شيء ثقيل يضغط الرأس، أو تسخينه بلبس شيء خارج عن الاعتدال، أو تبريده بملاقاة الهواء أو الماء في البرد.
وأما الشقيقة بخصوصها فهي في شرايين الرأس وحدها، وتختص بالموضع الأضعف من الرأس؛ وعلاجها بشد العصابة وقد أخرج أحمد من حديث بريدة " أنه صلى الله عليه وسلم كان ربما أخذته الشقيقة؛ فيمكث اليوم واليومين لا يخرج " الحديث.
وتقدم في الوفاة النبوية حديث ابن عباس " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد عصب رأسه".
الحديث:
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَأْسِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ بِمَاءٍ يُقَالُ لَهُ لُحْيُ جَمَلٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي رَأْسِهِ مِنْ شَقِيقَةٍ كَانَتْ بِهِ​

الشرح:
(عن هشام) هو ابن حسان، وقوله: " من وجع " كان قد بينه في الرواية التي بعد.
قوله: (وقال محمد بن سواء) بمهملة ومد هو السدوسي، واسم جده عنبر بمهملة ونون وموحدة؛ بصري يكني أبا الخطاب، ما له في البخاري سوى حديث موصول مضى في المناقب؛ وآخر يأتي في الأدب وهذا المعلق، وقد وصله الإسماعيلي قال: " حدثنا أبو يعلي حدثنا محمد بن عبد الله الأزدي حدثنا محمد بن سواء " فذكره سواء.
وقد اتفقت هذه الطرق عن ابن عباس أنه احتجم صلى الله عليه وسلم وهو محرم في رأسه، ووافقها حديث ابن بحينة، وخالف ذلك حديث أنس: فأخرج أبو داود والترمذي في " الشمائل " والنسائي وصححه ابن خزيمة وابن حبان من طريق معمر عن قتادة عنه قال، احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم على ظهر القدم من وجع كان به، ورجاله رجال الصحيح؛ إلا أن أبا داود حكى عن أحمد أن سعيد بن أبي عروبة رواه عن قتادة فأرسله، وسعيد أحفظ من معمر، وليست هذه بعلة قادحة، والجمع بين حديثي ابن عباس وأنس واضح بالحمل على التعدد؛ أشار إلى ذلك الطبري.
وفي الحديث أيضا جواز الحجامة للمحرم وأن إخراجه الدم لا يقدح في إحرامه، وقد تقدم بيان ذلك في كتاب الحج، وحاصله أن المحرم إن احتجم وسط رأسه لعذر جاز مطلقا، فإن قطع الشعر وجبت عليه الفدية، فإن احتجم لغير عذر وقطع حرم؛ والله أعلم.
الحديث:
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْغَسِيلِ قَالَ حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِي شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ لَذْعَةٍ مِنْ نَارٍ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ​

الشرح:
قوله: (حدثنا إسماعيل بن أبان) هو الوراق الأزدي الكوفي أبو إسحاق - أو أبو إبراهيم - من كبار شيوخ البخاري.
وهو صدوق، تكلم فيه الجوزجاني لأجل التشيع، قال ابن عدي: وهو مع ذلك صدوق.
وفي عصره إسماعيل بن أبان آخر يقال له الغنوي، قال ابن معين: الغنوي كذاب والوراق ثقة.
وقال ابن المديني: الوراق لا بأس به والغنوي كتبت عنه وتركته، وضعفه جدا.
وكذا فرق بينهما أحمد وعثمان بن أبي شيبة وجماعة، وغفل من خلطهما.
وكانت وفاة الغنوي قبل الوراق بست سنين، والله أعلم.
قوله (حدثنا ابن الغسيل) هو عبد الرحمن بن سليمان، تقدم شرح حاله قريبا.​


**************************
*************
*********

أحاديث ضعيفة وموضوعة (من كتاب طوق الحمامه في التداوي بالحجامة )

بيان الأحاديث الباطلة والمنكرة والموضوعة فى الحجامة :
(1) عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : يَا نَافِعُ ! قَدْ تَبَيَّغَ بِيَ الدَّمُ ، فَالْتَمِسْ لِي حَجَّامًا ، وَاجْعَلْهُ رَفِيقًا إِنِ اسْتَطَعْتَ ، وَلا تَجْعَلْهُ شَيْخًا كَبِيرًا ، وَلا صَبِيًّا صَغِيرًا ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( الْحِجَامَةُ عَلَى الرِّيقِ أَمْثَلُ ، وَفِيهِ شِفَاءٌ وَبَرَكَةٌ ، وَتَزِيدُ فِي الْعَقْلِ وَفِي الْحِفْظِ ، فَاحْتَجِمُوا عَلَى بَرَكَةِ اللهِ يَوْمَ الْخَمِيسِ ، وَاجْتَنِبُوا الْحِجَامَةَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ وَالْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ وَيَوْمَ الْأَحَدِ تَحَرِّيًا ، وَاحْتَجِمُوا يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَالثُّلاثَاءِ ، فَإِنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي عَافَى اللهُ فِيهِ أَيُّوبَ مِنَ الْبَلاءِ ، وَضَرَبَهُ بِالْبَلاءِ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ ، فَإِنَّهُ لا يَبْدُو جُذَامٌ وَلا بَرَصٌ إِلا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ، أَوْ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ )) .
منـكر . لا يصح رفعه ، وله طريقان :
[ الطريق الأولى ] نافع عنه : أخرجه الحاكم (4/235) مستوفٍ ، والإسماعيلى(( معجم شيوخه ))(2/676) مختصراً ، وعنه الخطيب (( تاريخ بغداد ))(10/38)ثلاثتهم من طريق عثمان بن سعيد الدارمى ثنا عبد الله بن صالح المصرى ثنا عطاف بن خالد عن نافع أن عبد الله بن عمر قال له : يا نـافع تبيغ بي الدم ، فأتني بحجام ، لا يكون شيخا كبيرا ، ولا غلاما صغيرا ، فإني سمعت رسـولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( الحجامة على الريق أمثل ، وفيها شفاء وبركة ... )) الحديث بنحوه .
قـلت : هذا الإسناد أمثل أسانيد هذا الحديث ، رجاله ثـقات كلهم غير عطاف بن خالد المخزومى أبا صفوان المدنى ، وثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين . وقال أبو زرعة : ليس به بأس . وقال أبو حاتم الرازى : صالح ليس بذاك . وقال النسائى : ليس بالقوى . غير أن مالك بن أنس إمام أئمة الجرح والتعديل كان شديد الحمل عليه ، وكان عبد الرحمن بن مهدى لا يرضى عطافاً ، فلقد كان ينـفرد عن نافع وزيد بن أسلم بمناكير لا يتابع عليها .
قال مطرف بن عبد الله المدني : قال لي مالك بن أنس : عطاف يحدث ؟ ، قلت : نعم ، فأعظم ذلك إعظاما شديداً ، ثم قال : لقد أدركت أناسا ثقات يحدثون ما يؤخذ عنهم ، قلت : كيف وهم ثقات ؟ ، قال : مخافة الزلل .
وقال عبد الله بن أحمد بن شبويه عن مطرف بن عبد الله : سمعت مالك بن أنس يقول : ويكتب عن مثل عطاف بن خالد ! ، لقد أدركت في هذا المسجد سبعين شيخا كلهم خير من عطاف ما كتبت عن أحد منهم ، وإنما يكتب العلم عن قوم قد حوى فيهم العلم مثل عبيد الله بن عمر وأشباهه .
ولهذا قال ابن حبان (( المجروحين ))(2/193) : (( العطاف بن خالد بن عبد الله القرشي ، أبو صفوان المخزومي . يروي عن نافع وغيره من الثقات مالا يشبه حديثهم ، وأحسبه كان يؤتي ذلك من سوء حفظه ، فلا يجوز عندي الاحتجاج بروايته إلا فيما وافق الثقات . كان مالك بن أنس لا يرضاه )) .
وهذا الحديث من مناكيره وإن وثق فى ذات أمره ، إذ لا تستغرب رواية الثقات للمناكير ، ومن علامة المنكر فى حديث الصدوق مخالفته للأوثق منه ، وقد خالف عطافاً : أيوب بن أبى تميمة السختيانى ـ وهو من أوثق الناس فى نافع ـ ، فأوقفه على ابن عمر ولم يرفعه ، وهو الصواب .
ولم يتابع عطافاً عن نافع غير جماعة من المجروحين ممن لا يحتج بهم فى المتابعات . فقد أخرجه ابن ماجه (3487) ، وابـن حبان (( المجروحين ))(2/100) ، وابن عدى (2/308) ، وابن الجوزى (( العلل المتناهية ))(2/874/1464) من طريق عثمان بن مطر الشيبانى عن الحسن بن أبى جعفر عن محمد بن جحادة عن نافع به مثله .
وأخرجه الحاكم (4/234) ، وابن الجوزى (( العلل المتناهية ))(2/874/1463) من طريق زيـاد بن يحيى الحساني ثنا غزال بن محمد عن محمد بن جحادة به مثله .
قلت : وهذان الإسنادان واهيان بمرة . ففى الأول : عثمان بن مطر الشيباني أبو الفضل البصرى ، قال أبو حاتم ابن حبان : كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات لا يحل الاحتجاج به . والحسن بن أبى جعفر البصرى ، قال يحيى ابن معين : ليس بشيء . وقال عمرو بن على الفلاس والبخاري : منكر الحديث . وقال السعدي : واهي الحديث . وقال النسائي : متروك الحديث . وقال ابن حبان : كان من المتعبدين ، لكنه غفل عن صناعة الحديث وحفظه ، فإذا حدث وهم وقلب الأسانيد وهو لا يعلم .
وفى الثانى : غزال بن محمد ، من ذا ؟ لا يعُلم !! . قال أبو عبد الله الحاكم : (( رواة هذا الحديث كلهم ثقات إلا غزال بن محمد فإنه مجهول ، لا أعرفه بعدالة ولا جرح )) . وقال الحافظ الذهبى (( الميزان ))(5/401) : (( غزال ابن محمد عن محمد بن جحادة لا يعرف ، وخبره منكر في الحجامة )) .
وأخرجه ابن ماجه (3488) من طريق عبد اللهِ بن عِصْمة عن سَعِيدِ بن مَيْمُونٍ عن نافع به نحوه .
قال الحافظ ابن حجر (( تهذيب التهذيب )) : (( سعيد بن ميمون عن نافع في الحجامة . وعنه عبد الله بن عصمة . قلت : هو مجهول ، وخبره منكر جداً في الحجامة )) .
[ الطريق الثانية ] أبو قلابة عنه : أخرجه ابن حبان (( المجروحين ))(3/21) من طريق المثنى بن عمرو عن أبي سنان عن أبي قلابة قال : كنت عند ابن عمر ، فقال : لقد تبيغ بي الدم يا نافع ، ابغ لي حجاما ، ولا تجعله شيخا ، ولا شابا ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( الحجامة على الريق أمثل ، فيها شفاء وبركة تزيد في العقل والحفظ .. )) فذكر نحوه . وقال ابن حبان : (( المثنى بن عمرو شيخ يروي عن أبي سنان ما ليس من حديث الثقات لا يجوز الاحتجاج به )) .
وقال ابن أبى حاتم (( علل الحديث ))(2/320/2477) : (( سألت أبي عن حديث رواه أبو عبد الرحمن المقري عن إسماعيل بن ابراهيم حدثنى المثنى بن عمرو عـن أبي سنان عـن أبي قلابة قال : كنت جالسا عند عبد الله بن عمر بن الخطاب إذ قال : لقد تيبع لى الدم يا نافع ، فادع لى حجاما ، ولا تجعله شيخا ، ولا صبيا ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( الحجامة على الريق أمثل )) . قال أبي : ليس هذا الحديث بشىء ، ليس هو حديث أهل الصدق ، إسماعيل والمثنى مجهولان )) اهـ .​

*** *** ***
(2) عن أنس قال : قال رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( إذا اشتد الحر فاستعينوا بالحجامة ، لا يتبيغ دم أحدكم فيقتله )) .
موضـوع . أخرجه ابن حبان (( المجروحين ))(2/288) ، والحاكم (4/235) كلاهما من طريق محمد بن القاسم الأسدي ثنا الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس مرفوعاً به .
قال أبو عبد الله الحاكم : (( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ))
قلت : بل هو موضوع . محمد بن القاسم الأسدى ، كذبه أحمد بن حنبل وقال : أحاديثه موضوعة . وقال النسائى : ليس بثقة . وقال ابن حبان : كان ممن يروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم ، ويأتي عن الأثبات بما لم يحدثوا ، لا يجوز الاحتجاج به ولا الرواية عنه بحال ، كان أحمد بن حنبل يكذبه .​

*** *** ***
(3) عن معقل بن يسار قال : قال رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( الحجامة يوم الثلاثاء لسبع عشرة من الشهر دواء لداء السنة )) .
موضـوع . أخرجه ابن سعد (( الطبقات ))(1/448) ، والطبرانى (( الكبير ))(20/215/499) ، وابن عدى (3/200) ، والبيهقى (( الكبـرى ))(9/340) ، والخطيب (( موضــح الأوهام ))(2/146) ، وابن الجوزى (( الموضوعات ))(3/214) جميعا من طريق سلام بن سليم التميمى عن زيد العمِّي عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار مرفوعاً به .
قلت : سلام بن سليم وزيد بن الحوارى العمى عامة ما يرويانه لا يتابعا عليه ، ولا يُدرى البلاء من أيهما ؟ .​

*** *** ***
(4) عن أنس عن النَّبىِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (( من احتجم يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من الشهر ، أخرج الله منه داء سنة )) .
موضوع . أخرجه البيهقى (9/340) ، وابن الجوزى (( الموضوعات ))(3/215) من طريق زيد العمِّي عن معاوية بن قرة عن أنس مرفوعاً .
قال ابن حبان : (( زيد العمي هو زيد بن الحواري أبو الحواري . يروي عن أنس أشياء موضوعة لا أصل لها ، حتى سبق إلى القلب أنه المتعمد لها ، وكان يحيى يمرض القول فيه ، وهو عندي لا يجوز الاحتجاج بخبره ، ولا كتابة حديثه إلا للاعتبار )) .​

*** *** ***
(5) عن ابن عباس قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يحتجم يوم الثلاثاء ، فقلت : هذا اليوم تحتجم ؟ ، قال : (( نعم ، ومن وافق منكم يوم الثلاثاء ليلة سبع عشرة مضت من الشهر ، فلا يجاوزه حتى يحتجم )) .
موضـوع . أخــرجه ابن حبان (( المجروحين ))(3/58) ، والطبرانى (( الكبير ))(11/162/11366) ، وابن الجوزى (( الموضوعات )) (3/214) جميعا من طريق نافع أبو هرمز عن عطاء عن ابن عباس به .
وقال ابن حبان : (( نافع أبو هرمز الجمال مولى بني سليمان . كان ممن يروي عن أنس ما ليس من حديثه كأنه أنس آخر ، ولا أعلم له سماعاً ، لا يجوز الاحتجاج به ولا كتابة حديثه إلا على سبيل الاعتبار ، روى عن عطاء عن ابن عباس وعائشة نسخة موضوعة )) .​

*** *** ***
(6) عن كبشة بنت أبى بكرة الثقفى : أَنَّ أَبَاهَا كَانَ يَنْهَى أَهْلَهُ عَنِ الْحِجَامَةِ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ ، وَيَزْعُمُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( أَنَّ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ يَوْمُ الدَّمِ ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لا يَرْقَـأ )) .
ضعيـف . أخـرجه أبو داود (3862) ، والعقيلى (( الضعفاء الكبير ))(1/150) ، والبيهقى (9/340) ، وابن الجوزى (( الموضوعات ))(3/213) ، والمزى (( تهذيب الكمال ))(35/295) جميعا من طريــق بكار بن عبد العزيز بن أبى بكرة أخبرتنى عمتى كبشة ـ ويقال كيِّسة ـ بنت أبى بكرة عن أبيها به .
قال أبو بكر البيهقى : (( إسناده ليس بالقوى )) .
قلت : بكار بن عبد العزيز بن أبى بكرة لا يشبه أحاديثه أحاديث أهل الصدق .​

*** *** ***
(7) عن ابن عباس قال : (( يوم الأحد يوم غرس وبناء ، ويوم الاثنين يوم السفر ، ويوم الثلاثاء يوم الدم ، ويوم الأربعاء يوم أخذ ولا عطاء فيه ، ويوم الخميس يوم دخول على السلطان ، ويوم الجمعة يوم تزويج وباءة )) .
موضوع . أخـرجه أبو يعلى (2612) : حدثنا عمرو بن حصين ثنا يحيى بن العلاء ثنا عبد الله بن عبد الرحمن عن أبي صالح عن ابن عباس قوله .
قلت : هذا متن موضوع وإسناد مظلم تالف . يحيى بن العلاء الرازى ، قال أحمد : كذاب يضع الحديث . وقال يحيى : ليس بثقة . وقال عمرو بن على الفلاس والنسائى والدارقطنى : متروك الحديث . وعمرو بن الحصين العقيلى واهى الحديث ، ليس هو فى موضع من يحدث عنه ، قاله أبو زرعة . وقال أبو حاتم : ذاهب الحديث وليس بشيء ، أخرج أول شيء أحاديث مشبهة حسانا ، ثم أخرج بعد لابن علاثة أحاديث موضوعة فأفسد علينا ما كتبنا عنه فتركنا حديثه .
وقال ابن عدى : حدث عن الثقات بغير حديث منكر ، وهو مظلم الحديث .​

*** *** ***
(8) عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (( من احتجم يوم الأربعاء ويوم السبت ، فرأى وضحا ، فلا يلومن إلا نفسه )) .
منـكر . أخرجه الحاكم (4/454) ، والبيهقى (9/340) كلاهما عن حماد بن سلمة عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة مرفوعاً به .
وأخرجه ابن عدى(( الكامل ))(3/251) ، وابن الجوزى (( الموضوعات ))(3/211) كلاهما عن إسماعيل بن عياش عن سليمان بن أرقم وابن سمعان عن الزهرى عن أبى سلمة عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة مرفوعا مثله .
قلت : والحديث منكر بهذين الإسنادين ، لا يرفعه عن الزهرى غير ابن أرقم وابن سمعان ، ولا يتابعا على رفعه . فأما سليمان بـن أرقم فمتروك لا تحل الرواية عنه ، يروى عـن الزهرى مناكير لا تشبه أحاديـث الثقات . قال ابن حبان : كان ممن يقلب الأخبار ويروى عن الثقات الموضوعات . وقال أحمد ويحيى : ليس بشئٍ . وقال عمرو بن على الفلاس : ليس بثقة روى أحاديث منكرة . وقال البخارى : تركوه . وأما ابن سمعان ، واسمه عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان ، فقد كذبه مالك ومحمد بن إسحاق . وقـال البخارى : سكتوا عنه . وقـال أبو حاتم : ضعيف الحديث ، سبيله سبيل الترك . وقـال أبو داود : كان من الكذابين ، ولى قضاء المدينة . وقال النسائى والدارقطنى : متروك الحديث .
وللحديث شواهد عن أنس ، وابن عمر بأسانيد واهية لا يجوز الاعتبار بها بحال ، ولا ذكرها إلا تعجباً .
فقد أخرجه ابن عدى (2/371) ، وابن الجوزى (( الموضوعات ))(3/212) من طريق حسان بن سياه عن ثابت عن أنس مرفوعاً بمثله .
وأخرجه ابن حبان (( المجروحين ))(2/33) ، وابن الجوزى (( الموضوعات ))(3/212) من طريق عبد الله بن زياد الفلسطينى عن زرعة بن إبراهيم عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً بمثله غير أنه قال (( فأصابه وضح )) .
قلت : وهذان الإسنادان واهيان تالفان . ففى الأول : حسان بن سياه أبو سهل البصرى . قال ابن حبان : منكر الحديث جدا يأتي عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات . وقال ابن عدى : ينفرد عن ثابت بأحاديث عامتها لا يتابعه غيره عليه ، والضعف بيِّن على رواياته وحديثه . وذكر له ثمانية عشر حديثاً منكراً منها (( من احتجم يوم السبت والأربعاء )) . وفى الثانى : عبد الله بن زياد الفلسطينى ، قال ابن حبان : (( شيخ يروي عن زرعة بن إبراهيم عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال : (( من احتجم يوم السبت ويوم الأربعاء .. )) الحديث ، لا يحل ذكر مثل هذا الحديث في الكتب إلا على سبيل الاعتبار ، لأنه موضوع ليس هذا من حديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، ومن روى مثل هذا الحديث وجب مجانبة ما يروي من الأحاديث ، وإن وافق الثقات في بعض الروايات )) .
قلت : وإنما ثبت هذا الحديث عن الزهرى مرسلاً . فقد أخرجه أبو داود (( المراسيل ))(451) قال : حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلَّم به .​

*** *** ***
(9) عن الحسن البصرى حدثـنى سبعة من أصحاب النَّبىِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وجابر ابن عبد الله وأبو هريرة وعمران بن حصين ومعقل بن يسار وسمرة بن جندب : أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الحجامة يوم السبت والأربعاء ، وقال : (( من فعل ذلك ، فأصابه بياض ، فلا يلومن إلا نفسه ))
موضوع . أخرجه ابن حبان (( المجروحين ))(2/163) ، وابن الجوزى (( الموضوعات ))(3/211) من طريق ضمرة بن ربيعة عن عباد بن راشد التميمى عن الحسن به .
وقال ابن حبان : (( عباد بن راشد التميمي يروي عن الحسن وداود بن أبي هند . كان ممن يأتي بالمناكير عن أقوام مشاهير حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لها فبطل الاحتجاج به . والحسن البصرى لم يشافه ابن عمر ولا أبا هريرة ولا سمرة بن جندب ولا جابر بن عبد الله ، وقد سمع من معقل بن يسار وعمران بن حصين . والحسن ما رأى بدرياً خلا عثمان بن عفان ، وعثمان يعد من البدريين ولم يشاهد بدراً )) .​

*** *** ***
(10) عن أنس قال : قال رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( عليـكم بالحجامة يوم الخميس ، فإنها تزيد في الأرب )) ، قيل : يا رسول الله وما الأرب ؟ ، قال : (( العقل )) .
مـنكر . أخرجه العقيلى (( الضعفاء الكبير ))(3/454) ، وابــن عدى (( الكامل ))(6/16) ، وابن الجوزى (( العلل المتناهية ))(2/877/1468) جميعا من طريق الفضل بن سلام ثنا معاوية بن حفص ثنا محمد بن ثابت عن أبيه عن أنس به .
قال أبو جعفر : (( الفضل بن سلام منكر الحديث ، ومعاوية بن حفص مجهول ولا يعرف إلا به . وليس ثابت في التوقيت في الحجامة يوماً بعينه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيها أحاديث أسانيدها كلها لينة )) .​

*** *** ***
(11) عن الحسين بن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن في الجمعة لساعة لا يحتجم فيها أحد إلا مات )) .
موضوع . أخرجه أبو يعلى (12/150/6779) قال :ثنا جبارة ثنا يحيى بن العلاء عن زيد بن أسلم عن طلحة بن عبد الله عن الحسين به .
قلت : وهذا إسناد واهٍ بمرةٍ . يحيى بن العلاء وجبارة بن المغلس متروكان لا يحل الاحتجاج بحديث واحدٍ منهما ، فكيف إذا اجتمعا ؟!​

*** *** ***
(12) عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن في الجمعة ساعة لا يحتجم فيها محتجم إلا عرض له داء لا يشفى منه )) .
منكر . أخرجه البيهقى (( الكبرى ))(9/340) من طريـق عطاف بن خالد المخزومى عن نافع عن ابن عمر به .
قلت : وهذا منكر ، عطاف بن خالد وإن وثق لكنه يروى عن نافع المناكير ولا يتابع عليها ، ولا تشبه رواياته عنه أحاديث الثقات .​

*** *** ***
(13) عنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( مَنْ أَرَادَ الْحِجَامَةَ فَلْيَتَحَرَّ سَبْعَةَ عَشَرَ ، أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ ، أَوْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ ، وَلا يَتَبَيَّغْ بِأَحَدِكُمُ الدَّمُ فَيَقْتُلَهُ )) .
ضعيف جداً . أخرجه ابن ماجه (3486) قال : حدثنا سويد بن سعيد ثنا عثمان بن مطر عن زكريا بن ميسرة عن النهاس بن قهم عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
قلت : هذا إسناد واهٍ بمرةٍ . النهاس بن قهم أبو الخطاب البصري القاص . قال يحيى : ليس بشيء ضعيف ، يروي عـن عطاء عـن ابن عباس أشياء منكرة . وقال ابن عدي : لا يساوي شيئا . وقال ابن حبان : كان يروي المناكير عن المشاهير ، ويخالف الثقات لا يجوز الاحتجاج به . وقال الدراقطني : النهاس مضطرب الحديث تركه يحيى القطان . وأما عثمان بن مطر الشيباني البصرى ، فقد قال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الأثبات لا يحل الاحتجاج به . وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث منكر الحديث أشبه حديثه بحديث يوسف ابن عطية .​

*** *** ***
(14) عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتحل كل ليلة ، ويحتجم كل شهر ، ويشرب الدواء كل سنة .
موضوع . أخرجه ابن عدى (3/434) ، وابن الجوزى (( الموضوعات ))(3/210) من طريق سيف بن محمد الثورى عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة به .
قلت : هذا من وضع سيف بن محمد الثورى . قال أحمد : هو كذاب يضع الحديث ليس بشيء . وقال يحيى بن معين : كان كذابا خبيثا . وقال مرة : ليس بثقة . وقال أبو داود : كذاب . وقال زكريا الساجي : يضع الحديث . وقال النسائي : ليس بثقة ولا مأمون متروك . وقال ابن حبان : كان شيخا صالحا متعبداً ، إلا أنه يأتي عن المشاهير بالمناكير ، إذا سمع المرء حديثه شهد عليه بالوضع .​

*** *** ***
(15) عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للحجمة التى في وســط الرأس : (( إنها دواء من الجنون والجذام والبرص والنعاس والأضراس )) ، وكان يسميها منقذة .
موضوع . أخرجه الطبرانى (( الأوسط ))(5/42/4623) قال : حدثنا عبيد الله بن محمد العمرى ثنا إسماعيل بن أبى أويس حدثنى يزيد بن عبد الملك النوفلي عن أبى موسى عيسى بن أبى عيسى الحناط عن محمد ابن كعب القرظى عن أبى سعيد به
وقال : (( لا يروى هذا الحديث عن أبى سعيد الخدري الا بهذا الاسناد ، وتفرد به ابن أبي أويس )) .
وأخرجه الحاكم (4/234) من طريق الأويسى به نحوه وقال : (( صحيح الإسناد ولم يخرجاه )) .
قلت : بل حديث موضوع ، وإسناد مظلم تالف لا يحل الاحتجاج بمثله . يزيد بن عبد الملك بن المغيرة بن نوفل أبو خالد الهاشمي النوفلي المدني ، قال أحمد : عنده مناكير . وقال يحيى والدارقطني : ضعيف . وقال البخاري : أحاديثه شبه لا شيء وضعفه جدا . وقال أبو حاتم الرازي : منكر الحديث جدا . وقال النسائي : متروك الحديث . وأبو موسى عيسى بن أبى عيسى الحناط ، متروك . قال أحمد ويحيى : ليس بشئٍ . وقال ابن حبان : كان سيء الحفظ والفهم فاستحق الترك .​

*** *** ***
(16) عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الحجامة في الرأس شفاء من سبع ، إذا ما نوى صاحبها ، من : الجنون ، والجذام ، والبرص ، والنعاس ، ووجع الضرس ، والصداع ، وظلمة يجدها في عينيه )) .
موضوع . أخرجه الطبرانى (( الكبير ))(11/29/10938) ، وابن عدى (( الكامل ))(5/51) ، وابن الجوزى (( العلل المتناهية )) جميعا من طريق عمر بن رباح ثنا ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس به .
قلت : هذا منكر بهذا الإسناد . عمر بن رباح العبدى أبو حفص الضرير واهٍ بمرة . قال ابن عدى : يروي عن ابن طاوس بالبواطيل ما لا يتابعه أحد عليه والضعف بين على حديثه .​

*** *** ***
(17) عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الحجامة في الرأس دواء من : الجنون ، والجذام ، والبرص ، والنعاس ، والضرس )) .
منكر . أخرجه الطبرانى (( الكبير ))(12/291/13149) و(( الأوسط ))(5/16/4547) : حدثنا عبدان بن أحمد ثـنا عبد الله بن محمد العبادى البصري ثنا مسلمة بن سالم الجهنى حدثنى عبيد الله بن عمر عن نافع عن سالم عن ابن عمر به .
قلت : هذا منكر بهذا الإسناد . مسلمة ـ ويقال مسلم ـ بن سالم الجهنى المكى شيخ لا يحل الاحتجاج بخبره ولا يجوز الاعتماد على روايته ، قاله ابن عبد الهادى . وقال أبو داود : ليس بثقة .​

*** *** ***
(18) عن صهيب بن سنان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((عليكم بالحجامة في جوزة القمحدوة ، فإنه دواء من اثنين وسبعين داء ، وخمسة أدواء من : الجنون ، والجذام ، والبرص ، ووجع الأضراس )) .
ضعيف جداً . أخرجه الطبرانى (( الكبير ))(8/36/7306) قال : حدثنا زكريا بن يحيى الساجي ثنا محمد بن موسى الحرشي ثنا عيسى بن شعيب ثنا الدفاع أبو روح القيسي ثنا عبد الحميد بن صيفي عن أبيه عن جده صهيب به .
قلت : هذا إسناد ليس بالقائم . دفَّاع بن دغفل القيسي البصري ضعيف الحديث ، قاله أبو حاتم . وعيسى بن شعيب البصرى . قال ابن حبان : كان ممن يخطىء حتى فحش خطؤه ، فاستحق الترك .​

*** *** ***
(19) عن أنس أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (( الحجامة في نقرة الرأس تورث النسيان )) .
موضوع . قال العجلونى (( كشف الخفاء ))(1/416) : (( قال في (( المقاصد )) : رواه الديلمي عن أنس مرفوعاً ، وفي سنده عمر بن واصل اتهمه الخطيب بالوضع )) .
قلت : ترجمه الخطيب فى (( التاريخ ))(11/221) ، وذكر من موضوعاته ما رواه عن أبي هريرة أن النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى إبليس حسن السحنة ، ثم رآه بعد ذلك ناحل الجسم متغير اللون ، فقال له النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( ما الذي انحل جسمك وغير لونك من بعد ما رايتك أولا )) ، فقال : خصال في أمتك .. وذكر حديثاً طويلاً كله أباطيل وطامات .​

*** *** ***
(20) عن سلمى مولاة النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت : (( كنت عند رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوماً جالسة ، إذ أتى إليه رجل ، فشكا إليه وجعا يجده في رأسه ، فأمره بالحجامة وسط رأسه ، وشكا إليه ضربانا يجده في قدميه ، فأمره أن يخضبها بالحناء ، ويلقي في الحناء شيئاً من ملح )) ، وفى رواية (( شيئاً من حرمل )) .
منكر . أخـرجه الخطيب (( تاريخ بغداد ))(13/259) ، وابن الجوزى (( العلل المتناهية ))(2/878/1470) كلاهما من طريـق معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبى رافع أخبرني عمى معاوية بن عبيد الله وأبى محمد كلاهما عن عبيد الله عن سلمى مولاة النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به .
قـلت : هذا منكر الإسناد والمتن . معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع ، ليس بثقة ولا مأمون ، قاله يحيى بن معين . وقال البخارى : منكر الحديث . وقال أبو حاتم الرازى : رأيته فلم اكتب عنه ، كان يكذب . وقال ابن حبان : ينفرد عن أبيه بنسخة أكثرها مقلوبة ، لا يجوز الاحتجاج به ، ولا الرواية عنه إلا على جهة التعجب . وقال ابن عدى : مقدار ما يرويه لا يتابع عليه .​

*** *** ***
(21) عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ أَرْبَعٍ : مِنَ الْجَنَابَةِ ، وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَمِنَ الْحِجَامَةِ ، وَغُسْلِ الْمَيِّتِ .
منكر . أخـرجه ابن أبى شيبة (1/433/4994) ، وأحمد (6/152) ، وإسحاق بن راهويه (549) ، وأبو داود (348) ، والدارقطنى (1/113/8) ، والبيهقى (1/300،299) جميعا من طريق مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب عن عبد الله بن الزبير عن عائشة به
قلت : أنكره أحمد بن حنبل وقال : مصعب بن شيبة روى أحاديث مناكير . وقال أبو حاتم : لا يحمدونه وليس بقوي . وقال الدراقطني : ليس بالقوي ولا بالحافظ .​

*** *** ***
(22) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( ثَلاثٌ لا يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ : الْحِجَامَةُ ، وَالْقَيْءُ ، وَالاحْتِلامُ )) .
ضعيـف جداً . أخـرجه عبد بن حميد (959) ، والترمذى (719) ، وابن حبان (( المجروحين ))(2/58) ، وابن عدى (4/271) ، وأبو نعيم (( الحلية ))(8/357) ، وابن شاهين (( الناسخ والمنسوخ ))(401،400) ، والبيهقى (4/264) ، والخطيب (( تاريخ بغداد ))(7/68) جميعا من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبى سعيد الخدرى .
قَالَ أَبو عِيسَى : (( حديــث أبي سعيد الخدري حديث غير محفوظ ، وقد روى عبد الله بن زيد بن أسلم ، وعبد العزيز بن محمد وغير واحد هذا الحديث عن زيد بن أسلم مرسلاً ، ولم يذكروا فيه عن أبي سعيد . وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم يضعف في الحديث )) .
قلت : قد أبان الترمذى علته وأفصح عن حال عبد الرحمن ، وهو أضعف أبناء زيد بن أسلم . ضعفه أحمد وعلى بن المدينى والنسائى وأبو داود والدارقطنى . وقال ابن معين : ليس حديثه بشيء . وقال أبو حاتم : ليس بقوي في الحديث كان في نفسه صالحا وفي الحديث واهياً . وقال ابن حبان : كان ممن يقلب الأخبار وهو لا يعلم حتى كثر ذلك في روايته من رفع المراسيل وإسناد الموقوف فاستحق الترك .​

*** *** ***
(23) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( نِعْمَ الْعَبْدُ الْحَجَّامُ : يَذْهَبُ بِالدَّمِ وَيُخِفُّ الصُّلْبَ ، وَيَجْلُو الْبَصَرَ )) .
ضعيف . أخرجه الترمذى (2053) ، وابن ماجه (3478) ، والطبرانى (( الكبير ))(11/326/11893) ، وابن عدى (4/339) ، والحاكم (4/235) جميعا عن عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس به .
قـلت : إسـناده ليس بذاك القوى . عباد بن منصور يدلس عن عكرمة ، وله عنه مناكير . قال عباس الدورى ، وأبو بكر بن أبى خيثمة عن يحيى بن معين : ليس بشىء . وزاد عباس عن يحيى : وكان يرمى بالقدر .
وقال أبو حاتم الرازى : كان ضعيف الحديث ، يكتب حديـثه ، و نرى أنه أخذ هذه الأحـاديث عن ابن أبى يحيى عن داود بن الحصين عن عكرمة عـن ابن عباس . وأسند أبو جعفر العقيلى عن على بن المدينى قال : سمعت يحيى بن سعيد يقول : قلت لعباد بن منصور : سمعت (( ما مررت بملإ من الملائكة )) و (( أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يكتحل ثلاثا )) ؟ ، فقال : حدثنى ابن أبى يحيى عن داود بن حصين عن عكرمة عن ابن عباس . و قال أبو داود : ولى قضاء البصرة خمس مرات ، و ليس بذاك ، و عنده أحاديث فيها نكارة . وقال النسائى : ضعيف ، ليس بحجة . وقال فى موضع آخر : ليس بالقوى .​

*** *** ***
(24) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( إِنَّ خَيْرَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ : اللَّدُودُ ، وَالسَّعُوطُ ، وَالْحِجَامَةُ ، وَالْمَشِيُّ )) .
ضعيـف جداً . أخرجه الترمذى (2048) ، والحاكم (4/233) كلاهما من طريق عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس به .
وقال أبو عبد الله الحاكم : (( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه )) .
قلت : كيف ذا ؟ ، وعباد بن منصور مدلس ذو مناكير . وقد سبق بيان حاله وشدة ضعفه .​

*** *** ***
(25) عن أم سعد قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بدفن الدم إذا احتجم .
منكر . أخرجه ابن سعد (( الطبقات الكبرى ))(1/448) ، والطبرانى (( الأوسط )) (1/271/882) كلاهما من طريق هياج بن بسطام عن عنبسة بن عبد الرحمن بن سعيد بن العاص عن محمد بن زاذان عن أم سعد به .
وقال أبو القاسم : (( لا يروى هذا الحديث عن أم سعد إلا بهذا الإسناد تفرد به عنبسة )) .
قـلت : هذا إسناد واهٍ بمرة . عنبسة بن عبد الرحمن بن عنبسة بن سعيد بن العاص القرشي . قال يحيى بن معين : ليـس بشيء . وقال النسائي : متروك . وقال البخاري والعقيلي : تركوه . وقال أبو حاتم الرازي : كان يضع الحديث . وقال ابن حبان : هو صاحب أشياء موضوعة ، لا يحل الاحتجاج به . وقال الدارقطني : ضعيف . وقال الأزدي : كذاب .
وهياج بن بسطام أبو بسطام الهروي . قال أحمد : متروك الحديث . وقال يحيى بن معين : ضعيف . وقال مرة : ليس بشيء . وقال أبو داود : تركوا حديثه ليس بشيء . وقال ابن حبان : يروي المعضلات عن الثقات .​

*** *** ***
(26) عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بدفن سبعة أشياء من الإنسان : الشعر والظفر ، والدم والحيضة ، والسن ، والمشيمة ، والقلفة .
منكر . أخرجه الحكيم الترمذى (( نوادر الأصول )) ، والرافعى (( التدوين فى أخبار قزوين ))(1/455) كلاهما من طريق مالك بن سليمان الهروي ثنا داود بن عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن أبيه .
قلت : إسناده ليس بذاك القوى . مالك بن سليمان الهروى ، فى عداد الضعفاء ، يخطئ ويدلس ، وله مناكير .
قال ابن حبان (( الثقات )) : (( مالك بن سليمان بن مرة النهشلي من أهل هراة . يروى عن : ابن أبى ذئب ومالك روى عنه أهل بلده . وكان مرجئا ممن جمع وصنف ، يخطىء كثيرا ، وامتحن بأصحاب سوء كانوا يقلبون عليه حديثه ، ويقرؤن عليه ، فإن اعتبر المعتبر حديثه الذي يرويه عن الثقات ويروى عنه الاثبات مما بين السماع فيه لم يجدها إلا شبيه حديث الناس ؛ على أنه من جملة الضعفاء )) .
وزاد ابن حجر (( لسان الميزان )) : (( وقال الساجي : بصري يروي مناكير . وضعفه الدارقطني )) .​

*** *** ***
(27) عن عمر بن الخطاب قال : نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن حلق القفا إلا للحجامة .
منـكر . أخرجه ابن حبان (( المجروحين ))(1/319) ، والطبرانى (( الأوسط ))(3/220/2969) و(( الصغير )) (261) ، وابن عدى (3/373) جميعا من طريق الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس عن عمر .
قلت : إسناده واهٍ بمرة . سعيد بن بشير ، قال يحيى بن معين : ليس بشيء . وقال عبد الله بن نمير : منكر الحديث ، وليس بشيء ، ليس بقوي الحديث ، يروى عن قتادة المنكرات . وقال ابن حبان : كان رديء الحفظ فاحش الخطأ يروي عن قتادة مالا يتابع عليه . وأما الوليد بن مسلم ، فهو وإن كان ثقة فى نفسه ولكنه فاحش التدليس ، يدلس تدليس التسوية .
قال ابن أبى حاتم (( علل الحديث ))( 2/316/2462) : ((سألت أبي عن حديث رواه سليمان بن شرحبيل عن الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن حلق القفا إلا عند الحجامة . قال أبي : هذا حديث كذب بهذا الاسناد ، يمكن أن يكون دخل لهم حديث في حديث . قال أبي : رأيت هذا الحديث في كتاب سليمان بن شرحبيل ، فلم أكتبه ، وكان سليمان عندى في حيز لو أن رجلا وضع له لم يفهم )) .
وفى (( سؤالات البرذعى لأبى زرعة ))(1/549) : (( قلت : حديث يروى عن سليمان بن عبد الرحمن عن الوليد عن سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه نهى عن حلق القفا إلا في الحجامة . فقال : باطل ليس هذا من حديث الوليد )) .
وللحديث إن شاء الله بقية ، وهى : هل شرب أحد دم حجامة النبى صلى الله عليه وسلَّم ؟ ، أسأل الله أن يمدلنا فى العمر لنكمل البحث .
**************************
*************
*********

مقالةٌ حديثيَّةٌ في أوقاتِ الحجَامَةِ

الحمد لله رب العالمين ، و صلى الله على رسوله و على آله و صحبه ، أما بعد :

فإن للحجامة أحكاما كثيرة شرعية و طبية ، تناولها علماء الدين و علماء البدن ، على حدّ سواء ، كل من جانبه الخاصّ به ، و المقصد الذي أود التطرق إليه في مقالي هذا ما يتعلق بوقت الحجامة. فأقول بادئ ذي بدء – مستعينا بالله وحده - :

الحجامة : دواء من أمثل الدواء و أفضله ، ففي الصحيحين من حديث أنس : (إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري ) .

و قد احتجم النبي صلى الله عليه و سلم ، و احتجم أصحابه من بعده ..

و هذا التحقيق في أمر الحجامة : أنها علاج و دواء يتسعان به على إزالة المرض و الضر ، و ليست هي سنة لكل أحد ، فمن قال له الأطباء إنك بحاجة إليها فهو ذاك ، و من لا فلا .

ووقتها : هو باتفاق أهل الطب في النصف الثاني من الشهر ، كما قال ابن القيم بعد أن ساق أحاديث التوقيت : ( وهذه الأحاديث موافقة لما أجمع عليه الأطباء أن الحجامة في النصف الثاني – يعني من الشهر - وما يليه من الربع الثالث من أرباعه أنفع من أوله وآخره وإذا استعملت عند الحاجة إليها نفعت أي وقت كان من أول الشهر وآخره ..) ثم قال : ( واختيار هذه الاوقات للحجامة فيما إذا كانت على سبيل الاحتياط والتحرز من الأذى وحفظا للصحة وأما في مداواة الامراض فحيثما وجد الاحتياج إليها وجب استعمالها ) ( زاد المعاد 4/59-60) ، و نقله ابن حجر أيضا في الفتح (10/157) .

و لكن هل ورد في الباب شيء مسند صحيح إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؟

الجواب :
يجيبك عليه أئمة الصناعة الحديثية :
1 – قال عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله تعالى : ( ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم [فيها] شيء إلا أنه أمر بها ) ( الموضوعات 3/509 – ط السلف ، و المغني لابن بدر الموصلي ص : 517 مع جنة المرتاب ، و ما بين المعقوفتين من المغني )

2 - نقل الخلال عن أحمد أنه كره الحجامة في الأيام المذكورة وأن الحديث لم يثبت .

و قال حنبل بن إسحاق كان أحمد يحتجم أي وقت هاج به الدم وأي ساعة كانت . ( الفتح 10/158- السلفية )

قال ابن الجوزي : ( و قد كره أحمد بن حنبل الحجامة يوم السبت و الأربعاء لحديث روي عن الزهري مرسلا غير مرفوع و قال : يعجبني أن يتوقى ذلك) ( الموضوعات 3/504 – ط السلف ) .

3 - و قال العقيلي رحمه الله تعالى : ( وليس في هذا الباب في اختيار يوم للحجامة شيء يثبت ) ( الضعفاء 1/150)
و نقله ابن حجر بلفظ ( وليس في الحجامة شيء يثبت لا في الاختيار ولا في الكراهة ) ( التهذيب 1/419) .
و في علل ابن الجوزي ( 2/877) بلفظ : ( و ليس يثبت في التوقيت في الحجامة شيءٌ في يوم بعينه ولا في الاختيار و الكراهية شيءٌ يثبت ) و كذلك هو في الموضوعات ( 3/509 –ط السلف ) .
و على نحو آخر في المغني ص : 517 لابن بدر الموصلي .

4- و قال البرذعي : ( شهدت أبا زرعة : لا يثبت في كراهة الحجامة في يوم بعينه ولا في استحبابه في يوم بعينه حديثا ، قلت له : حديث أبي بكرة ؟ قال : ليس بالقوي ثم قال أجود شيء فيه حديث أنس كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتجمون لسبع عشرة ولتسع عشرة وإحدى وعشرين فهذا يوافق الأيام كلها فقلت فحديث معقل بن يسار فحرك رأسه كالمتقي من ذكرى له كأن سلاما الطويل عندكم في موضع لا يذكر قلت فحديث سهيل فحرك رأسه وقال سعيد بن عبد الرحمن عن سهيل ) ( السؤالات 2 /757-759 ) .
قلت : و هذا النص نفيسٌ جدّا لم أر من وقف عليه من الأئمة و نقله ، حتى البوصيري الذي ألف في الحجامة جزءا لم يقف على موضعه مع أهميته الكبيرة .
و هذا شرح ما تضمنه من فوائد و فرائد :
أولا : لا يثبت في كراهة الحجامة في يوم بعينه ولا في استحبابه في يوم بعينه حديثا .
و ثانيا : تضعيف حديث أبي بكرة و حديث معقل ، و حديث سهيل عن أبيه عن أبي هريرة .

و ثالثا : أن أجود ما في الباب موقوف أنس : ( أنس كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتجمون لسبع عشرة ولتسع عشرة وإحدى وعشرين ) .
قلت : حديث أنس هذا وقفت عليه – بفضل الرحيم الرحمن – فقد أخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار ( 1/520/رقم : 821 – مسند ابن عباس ) قال : حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا هشام عن قتادة عن أنس قال : كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحتجمون لوتر من الشهر.
قلت : هذا سند صحيح غاية .، و لعله لفظ آخر ، أو رواية بالمعنى .

و يتأيد بما أخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار ( 822- مسند ابن عباس ) بسند صحيح من حديث أنس بن سيرين قال : حدثني رفيع أبو العالية قال : ( كانوا يستحبون الحجامة لوتر من الشهر .

و رفيع هو : ابن مهران التابعي الكبير ، الذي أدرك الجاهلية و أسلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، و سمع جمعا كبيرا من الصحابة : الثقة المجمع على توثيقه .

و لهذا فقولُ أبي العالية ( كانوا ) عندي = لا أراه إلا يعني بهم : أصحاب النبي صلى الله غليه وسلم ، فروايته في الأغلب عنهم ، و تندر في الكتب روايته عن التابعين .

و في الباب عن التابعين مثله :
فقد أخرج ابن جرير في تهذيب الآثار ( 823) بسند صحيح عن ابن عون قال : كان يوصي – يعني محمد بن سيرين – بعض أصحابه أن يحتجم لسبع عشرة و تسع عشرة .
و زاد بسند صحيح من طريق آخر عن ابن سيرين : و إحدى وعشرين .

و في معرفة الرجال لابن محرز عن ابن معين و ابن المديني و غيرهما قال ابن المديني : ( ليس ينبغي لأحد أن يكذب بالحديث إذا جاءه عن النبي صلى الله عليه و سلم وإن كان مرسلا ، فإن جماعة كانوا يدفعون حديث الزهري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من احتجم يوم السبت أو يوم الأربعاء فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه ،فكانوا يفعلونه فبلوا .
منهم : عثمان البتي أصابه الوضح .
و منهم عبدالوارث يعني بن سعيد التنوري فأصابه الوضح . و منهم أبو داود فأصابه الوضح
و منهم عبد الرحمن فأصابه بلاء شديد ) المعرفة رقم : 628 .

فائدة و تنبيه :
قال البخاري في صحيحه : ( باب أي ساعة يحتجم )
قال ابن حجر في شرحه للعبارة : ( و ورد في الأوقات ( الأصل : الأوقاف ) اللائقة بالحجامة أحاديث ليس فيها شيء على شرطه فكأنه أشار إلى أنها تصنع عند الاحتياج و لا تتقيد بوقت دون وقت لأنه ذكر الاحتجام ليلا وذكر حديث بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم وهو يقتضي كون ذلك وقع منه نهارا ... و قد ورد في تعيين الأيام للحجامة حديث لابن عمر عند ابن ماجة رفعه في أثناء حديث وفيه : فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس واحتجموا يوم الإثنين والثلاثاء واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء والجمعة والسبت والأحد . أخرجه من طريقين ضعيفين ، و له طريق ثالثة ضعيفة أيضا عند الدارقطني في الأفراد ، وأخرجه بسند جيد عن ابن عمر موقوفا) . ( الفتح 10/157-158- السلفية )

قلت : قوله ( و أخرجه بسند جيد ..) الضمير يعود – كما هو ظاهر – إلى الدارقطني في كتابه ( الأفراد ) ، و الأثر فيه – كما في الأطراف ( 3/435) – و فيه قول الدارقطني : ( لم يروه غير عبد الله(1) بن هشام عن أبيه عن أيوب – يعني عن نافع عن ابن عمر .. ) .

قلت : و أثر ابن عمر هذا أخرجه الطبري في تهذيب الآثار ( 843) و الحاكم (4/211)من نفس الطريق ، و سنده واه ، عبد الله بن هشام الدستوائي متروك الحديث ، و بهذا أعله الذهبي في تلخيص المستدرك .
و على كلٍّ ، فالأخذ بما ثبت عن الصحابة و التابعين هو الأصوب ، و ذلك – إن لم يكن عن سنة نبوية رأوها أو سمعوها – لكمال عقولهم و رجحان فهومهم ، و قد اتفق أهل الطب على بعض الذي ذهبوا إليه .

و أحاديث الباب متفاوتة درجاتها في الضعف ، و لعل بعضها أصله الوقف ، فأخطأ راويه فرفعه ، كرواية سعيد بن عبد الرحمن عن سهيل ، و الله أعلم.

**************************
*************
*********

يتبع
 

أحدث المواضيع

أعلى