انفعال يثيره احتياز الشعور بخطر. الخوف ارتكاس وجداني سويّ للعضوية المعرّضة لتهديد واقعي. ويتميزّ الخوف من الحَصَر، خوف لا عقلاني، دون موضوع، ومن القلق الذي لا يتضمّن مظهراً من النسق النباتي.
متعلقات
الرهاب الاجتماعي (الخوف المرضي) مشكلة هذا العصر(1)
أنواع الخوف: الخوف أنواع ودرجات، وهي حالة تعترض مسيرة المرء في هذه الحياة، وهذه الحالة على أشكال كثيرة منها أمور محسوسة كالخوف من الحيوانات المفترسة مثلا، وهناك مخاوف من أشياء غير محسوسة كالخوف من المجهول أو الخوف من الفشل أو النجاح، أ والخوف من الموت أو من أمر غير محدد ونحو ذلك. إذن هناك خوف طبيعي كالخوف من الحيوانات المفترسة والزواحف القاتلة، والخوف من عدو، والخوف من الظلام، فمثل هذا الخوف يعتبر شعور طبيعي لدى الناس، بل لدى جميع الكائنات الحية، وكل إنسان يستجيب لهذا الشعور بطريقة مختلفة، إذن هذه تعتبر مخاوف طبيعية حين يعبر عنها بصورة واقعية، أما موضوع المقال فهو الخوف المرضي، وهو خوف لا يتناسب والمثير، كالخوف من الأماكن المرتفعة أو ركوب الطائرة أو المصاعد والسلالم الكهربائية، والخوف من المواقف الاجتماعية المختلفة ؛ في الاجتماعات والاحتفالات والأفراح وفي المدرسة والعمل والأسواق، أو الخوف من مقابلة أفراد مهمين، أو الخوف من التحدث أم الحشود، أو إمامة الناس في الصلاة ونحو ذلك. عبارة عن خوف غير طبيعي (مرضي) دائم وملازم للمرء من شيء غير مخيف في أصله، وهذا الخوف لا يستند إلى أي أساس واقعي تعريف الرهاب الاجتماعي: و الرهاب (phobia) عبارة عن خوف غير طبيعي (مرضي) دائم وملازم للمرء من شيء غير مخيف في أصله، وهذا الخوف لا يستند إلى أي أساس واقعي، ولا يمكن السيطرة عليه من قبل الفرد، رغم إدراكه أنه غير منطقي، ومع ذلك فهو يعتريه ويتحكم في سلوكه، هو شعور شديد بالخوف من موقف لا يثير الخوف نفسه لدى أكثر الناس، وهذا ما يجعل الفرد يشعر بالوحدة، والخجل من نفسه، ويتهم ذاته بالجبن وضعف الثقة بالنفس والشخصية، فهو إذن عبارة عن اضطرابات وظيفية أو علة نفسية المنشأ لا يوجد معها اضطراب جوهري في إدراك الفرد للواقع. مسميات الرهاب الاجتماعي: يطلق عليه في العربية عدة مسميات منها: الفزع، الرهاب، الخوف المرضي، الخُواف، المخاوف المرضية، الخوف الاجتماعي المرضي، القلق الاجتماعي المرضي. انتشار الرهاب الاجتماعي: وهو عََرَض نفسي منتشر بين مختلف فئات المجتمع، ويشير حسان المالح وآخرون إلى كونه اضطراب نفسي واسع الانتشار، تصل نسبة انتشاره بين 7%-14% في المجتمعات الغربية وغيرها، وهو اضطراب مزمن ومعطل، ولكنه قابل للعلاج، ويظهر عند الإناث والذكور بنسبة 2 إلى 1، كما يظهر عادة في سن الطفولة أو المراهقة، وهو يترافق مع اضطرابات القلق الأخرى ومع الاكتئاب، كما يمكن أن يقود لاستعمال الكحول والمواد المخدرة لدى بعض الأشخاص الذين يحاولون – فيما زعموا - معالجة أعراض خوفهم بها. وهو عََرَض نفسي منتشر بين مختلف فئات المجتمع، ويشير حسان المالح وآخرون إلى كونه اضطراب نفسي واسع الانتشار، تصل نسبة انتشاره بين 7%-14% في المجتمعات الغربية وغيرها ويشير فيصل الزراد أن هذا العرض يمثل 20% من مرضى العصاب، في حين أشارت جريدة Expressen اليومية السويدية أن نسبته انتشاره بين الشعب السويدي يتراوح بين 13 - 15 %، أما في الوطن العربي فليس هناك دراسات مسحية شاملة تبين نسبته، ولكن يذكر عبد الله السبيعي أن الرهاب الاجتماعي من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً في مجتمعنا بالذات، ويعتقد أنه أكثر انتشاراً فيه من أي مجتمع آخر، مع عدم وجود دراسات إحصائية دقيقة لذلك، ويضيف قائلا: و يبدو الرهاب الاجتماعي في الرجال - وبالذات المتعلمين منهم والشباب - بشكل أوضح منه في النساء، ويؤكد ذلك حسان المالح وآخرون: بأن بعض الدراسات في العالم العربي، إضافة للملاحظات العيادية، تشير إلى أن هذا الاضطراب واسع الانتشار في مجتمعاتنا العربية..، وتصل نسبة المصابين به، من مرضى العيادات النفسية إلى حوالي 13 % من عموم المرضى، المراجعين لتلك العيادات، ويؤكد ذلك عبد الإله الضعيفي بقوله: " من أبرز المشكلات الصحية النفسية والاجتماعية في مجتمعنا (السعودي) ومن خلال تجربتنا هو الرهاب الاجتماعي والاكتئاب عند النساء والإدمان عند الشباب بأنواعه، وعصاب الوسواس عند الشباب والشابات، ويتفق معي الكثير من المتخصصين في هذا المجال لان المجتمع السعودي له خصوصيات تجعله يهاب طرح مشاكله بشكل علني ومباشر". أنواع الرهاب الاجتماعي: الرهاب ليس نوعا واحدا بل هو متعدد الأنواع، فهناك رهاب المرتفعات، ورهاب الأماكن الواسعة، ورهاب الاختبار، ورهاب الأماكن الضيقة، ورهاب الشرطة، ورهاب الناس والمجتمع، ورهاب المرأة من قبل الرجل، ورهاب الرجل من قبل المرأة، ورهاب الماء، ورهاب المصاعد، ورهاب الطيران، ورهاب المدرسة أو الكلية، ورهاب النيران، ورهاب رؤية الدماء، ورهاب رؤية الغرباء، ورهاب الموت، ورهاب الظلام، ورهاب الازدحام، ورهاب الحيوانات الأليفة، ورهاب الحشرات والزواحف العادية، ورهاب العواصف والرعد، ورهاب تحمل المسؤولية، ورهاب العدوى والجراثيم، ورهاب السفر، ورهاب الروائح، ورهاب الأفاعي، ورهاب الأصوات، ورهاب الطعام، ورهاب الأعماق، ورهاب الأشياء الحادة، ورهاب الأشباح، ورهاب التسلق، ورهاب القطط، ورهاب الطيور، ورهاب الهواء والغازات، ورهاب الوحدة، ورهاب اللون الأحمر حيث هو رمز للجروح وغيرها، ورهاب اللذة، ورهاب السمك، ورهاب النحل، ورهاب الأوساخ، ورهاب العبور من فوق الماء، ورهاب الجري، وغير ذلك. مظاهر وصور الرهاب الاجتماعي: ومن مظاهره الخوف المستمر الذي قد يرافقه أعراض أخرى، كالصداع وألم الظهر واضطرابات المعدة والإحساس بالعجز، والشعور بالقلق والتوتر، وخفقان القلب، والشعور بالنقص، وتصبب العرق، واحمرار الوجه، والشعور بعدم القدرة على الاستمرار واقفا، وتوقع الشر، وشدة الحذر والحرص، أو التهاون والاستهتار، والاندفاع وسوء التصرف، والإجهاد، والإغماء، وزغللة النظر، والدوار، والارتجاف، والتقيؤ، والاضطراب في الكلام، والبوال أحيانا، والعزلة، والانغماس في الاهتمامات الفردية لا الجماعية، كما أن من ظاهره التصنع بالشجاعة والوساوس والأفعال القسرية، وأحيانا الامتناع عن بعض مظاهر السلوك العادي، وخوف الفرد من الوقوع في الخطأ أمام الآخرين، كما يزداد خوفه كلما ازداد عدد الحاضرين - وليست كثرة الناس شرطا لحدوث الرهاب الاجتماعي إذ انه يحدث الرهاب للفرد عند مواجهة شخص واحد فقط – وتزداد شدة الرهاب، كلما ازدادت أهمية ذلك الشخص، كحواره مع رئيسه في العمل مثلا..، وليس بالضرورة أن تكون كل هذه المظاهر، تصاحب كل حالة رهاب، ولكن تتفاوت بحسب الحالة ودرجة الرهاب، وعمر الحالة، وطبيعة البيئة التي يعيش فيها الفرد. وقد يوجد بعض المصابين بهذا العرض، يتشبث بصحبة شخص معين بالذات، كأمه أو أبيه أو صديقه، والمريض الغني الخائف من الموت يتشبث بوجود طبيب دائما إلى جواره، ومعه العلاج المناسب لكي يقي نفسه خطر الموت كما يتصور. كما قد يكون الرهاب معطلاً للنشاط، فيمتنع المصاب به عن الذهاب إلى العمل أو المدرسة لعدد من الأيام، كما أن كثيرا ممن يعانون من الرهاب الاجتماعي، يقضون وقتاً صعباً في ابتداء الصداقات أو المحافظة عليها. ويمكن القول - بصورة عامة - أن هذا الاضطراب المزمن، يعطل الفرد وطاقاته، في مجال السلوك الاجتماعي، فهو يجعله منسحباً منعزلاً خائفاً، لا يشارك الآخرين، ولا يستطيع التعبير عن نفسه، كما يصبح أداءه المهني أو الدراسي أقل من طاقاته وقدراته، إضافة إلى ذلك، فإن المعاناة الشخصية كبيرة، والمصاب به ويتألم من خوفه وقلقه ونقصه، وقد يصاب بالاكتئاب وأنواع من القلق والسلوك الإدماني.. ونحو ذلك. عرض لنماذج من معاناة البعض من الرهاب الاجتماعي: نعرض فيما يلي بعضا من أسئلة أو تقارير الأخوة والأخوات ممن يعانون بصورة أو بأخرى من عرض الرهاب • أخاف من الظلام والأماكن المغلقة. • لقد رفضت الترقية عدة مرات في عملي وذلك لأنني سأضطر أن أقود الناس وأوجههم وذلك مالا أستطيعه. • لا أستطيع أن أمشي خارج البيت في الليل. • لدي طفل في العاشرة من عمره اكتسب نوعا من الخوف الرهيب من المدرسة، لأن المشرفات على التنظيف يُخِفْن الأطفال بوجود الجن في المراحيض، كي تبقى تلك المراحيض نظيفة، ونتج عن ذلك خوف لديه حتى من التنقل بين غرف المنزل. • أحس حينما أكون محط أنظار الآخرين وكأنني أقف على إسفنج. • إن وقوفي في طابور المحاسب في الأسواق العامة، سبب لي كثيرا من المتاعب، وكلما اقتربت من نهاية الطابور، كلما ازدَدْتُ رعشة وتعرقا، وفي النهاية قررت عدم الذهاب للأسواق. • أحس حينما أتحدث أمام الآخرين، أنني سأخلط الكلام ببعضه. • ما هي أسباب الخوف من ركوب الطائرة وكيف يمكن التغلب عليه ؟ • أتمنى أن تبتلعني الأرض، و لا أضطر للحديث أمام الجمع من الناس، ولو كان عددهم لا يتجاوز عشرة أفراد. • لا أستطيع التجوال في الأسواق، حيث كثرة الناس. • أنا شاب أبلغ من العمر 29 عامًا، عندي حالة رعشة في أصابع اليدين، وهذه الحالة تزداد في حالة الغضب والتوتر، فتمتد إلى أجزاء أخرى من الجسم. • لا أستطيع أن أمر بالأزقة الضيقة • أنا رجل أخاف من التجمعات الاجتماعية كحفلات الزواج وغيرها، وأخاف حتى من أداء بعض الأمور اليومية، كمراجعة الدوائر الحكومية. • لا أستطيع أن أصلي في الصفوف الأولى، حيث أصلي بجانب الباب أو نافذة مفتوحة. • أحس أن وجهي تتغير معالمه حينما ينظر إلي الآخرون. • لاحظت أنني لا أستطيع في الآونة الأخيرة، إمامة الناس حينما تفوتني الصلاة مع الجماعة الأولى. • يوجد لدي خوف شديد، وتسارع في ضربات القلب، فما هو العلاج ؟ • أنا طالبة في الصف العاشر، أعاني من مشكلة هي رعشة الجسم دائماً، فمثلاً عندما أقرأ في الصف فقرة صغيرة، أو عندما أقف في الطابور أمام المعلمات، أو حتى عندما أدعو زميلاتي إلى المنزل تنتابني تلك الرعشة. • لا أستطيع أن أذهب كضيف عند الأصدقاء، لأنني أخشى غلق الأبواب. • أنا طالب جامعي، وعمري 21 سنة، عندي مشكلة، وهي أنني دائما (مرتبك وخائف)، وأن حركاتي سريعة، وكأنني (خبل). • أعاني من مشكلة لا اعرف ما هي بالضبط، وهي عندما أريد إن أتكلم بين مجموعة من الناس، اشعر بخوف شديد وأيضا رعشة. • لا أدري لماذا دائما، أحس بالضعف في مواجهة الآخرين. • الرهاب الاجتماعي مرض يكتسب، كيف يمكنني أن أربي ابني بشكل صحيح، فلا يعاني من أية مخاوف حين يكبر؟ • لا أستطيع ركوب الطائرة. • لا ادري لماذا لا يمكنني الحديث، وينتابني الخوف من الخطأ، وأحس أنني سأتلعثم في الكلام، حينما يسألني الأستاذ في الفصل، رغم أنني اعرف الإجابة، بل احفظها عن ظهر قلب. • إن شبح مواجهة الناس، هو الكابوس المفزع الذي يقلقني. • أنا فتاة في أوائل العشرينيات، أشعر بخجل كبير، حين أشعر أن من حولي يركزون معي فيما أفعل. • كيف أتغلب عن الرهاب، فدائما أشعر بارتباك شديد، عندما أقدم على التحدث، أو التواجد بين العديد من الأشخاص ؟ • أنا شاب أعمل في مجال يقتضي مني التكلم بطلاقة، لكني عندما أقوم بعمل تقديم أو عرض، أشعر بدقات قلبي ترتفع، ونبضي يزداد، وأحيانا أعرق، وأكون في غاية الحرج. • أعاني من حالة رعب شديد وخوف، عند القيادة في الطرق السريعة، تجعلني لا أتجاوز سرعة 60 كيلو، والخوف كذلك حين تخطي أية سيارة، خاصة الأتوبيس والنقل، على تلك الطرق السريعة. • أعاني من نوبات خوف وهلع شديد، مع ضيق في التنفس و شعور بالموت. هذه بعض من المعاناة التي يعانيها من ابتلي بهذا العَرَض، وقد أطلت بعرض مثل هذه الشكاوى لغرض علاجي نفسي، وهو ألا يشعر باليأس أو القنوط من يعاني من أعراض الرهاب، وأن هناك من يعايش ما يحسه من آلام، وأن كثيرين قد تم شفاؤهم بإذن الله تعالى. أسباب الرهاب الاجتماعي: ليس هناك سبب محدد بعينه، ولكن وجود استعداد في الشخصية، مع أساليب تنشئة وتربية خاطئة، قد تقود لمثل هذا العَرَض، وقد يكون الشعور بالإثم – كما يشير بعض الباحثين – ينعكس على شكل خوف أو فزع في الأفعال أو الأعمال من بعض الأمراض، أو خوف العواصف والرعود والحروب والزلازل، وقد يكون بسبب فعل منعكس عزز منذ الطفولة فعمم الفرد تلك الخبرة على مواقف مشابهة أو غير مشابهة لذلك الموقف السابق. وهذا الاضطراب يظهر مبكراً، في سن الطفولة، أو بداية المراهقة، حيث وجدت دراسات مختلفة، أن هناك مرحلتين يكثر فيهما ظهور هذا الاضطراب: مرحلة ما قبل المدرسة على شكل خوف من الغرباء، و المرحلة الأخرى مابين سن 12-17 سنة على شكل مخاوف من النقد و التقويم الاجتماعي والسخرية، وهو مما يتصف به المراهق عادة. و بالرغم من أن الإصابة بالرهاب الاجتماعي، تحدث في هذه المراحل المبكرة، إلا أنه يعتبر أيضاً من الاضطرابات النفسية المزمنة، والتي قد تستمر عشرات السنين إذا لم تعالج، خاصة أن بعض المصابين بالرهاب الاجتماعي- حتى مع علمهم بهذه الحالة - قد يتأخرون في طلب المساعدة والعلاج سنين عديدة، إما بسبب خجلهم من الحالة نفسها، أو خوفاً من مواجهتها و الاعتراف بوجودها. ولعل سبب كثرة انتشاره، في مجتمعنا العربي عامة والخليجي خاصة، يرجع إلى أساليب التنشئة الأسرية والتعليمية الخاطئة في مراحل الطفولة، حيث يعمد الأب إلى طرد ابنه من المجلس (صالة الضيوف)، بحجة أنه مازال صغيرا، ولا ينبغي له الجلوس مع الكبار !! فهذا عيب، كما ينهره حين التحدث أمام الكبار، فهذا من قلة الأدب، كما أن الرجل لا يصطحب معه طفله، في المناسبات الأسرية والاجتماعية، لأن هذا عيب، إذ كيف يحضر أطفاله (بزرانه)، مع الضيوف والكبار ؟!! إنه عيب اجتماعي كبير !!، ومنها زجر الطفل بكلام قاس وشديد وبصوت مرتفع حينما يخطئ ولو بشي تافه، ومنها نهر الابن حينما يخطئ في صب القهوة والشاي للضيوف... الخ، وما يقال عن الأب، يقال عن الأم مع بناتها وأطفالها، إلا أن هذه الأساليب الخاطئة، بدأت تختفي تدريجيا ولله الحمد، لكنها لا تزال بصورة أو بأخرى موجودة في الأرياف. كذلك من أسبابها ما يحصل في المواقف التربوية المدرسية، حين يعمد المعلم أو المعلمة، إلى تعنيف الطالب أو الطالبة، حين يتطوع للإجابة ويخطئ أو تخطئ الإجابة، بل وجعل زملائه وزميلاتها أحيانا يسخرون منه أو منها ببعض الحركات التهكمية، وبالتالي يحجم أو تحجم عن المشاركة في المناقشة فيما بعد، حيث نعاني من قلة المشاركة، من قبل طلبة وطالبات الكلية، ولعل هذا من الأسباب !!. ومنها أسلوب المعاملة، والذي يغلب عليه التحقير والإهانة، حين يقدم الابن أو البنت، في المبادأة في عمل أو إنجاز، أو طرح فكرة مشروع أو رأي، ونحو ذلك فيقابل بهذا الأسلوب من قبل الكبار، سواءً كانوا آباء أو أمهات أو معلمين ومعلمات !!. ومنها أساليب التحذير المبالغ فيها، للبنين والبنات، من أمور شتى، ومنها استخدام الأساطير ( السباحين والحدوتات )، المشتملة على مواقف مرعبة ومخيفة، ومنها استخدام الرموز الافتراضية، لأجل كف أو منع أو تهديد الأطفال من بعض المواقف، مستخدمين في ذلك مثل هذه الرموز ( كالسعلو، المقرصة الحامية، عوافي الله، البلو، الحرامي، العفريت، الجني... الخ ). ومنها ظروف البيئة المنزلية، وما يكتنفها من مشاجرات، وخصام وسباب وشتيمة، بين أفراد الأسرة، ويزداد الأمر سوءا، حين يكون بين الأبوين وأمام الأطفال، فيخرج الطفل من هذه البيئة، وهو يشعر بتصور عن العالم من حوله، أنه ملئ بالمشكلات والتهديد، فينعكس على شخصيته المتوجسة للخوف، والتي تعيش هاجسه، في بيئة فقدت الأمن، وبالتالي كَثُر الهم والحزن، ولذا نجد أن الله جل وعلا، نفى عن عباده الصالحين، كلا النوعين في يوم القيامة، في أكثر من خمسة عشر موضعا، قال تعالى: { فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }البقرة 38. وترجع مدرسة التحليل النفسي الرهاب، باعتباره تعبير عن حيلة دفاعية لا شعورية، حيث يحاول المريض عن طريق هذا العَرَض، عزل القلق الناشئ من فكرة أو موضوع أو موقف مرَّ به في حياته، وتحويله إلى موضوع رمزي، ليس له علاقة بالسبب الأصلي، والذي غالبا يجهله المريض، فالرهاب إذن عبارة عن عملية دفاع، لحماية المريض من رغبة لا شعورية عدوانية أو مستهجنة في الغالب.
الأساليب العلاجية والوقائية: تتنوع أساليب العلاج وتعدد، وهذا يتوقف على نوع الرهاب وطبيعته ودرجته، فهناك العلاج السلوكي، ويقوم هذا النوع على إطفاء الشعور بالخوف عن طريق الممارسة السلبية أو الإغراق أو الكف المشترك، ويمكن المعالجة بالتعريض التدريجي للموقف المثير بحيث تتكون لديه ثقة في الشيء الذي يخاف منه، وذلك بأن يُجعل المريض في حالة تقبل واسترخاء ثم يقدم الشيء المثير تدريجيا مع الإيحاء والتعزيز، ومع المثابرة والتكرار يتعلم المريض الاطمئنان للشيء الذي كان يخافه، وهناك طريقة التخدير ثم التدرج في غرس عادة جديدة، ومن الأساليب أسلوب الإغراق أو الطوفان، حيث يقوم هذا الأسلوب، على مواجهة المريض، بأكثر المواضيع إثارة، حتى ينكسر الوهم، بالمواجهة لا بالتدريج، لكن لهذا الأسلوب – بحسب نوع وطبيعة الحالة – بعض الآثار السلبية. ومن الأساليب التوجيه الإيحائي، بصورة فعالة وإيجابية، مما يؤدي إلى نتائج أفضل من العلاج السلبي العادي، ومن الأساليب العلاج الدوائي، ودور العقاقير هنا، هو إزالة أو تخفيف الفزع قبل حدوثه، ويستخدم مع بعض الحالات، قبل تطبيق العلاج السلوكي، وإلا فلا يوجد عقار، يقطع حالة الخوف، كما هو تأثير العلاج في الأمور العضوية. وهناك وسائل وقائية، مثل منع مثيرات الخوف، والحيلولة دون تكوين خوف شرطي أو استجابة شرطية، ومن ذلك عدم إظهار القلق على الأولاد، حين تعرضهم لموقف مثير للخوف، مع العمل بكل هدوء – ما أمكن ذلك – لشرح طبيعة ذلك الموقف، ومن ذلك أيضا التقليل من المبالغة في النقد والتحقير والاستهزاء، وكذلك عدم إظهار خوف الكبار أمام أطفالهم لئلا ينتقل لهم هذا الخوف عن طريق التقمص والتقليد، ومنها تعويد الطفل على النظر للجوانب الإيجابية وعدم التركيز على الأخطاء فقط، ومنها تدريب الطفل منذ الصغر على مواجهة المشكلات ومحاولة حلها ومساعدته في ذلك بالتوجيه والتسديد. تلك أبرز الجوانب المتعلقة في هذا العرض النفسي واسع الانتشار، والتي آمل أن أكون قدمت للقارئ والقارئة ما يجيب على كثير من تساؤلاتهم واستفساراتهم حول هذا المرض، مما يساعدهم على تخطي هذا الأمر، والعمل الوقائي لئلا يتكرر مع أطفالهم، سائلا الله أن يديم على الجميع الصحة والعافية والتسديد في القول والعمل وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. حلول للاستشارات النفسية والسلوكية ما هو الفرق بين الخوف و القلق المرضى؟ الإحساس بالقلق والخوف هو رد فعل طبيعي وذو فائدة في المواقف التي تواجه الإنسان بتحديات جديدة. فحين يواجه الإنسان بمواقف معينة مثل المقابلة الأولى للخطوبة أو الزواج، أو المقابلة الشخصية الهامة للحصول على عمل، أو يوم الامتحان، فانه من الطبيعي أن يحس الإنسان بمشاعر عدم الارتياح والتوجس، وأن تعرق راحتا يداه، ويحس بآلام في فم المعدة. وتخدم ردود الفعل هذه هدفًا هامًا حيث أنها تنبهنا للاستعداد لمعالجة الموقف المتوقع. ولكن أعراض القلق المرضي تختلف اختلافًا كبيرًا عن أحاسيس القلق الطبيعية المرتبطة بموقف معين. فأمراض القلق هي أمراض يختص الطب بعلاجها ولهذا الاعتبار فإنها ليست طبيعية أو مفيدة. وتشمل أعراض مرض القلق الأحاسيس النفسية المسيطرة التي لا يمكن التخلص منها مثل نوبات الرعب والخوف والتوجس والأفكار الوسواسية التي لا يمكن التحكم فيها والذكريات المؤلمة التي تفرض نفسها على الإنسان والكوابيس، كذلك تشمل الأعراض الطبية الجسمانية مثل زيادة ضربات القلب و الإحساس بالتنميل والشد العضلي. و بعض الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلق التي لم يتم تشخيصها يذهبون إلى أقسام الطوارئ بالمستشفيات وهم يعتقدون أنهم يعانون من أزمة قلبية أو من مرض طبي خطير. وهناك العديد من الأشياء التي تميز بين أمراض القلق وبين الأحاسيس العادية للقلق،حيث تحدث أعراض أمراض القلق عادة بدون سبب ظاهر، وتستمر هذه الأعراض لفترة طويلة. ولا يخدم القلق أو الذعر المستمر الذي يحس به الأفراد المصابين بهذا المرض أي هدف مفيد، وذلك لأن هذه المشاعر في هذه الحالة عادة لا تتعلق بمواقف الحياة الحقيقية أو المتوقعة. وبدلاً من أن تعمل هذه المشاعر على دفع الشخص إلى التحرك والعمل المفيد،فانه يكون لها تأثيرات مدمرة حيث تدمر العلاقات الاجتماعية مع الأصدقاء وأفراد العائلة والزملاء في العمل فتقلل من إنتاجية العامل في عمله وتجعل تجربة الحياة اليومية مرعبة بالنسبة للمريض منذ البداية. وإذا تُرك المرض بغير علاج، فيمكن حينئذ أن يحد عرض القلق المرضي من حركة الإنسان بشكل كامل أو أن يدفعه إلى اتخاذ تدابير متطرفة مثل أن يرفض المريض أن يترك بيته أو تجنبه المواقف التي قد تؤدي إلى زيادة قلقه.
الخوف عند الأطفال(2)
كيف تساعدين أطفالك في التغلب على مخاوفهم. أحياناً يبدو العالم بالنسبة للأطفال الصغار مكاناً مرعباً، والأشياء التي تبدو لنا ككبار طبيعية وآمنة تماماً، قد تبدو لهم مؤذية ومخيفة. يجب أن يعلم الأبوان أن الخوف شعور إنساني طبيعي وأن كل الأطفال يشعرون بالخوف في أوقات معينة في حياتهم وأن هذا الخوف هو جزء طبيعي في تطورهم. بمساعدة ورعاية الأبوين، يمكن للطفل أن يفهم مخاوفه ويعرف كيف يتغلب عليها. الأسباب الرئيسة فى مخاوف الأطفال يقسم د. تامر الجويلى – مدرس الطب النفسى بجامعة القاهرة – مخاوف الأطفال كالآتى: ,* الخوف من الغرباء يبدأ الطفل فى اكتشاف أن هناك أشخاص قريبين منه وآخرين ليسوا كذلك، وهذه هي بداية ما يسمى بالخوف من الغرباء * الخوف من الانفصال وفوبيا المدرسة الخوف من الغرباء يتحول بعد ذلك إلى خوف من الانفصال، وهو خوف الطفل من الانفصال عن أمه أو عن الشخص الذى يرعاه وكذلك الخوف من بيئة جديدة لم يعتاد عليها. الخوف من الانفصال يكون طبيعياً حتى سن السادسة ولكن يمكن أن يتحول بعد ذلك إلى "فوبيا المدرسة" وهو مرض وليس مجرد خوف. يجب أن تختفى "فوبيا المدرسة" فى أول 3 سنوات من عمر الطفل، وإذا لم يحدث ذلك، قد يحتاج الأمر لعلاج نفسى متخصص. * المخاوف المكتسبة الخوف من الأشباح، الظلام، لعب معينة، الأصوات العالية،..الخ، كلها أمثلة للمخاوف المكتسبة حيث أنها تكتسب عن طريق التعلم. على سبيل المثال، إذا شاهد الطفل فيلماً مرعباً عن الأشباح، العنف، أو الظلام سيخاف منها وسترتبط هذه الأشياء لديه بالخوف. يوضح د. تامر أنه فى السن الصغير يتعلم مخ الطفل من خلال الربط بين الأشياء. على سبيل المثال، إذا تعلم الطفل أن يشعر بالأمان من خلال "البصر"، فيجب أن تكون لديه رؤية واضحة طوال الوقت، وبما أن الظلام يهدد بصر الطفل فبالتالى يهدد شعوره بالأمان لأنه اعتاد على رؤية الأشخاص الذين يعرفهم ويشعر بالأمان معهم. يقول د. تامر: "قد تتعلق المخاوف المكتسبة أيضاً بالبيئة." على سبيل المثال، الأطفال الذين يعيشون فى الريف قد لا يخافون من حيوانات الحقل حيث أنها حولهم فى كل مكان، ولكن قد يخافون من الأشباح، أو من بعض القصص الأسطورية التى تحكى فى بعض الأرياف مثل الريف المصرى. على الجانب الآخر، قد يخاف طفل المدينة من حيوانات الحقل لأنها ليست مألوفة بالنسبة له. *الوالدان قد يكون الوالدان دون قصد هما السبب فى مخاوف طفلهما. فهما قد يعرضان طفلهما لسماع قصص مخيفة سواء منهم أو من مربيته أو من أى شخص يقوم برعايته، أو قد يهمل الأبوان الإشراف على ما يشاهده الطفل فى التليفزيون أو عن طريق الإنترنت أو ما يسمعه فى الراديو، أو قد يقوم الأبوان بمناقشة موضوعات أمام الطفل لا يستطيع استيعابها، أو قد يكون أحد الأبوين يعانى من مخاوف خاصة به (مثل الخوف من الظلام، الأشباح، …الخ.) حيث يمكن أن تنتقل هذه المخاوف إلى الطفل. * البيئة المحيطة بالطفل قد يكون الطفل خائفاً من البقاء فى البيت بمفرده أو تحت رعاية أخيه الأكبر دون إشراف أبويه أو شخص كبير خاصةً إذا كان هذا الأخ الأكبر يتربص به أو يخيفه كنتيجة لغيرته منه. *التجارب المؤلمة إن تعرض الطفل لتجربة أليمة مثل مرض أحد أفراد الأسرة القريبين له، أو حدوث وفاة فى الأسرة قد يسبب له الخوف بل قد يكون سبباً فى إصابته باكتئاب فى حياته فيما بعد. * الخلافات الزوجية الخلافات الزوجية من أهم الأسباب وراء عدم شعور الطفل بالأمان وقد يتوجه خوف الطفل إلى شئ آخر مثل لعبة معينة أو الظلام، …الخ. هذا خوف ارتباطي، حيث لا تكون اللعبة هى السبب الرئيسي فى الخوف. *نقص المعرفة نقص معرفة الأطفال وعدم فهمهم للأمور بشكل جيد من الأسباب الشائعة الأخرى وراء مخاوف الأطفال. على سبيل المثال، قد لا يستوعب الطفل مفهوم النكتة، فقد يداعبه شخص كبير ويقول له أنه معجب بأصابعه الصغيرة وأنه سيأخذها معه، فى هذه الحالة قد يفهم الطفل هذا الكلام على أنه حقيقة ويصبح خائفاً من ذلك الشخص ومن الموقف ذاته. *استقلالية الطفل واعتماده على نفسه عندما يبدأ الطفل فى الاعتماد على نفسه، مثل مشيه وحده لأول مرة، قد يتملكه الشعور بالخوف. سريعاً ما يبدأ الطفل فى ملاحظة أنه مثلما يستطيع المشي والابتعاد عن أمه أو عن الشخص الذي يقوم برعايته يمكن لأمه أيضاً أو لذلك الشخص أن يبتعد عنه، ومن الصعب على الطفل أن يشعر بالأمان خلال هذه التغيرات. كيفية تهدئة مخاوف الأطفال * استمعا لطفلكما اسمحا لطفلكما بالاعتراف بمخاوفه ومناقشتها. احترما مخاوفه وتقبلاها دون الحكم عليه أو السخرية منه لأنها بالنسبة له تعتبر مخاوف حقيقية. هذه هي أفضل طريقة لمساعدة طفلكما. تعاملا مع مخاوف طفلكما المتعلقة بالمدرسة يوضح د. تامر أن الآباء يجب أن يتعاملا بشكل مباشر مع مخاوف طفلهما المتعلقة بالمدرسة. يجب أن يعرف الأبوان ما إذا كان أحد يتربص بطفلهما فى المدرسة، أو ما إذا كان أحد مدرسيه يعامله بعنف، أو إذا لم يكن الطفل قادراً على منافسة زملائه، أو إذا كانت لديه مشاكل أخرى. الأطفال الحساسين قد يكونون أكثر عرضة لهذه النوعية من المخاوف. فى البداية، تعتبر المدرسة بالنسبة للطفل مكاناً مخيفاً ولمساعدة الطفل فى التغلب على هذه المخاوف، يجب أن يكون هناك جهد مشترك من قبل الأبوين والمدرسة معاً. هناك سبب آخر فى هذه النوعية من المخاوف وهو أن تكون الأم نفسها لديها خوف من الانفصال مما ينعكس على طفلها. خلصا طفلكما من خوفه بتعريضه تدريجياً للشئ الذى يخيفه عرضا طفلكما تدريجياً للشئ أو الحيوان أو الموقف الذى يخيفه. بتكرار تعريض الطفل لما يخاف منه، سيستطيع الطفل فهم الأمر أياً كان الشئ الذى يخاف منه، وسيختفى السبب وراء خوفه. على سبيل المثال، إذا كان الطفل خائفاً من القطط، يمكن لوالديه أن يعرضاه لرؤية القطط تدريجياً باصطحابه لمكان به قطة لكى يراها الطفل من بعيد. بعد مرة أو بعد عدة مرات من مشاهدة القطة، يمكن للطفل أن يقوم بالتربيت عليها إذا أبدى استعداداً لذلك، ثم يمكنه بعد ذلك إطعامها،..الخ. هذا يجب أن يتم بتدريج شديد، فبهذه الطريقة سيستطيع الطفل التحكم فى الشئ الذى يخيفه وبذلك يستطيع فهم مخاوفه والتعامل معها. ساعدا طفلكما على التحكم فى خياله ينصح د. تامر قائلاً: "اجعلا طفلكما يتحدث عن المخاوف الموجودة بخياله، وحاولا أن تجعلاها ظريفة أو مضحكة. الهدف هو استخدام الشئ نفسه الذى يخيف الطفل – على سبيل المثال الشبح - فى مساعدته فى السيطرة على خياله وبالتالى التغلب على مخاوفه." على سبيل المثال، يمكن أن يطلب الأبوان من الطفل تخيل الشبح بشكل مضحك مرتدياً قبعة كبيرة ملونة أو ملابس المهرج. تخلصا من مصدر الخوف حاولا بقدر الإمكان التعرف على الأشياء التى تخيف طفلكما مثل الأصوات المزعجة، مشاهد معينة، الخلافات الزوجية، …الخ، ثم تخلصا منها. كونا على دراية بمخاوفكما يجب أن يكون الوالدان على دراية بمخاوفهما هما ويجب أن يتعاملا معها بشكل فعال لكى لا ينقلاها لطفلهما. إذا لم يتمكن الأبوان من التعامل مع مخاوفهما قد ينقلاها إلى طفلهما، فخوف الأم من الظلام على سبيل المثال ونومها والنور مضاء قد ينتقل بسهولة إلى الطفل. إذا انتقل هذا الخوف للطفل، فيجب أن يتولى التعامل مع هذا الموقف الطرف الآخر الذى لا يعانى من ذلك الخوف"
الأمن النفسي في الإسلام يستمد معناه ومضمونه من أساسيات الديــن فالأيمان بالله واليوم الأخر والحساب والقضاء والقدر والنظر إلى الدنيا على إنها زائلة كل هذه الثوابت التي يؤمن بها الإنسان المسلم تؤدي إلى أمنـــه النفسي وصقله بالاتزان والطمأنيــنة وتحرره من الاضـطراب والقلق وتقـود إلى راحة البال فلا يرتاب ولايشك فيه مصداقاً لقوله تــعالى (وما جعلــه الله ألا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم) ( آل عمران26). إن الأيمـان له دور في شـعور الفرد بالأمن، فالأيـــمان حتى يبلغ مـــداه ويشـــرق على القلب سناه، ويســري في أعماق النفــس مجراه فتـبدو آثاره المباركة على الفرد والجماعة، فالأيمان بالله يعد أعظـم أسباب الأمن النفسي عكس ذلك الذين جحدوا الله فتراهم في خوف واضطراب، وقلق وكآبة وفزع، كما أن الإيمان ينمي الشعور بالانتماء للجماعة إذ حث القرآن الكريـم على مــد يـــــد العــون والمـساعدة وبالتـالي العيـــش في أمـان لقـولـــه تـــــعالى ( إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقـــــوا الله لعلكـم ترحـــمون) (الحجرات10). ويصف الرسول صلى الله عليه وآله وســلم وصفاً جميلاً فيه من المعاني السـاميـة، والمنـطلقات التربويـــة العظيـمة، التي لــو تأسى بـها كل فـرد في حياتـه لشـعر بنعمة من نعم الله التي لا تحصى التي تجعل الفرد يشعر بالقوة والسعادة، والآمان، والأخوة، وهذا الوصف تضمنــــه الحديــث الشريــــف ( مثـل المؤمنين في توادهـم، وتراحمـهم، وتعاطفهم كمـثل الجسـد الــذي إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). إن ارتباط الأمن النفسي بمجموعة سمات تكون أساساً لمقوماته وبدونها يبقى الفـرد يشعر بحالة قلقة، والسمات منها، التوكل علـى الله والصبر عند الملمات إذ يقــول الأمام علــي بن أبى طالـب (ع) (أن تجزع تؤزر وأن تصبر تؤجر)،فضلاً عن ذلك فالصبر يعد رافدا ًمن روافد الأمن النفسي لدى المؤمن فهو حبس النفس عن الجزع، والسخط، والشكوى وتحمل الانتظار ومواجهة مصاعب الحياة دون ملل، وتذكير الفرد بأن كل ما يناله في حياته من شقاء وِنــعم هـو من الله عز وجل، فيشعر بالأمـن ويشكر الله على نعمه ويصبر على البلاء، والمصيبة، فالصبر إذا ما اقـترن بالصلاة يجعل الفرد مطمئناً إذ يقول الله سبحانه وتعالـى (استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مــع الصابرين). ( البقرة 153) وكان رسـول الله صلى عليه وآله وسلم، إذ حزنـه أمـر فزع إلى الصـلاة. كيف لا وللصلاة تأثير عجيـب في دفـع شرور الدنـيا والآخـرة وسـر ذلك أن الصلاة صلة بين العـبد وربه، ومعراج إلى المولى عـز وجـل وعلى قدر هذه الصلة يفتح علـيه من الخـيرات أبوابـها، ويقطع عنــه من الشـرور أسبابها ويفيض عليـه فيرى التوفـيق، والعافـية وينشرح القلب ويندفع الكرب بحول الله وقوته وتأييده ورحمته.. فالصلاة تنهي عن الفحشـاء، والمنكر، والمؤمن المصلي صـادق في قولـه وأفعاله، فالصدق من القيم التي تساعد في تعزيز الأمن النفسي، ويقول الله تعالى (رجال صدقوا ما عاهدوا الله ). ويبدو التأثير النفسي للصدق في الحديث النبوي الشريف (الصدق طمأنينة والكذب ريبة) فالكذب يؤدي بالفرد إلى الخوف، والتوتر لأنه لا يكذب إلى إذا كان خائفاً، أما الصادق فلا يوجد ما يحمله على الكذب لتيقنه أنه لن يصيبه إلا ما كتـب الله له. ويتضـمن الصدق قيماً أخرى، كالشجاعة، والجرأة، والإخلاص والصـبر يـؤدي بالمؤمن إلـى راحـة النفس، والتــحرر من الخوف، ومجابهة الأمور، وعدم الهرب منها، فالصادق مع نفسه، ومع ربه، ومع الآخريــــــن لا يشعر بالتوتر والقلق بل يحيا حياة آمنة مطمئنة، إذ يقـول الرسـول صــلى الله عليه وآله وسلم (الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة). ومن السـمات الأخـرى المطـلوبـة لتحقيـق الأمـن النفـسي، هـي:الرضـــــــا والقناعة، والأمل، فهذه جميعها يمكنها بث الأمان لـدى من يتحلى بها فكـرا ًوسلوكا ً، فالرضا والقناعة تشعر المـؤمن بأنه قريب مـــن الله وفي رعايته فيطمئن إلى قدرة الله تعالى ويعقل قوله عز وجل: (في بضع سنين لله الأمر من قبل وبعد ويومئذِ يفرح المؤمنون )(الروم4). فحيثما يعتـقد المؤمـن بأن الله هـو مدبـر الكون، وأمـره نافـذ في خلقه تـهدأ نفسه، ويشعر بالأمـن النفسي، والاطمئنان، فالنفـس المطمئنة، هـي النفس المؤمنة، والتـي يكـون سلوكها و نهجها على ضوء القرآن الكريم فترقـى في ظله رقيا شاملا ًيتمثل في تقوى الله لقوله تعالى ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ً ويرزقه من حيث لا يحتسب)(الطلاق 2-3). ومن القـيم التي ترفد الأمن النفسي لدى الفرد حسن الظن بالله، والتفاؤل وإذا ما اعتمد القلب على الله وتوكل عليه، ولم يستسلم للأوهام ولا يتملكه الخيال السيئ ووثق بالله وطمع في فضله اندفعت عنه بذلك الهموم والغموم وزالت عنه كثير من الإسقام، وحصل للقلب من القوة، والانشراح والسرور والغبطة. إن شـعور الفـرد بالرضـا من أول أسبـاب الســكينة النفسـية التــي هي سر السعادة، والمؤمن هو الذي يحس تلك الحالة النفسية، فالرضا نعمة روحية مبعثها الأيمان بالله رب العالمين وحسن الظن به.