ضياء الروح
عضو ذهبي
رد: ~نساء في زمن النبوة~..
سابعا/ أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها..
إن الظروف التي جعلت من صفية رضي الله عنها أما للمؤمنين على جانب كبير من الأهمية، وهي من صميم حركة المسيرة التاريخية للدعوة الإسلامية، فلابد من الحديث عنها وإجلالها، ودونما إسهاب ممل أو تفصيل مخل.
كان أبوها حيي بن أخطب من أخطر الزعامات اليهودية في المدينة على الإسلام والمسلمين حقدا وغدرا بهم، وكان زعيما لبني النضير إحدى أكبر ثلاث قبائل من اليهود كانت تسكن المدينة (بني النضير وبني قينقاع وبني قريظة).
وكان قد سبق لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة مهاجرا وأخذ في تنظيم المجتمع الجديد، أن عقد مع اليهود عهودا ومواثيق، كل قبيلة منهم على حدة.
لكنهم بما جبلوا عليه من غدر وخيانة لم يلبثوا أن نقضوا تلك العهود، وكان بنوقينقاع أول المغادرين، ثم لحق بهم بنوالنضير.
جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم مع جمع من الصحابة رضوان الله عليهم مستعينا بهم على دفع دية قتيلين خطأ، لما بينه وبينهم من الحلف فرحبوا به في الظاهر، ثم قاموا ليتشاوروا، فاقترح زعيمهم حيي بن أخطب أن يغتنموا فرصة وجود محمد بين ظهرانيهم، في قلة من أصحابه فيغدروا به ويخلصوا منه، فوافقه أكثرهم وسعوا للتنفيذ.....!!
فجاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله ليخبره بما يكاد له، فقام في هدوء منصرفا حتى من بين أصحابه..!
وفوجئ يهود بنوالنضير بفشل خطتهم..
وظن الصحابة المرافقون لرسول الله بأنه إنما تركهم لبعض شأنه وحاجته..
فلما طال غيابه لحقوا به، فأخبرهم بالحقيقة.....!
ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير أن يجلوا عن المدينه. جزاء ماكان منهم.. وأعطاهم مهلة.. فرفضوا وتحصنوا وأيدهم رأس المنافقين عبدالله بن سلول.
وعندما انتهت المدة حاصرهم جند الإسلام وتخلى عنهم ابن أبي المنافق، ثم أكرههم رسول الله على الجلاء.. فخرجوا من الدينة إلى خيبر..
ومن هنا راح ينفث حيي بن أخطب ينفث سموم حقده من جديد.. ويوغر صدور المشركين.. فكانت وقعة الخندق ثم وقعة بني قريظةالذين حالفوا المشركين ونقضوا عهدهم مع رسول الله.
وكان حيي بن أخطب في بني قريظة فضربت عنقه مع المقاتلين الذين حكم فيهم سعد بن معاذ بقتلهم..
وكان لابد من فتح خيبر مصدر القلق والتآمر على المسلمين، وبعد معاناة شديدة من حصونها المتعددة، ومقاتليها الأشداء، سقطت في أيدي المسلمين.
* دخولها رضي الله عنها بيت النبوة.
وقعت صفية بنت حيي بن أخطب في سهم دحية الكلبي سبية؛ فتنافس عليها جملة من الصحابة، كل يريدها لنفسه، إذ كانت فائقة الجمال، وابنة ملك بني النضير، وزوجة زعيم خيبر كنانة بن أبي الحقيق....!
وحسما للخلاف اختارها النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه، واشترط عليها الإسلام والحرية فقبلت، فجعلها خلفه وعليها رداءه..
تلك هي الظروف التي أدت إلى دخول صفية رضي الله عنها بيت النبوة..
حياتها رضي الله عنها في بيت النبوة.. *
رأى النبي صلى الله عليه وسلم اخضرارا في عيني صفية رضي الله عنها فسألها عن سببه، فقالت:
حين كنت عروسا لكنانة بن أبي الحقيق رأيت كأن الشمس نزلت حتى وقعت على صدري، فقصصت ذلك على زوجي، فلطمني لطمة شديدة وقال: تمنين أن تكوني عند ملك العرب!؟
وقالت أم سنان الأسلمية وكانت أي صفية من أضوأ مايكون من النساء.
((صفية)) التي قتل أبوها يوم بني قريظة، وكذلك زوجها كنانة بن أبي الحقيق في خيبر، ورأت مارأت من مآسي حلت بقومها.. كانت في حياتها في بيت النبوة وبعد لحوقه صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى مايؤكد على الحب الذي كانت تكنه في قلبها،، الحب الكبير، والعمق الإيماني العظيم..
[ لما قدمت رضي الله عنها من خيبر أنزلت في بيت لحارثة بن النعمان فسمع نساء الأنصار فجئن ينظرن إلى جمالها، وجاءت عائشة متنقبة فلما خرجت خرج النبي صلى الله عليه وسلم في أثرها فقال: كيف رأيت ياعائشة؟ قالت: رأيت يهودية..!! فقال: لاتقولي ذلك، فإنها أسلمت وحسن إسلامها].. لم تقف غيرة النساء عند حد عائشة رضي الله عنها وحدها، بل تجاوزتها إلى أكثر من واحدة من أزواجه صلى الله عليه وسلم..
وقالت رضي الله عنها:
دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بلغني عن عائشة وحفصة كلام كانتا تقولان: نحن أكرم على رسول الله من صفية، نحن أزواجه وبنات عمه، فذكرت له ذلك، فقال: ألا قلت: وكيف تكونان خيرا مني وزوجي محمد وأبي هارون وعمي موسى.... فقد كانت رضي الله عنها من ذرية هارون بن عمران عليه السلام..
ومن أبرز صفاتها رضي الله عنها أنها كانت عاقلة حليمة فاضلة.. دست عليها جارية لها عند عمر رضي الله عنه فقالت: إن صفية تحب السبت، وتصل اليهود..
فبعث إليها فسألها عن ذلك...!
فقالت رضي الله عنها: أما السبت فإني لم أحبه منذ أبدلني الله به الجمعة..، وأما اليهود فإن لي فيهم رحما.. فأنا أصلها..
وعرفت رضي الله عنها أن جاريتها هي التي دست عليها، فقالت لها: ماحملك على هذا؟ قالت الجارية: الشيطان!! قالت صفية: اذهبي فأنت حرة..
وفاتها رضي الله عنها.. *
كانت وفاتها سنة اثنتين وخمسين في خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه........
فرضي الله عنها وأرضاها..
وسأتناول بعدها بإذن الله عزوجل سيرة أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها..