موسوعة الصحابة (رضوان الله عليهم)

تميم بن أوس
رضي الله عنه



من هو؟

تميم بن أوس بن خارجة بن سُود بن جَذيمة بن وداع الدَّاري ، أسلم في السنة التاسعة
من الهجرة ، وروى عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، كانت له ابنة اسمها رقية .


إيمانه

كان من علماء الكتابين ( نصرانياً ) ، وكان يختم في ركعة ، وكان كثير التهجّد ، وقام ليلة بآية حتى أصبح وهي قوله تعالى ( أم حَسِبَ الذين اجترحوا السّيئات ) سورة الجاثية.

كما أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أقْطَعه بيت حَبْرون عندما سكن في فلسطين ، وهو أول من أسْرَج السِّراج في المسجد ، وأول من قصّ القصص في عهد عمر.


حديث تميم الكبير

نادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( الصلاة جامعة ) فخرج المسلمون الى المسجد وصلوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فلمّا قضى رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- صلاتـه جلس على المنبـر وهو يضحـك فقال ( ليلْزَمْ كلُ إنسانٍ مصّلاه ) ثم قال ( أتدرون لِمَ جمعتُكم ؟) قالوا ( الله ورسوله أعلم ) قال ( إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا رهبة ، ولكن جمعتكم لأنّ تميماَ الداري كان رجلاً نصرانياً ، فجاء فبايعَ وأسلمَ ، وحدّثني حديثاً وافقَ الذي كنتُ أحدّثكم عن المسيح الدَّجال.
حدّثني أنه ركب في سفينة بحرية ، مع ثلاثين رجلاً من لخم وجُذام ، فلعب بهم الموجُ شهراً في البحر ، ثم ارْفَؤوا إلى جزيرةٍ في البحر ، حتى مغرب الشمس ، فجلسوا في أقْرُب السفينة -أي في السفن الصغيرة تكون مع السفينة الكبيرة- فدخلوا الجزيرة ، فلقيتهم دابّةٌ أهلب -أي غليظة الشعر- كثيرة الشعر ، لا يدرون ما قُبُلُـه من دُبـُره ، من كثرة الشعـر ، فقالوا ( ويلك ما أنتِ ؟!) فقالت ( أنا الجسّاسة ) قالوا ( وما الجسّاسة ؟) قالت ( أيها القوم ! انطلقوا إلى هذا الرجل في الدّير ، فإنه إلى خبركم بالأشواق ) قال لمّا سمّتْ لنا رجلاً فرِقْنا منها -أي خِفنا منها- أن تكون شيطانة.
قال فانطلقنا سْرَاعاً ، حتى دخلنا الدّير ، فإذا فيه أعظمُ إنسانٍ رأيناه قطّ خَلْقاً ، وأشدُّهُ وِثاقاً ، مجموعةٌ يداه إلى عُنقه ، ما بين رُكبتيه إلى كعبيه بالحديد ، قلنا ( وَيْلَك ! ما أنت ؟) قال ( قد قَدَرْتُم على خبري ! فأخبروني ما أنتم ؟) قالوا ( نحن أناس من العرب ، ركبنا في سفينة بحريّة ، فصادفنا البحر حين اغتَلم -أي هاج- فلعب بنا الموجُ شهراً ، ثم أرفأنا إلى جزيرتِكَ هذه ، فجلسنا في أقرُبها ، فدخلنا الجزيرة ، فلقِيَتْنا دابّة أهلبُ كثير الشعر ، لا يُدرى ما قُبُلُهُ من دُبِرِه من كثرة شعره ، فقلنا ( ويلك ! ما أنتِ ؟) فقالت ( أنا الجسّاسة ) قلنا ( وما الجسّاسة ؟) قالت ( اعمِدُوا إلى هذا الرجل في الدّير فإنّه إلى خبركم بالأشواق ) فأقبلنا إليك سْرَاعاً ، وفزِعْنا منها ، ولم نأمن أن تكون شيطانة ؟).

فقال ( أخبروني عن نخـل بَيْسَـانَ -قرية بالشام-) قلنا ( عن أيِّ شأنها تَسْتَخْبـِر ؟) قال ( هل في العيـن ماءٌ ؟ وهل يزرع أهلهـا بماء العيـن ؟) قلنا له ( نعم ، هي كثيرة الماء ، وأهلها يزرعون من مائها ) قال ( أخبروني عن نبيِّ الأمّيّين ما فَعل ؟). قالوا ( قد خرج من مكة ونزل يثرب ). قال ( أقاتله العرب ؟). قلنا ( نعم ). قال ( كيف صنع بهم ؟). فأخبرناه أنّه قد ظهرَ على من يليه من العرب وأطاعوه ). قال لهم ( قد كان ذلك ؟). قلنا ( نعم ). قال ( أما أنّ ذاك خيرٌ لهم أن يطيقوهُ ، وإني مخبركم عني.

إني أنا المسيح ، وإني أوشك أن يُؤذن لي في الخروج ، فأخرج فأسير في الأرض فلا أدعُ قريةً إلاّ هبطتها في أربعين ليلة ، غير مكة وطيبة فهما محرّمتان عليّ كلتاهما ، كلّما أردت أن أدخل واحدةً أو واحداً منها ، استقبلني مَلَكٌ بيده السيفُ صلْتاً ، يصدُّني عنها ، وإنّ على كلِّ نقبٍ منها ملائكةً يحرسونها ).

فقال رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- وطعَنَ بمخْصرتِهِ في المنبـر ( هذه طَيْبَةٌ ! هذه طَيْبَةٌ ! هذه طَيْبَةٌ -يعني المدينة- ، ألا هلْ كنتُ حدّثتكم ذلك ؟). فقال الناس ( نعم ).قال ( فإنّه أعجبني حديثُ تميمٍ أنّه وافق الذي كنت أحدّثكم عنه وعن المدينة ومكة ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن ، لا بل من قِبَلِ المشرق ما هو ، من قِبَلِ المشرق ما هو ، من قِبَلِ المشرق ما هو ). وأوْمَأ بيدِهِ إلى المشرق.


فضله

قدِمَ معاوية بن حَرْمـَل المدينـة ، فلبث في المسجد ثلاثاً لا يُطْعِـم ، فأتى عمـر فقال ( يا أمير المؤمنيـن تائبٌ من قبل أن يُقْـدَرَ عليـه ؟). قال ( من أنت ؟). قال ( أنا معاوية بن حَرْمَل ).قال ( اذهب إلى خير المؤمنين فانزل عليه ).وكان تميم الدّاري إذا صلى ضربَ بيده عن يمينه وعن شماله فأخذ رجلين فذهَبَ بهما ، فصلّى معاوية إلى جنبه ، فضرب يده فأخذ بيده فذهب به ، فأتيا الطعام ، فأكل أكلاً شديداً ما شبع من شدة الجوع.


وفاته

انتقل الى الشام بعد قتل عثمان -رضي اللـه عنه- ونـزل بيـت المقـدس ، ووجِدَ على قبـره أنه مات سنـة (40 للهجرة ).وقبره في بيت جِبْرون ( حَبرون ) في فلسطين.


 
ثابت بن قيس
خطيب رسول الله


" انك لست منهم . بل تعيش حميدا. وتقتل شهيدا. ويدخلك الله الجنة "
حديث شريف



الخوف

لمّا نزلت الآية الكريمة ( ان الله لا يحب كل مختال فخور )
أغلق ثابت باب داره وجلس يبكي وطال مكثه على هذه الحال ، حتى دعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وسأله عن حاله ، فقال ثابت ( يا رسول الله ، اني أحب الثوب الجميل ، والنعل الجميل وقد خشيـت أن أكون بهذا من المختاليـن ) فأجابه النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يضحك راضيا ( انك لست منهم. بل تعيش بخير. وتموت بخير. وتدخل الجنة )

ولما نزل قول الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لاترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي. ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ، أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ).

أغلق ثابت -رضي الله عنه-عليه داره ، وطفق يبكي ، وافتقده الرسول -صلى الله عليه وسلم- فسأل عنه ، ثم أرسل من يدعوه ، وجاء ثابت ،وسأله النبي عن سبب غيابه ، فأجابه ( اني امرؤ جهير الصوت ، وقد كنت أرفع صوتي فوق صوتك يا رسول الله ، واذن فقد حبط عملي ، وأنا من أهل النار ). وأجابه الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( انك لست منهم. بل تعيش حميدا. وتقتل شهيدا. ويدخلك الله الجنة) . فقال ( رضيتُ ببُشرى الله ورسوله ، لا أرفعُ صوتي أبداً على رسول الله ). فنزلت الآية الكريمة :
قال تعالى ( إنَّ الذينَ يغُضُّونَ أصواتَهُمْ عند رسولِ الله أولئِكَ الذَّينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلوبَهُم للتَّقْوَى ، لهم مَّغْفِرةٌ وِأجْرٌ عَظِيمٌ ).


خطيب الإسلام

كان ثابت -رضي الله عنه- خطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والاسلام ، وكانت الكلمات تخرج من فمه قوية ، صادعة جامعة رائعة ، ففي عام الوفود أذن له الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن يجيب على خطيب وفد ( بني تميم ).

فبعض مما قال ثابت ( الحمد لله ، الذي السماوات والأرض خلقه ، قضى فيهن أمره ، ووسع كرسيه علمه، ولم يك شيء قط الا من فضله. ثم كان من قدرته أن جعلنا أئمة ، واصطفى من خير خلقه رسولا ، أكرمهم نسبا ، وأصدقهم حديث وأفضلهم حسبا فأنزل عليه كتابه ، وائتمنه على خلقه ، فكان خيرة الله من العالمين . ثم كنا - نحن الأنصار - أول الخلق اجابة . فنحن أنصار الله ، ووزراء رسوله ).


جهاده

شهد ثابت -رضي الله عنه- مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- غزوة أحد والمشاهد بعدها ، ولم يشهد بدراً ، وشهد بيعة الرضوان ، وكانت فدائيته من طراز فريد.

في حروب الردة ، كان في الطليعة دائما ، يحمل راية الأنصار ، ويضرب بسيف لا يكبو. وفي موقعة اليمامة ، رأى ثابت -رضي الله عنه- وقع الهجوم الذي شنه جيش مسيلمة الكذاب على المسلمين أول المعركة فصاح بصوته ( والله ، ما هكذا كنا نقاتل مع رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- ). ثم ذهب غير بعيد ، وعاد وقد تحنط ، ولبس أكفانه ، وصاح مرة أخرى ( اللهم اني أبرأ اليك مما جاء به هؤلاء -يعني جيش مسيلمة- وأعتذر اليك مما صنع هؤلاء ). يعني تراخي المسلمين في القتال . وانضم اليه سالم مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان يحمل راية المهاجرين ، وحفر الاثنان لنفسيهما حفرة عميقة ثم نزلا فيها قائمين ، وأهالا الرمال عليها حتى غطت وسط كل منهما .


الشهادة

وهكذا وقفا طودين شامخين ، نصف كل منهما غائص في الرمال مثبت في أعماق الحفرة ، في حين نصفهما الأعلى -صدرهما وجبهتهما وذراعاهما- يستقبلان جيوش الوثنية والكذب ، وراحا يضربان بسيفيهما كل من يقترب منهما من جيش مسيلمة حتى استشهدا في مكانهما ، وكان مشهدهما -رضي الله عنهما- هذا أعظم صيحة أسهمت في رد المسلمين الى مواقعهم ، حيث جعلوا من جيش مسيلمة ترابا تطؤه الأقدام.


الوصية

ويروى أنه بعد استشهاد ثابت -رضي الله عنه- مر به أحد المسلمين حديثي العهد بالاسلام ، فأخذ درعه الثمين ظنا منه أنها من حقه. وبينما أحد المسلمين نائم أتاه ثابت -رضي الله عنه- في منامه ، فقال له ( أوصيك بوصية ، فاياك أن تقول هذا حلم فتضيعه ، اني لما استشهدت بالأمس ، مر بي رجل من المسلمين ، فأخذ درعي وان منزله في أقصى الناس ، وفرسه يُستَن في طوله ، وقد كفأ على الدرع بُرمه ، وفوق البُرمه رَحْلاً ، فأت خالدا ، فمره أن يبعث فيأخذها ، فاذا قدمت المدينة على خليفة رسول الله أبي بكر ، فقل له ان علي من الدين كذا وكذا ، فليقم بسداده ). فلما استيقظ الرجل من نومه ، أتى خالد بن الوليد ، فقص عليه رؤياه ، فأرسل خالد من يأتي بالدرع ، فوجدها كما وصف ثابت ، ولما رجع المسلمون الى المدينة ، قص المسلم على الخليفة الرؤيا ، فأنجز وصية ثابت -رضي الله عنه-!!
 
جعفر بن أبي طالب
أبي المساكين ... ذي الجناحين


" لا أدري بأيهما أنا أسر بفتح خيبر.. أم قدوم جعفر. "
حديث شريف



من هو؟

جعفر بن أبي طالب ، أبو عبد الله ، ابن عم رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- ، أخو علي بن أبي طالب ، وأكبر منه بعشر سنين ، أسلم قبل دخول النبـي -صلى الله عليه وسلم- دار الأرقم ، آخذا مكانه العالي بين المؤمنين المبكرين بعد واحد وثلاثين انساناً
وأسلمـت معه في نفس اليوم زوجته أسماء بنت عميـس ، وحملا نصيبهما من الأذى والاضطهاد في شجاعة وغبطة.

فلما أذن الرسـول -صلى الله عليه وسلم- للمسلمين
بالهجرة الى الحبشـة خرج جعفر وزوجـه حيث لبثا بها سنين عدة ، رزقـا خلالها
بأولادهما الثلاثة.


جعفر في الحبشة

ولما رأت قريش أن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أمنوا واطمأنوا بأرض الحبشة ، قرروا أن يبعثوا عبدالله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص محملين بالهدايا للنجاشي وبطارقته عله يخرج المسلمين من دياره.

وحط الرسولان رحالهما بالحبشة ، ودفعوا لكل بطريق بهديته وقالوا له ما يريدون من كيد بالمسلمين ، ثم قدما الى النجاشي هداياه وطلبا الأذن برؤياه. وقالا له ( أيها الملك ، انه قد ضوى الى بلدك منا غلمان سفهاء ، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك ، وجاؤوا بدين ابتدعوه لا نعرفه نحن ولا أنت ، وقد بعثنا اليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشيرتهم لتردهم اليهم ، فهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه ). فأرسل النجاشي صاحب الايمان العميق والسيرة العادلة الى المسلمين وسألهم ( ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا به في ديني ولا في دين أحد من الملل ؟).


فكان الذي اختاره المسلمين للكلام جعفر -رضي الله عنه- فقال ( أيها الملك ، كنا قوما أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله الينا رسولا منا ، نعرف نسبه وصدقه ، وأمانته وعفافه ، فدعانا الى الله لنوحده ونعبده ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، فعبدنا الله وحده ، فلم نشرك به شيئا ، وحرمنا ما حرم علينا ، وأحللنا ما أحل لنا ، فعدا علينا قومنا ، فعذبونا وفتنونا عن ديننا ، ليردونا الى عبادة الأوثان ، فخرجنا الى بلادك ، واخترناك على من سواك ، ورغبنا في جوارك ، ورجونا ألا نظلم عندك أيها الملك ). فقال النجاشي ( هل معك مما جاء به الله من شيء ). فقال له جعفر ( نعم ). وقرأ عليه من صدر سورة مريم ، فبكى النجاشي وبكت أساقفته ، ثم قال النجاشي ( ان هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة ! انطلقا .. فلا والله لا أسلمهم اليكما ، ولا يكادون )


وفي اليوم التالي كاد مبعوثي قريش للمسلمين مكيدة أخرى ، اذ قال عمرو للنجاشي ( أيها الملك انهم يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما ، فأرسل اليهم فسلهم عما يقولون ). فأرسل الى المسلمين يسألهم فلما أتوا اليه ، أجاب جعفر -رضي الله عنه- ( نقول فيه الذي جاءنا به نبينا -صلى الله عليه وسلم- فهو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها الى مريم العذراء البتول ) فهتف النجاشي مصدقا ومعلنا أن هذا قول الحق ومنح المسلمين الأمان الكامل في بلده ، ورد على الكافرين هداياهم .



العودة من الحبشة

قدم جعفر بن أبي طالب وأصحابه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح خيبر ، حملهم النجاشي في سفينتين ، فقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- بين عينيه والتزمه وقال ( ما أدري بأيهما أنا أسر بفتح خيبر ، أم بقدوم جعفر !). وامتلأت نفس جعفر روعة بما سمع من أنباء اخوانه المسلمين الذين خاضوا مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- غزوة بدر وأحد وغيرهما.


أبو المساكين

قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لجعفر ( أشبهتَ خلقي وخُلُقي ). وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُسميه ( أبا المساكين ) ، يقول أبو هريرة ( إن كنتُ لألصق بطني بالحصباء من الجوع ، وإن كنت لاستقرىء الرجل الآية وهي معي كي ينقلب بي فيُطعمني ، وكان أخيرُ الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب ، كان ينقلب بنا فيُطعمنا ما كان في بيته حتى إن كان ليُخرج إلينا العكّة التي ليس فيها شيء فنشقها فنلعَقُ ما فيها ).


الشهادة

وفي غزوة مؤتة في جمادي الأول سنة ثمان كان لجعفر -رضي الله عنه- موعدا مع الشهادة ، فقد استشهد زيد بن حارثة -رضي الله عنه- وأخذ جعفر الراية بيمينه وقاتل بها حتى اذا ألحمه القتال رمى بنفسه عن فرسه وعقرها ثم قاتل الروم حتى قتل وهو يقول :

يا حبذا الجنة واقترابها ..... طيبة وباردا شرابها
والروم روم قد دنا عذابها ..... كافرة بعيدة أنسابها
علي اذ لاقيتها ضرابها

أن جعفر -رضي الله عنه- أخذ الراية بيمينه فقطعت ، فأخذها بشماله فقطعت ، فاحتضنها بعضديه حتى قتل ، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ، فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء.



الحزن على جعفر

تقول السيدة عائشة ( لمّا أتى وفاة جعفر عرفنا في وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحزن ). فعندما أتاه نعي جعفر دخل الرسول الكريم على امرأته أسماء بنت عُميس وقال لها ( ائتني ببني جعفر ). فأتت بهم فشمّهم ودمعت عيناه فقالت ( يا رسول الله بأبي وأمي ما يبكيك ؟ أبلغك عن جعفر وأصحابـه شيء ؟). فقال ( نعم أصيبـوا هذا اليوم ). فقامت تصيحُ ، ودخلت فاطمـة وهي تبكي وتقول ( وَاعمّاه !!). فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( على مثل جعفر فلتبكِ البواكي ). ورجع الرسول إلى أهله فقال ( لا تغفلوا آلَ جعفر ، فإنّهم قد شُغِلوا ).

وقد دخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- من ذلك همٌّ شديد حتى أتاه جبريل عليه السلام فأخبره أن الله تعالى قد جعل لجعفر جَناحَين مضرّجَيْنِ بالدم ، يطير بهما مع الملائكة.


فضله

قال أبو هريرة ( ما احتذى النِّعَال ولا ركب المطَايا بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفضل من جعفر). كما قال عبد الله بن جعفر ( كنت إذا سألت علياً شيئاً فمنعني وقلت له بحقِّ جعفر ؟! إلا أعطاني ).

وكان عمر بن الخطاب إذا رأى عبد الله بن جعفر قال ( السلام عليك يا ابن ذي الجناحين )
 
الله الله على تلك صفات اللهم ثبتنا على الاسلام واجعل الصحابة لنا قدوة نقتدي بهم
وجزاك الله خير واتمنى ان نرى سيرة بقية الصحابة
 
بسم الله الرحمن الرحيم

أشكرك ليث

علي مرورك الكريم ومشاركتك الطيبة

وبارك الله فيك
 
حبيب بن زيد
رضي الله عنه


وراح يقطع جسده قطعة قطعة ، وبضعة بضعة
وعضوا عضوا.. والبطل العظيم لا يزيد على
لا اله الا الله ، محمد رسول الله.


من هو؟

كان حبيب بن زيد وأبوه زيد بن عاصم -رضي الله عنهما- من السبعين المباركين في بيعة العقبـة الثانيـة ، وكانت أمه نسيبة بنت كعب أولى السيدتين اللتين بايعتا الرسول -صلى الله عليه وسلم- أما السيدة الثانية فهي خالته ، ولقد عاش الى جوار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد هجرته الى المدينة لا يتخلف عن غزوة ولا يقعد عن واجب.


كتاب مسيلمة للرسول ورد الرسول عليه


في آخر السنة العاشرة.. بعث مسيلمة بن ثمامة الى رسول الله- كتابا جاء فيه ( من مسيلمة رسول الله الى محمد رسول الله ، سلام عليك ، أما بعد فاني قد أشركت في الأمر معك ، وان لنا نصف الأرض ، ولقريش نصف الأرض ، ولكن قريشا قوم يعتدون ).

فرد عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بكتاب جاء فيه ( بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله الى مسيلمة الكذاب ، السلام على من اتبع الهدى ، أما بعد فان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ).


مبعوث الرسول لمسيلمة

ومضى الكذاب ينشر افكه وبهتانه ، وازداد أذاه للمسلمين ، فرأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يبعث له رسالة ينهاه فيها عن حماقاته ، ووقع الاختيار على حبيب بن زيد ليحمل الرسالة .. وفض مسيلمة كتاب رسول الله له فازداد ضلالا وغرورا ، فجمع مسيلمة قومه ليشاهدوا يوما من الأيام المشهودة.. وجيء بمبعوث رسول الله وأثار التعذيب واضحة عليه ..
فقال مسيلمة لحبيب ( أتشهد أن محمدا رسول الله ؟).. وقال حبيب ( نعم ، أشهد أن محمدا رسول الله ).

وكست صفرة الخزي وجه مسيلمة ، وعاد يسأل ( وتشهد أني رسول الله ؟). وأجاب حبيب في سخرية ( اني لا أسمع شيئا !!).

وتلقى الكذاب لطمة قوية أمام من جمعهم ليشهدوا معجزته ، ونادى جلاده الذي أقبل ينخس جسد حبيب بسن السيف ، ثم راح يقطع جسده قطعة قطعة ، وبضعة بضعة وعضوا عضوا.... والبطل العظيم لا يزيد على همهمة يردد بها نشيد اسلامه ( لا اله الا الله ، محمد رسول الله ).


الثأر للشهيد

وبلغ الرسول -صلى الله عليه وسلم- نبأ استشهاد حبيب بن زيد ، واصطبر لحكم ربه ، فهو يرى بنور الله مصير هذا الكذاب ، أما أمه نسيبة بنت كعب فأقسمت على أن تثأرن لولدها من مسيلمة.. ودارت الأيام وجاءت معركة اليمامة ، وخرجت نسيبة مع الجيش المقاتل ، وألقت بنفسها في خضم المعركة ، في يمناها سيف ، وفي يسراها رمح ، ولسانها يصيح ( أين عدو الله مسيلمة ؟).. ولما قتل مسيلمة وأتباعه ، رأت نسيبة وجه ولدها الشهيد ضاحكا في كل راية نصر رفعت.
 
حذيفة بن اليمان
رضي الله عنه


كان الناس يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن " الخير ، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني
حذيفة بن اليمان "


من هو؟

حذيفة بن اليَمان بن جابر العبسي وكنيته أبا عبد الله وكان
صاحب سر رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- ، جاء حذيفة
هو وأخـوه ووالدهمـا الى رسـول الله واعتنقوا الإسلام


ولقد نما -رضي الله عنه- في ظل هذا الديـن ، وكانت له
موهبـة في قراءة الوجوه و
السرائر ، فعاش مفتوح البصر
والبصيرة على مآتي الفتن ومسالك الشرور ليتقيها ، فقد

جاء الى الرسول يسأله ( يا رسول الله ان لي لسانا ذربا
على أهلي وأخشى أن يدخلني
النار ). فقال له النبي ( فأين
أنت من الاستغفار ؟؟ اني لأستغفر الله في اليوم

مائة مرة )..هذا هو حذيفة -رضي الله عنه-


يوم أحد

لقد كان في ايمانه -رضي الله عنه- وولائه قويا ، فها هو
يرى والده يقتل خطأ يوم أحد بأيدي مسلمة ، فقد رأى
السيوف تنوشه فصاح بضاربيه ( أبي ، أبي ، انه أبي !!)
ولكن أمر الله قد نفذ ، وحين علم المسلمون تولاهم الحزن
والوجوم ، لكنه نظر اليهم اشفاقا وقال ( يغفر الله لكم ،
وهو أرحم الراحمين ) ثم انطلق بسيفه يؤدي واجبه في
المعركة الدائرة وبعد انتهاء المعركة علم الرسول -صلى
الله عليه وسلم- بذلك ، فأمر بالدية عن والد حذيفة ( حسيل
بن جابر ) ولكن تصدق بها حذيفة على المسلمين ، فزداد
الرسول له حبا وتقديرا



غزوة الخندق

عندما دب الفشل في صفوف المشركين وحلفائهم واختلف
أمرهم وفرق الله جماعتهم ، دعا الرسول -صلى الله عليه
وسلم- حذيفة بن اليمان ، وكان الطقس باردا والقوم
يعانون من الخوف والجوع ، وقال له ( يا حذيفة ، اذهب
فادخل في القوم فانظر ماذا يصنعون ، ولا تحدثن شيئا حتى
تأتينا !) فذهب ودخل في القوم ، والريح وجنود الله تفعل
بهم ما تفعل لاتقر لهم قدرا ولا نارا ولا بناء ، فقام
أبوسفيان فقال ( يا معشر قريش ، لينظر امرؤ من جليسه
؟) قال حذيفة ( فأخذت بيد الرجل الذي كان الى جنبي فقلت
من أنت ؟ قال فلان بن فلان ) فأمن نفسه في المعسكر ،
ثم قال أبو سفيان ( يا معشر قريش ، انكم والله ما أصبحتم
بدار مقام ، لقد هلك الكراع والخف ، وأخلفتنا بنوقريظة ،
وبلغنا عنهم الذي نكره ، ولقينا من شدة الريح ما ترون ،
ما تطمئن لنا قدر ، ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء،
فارتحلوا فاني مرتحل) ثم نهض فوق جمله، وبدأ المسير،
يقول حذيفة ( لولا عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
الي الا تحدث شيئا حتى تأتيني ، لقتلته بسهم ) وعاد حذيفة
الى الرسول الكريم حاملا له البشرى.



خوفه من الشر

كان حذيفة -رضي الله عنه- يرى أن الخير واضح في
الحياة ، ولكن الشر هو المخفي ، لذا فهو يقول (

كان الناس يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن
الخير ، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني.


قلت ( يا رسول الله ، انا كنا في جاهلية وشر ، فجاءنا الله
بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخير من شر ؟)..قال ( نعم )

قلت ( فهل من بعد هذا الشر من خير ؟)..قال ( نعم ، وفيه دخن )

قلت
( وما دخنه ؟)..قال ( قوم يستنون بغير سنتي ،
ويهتدون بغير هديي ، تعرف منهم وتنكر )

قلت ( وهل بعد ذلك الخير من شر ؟)..قال ( نعم ، دعاة
على أبواب جهنم ، من أجابهم اليها قذفوه فيها )

قلت ( يا رسول الله ، فما تأمرني ان أدركني ذلك ؟)..قال (
تلزم جماعة المسلمين وامامهم )

قلت ( فان لم يكن لهم جماعة ولا امام ؟)..قال ( تعتزل تلك
الفرق كلها ، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك
الموت وأنت على ذلك ).



المنافقون

كان حذيفة -رضي الله عنه- يعلم أسماء المنافقين ، أعلمه
بهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وسأله عمر ( أفي
عمّالي أحدٌ من المنافقين ؟).. قال ( نعم ، واحد )..قال (
مَن هو ؟)..قال ( لا أذكره )..قال حذيفة ( فعزله كأنّما دُلَّ
عليه ).

وكان عمر إذا مات ميّت يسأل عن حذيفة ، فإن حضر
الصلاة عليه صلى عليه عمر ، وإن لم يحضر حذيفة
الصلاة عليه لم يحضر عمر.



آخر ما سمع من الرسول

عن حذيفة قال ( أتيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
في مرضه الذي توفاه الله فيه ، فقلت ( يا رسول الله ،
كيف أصبحت بأبي أنت وأمي ؟!). فردَّ عليّ بما شاء الله ثم
قال ( يا حذيفة أدْنُ منّي )..فدنوتُ من تلقاء وجههِ ، قال (
يا حُذيفة إنّه من ختم الله به بصومِ يومٍ ، أرادَ به الله تعالى
أدْخَلَهُ الله الجنة ، ومن أطعم جائعاً أراد به الله ، أدخله الله
الجنة ، ومن كسا عارياً أراد به الله ، أدخله الله الجنة
)..قلتُ ( يا رسول الله ، أسرّ هذا الحديث أم أعلنه )..قال (
بلْ أعلنْهُ )..فهذا آخر شيءٍ سمعته من رسول الله -صلى
الله عليه وسلم-).



أهل المدائن

خرج أهل المدائن لاستقبال الوالي الذي اختاره عمر -رضي
الله عنه- لهم ، فأبصروا أمامهم رجلا يركب حماره على
ظهره اكاف قديم ، وأمسك بيديه رغيفا وملحا ، وهويأكل
ويمضغ ، وكاد يطير صوابهم عندما علموا أنه الوالي
-حذيفة بن اليمان- المنتظر ، ففي بلاد فارس لم يعهدوا
الولاة كذلك ، وحين رآهم حذيفة يحدقون به قال لهم ( اياكم
ومواقف الفتن )..قالوا ( وما مواقف الفتن يا أبا عبدالله
؟).. قال ( أبواب الأمراء ، يدخل أحدكم على الأمير أو
الوالي ، فيصدقه بالكذب ، ويمتدحه بما ليس فيه )..فكانت
هذه البداية أصدق تعبير عن شخصية الحاكم الجديد ،
ومنهجه في الولاية



معركة نهاوند

في معركة نهاوند حيث احتشد الفرس في مائة ألف مقاتل
وخمسين ألفا ، اختار أمير المؤمنين عمر لقيادة الجيوش
المسلمة ( النعمان بن مقرن ) ثم كتب الى حذيفة أن يسير
اليه على رأس جيش من الكوفة ، وأرسل عمر للمقاتلين
كتابه يقول ( اذا اجتمع المسلمون ، فليكن كل أمير على
جيشه ، وليكن أمير الجيوش جميعا ( النعمان بن مقرن ) ،
فاذا استشهد النعمان فليأخذ الراية حذيفة ، فاذا استشهد
فجرير بن عبدالله )..وهكذا استمر يختار قواد المعركة حتى
سمى منهم سبعة..

والتقى الجيشان ونشب قتال قوي ، وسقط القائد النعمان
شهيدا ، وقبل أن تسقط الراية كان القائد الجديد حذيفة
يرفعها عاليا وأوصى بألا يذاع نبأ استشهاد النعمان حتى
تنجلي المعركة ، ودعا ( نعيم بن مقرن ) فجعله مكان أخيه
( النعمان ) تكريما له ، ثم هجم على الفرس صائحا ( الله
أكبر صدق وعده ، الله أكبر نصر جنده )..ثم نادى
المسلمين قائلا ( يا أتباع محمد ، هاهي ذي جنان الله تتهيأ
لاستقبالكم ، فلا تطيلوا عليها الانتظار )..وانتهى القتال
بهزيمة ساحقة للفرس..


وكان فتح همدان والريّ والدينور على يده ، وشهد فتح
الجزيرة ونزل نصيبين ، وتزوّج فيها.



اختياره للكوفة

أنزل مناخ المدائن بالعرب المسلمين أذى بليغا ، فكتب عمر
لسعد بن أبي وقاص كي يغادرها فورا بعد أن يجد مكانا
ملائما للمسلمين ، فوكل أمر اختيار المكان لحذيفة بن
اليمان ومعه سلمان بن زياد ، فلما بلغا أرض الكوفة وكانت
حصباء جرداء مرملة ، قال حذيفة لصاحبه ( هنا المنزل ان
شاء الله ).

وهكذا خططت الكوفة وتحولت الى مدينة عامرة ، وشفي
سقيم المسلمين وقوي ضعيفهم .



فضله

قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( ما من نبي قبلي إلا
قد أعطيَ سبعة نُجباء رفقاء ، وأعطيتُ أنا أربعة عشر
سبعة من قريش عليّ والحسن والحسين وحمزة وجعفر ،
وأبو بكر وعمر ، وسبعة من المهاجرين عبد الله ابن
مسعود ، وسلمان وأبو ذر وحذيفة وعمار والمقداد وبلال
).. رضوان الله عليهم.


قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( استخلفتَ )..فقال
( إنّي إنْ استخْلِفُ عليكم فعصيتم خليفتي عُذّبتُم ، ولكم ما
حدّثكم به حُذيفة فصدِّقوه ، وما أقرأكم عبد الله بن مسعود
فاقْرَؤُوه ).


قال عمر بن الخطاب لأصحابه ( تمنّوا )..فتمنّوا ملءَ البيتِ
الذي كانوا فيه مالاً وجواهر يُنفقونها في سبيل الله ، فقال
عمر ( لكني أتمنى رجالاً مثل أبي عبيدة ومعاذ بن جبل
وحذيفة بن اليمان ، فأستعملهم في طاعة الله عزّ وجلّ
)..ثم بعث بمال إلى أبي عبيدة وقال ( انظر ما يصنع
)..فقسَمَهُ ، ثم بعث بمالٍ إلى حذيفة وقال ( انظر ما يصنع
)..فقَسَمه ، فقال عمر ( قد قُلتُ لكم ).



من أقواله

لحذيفة بن اليمان أقوالاً بليغة كثيرة ، فقد كان واسع الذكاء
والخبرة ، وكان يقول للمسلمين ( ليس خياركم الذين
يتركون الدنيا للآخرة ، ولا الذين يتركون الآخرة للدنيا ،
ولكن الذين يأخذون من هذه ومن هذه ).


يقول حذيفة ( أنا أعلم النّاس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني
وبين الساعة ، وما بي أن يكون رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- اسرَّ إليَّ شيئاً لم يحدِّث به غيري ، وكان ذكر الفتنَ
في مجلس أنا فيه ، فذكر ثلاثاً لا يذَرْنّ شيئاً ، فما بقي من
أهل ذلك المجلس غيري ).


كان -رضي الله عنه- يقول ( ان الله تعالى بعث محمدا
-صلى الله عليه وسلم-فدعا الناس من الضلالة الى الهدى ،
ومن الكفر الى الايمان ، فاستجاب له من استجاب ، فحيى
بالحق من كان ميتا ، ومات بالباطل من كان حيا ، ثم ذهبت
النبوة وجاءت الخلافة على منهاجها ، ثم يكون ملكا
عضوضا ، فمن الناس من ينكر بقلبه ويده ولسانه ، أولئك
استجابوا للحق ، ومنهم من ينكر بقلبه ولسانه ، كافا يده ،
فهذا ترك شعبة من الحق ، ومنهم من ينكر بقلبه ، كافا يده
ولسانه ، فهذا ترك شعبتين من الحق ، ومنهم من لاينكر
بقلبه ولا بيده ولا بلسانه ، فذلك ميت الأحياء ).


ويتحدث عن القلوب والهدى والضلالة فيقول ( القلوب
أربعة قلب أغلف ، فذلك قلب كافر..وقلب مصفح ، فذلك
قلب المنافق ..وقلب أجرد ، فيه سراج يزهر ، فذلك قلب
المؤمن..وقلب فيه نفاق و ايمان ، فمثل الايمان كمثل
شجرة يمدها ماء طيب..ومثل المنافق كمثل القرحة يمدها
قيح ودم ، فأيهما غلب غلب ).



مقتل عثمان

كان حذيفة -رضي الله عنه- يقول ( اللهم إنّي أبرأ إليك من
دم عثمان ، والله ما شهدتُ ولا قتلتُ ولا مالأتُ على قتله ).



وفاته

لمّا نزل بحذيفة الموت جزع جزعاً شديداً وبكى بكاءً كثيراً
، فقيل ( ما يبكيك ؟)..فقال ( ما أبكي أسفاً على الدنيا ، بل
الموت أحب إليّ ، ولكنّي لا أدري على ما أقدم على رضىً
أم على سخطٍ )..

ودخل عليه بعض أصحابه ، فسألهم ( أجئتم معكم بأكفان
؟)..قالوا ( نعم ).. قال ( أرونيها ).. فوجدها جديدة فارهة
، فابتسم وقال لهم ( ما هذا لي بكفن ، انما يكفيني لفافتان
بيضاوان ليس معهما قميص ، فاني لن أترك في القبر الا
قليلا ، حتى أبدل خيرا منهما ، أو شرا منهما ).. ثم تمتم
بكلمات ( مرحبا بالموت ، حبيب جاء على شوق ، لا أفلح
من ندم ).. وأسلم الروح الطاهرة لبارئها في أحد أيام العام
الهجري السادس والثلاثين بالمدائن ، وبعد مَقْتلِ عثمان
بأربعين ليلة
 
حسّان بن ثابت
شاعر الرسول


"يا حسّان ! أجبْ عن رسول الله
اللهم أيّده بروح القُدُس "
حديث شريف


من هو؟

حسّان بن ثابت بن المنـذر الأنصاري الخزرجي النجاري المدنـي وكنيته أبو الوليد ، شاعر رسـول الله -صلى الله عليه وسلم-اشتهر بمدحه للغساسنة والمناذرة قبل الإسلام ، وثم بعد الإسلام منافحاً عنه وعن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، لم يشترك بأي غزاة أو معركة لعلّة أصابته فكان يخاف القتال.


العلّة

كان حسّان بن ثابت شجاعاً لَسِناً ، فأصابته علّةٌ أحدثتْ به الجبن ، فكان بعد ذلك لا يقدر أن ينظر إلى قتال ولا يشهده ، لذلك لم يشهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مشهداً ، ولم يعبه على ذلك لعلّته.


الشعر

قال أبو عبيدة ( فُضِّلَ حسّان بن ثابت على الشعراء بثلاث كان شاعر الأنصار في الجاهلية ، وشاعر النبي -صلى الله عليه وسلم- في أيام النبوة ، وشاعر اليمن كلّها في الإسلام )..وكان يُقال له أبو الحُسَام لمناضلته عن رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- ، ولتقطيعه أعراض المشركين.



في مدح الرسول


متى يَبْدُ في الدّاجي إليهم جبينُه.....يَلُحْ مثلَ مصباح الدُجى الموقّد
فمن كان أو مَن قد يكون كأحمد......نظـامُ لحـقّ أو نكالٌ لملحـد



الرسول وحسّان



مرَّ عمر بن الخطاب على حسّان وهو ينشد في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فانتهره عمر ، فأقبل حسّان فقال ( كنتَ أنشد وفيه مَن هو خيرٌ منك )..فانطلق عمر حينئذٍ ، وقال حسان لأبي هريرة ( أنشدك الله هل سمعتَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول ( يا حسّان ! أجبْ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، اللهم أيّده بروح القُدُس )..قال ( اللهم نعم )..


كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لحسان بن ثابت ( اهجهم وهاجهم وجبريلُ معك )..وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( لا تسبّوا حسّاناً ، فإنه ينافحُ عن الله وعن رسوله ).


يوم الأحزاب

لمّا كان يوم الأحزاب ، وردّ الله المشركين بغيظهم لم ينالوا خيراً ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( من يحمي أعراض المسلمين ؟)..قال كعب بن مالك ( أنا )..وقال عبد اللـه بن رواحة ( أنا يا رسـول اللـه )..قال ( إنّك
لحسنُ الشعر )..وقال حسان بن ثابت ( أنا يا رسول الله ).. قال ( نعم ، اهجهم أنتَ ، وسيعينُكَ عليهم رُوح القُدُس ).



وفاة الرسول

وبكى حسّان الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقال :

بطَيْبـةَ رسـمٌ للرسولِ ومعهـد...منيـرٌ وقد تعفو الرسومُ وتَهْمُـدُ
ولا تمتحي الآياتُ من دارِ حُرْمَةٍ...بها منبر الهادي الذي كان يَصْعَدُ
وواضـحُ آثارٍ وبـاقي معـالمٍ...ورَبـعٌ له فيه مُصلّىً ومسجـدُ
بها حُجُـراتٌ كان ينزلُ وسْطَها...من الله نـورٌ يُستضاءُ ويوقـدُ
معارفُ لم تُطمَس على العهدِ آيُها...أتاها البِلـى فالآيُ منها تجَـدَّدُ
عرفتُ بها رسمَ الرسول وعهدَه...وقبراً بها واراهُ في الترب مُلْحِدُ


*****
*****

فبورِكتَ يا قبرَ الرسولِ وبوركتَْ...بلادٌ ثوى فيها الرشيـدُ المسـدد
وبوركَ لحـدٌ منك ضُمّـِن طيّبـاً...عليه بنـاءٌ من صَفيـحٍ منضَّـدُ
تهيـلُ عليه التربَ أيـدٍ وأعيـنٌ...عليـه وقـد غارت بذلك أسعُـدُ
لقد غيّبـوا حلماً وعِلْماً ورحمـةً...عشيـة عَلَّوه الثـرى لا يُوسّـدُ
وراحوا بحـزنٍ ليس فيهم نبيّهـم...وقد وهنَتْ منهم ظهورٌ وأعضُـد
يُبَكّونَ مـن تبكي السمواتُ يومَـه...ومن قد بكتْه الأرضُ فالناسُ أكْمد
وهـل عَدَلَـتْ يوماً رزيةُ هالـك...رزيـةَ يـومٍ ماتَ فيـه محمـدُ؟


*****
*****

فبكيِّ رسولَ الله يا عينُ عبرةً...ولا أعرفنْك الدهرَ دمعُك يجمد
ومالك لا تبكين ذا النعمة التي...على الناس منها سابغٌ يُتَغَمّـدُ
فجودي عليه بالدموعِ وأعولي...لفقد الذي لا مثلُه الدهرَ يوجَـدُ
وما فقـدَ الماضون مثلَ محمد...ولا مثلُـه حتى القيامـة يُفْقَـدُ


وفاة حسّان

توفي حسّان بن ثابت -رضي الله عنه- على الأغلب في عهد معاوية سنة ( 54 هـ )
 
الحسن بن علي بن أبي طالب
سيد شباب الجنة


"اللهـم إني أحـبُّ حسنـاً فأحبَّـه
وأحِـبَّ مَـنْ يُحبُّـه "
حديث شريف



من هو؟

الحسن بن علي بن أبي طالب ، أبو محمد ، ولدته فاطمة
في المدينة
سنة ( 3هـ ) ، وهو أكبـر أبنائها ، كان عاقلاً
حليماً محباً للخير
وكان أشبه أهل النبي بجده النبي -صلى
الله عليه وسلم-




كرم النسب

قال معاوية وعنده عمرو بن العاص وجماعة من الأشراف
( من أكرم الناس أباً وأماً وجدّاً وجدّة وخالاً وخالةً وعمّاً
وعمّةً ). فقام النعمان بن عجلان الزُّرَقيّ فأخذ بيد الحسن
فقال ( هذا ! أبوه عليّ ، وأمّه فاطمة ، وجدّه الرسول
-صلى الله عليه وسلم- ، وجدته خديجة ، وعمّه جعفر ،
وعمّته أم هانىء بنت أبي طالب ، وخاله القاسم ، وخالته
زينب ) فقال عمرو بن العاص ( أحبُّ بني هاشم دعاك إلى
ما عملت ؟) قال ابن العجلان ( يا بن العاص أمَا علمتَ أنه
من التمس رضا مخلوق بسخط الخالق حرمه الله أمنيّته ،
وختم له بالشقاء في آخر عمره ، بنو هاشم أنضر قريش
عوداً وأقعدها سَلَفاً ، وأفضل أحلاماً ).



حب الرسول له

قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- والحسن على عاتقه (
اللهـم إني أحـبُّ حسنـاً فأحبَّـه ، وأحِـبَّ مَـنْ يُحبُّـه ) وكان
الرسول -صلى الله عليه وسلم- يصلي ، فإذا سجد وثب
الحسنُ على ظهره وعلى عنقه ، فيرفع رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- رفعاً رفيقاً لئلا يصرع ، قالوا ( يا رسول
الله ، رأيناك صنعت بالحسن شيئاً ما رأيناك صنعته بأحد )
قال ( إنه ريحانتي من الدنيا ، وإن ابني هذا سيّد ، وعسى
الله أن يصلح به بين فئتيـن عظيمتيـن ).



الهيبة والسؤدد

كان الحسن -رضي الله عنه- أشبه أهل النبي بالنبي -صلى
الله عليه وسلم- ، فقد صلّى أبو بكر الصديق صلاة العصر
ثم خرج يمشي ومعه عليّ بن أبي طالب ، فرأى الحسن
يلعبُ مع الصبيان ، فحمله على عاتقه و قال ( بأبي شبيه
بالنبيّ ، ليس شبيهاً بعليّ ) وعلي يضحك.


كما قالت زينب بنت أبي رافع رأيت فاطمة بنت رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- أتت بابنيها إلى رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- في شكواه الذي توفي فيه فقالت ( يا
رسول الله ! هذان ابناك فورّثْهُما ) فقال ( أما حسنٌ فإن له
هيبتي وسؤددي ، وأما حسين فإن له جرأتي وجودي ).



أزواجه

كان الحسن -رضي الله عنه- قد أحصن بسبعين امرأة ،
وكان الحسن قلّما تفارقه أربع حرائر ، فكان صاحب
ضرائر ، فكانت عنده ابنة منظور بن سيار الفزاري وعنده
امرأة من بني أسد من آل جهم ، فطلقهما ، وبعث إلى كلِّ
واحدة منهما بعشرة آلاف وزقاقٍ من عسل متعة ، وقال
لرسوله يسار بن أبي سعيد بن يسار وهو مولاه ( احفظ ما
تقولان لك ) فقالت الفزارية ( بارك الله فيه وجزاه خيراً )
وقالت الأسدية ( متاع قليل من حبيب مفارقٍ ) فرجع
فأخبره ، فراجع الأسدية وترك الفزارية.


وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال قال عليُّ ( يا أهل الكوفة
، لا تزوّجوا الحسن بن عليّ ، فإنه مطلاق ) فقال رجل من
همدان ( والله لنزوِّجَنَّهُ ، فما رضي أمسك ، وما كره طلّق ).



فضله

قال معاوية لرجل من أهل المدينة ( أخبرني عن الحسن بن
علي ) قال ( يا أمير المؤمنين ، إذا صلى الغداة جلس في
مصلاّه حتى تطلع الشمس ، ثم يساند ظهره ، فلا يبقى في
مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجل له شرف إلاّ
أتاه ، فيتحدثون حتى إذا ارتفع النهار صلى ركعتين ، ثم
ينهض فيأتي أمهات المؤمنين فيُسلّم عليهن ، فربما أتحفنه
، ثم ينصرف إلى منزله ، ثم يروح فيصنع مثل ذلك ) فقال
( ما نحن معه في شيء ).


كان الحسن -رضي الله عنه- ماراً في بعض حيطان المدينة
، فرأى أسود بيده رغيف ، يأكل لقمة ويطعم الكلب لقمة ،
إلى أن شاطره الرغيف ، فقال له الحسـن ( ما حَمَلك على
أن شاطرتـه ؟ فلم يعاينه فيه بشـيء ) قال ( استحت عيناي
من عينيه أن أعاينـه ) أي استحياءً من الحسـن ، فقال له (
غلام من أنت ؟) قال ( غلام أبان بن عثمان ) فقال (
والحائط ؟) أي البستان ، فقال ( لأبان بن عثمان ) فقال له
الحسن ( أقسمتُ عليك لا برحتَ حتى أعود إليك ) فمرّ
فاشترى الغلام والحائط ، وجاء الى الغلام فقال ( يا غلام !
قد اشتريتك ؟) فقام قائماً فقال ( السمع والطاعة لله
ولرسوله ولك يا مولاي ) قال ( وقد اشتريت الحائط ، وأنت
حرٌ لوجه الله ، والحائط هبة مني إليك ) فقال الغلام ( يا
مولاي قد وهبت الحائط للذي وهبتني له ).



حكمته

قيل للحسن بن علي ( إن أبا ذرّ يقول الفقرُ أحبُّ إلي من
الغنى ، والسقم أحبُّ إليّ من الصحة ) فقال ( رحِمَ الله أبا
ذر ، أما أنا فأقول ( من اتكل على حسن اختيار الله له لم
يتمنّ أنه في غير الحالة التي اختار الله تعالى له ، وهذا حدُّ
الوقوف على الرضا بما تصرّف به القضاء ).


قال معاوية للحسن بن عليّ ( ما المروءة يا أبا محمد ؟)
قال ( فقه الرجل في دينه ، وإصلاح معيشته ، وحُسْنُ
مخالَقَتِهِ ).


دعا الحسنُ بن عليّ بنيه وبني أخيه فقال ( يا بنيّ وبني
أخي ، إنكم صغارُ قومٍ يوشك أن تكونوا كبارَ آخرين ،
فتعلّموا العلم ، فمن لم يستطع منكم أن يرويه أو يحفظه ،
فليكتبهُ وليضعه في بيته ).



عام الجماعة

بايع أهل العراق الحسن -رضي الله عنه- بالخلافة بعد مقتل
أبيه سنة ( 40هـ ) ، وأشاروا عليه بالمسير الى الشام
لمحاربة معاوية بن أبي سفيان ، فزحف بمن معه ،
وتقارب الجيشان في موضع يقال له ( مسكن ) بناحية
الأنبار ، ولم يستشعر الحسن الثقة بمن معه ، وهاله أن
يقْتتل المسلمون وتسيل دماؤهم ، فكتب إلى معاوية يشترط
شروطاً للصلح ، ورضي معاوية ، فخلع الحسن نفسه من
الخلافة وسلم الأمر لمعاوية في بيت المقدس سنة ( 41هـ
) وسمي هذا العام ( عام الجماعة ) لاجتماع كلمة
المسلمين فيه ، وانصرف الحسن -رضي الله عنه- الى
المدينة حيث أقام.



الحسن ومعاوية

قال معاوية يوماً في مجلسه ( إذا لم يكن الهاشمـيُّ سخيّاً لم
يشبه حسبه ، وإذا لم يكن الزبيـري شجاعاً لم يشبه حسبه
، وإذا لم يكن المخزومـي تائهاً لم يشبه حسبه ، وإذا لم
يكن الأمـوي حليماً لم يشبه حسبه ) فبلغ ذلك الحسن بن
علي فقال ( والله ما أراد الحق ، ولكنّه أراد أن يُغري بني
هاشـم بالسخاء فيفنوا أموالهم ويحتاجون إليه ، ويُغري آل
الزبيـر بالشجاعة فيفنوا بالقتل ، ويُغري بني مخـزوم بالتيه
فيبغضهم الناس ، ويُغري بني أميـة بالحلم فيحبّهم الناس !!).



مرضه

قال عبد الله بن الحسين إن الحسن كان سُقِيَ ، ثم أفلتَ ،
ثم سُقِيَ فأفلتَ ، ثم كانت الآخرة توفي فيها ، فلمّا حضرته
الوفاة ، قال الطبيب وهو يختلف إليه ( هذا رجلٌ قد قطع
السُّمُّ أمعاءه ) فقال الحسين ( يا أبا محمد خبّرني من سقاك
؟) قال ( ولِمَ يا أخي ؟ ) قال ( اقتله ، والله قبل أن أدفنـك ،
أولا أقدرُ عليه ؟ أو يكون بأرضٍ أتكلّف الشخـوص إليه ؟)
فقـال ( يا أخـي ، إنما هذه الدنيا ليالٍ فانية ، دَعْهُ حتى
ألتقـي أنا وهو عنـد الله ) فأبى أن يُسمّيَهُ ، قال ( فقد
سمعتُ بعضَ من يقول كان معاوية قد تلطّف لبعض خدمه
أن يسقيَهُ سُمّاً ).



بكاؤه

لمّا أن حَضَرَ الحسن بن علي الموتُ بكى بكاءً شديداً ، فقال
له الحسين ( ما يبكيك يا أخي ؟ وإنّما تَقْدُمُ على رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- ، وعلى عليّ وفاطمة وخديجة ،
وهم وُلِدوك ، وقد أجرى الله لك على لسان النبي -صلى الله
عليه سلم- ( أنك سيّدُ شباب أهل الجنة ) وقاسمت الله مالَكَ
ثلاث مرات ، ومشيتَ الى بيت الله على قدميك خمس
عشرة مرّةً حاجّاً) وإنما أراد أن يُطيّب نفسه ، فوالله ما
زاده إلا بكاءً وانتحاباً ، وقال ( يا أخي إني أقدِمُ على أمرٍ
عظيم مهول ، لم أقدم على مثله قط ).



وفاته

توفي الحسن -رضي الله عنه- في سنة ( 50هـ ) ، وقد
دُفِنَ في البقيع ، وبكاه الناس سبعة أيام نساءً وصبياناً
ورجالاً ، رضي الله عنه وأرضاه وقد وقف على قبره أخوه
محمد بن عليّ وقال ( يرحمك الله أبا محمد ، فإن عزّت
حياتك لقد هَدَتْ وفاتك ، ولنعم الروحُ روحٌ تضمنه بدنك ،
ولنعم البدن بدن تضمنه كفنك ، وكيف لا يكون هكذا وأنت
سليل الهدى ، وحليف أهل التقى ، وخامس أصحاب الكساء
، غذتك أكف الحق ، وربيت في حجر الإسلام ورضعت
ثدي الإيمان ، وطبت حيّاً وميتاً ، وإن كانت أنفسنا غير طيبة بفراقك فلا نشك في الخيرة لك ، رحمك الله )

 
الحسين بن عليّ بن أبي طالب
سيد شباب الجنة


"حُسين مني وأنا مِنْ حُسين ، أحَبَّ الله تعالى مَنْ
أحبَّ حُسيناً ، حُسينٌ سِبْطٌ من الأسباط "
حديث شريف


من هو؟

الإبن الثاني لفاطمة الزهراء ، ولد بالمدينة ونشأ في بيت
النبوة
وكنيته أبو عبد الله.



حُبَّ الرسول له

قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( حُسين مني وأنا مِنْ
حُسين ، أحَبَّ الله تعالى مَن أحبَّ حُسيناً ، حُسينٌ سِبْطٌ من
الأسباط ) كما قال الرسول الكريم ( اللهم إني أحبه فأحبّه )
وعن أبي أيوب الأنصاري قال دخلت على رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- والحسن والحسين يلعبان بين يديه وفي
حِجْره ، فقلت ( يا رسول الله أتحبُّهُما ) قال ( وكيف لا
أحبُّهُما وهما ريحانتاي من الدنيا أشمُّهُما ؟!) وقال الرسول
-صلى الله عليه وسلم- ( من أراد أن ينظر إلى سيّد شباب
أهل الجنة ، فلينظر الى الحسين بن عليّ ).


كما قالت زينب بنت أبي رافع رأيت فاطمة بنت رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- أتت بابنيها إلى رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- في شكواه الذي توفي فيه فقالت ( يا
رسول الله ! هذان ابناك فورّثْهُما ) فقال ( أما حسنٌ فإن له
هيبتي وسؤددي ، وأما حسين فإن له جرأتي وجودي ).



فضله

مرَّ الحسيـن -رضي اللـه عنه- يوماً بمساكين يأكلون في
الصّفّة ، فقالوا ( الغـداء ) فنزل وقال ( إن اللـه لا يحب
المتكبريـن ) فتغدى ثم قال لهم ( قد أجبتكم فأجيبوني )
قالوا ( نعم ) فمضى بهم الى منزله فقال لرّباب ( أخرجي
ما كنت تدخرين ).



الحسن والحسين

جرى بين الحسـن بن علي وأخيه الحسيـن كلام حتى
تهاجرا ، فلمّا أتى على الحسـن ثلاثة أيام ، تأثم من هجر
أخيه ، فأقبل إلى الحسيـن وهو جالس ، فأكبّ على رأسه
فقبله ، فلمّا جلس الحسـن قال له الحسيـن ( إن الذي منعني
من ابتدائك والقيام إليك أنك أحقُّ بالفضل مني ، فكرهت أن
أنازِعَكَ ما أنت أحقّ به ).



البيعة

توفي معاوية نصف رجب سنة ستين ، وبايع الناس يزيد ،
فكتب يزيد للوليد مع عبد الله بن عمرو بن أويس العامري
، وهو على المدينة ( أن ادعُ الناس ، فبايعهـم وابدأ بوجوه
قريـش ، وليكن أول من تبدأ به الحسيـن بن عليّ ، فإن
أمير المؤمنين رحمه اللـه عهد إليّ في أمره للرفق به
واستصلاحه ) فبعث الوليد من ساعته نصف الليل الى
الحسين بن علي ، وعبد الله بن الزبير ، فأخبرهما بوفاة
معاوية ، ودعاهما الى البيعة ليزيد ، فقالا ( نصبح وننظر
ما يصنع الناس ).


ووثب الحسين فخرج وخرج معه ابن الزبير ، وهو يقول (
هو يزيد الذي نعرف ، والله ما حدث له حزم ولا مروءة )
وقد كان الوليد أغلظ للحسين فشتمـه الحسين وأخذ بعمامته
فنزعها من رأسـه ، فقال الوليد ( إن هجنَا بأبي عبـد الله
إلا أسداً ) فقال له مروان أو بعض جلسائه ( اقتله ) قال (
إن ذلك لدم مضنون في بني عبد مناف ).



من المدينة الى مكة

وخرج الحسين وابن الزبير من ليلتهما الى مكة ، وأصبح
الناس فغدوا على البيعة ليزيد ، وطُلِبَ الحسين وابن الزبير
فلم يوجدا ، فقدِما مكة ، فنزل الحسين دار العباس بن عبد
المطلب ، ولزم الزبير الحِجْرَ ، ولبس المغافريَّ وجعل
يُحرِّض الناس على بني أمية ، وكان يغدو ويروح الى
الحسين ، ويشير عليه أن يقدم العراق ويقول ( هم شيعتك
وشيعة أبيك ).



الخروج الى العراق

بلغ ابـن عمـر -رضي اللـه عنه- أن الحسيـن بن علـيّ قد
توجّه الى العـراق ، فلحقه على مسيـرة ثلاث ليال ، فقـال
لـه ( أيـن تريد ؟). فقال ( العراق ) وإذا معه طوامير كتب
، فقال ( هذه كتبهم وبيعتهم ) فقال ( لا تأتِهم ) فأبى ، قال
ابن عمر ( إنّي محدّثك حديثاً إن جبريل أتى النبي -صلى
الله عليه وسلم- فخيّره بين الدنيا والآخرة ، فاختار الآخرة
ولم يردِ الدنيا ، وإنكم بضعة من رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- ، والله لا يليها أحد منكم أبداً ، وما صرفها الله عنكم
إلاّ للذي هو خير ) فأبى أن يرجع ، فاعتنقه ابن عمر وبكى
وقال ( استودِعُكَ الله من قتيل ).


وقال ابن عباس -رضي الله عنه- للحسين ( أين تريد يا بن
فاطمة ؟) قال ( العراق و شيعتي ) فقال ( إنّي لكارهٌ
لوجهك هذا ، تخرج الى قوم قتلوا أباك ، وطعنوا أخاك
حتى تركهم سَخْطةً ومَلّة لهم ، أذكرك الله أن لا تغرّر
بنفسك ).


وقال أبو سعيد الخدري ( غلبني الحسين بن عليّ على
الخروج ، وقد قُلت له اتّق الله في نفسك ، والزم بيتك ، فلا
تخرج على إمامك ).


وكتبـت له عمـرة بنت عبـد الرحمن تعظـم عليه ما يريد أن
يصنع ، وتأمره بالطاعـة ولزوم الجماعة ، وتخبره إنه إنما يُساق إلى مصـرعه وتقول ( أشهد لحدّثتني عائشة أنها
سمعت رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- يقول ( يُقتل
حسينٌ بأرض بابل ) فلمّا قرأ كتابها قال ( فلابدّ لي إذاً من
مصرعي ) ومضى.



مقتله

وبلغ يزيد خروج الحسين -رضي الله عنه- ، فكتب الى
عبيد الله بن زياد عامله على العراق يأمره بمحاربته وحمله
إليه ، إن ظفر به ، فوجّه عُبيد الله الجيش مع عمر بن
سعيد بن أبي وقاص ، وعدل الحسين الى ( كربلاء )،
فلقيه عمر بن سعيد هناك ، فاقتتلوا ، فقُتِلَ الحسين
رضوان الله عليه ورحمته وبركاته في يوم عاشوراء ،
العاشر من محرم سنة إحدى وستين.



السماء تبكي

قال ابن سيرين ( لم تبكِ السماء على أحد بعد يحيى بن
زكريا إلا على الحسين بن عليّ ) وعن خلف بن خليفة عن
أبيه قال ( لمّا قُتِلَ الحسين اسودت السماء ، وظهرت
الكواكب نهاراً ، حتى رأيت الجوزاء عند العصر وسقط
التراب الأحمر ) وقالت أم خلاّد ( كنّا زماناً بعد مقتل
الحسين ، وإن الشمس تطلع محمَّرة على الحيطان والجُدر
بالغداة والعشيّ ) وكانوا لا يرفعون حجراً إلاّ يوجد تحته دمٌ !!



الرؤى

استيقظ ابن عباس من نومه ، فاسترجع وقال ( قُتِلَ
الحسين والله ) فقال له أصحابه ( كلا يا ابن عباس ، كلا )
قال ( رأيت رسول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- ومعه
زجاجة من دم فقال ( ألا تعلم ما صنعت أمتي من بعـدي ؟
قتلوا ابني الحسيـن ، وهذا دمه ودم أصحابه ، أرفعها الى
اللـه عزّ وجلّ ) فكتب ذلك اليوم الذي قال فيه ، وتلك
الساعة ، فما لبثوا إلاّ أربعة وعشرين يوماً حتى جاءهم
الخبر بالمدينة أنه قُتِل ذلك اليوم وتلك الساعة !!



الدفن

وقد نقل رأسه ونساؤه وأطفاله إلى ( يزيد ) بدمشق ،
واختُلفَ في الموضع الذي دُفِنَ فيه الرأس ، فقيل في
دمشق ، وقيل في كربلاء مع الجثة ، وقيل في مكان آخر
 
حمزة بن عبد المطلب
أسد الله وسيد الشهداء

" سيد الشهداء عند الله حمزة بن عبد المطلب "
حديث شريف


من هو؟

حمزة بن عبد المطلب ( أبو عمارة ) ، عم النبي -صلى الله
عليه وسلم-
وأخوه من الرضاعة فهما من جيل واحد نشأ
معا ، ولعبا معا ، وتآخيا معا
كان يتمتع بقوة الجسم ،
وبرجاحة العقل ، وقوة الارادة ، فأخذ يفسح لنفسه

بين زعماء مكة وسادات قريش ، وعندما بدأت الدعوة
لدين الله كان يبهره
ثبات ابن أخيه ، وتفانيه في سبيل
ايمانه ودعوته ، فطوى صدره على أمر

ظهر في اليوم الموعود.. يوم اسلامه.

اسلام حمزة

كان حمزة -رضي الله عنه- عائدا من القنص متوشحا
قوسه ، وكان صاحب قنص يرميه ويخرج اليه وكان اذا
عاد لم يمر على ناد من قريش الا وقف وسلم وتحدث معه
، فلما مر بالمولاة قالت له ( يا أبا عمارة ، لو رأيت ما لقي
ابن أخيك محمد آنفا من أبي الحكم بن هشام ، وجده ههنا
جالسا فآذاه وسبه ، وبلغ منه مايكره ، ثم انصرف عنه ولم
يكلمه محمد -صلى الله عليه وسلم-) فاحتمل حمزة الغضب
لما أراد الله به من كرامته ، فخرج يسعى ولم يقف على
أحد ، معدا لأبي جهل اذا لقيه أن يوقع به ، فلما وصل الى
الكعبة وجده جالسا بين القوم ، فأقبل نحوه وضربه بالقوس
فشج رأسه ثم قال له ( أتشتم محمدا وأنا على دينه أقول ما
يقول ؟ فرد ذلك علي ان استطعت ).

وتم حمزة -رضي الله عنه- على اسلامه وعلى ما تابع
عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فلما أسلم حمزة
عرفت قريش أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد عز
وامتنع ، وان حمزة سيمنعه ، فكفوا عن بعض ما كانوا
ينالون منه ، وذلك في السنة السادسة من النبوة.



حمزة وجبريل

سأل حمزة النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يريه جبريلَ في
صورته ، فقال ( إنك لا تستطيع أن تراه ) قال ( بلى ) قال
( فاقعد مكانك ) فنزل جبريل على خشبة في الكعبة كان
المشركون يضعون ثيابهم عليها إذا طافوا بالبيت ، فقال (
أرْفعْ طَرْفَكَ فانظُرْ ) فنظر فإذا قدماه مثل الزبرجد الأخضر
، فخرّ مغشياً عليه.



حمزة و الاسلام

ومنذ أسلم حمزة -رضي الله عنه- نذر كل عافيته وبأسه
وحياته لله ولدينه حتى خلع النبي -صلى الله عليه وسلم-
عليه هذا اللقب العظيم ( أسد الله وأسد رسوله ) وآخى
الرسول -صلى الله عليه وسلم- بين حمزة وبين زيد بن
حارثة ، وأول سرية خرج فيها المسلمون للقاء العدو كان
أميرها حمزة -رضي اللـه عنه- وأول راية عقدها الرسـول
-صلى اللـه عليه وسلم- لأحد من المسلمين كانت لحمزة
ويوم بدر كان أسد اللـه هناك يصنع البطولات ، فقد كان
يقاتل بسيفين ، حتى أصبح هدفا للمشركين في غزوة أحد
يلي الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الأهمية.



استشهاد حمزة

(اخرج مع الناس ، وان أنت قتلت حمزة فأنت عتيق)
هكذا وعدت قريش عبدها الحبشي ( وحشي غلام جبير بن
مطعم ) ، لتظفر برأس حمزة مهما كان الثمن ، الحرية
والمال والذهب الوفير ، فسال لعاب الوحشي ، وأصبحت
المعركة كلها حمزة -رضي الله عنه- ، وجاءت غزوة أحد
، والتقى الجيشان ، وراح حمزة -رضي الله عنه- لايريد
رأسا الا قطعه بسيفه ، وأخذ يضرب اليمين والشمال و (
الوحشي ) يراقبه ، يقول الوحشي ( وهززت حربتي حتى
اذا رضيت منها دفعتها عليه ، فوقعت في ثنته ( ما بين
أسفل البطن الى العانة ) حتى خرجت من بين رجليه ،
فأقبل نحوي فغلب فوقع ، فأمهلته حتى اذا مات جئت
فأخذت حربتي ، ثم تنحيت الى العسكر ، ولم تكن لي
بشيء حاجة غيره ، وانما قتلته لأعتق ).


وقد أسلم (الوحشي) لاحقا فهو يقول ( خرجت حتى قدمت
على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة ، فلم يرعه
الا بي قائما على رأسه أتشهد بشهـادة الحـق ، فلما رآني
قال ( وحشي ) قلت ( نعم يا رسـول اللـه ) قال (اقعد
فحدثني كيف قتلت حمزة ؟) فلما فرغت من حديثي قال (
ويحك غيب عني وجهك فلا أرينك !) فكنت أتنكب عن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث كان ، لئلا يراني
حتى قبضه الله -صلى الله عليه وسلم-).



واستشهاد سيد الشهداء -رضي الله عنه- لم يرض الكافرين
وانما وقعت هند بنت عتبة والنسوة اللاتي معها ، يمثلن
بالقتلى من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ،
يجدعن الآذان والآنف ، حتى اتخذت هند من آذان الرجال
وآنفهم خدما ( خلخال ) وقلائد ، وأعطت خدمها وقلائدها
وقرطتها وحشيا وبقرت عن كبد حمزة ، فلاكتها فلم تستطع
أن تسيغها ، فلفظتها .



حزن الرسول على حمزة

وخرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- يلتمس حمزة بن
عبد المطلب ، فوجده ببطن الوادي قد بقر بطنه عن كبده
ومثل به ، فجدع أنفه وأذناه ، فقال الرسول -صلى الله
عليه وسلم- حين رأى ما رأى ( لولا أن تحزن صفية
ويكون سنة من بعدي لتركته حتى يكون في بطون السباع
وحواصل الطير ، ولئن أظهرني الله على قريش في موطن
من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم !) فلما رأى
المسلمون حزن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وغيظه
على من فعل بعمه ما فعل قالوا ( والله لئن أظفرنا الله بهم
يوما من الدهر لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب ).



فنزل قوله تعالى ( وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به
ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ، واصبر وما صبرك الا
بالله ، ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون ).



فعفا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونهى عن المثلة ،
وأمر بحمزة فسجي ببردة ، ثم صلى عليه فكبر سبع
تكبيرات ، ثم أتى بالقتلى فيوضعون الى حمزة ، فصلى
عليهم وعليه معهم ، حتى صلى عليه اثنتين وسبعين صلاة
وكان ذلك يوم السبت ، للنصف من شوال ، سنة (3)
للهجرة.



البكاء على حمزة

مرّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- بدار من دور الأنصار
من بني عبد الأشهل وظَفَر ، فسمع البكاء والنوائح على
قتلاهم ، فذرفت عينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
فبكى ، ثم قال ( ولكن حمزة لا بواكي له ) فلما رجع سعد
بن معاذ وأسيد بن حضير إلى دار بني عبد الأشهل ، أمرا
نساءهم أن يتحزمن ثم يذهبن فيبكين على عم رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- ، ولمّا سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكاءهن على حمزة خرج عليهن وهن على
باب مسجده يبكين عليه ، فقال ( ارجعن يرحمكن الله ، فقد
آسيتنّ بأنفسكم ).



فضل حمزة

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( سيد الشهداء عند
الله حمزة بن عبد المطلب ) كما قال لعلي بن أبي طالب ( يا
عليّ أمَا علمتَ أنّ حمزة أخي من الرضاعة ، وأنّ الله حرّم
من الرضاع ما حرّم من النّسب ).



عَيْن معاوية

لمّا أراد معاوية أن يُجري عَيْنَهُ التي بأحد كتبوا إليه ( إنّا لا
نستطيع أن نجريها إلا على قبور الشهداء ) فكتب إليهم (
انْبُشُوهم ) يقول جابر بن عبدالله ( فرأيتهم يُحْمَلون على
أعناق الرجال كأنّهم قوم نيام ) وأصابت المسحاةُ طرفَ
رِجْلِ حمزة بن عبد المطلب فانبعث دَمَاً
 
خالد بن سعيد
رضي الله عنه


" لن أدع الإسلام لشيء ، وسأحيا به وأموت عليه "
خالد بن سعيد


من هو؟

هو خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن
عبد مناف ، والده زعيم في
قريش ، كان شابا هادىء
السمت ، ذكي الصمت ، منذ بدأ أخبار الدين الجديد كان

النور يسري إلى قلبه ، وكتم ما في نفسه خوفا من والده
الذي لن يتوانى لحظة عن
تقديمه قربانا لآلهة عبد مناف.


اسلامه

ذات ليلة رأى خالد بن سعيد في منامه أنه واقف على شفير
نار عظيمة ، وأبوه من ورائه يدفعه نحوها بكلتا يديه ،
ويريد أن يطرحه فيها ، ثم رأى رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- يقبل عليه ، ويجذبه بيمينه المباركة من إزاره
فيأخذه بعيدا عن النار واللهب ويصحو من نومه فيسارع
إلى دار أبي بكر ويقص عليه رؤياه ، فيقول أبو بكر له (
إنه الخير أريد لك ، وهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
فاتبعه ، فإن الإسلام حاجزك عن النار )


وينطلق خالد إلى رسول الله فيسأله عن دعوته ، فيجيب
الرسول الكريم ( تؤمن بالله وحده لا تشرك به شيئا ،
وتؤمن بمحمد عبده ورسوله ، وتخلع عبادة الأوثان التي لا
تسمع ولا تبصر ولاتضر ولا تنفع ) ويبسط خالد يمينه
فتتلقاها يمين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حفاوة
ويقول خالد ( إني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن
محمدا رسول الله ) وهكذا أصبح من الخمسة الأوائل في
الإسلام.



والده والعذاب

وحين علم والده (سعيد) بإسلامه دعاه وقال له ( أصحيح
إنك اتبعت محمدا وأنت تسمعه يعيب آلهتنا ؟) قال خالد (
إنه والله لصادق ، ولقد آمنت به واتبعته ) هنالك انهال
عليه أبوه ضربا ، ثم زج به في غرفة مظلمة من داره ،
حيث صار حبيسها ، ثم راح يضنيه ويرهقه جوعا وظمأ ،
وخالد يصرخ من وراء الباب ( والله إنه لصادق ، وإني به
لمؤمن ).


وأخرجه والده الى رمضاء مكة ، ود سه بين حجارتها
الملتهبة ثلاثة أيام لا يواريه فيها ظل ، ولا يبلل شفتيه
قطرة ماء ، ثم يئس والده فأعاده الى داره وراح يغريه
ويرهبه وخالد صامد يقول لأبيه ( لن أدع الإسلام لشيء ،
وسأحيا به وأموت عليه ) وصاح سعيد ( إذن فاذهب عني
يا لُكَع ، فواللات لأمنعنك القوت ) فأجاب خالد ( والله خير
الرازقين ) وغادر خالد الدار ، وراح يقهر العذاب
بالتضحية ، ويتفوق على الحرمان بالإيمان.



جهاده مع الرسول

كان خالد بن سعيد من المهاجرين الى الحبشة في الهجرة
الثانية ، وعاد مع إخوانه الى المدينة سنة سبع فوجدوا
المسلمين قد انتهوا للتو من فتح خيبر ، وأقام -رضي الله
عنه- في المدينة لايتأخر عن أي غزوة للرسول -صلى الله
عليه وسلم- ويحضر جميع المشاهد ، وقد جعله الرسول
-صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته واليا على اليمن.



خلافة أبوبكر

لما وصل نبأ وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لخالد في
اليمن عاد من فوره الى المدينة ، وعلى الرغم من معرفته
لفضل أبي بكر إلا أنه كان من الجماعة التي ترى أحقية
بني هاشم في الخلافة ووقف الى جانب علي بن أبي طالب
ولم يبايع أبا بكر ، ولم يكرهه أبوبكر على ذلك ، وإنما بقي
على حبه وتقديره له ، حتى جاء اليوم الذي غير فيه خالد
رأيه فشق الصفوف في المسجد وأبو بكر على المنبر ،
فبايعه بيعة صادقة.



عزله عن الإمارة

يُسير أبو بكر الجيوش للشام ، ويعقد ل( خالد بن سعيد )
لواء ، فيصير أحد أمراء الجيوش ، إلا أن عمر بن
الخطاب يعترض على ذلك ويلح على الخليفة حتى يغير ذلك
، ويبلغ النبأ خالدا فيقول ( والله ما سرتنا ولايتكم ، ولا
ساءنا عزلكم ) ويخف الصديق -رضي الله عنه- الى دار
خالد معتذرا له مفسرا له هذا التغيير ، ويخيره مع من
يكون من القادة مع عمرو بن العاص ابن عمه أو مع
شرحبيل بن حسنة ، فيجيب خالد ( ابن عمي أحب الي في
قرابته ، وشرحبيل أحب الي في دينه ).

ثم يختار كتيبة شرحبيل ، ودعا أبو بكر -رضي الله عنه-
شرحبيل وقال له ( انظر خالد بن سعيد ، فاعرف له من
الحق عليك ، مثل ما كنت تحب أن يعرف من الحق لك ، لو
كنت مكانه ، وكان مكانك انك لتعرف مكانته في الإسلام ،
وتعلم أن رسول الله توفى وهو له وال ، ولقد كنت ولّيته ثم
رأيت غير ذلك ، وعسى أن يكون ذلك خيرا له في دينه ،
فما أغبط أحدا بالإمارة وقد خيرته في أمراء الأجناد
فاختارك على ابن عمه ، فاذا نزل بك أمر تحتاج فيه الى
رأي التقي الناصح ، فليكن أول من تبدأ به أبوعبيدة بن
الجراح ومعاذ بن جبل ولْيَكُ خالد بن سعيد ثالثا ، فإنك
واجد عندهم نصحا وخيرا ، وإياك واستبداد الرأي دونهم ،
أو إخفاءه عنهم ).



استشهاده

وفي معركة ( مرج الصُفَر ) حيث المعارك تدور بين
المسلمين والروم ، كان خالد بن سعيد في مقدمة الذين وقع
أجرهم على الله ، شهيد جليل ، ورآه المسلمون مع الشهداء فقالوا ( اللهم ارض عن خالد بن سعيد )


 
خباب بن الأرت
رضي الله عنه


" اللهم انصر خبابا "
حديث شريف


من هو؟

خبّاب بن الأرت بن جندلة التَّميمي وكنيته أبو يحيى وقيل
أبو عبد الله
صحابي من السابقين إلى الإسلام ، فأسلم
سادس ستة ، وهو أول من
أظهر إسلامه ، وكان قد سُبيَ
في الجاهليـة ، فبيع في مكة ثم حالف
بني زُهرة ، وأسلم
وكان من المستضعفين.



اسلامه

لقد كان خباب سيافا ، يصنع السيوف ويبيعها لقريش ،
وفي يوم اسلامه جاء الى عمله ، وكان هناك نفر ينتظرون
فسألوه ( هل أتممت صنع السيوف يا خباب ؟) فقال وهو
يناجي نفسه ( ان أمره لعجب ) فسألوه ( أي أمر ؟) فيقول
( هل رأيتموه ؟ وهل سمعتم كلامه ؟) وحينها صرح بما
في نفسه ( أجل رأيته وسمعته ، رأيت الحق يتفجر من
جوانبه ، والنور يتلألأ بين ثناياه ) وفهم القرشيون فصاح
أحدهم ( من هذا الذي تتحدث عنه يا عبد أم أنمار ؟)
فأجاب ( ومن سواه يا أخا العرب ، من سواه في قومك
يتفجر من جوانبه الحق ، ويخرج النور من بين ثناياه ؟)
فهب آخر مذعورا قائلا (أراك تعني محمدا ) وهز خباب
رأسه قائلا ( نعم انه هو رسول الله الينا ليخرجنا من
الظلمات الى النور ) كلمات أفاق بعدها خباب من غيبوبته
وجسمه وعظامه تعاني رضوضا وآلاما ودمه ينزف من
جسده فكانت هذه هي البداية لعذاب وآلام جديدة قادمة.



الاضطهاد و الصبر

وفي استبسال عظيم حمل خباب تبعاته كرائد ، فقد صبر
ولم يلن بأيدي الكفار على الرغم من أنهم كانوا يذيقونه
أشد ألوان العذاب ، فقد حولوا الحديد الذي بمنزله الى
سلاسل وقيود يحمونها بالنار ويلفون جسده بها ، ولكنه
صبر واحتسب ، فها هو يحدث ( شكونا الى رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- وهو متوسد ببرد له في ظل الكعبة
، فقلنا يا رسول الله ألا تستنصر لنا ؟؟ فجلس -صلى الله
عليه وسلم- وقد احمر وجهه وقال ( قد كان من قبلكم يؤخذ
منهم الرجل فيحفر له في الأرض ، ثم يجاء بالمنشار
فيجعل فوق رأسه ، ما يصرفه ذلك عن دينه ! وليتمن الله
هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت لا
يخشى إلا الله عز وجل ، والذئب على غنمه ، ولكنكم
تعجلون ) وبعد أن سمع خباب ورفاقه هذه الكلمات ،
ازدادوا إيمانا وإصرارا على الصبر والتضحية.



أم أنمار

واستنجد الكفار بأم أنمار ، السيدة التي كان خباب -رضي
الله عنه- عبدا لها قبل أن تعتقه ، فأقبلت تأخذ الحديد
المحمى وتضعه فوق رأسه ونافوخه ، وخباب يتلوى من
الألم ، ولكنه يكظم أنفاسه حتى لايرضي غرور جلاديه ،
ومر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- والحديد المحمى
فوق رأسه ، فطار قلبه رحمة وأسى ، ولكن ماذا يملك أن
يفعل له غير أن يثبته ويدعو له ( اللهم انصر خبابا ) وبعد
أيام قليلة نزل بأم أنمار قصاص عاجل ، اذ أنها أصيبت
بسعار عصيب وغريب جعلها -كما يقولون- تعوي مثل
الكلاب ، وكان علاجها أن يكوى رأسها بالنار !!



خدمة الدين

لم يكتف -رضي الله عنه- في الأيام الأولى بالعبادة والصلاة
، بل كان يقصد بيوت المسلمين الذين يكتمون إسلامهم
خوفا من المشركين ، فيقرأ معهم القرآن ويعلمهم إياه ،
فقد نبغ الخباب بدراسة القرآن أية أية ، حتى اعتبره
الكثيرون ومنهم عبدالله بن مسعود مرجعا للقرآن حفظا
ودراسة ، وهو الذي كان يعلم القرآن لفاطمة بنت الخطاب
وزوجها سعيد بن زيد عندما فاجأهم عمر بن الخطاب
متقلدا سيفه الذي خرج به ليصفي حسابه مع الإسلام
ورسوله لكنه لم يكد يتلو القرآن المسطور في الصحيفة
حتى صاح صيحته المباركة ( دلوني على محمد ).



وسمع خباب كلمات عمر ، فخرج من مخبئه وصاح ( يا
عمر والله إني لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه
-صلى الله عليه وسلم- ، فإني سمعته بالأمس يقول ( اللهم
أيد الإسلام بأحب الرجلين إليك ، أبي الحكم بن هشام ،
وعمر بن الخطاب ) فسأله عمر من فوره ( وأين أجد
الرسول الآن يا خباب ؟) وأجاب خباب ( عند الصفا في دار
الأرقم بن أبي الأرقم ) فمضى عمر الى مصيره العظيم.



الدَّيْن

كان خباب رجلاً قَيْناً ، وكان له على العاص بن وائل دَيْنٌ ،
فأتاه يتقاضاه ، فقال العاص ( لن أقضيَكَ حتى تكفر بمحمد
) فقال خباب ( لن أكفر به حتى تموتَ ثم تُبْعَثَ ) قال
العاص ( إني لمبعوث من بعد الموت ؟! فسوف أقضيكَ إذا
رجعتُ إلى مالٍ وولدٍ ؟!)


فنزل فيه قوله تعالى "( أفَرَأيْتَ الذَي كَفَرَ بِآياتنا وقال
لأوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً ، أَطَّلَعَ الغَيْبَ أمِ اتَّخَذَ عند الرحمنِ عَهْداً
، كلاّ سَنَكتُبُ ما يقول ونَمُدُّ له من العذاب مَدّا ، َنَرِثُهُ ما
يقولُ ويَأتينا فرداً ")

سورة مريم (آية 77 إلى آية 80 )


جهاده

شهد خباب بن الأرت جميع الغزوات مع الرسول -صلى الله
عليه وسلم-وعاش عمره حفيظاً على إيمانه يقول خباب (
لقد رأيتني مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أملك
ديناراً ولا درهماً ، وإنّ في ناحية بيتي في تابوتي لأربعين
ألف وافٍ ، ولقد خشيت الله أن تكون قد عُجّلتْ لنا طيّباتنا
في حياتنا الدنيا ).



في عهد الخلافة

عندما فاض بيت مال المسلمين بالمال أيام عمر وعثمان
-رضي الله عنهما- ، كان لخباب راتب كبير بوصفه من
المهاجرين السابقين إلى الإسلام ، فبنى داراً بالكوفة ،
وكان يضع ماله في مكان من البيت يعلمه أصحابه ورواده
، وكل من احتاج يذهب ويأخذ منه.



وفاته

قال له بعض عواده وهو في مرض الموت ( ابشر يا أبا
عبدالله ، فإنك ملاق إخوانك غدا ) فأجابهم وهو يبكي ( أما
إنه ليس بي جزع ، ولكنكم ذكرتموني أقواماً ، وإخواناً
مضوا بأجورهم كلها لم ينالوا من الدنيا شيئا ، وإنا بقينا
بعدهم حتى نلنا من الدنيا ما لم نجد له موضعاً إلا التراب )
وأشار الى داره المتواضعة التي بناها ، ثم أشار الى المكان
الذي فيه أمواله وقال ( والله ما شددت عليها من خيط ، ولا
منعتها عن سائل ) ثم التفت الى كفنه الذي كان قد أعد له ،
وكان يراه ترفا وإسرافا وقال ودموعه تسيل ( انظروا هذا
كفني ، لكن حمزة عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم
يوجد له كفن يوم استشهد إلا بردة ملحاء ، إذا جعلت على
رأسه قلصت عن قدميه ، وإذا جعلت على قدميه قلصت
عن رأسه ).


ومات -رضي اللـه عنه-في السنة السابعة والثلاثين للهجرة
مات واحد ممن كان الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم-
يكرمهم ويفرش لهم رداءه ويقول ( أهلاً بمن أوصاني بهم
ربي ) وهو أول من دُفِنَ بظهر الكوفة من الصحابة.


قال زيد بن وهب ( سِرْنا مع علي حين رجع من صفّين ،
حتى إذا كان عند باب الكوفة إذْ نحن بقبور سبعة عن
أيماننا ، فقال ( ما هذه القبور ؟) فقالوا ( يا أمير المؤمنين
إنّ خباب بن الأرت توفي بعد مخرجك إلى صفين ، فأوصى
أن يدفن في ظاهر الكوفة ، وكان الناس إنّما يدفنون
موتاهم في أفنيتهم ، وعلى أبواب دورهم ، فلمّا رأوا خباباً
أوصى أن يدفن بالظهر ، دفن الناس ) فقال علي بن أبي
طالب ( رحم الله خباباً أسلم راغباً وهاجر طائعاً ، وعاش
مجاهداً ، وابتلي في جسمه ، ولن يضيعَ الله أجرَ مَنْ
أحسنَ عملاً ) ثم دنا من قبورهم فقال ( السلام عليكم يا
أهل الدّيار من المؤمنين والمسلمين ، أنتم لنا سلفٌ فارطٌ ،
ونحن لكم تبعٌ عما قليل لاحِقٌ ، اللهم اغفر لنا ولهم
وتجاوز بعفوك عنا وعنهم ، طوبى لمن ذكرَ المعاد وعمل للحساب وقنعَ بالكفاف ، وأرضى الله عزَّ وجلَّ )

 
خُبيب بن عدي
رضي الله عنه

صقراً توسط في الأنصار منصبه سمْحُ السّجية محضاً غير مؤْتَشَب
حسان بن ثابت


من هو؟

خبيب بن عدي من الأوس ، تردد على الرسول -صلى الله عليه وسلم- مذ هاجر إليهم وآمن بالله رب العالمين ، كان عذب الروح شفاف النفس وثيق الإيمان ، عابدا ناسكا


غزوة بدر

شهد غزوة بدر ، وكان مقاتلا مقداما ، وممن صرع يوم بدر المشرك ( الحارث بن عامر بن نوفل ) وبعد إنتهاء المعركة ، عرف بنو الحارث مصرع أبيهم ، وحفظوا اسم قاتله المسلم ( خبيب بن عدي)


يوم الرجيع

في سنة ثلاث للهجرة ، قدم على الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد أحد نفر من عضل والقارة فقالوا ( يا رسول الله ، إن فينا إسلاما ، فابعث معنا نفراً من أصحابك يفقهوننا في الدين ، ويقرئوننا القرآن ويعلموننا شرائع الإسلام ) فبعث معهم مرثد بن أبي مرثد ، وخالد بن البكير ، وعاصم بن ثابت ، وخبيب بن عدي ، وزيد بن الدثنة ، وعبدالله بن طارق ، وأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- على القوم مرثد بن أبي مرثد.

فخرجوا حتى إذا أتوا على الرجيع ( وهو ماء لهذيل بناحية الحجاز على صدور الهدأة ) غدروا بهم ، فاستصرخوا عليهم هذيلا ، ووجد المسلمون أنفسهم وقد أحاط بهم المشركين ، فأخذوا سيوفهم ليقاتلوهم فقالوا لهم ( إنا والله ما نريد قتلكم ، ولكنا نريد أن نصيب بكم شيئا من أهل مكة ، ولكم عهد الله وميثاقه ألا نقتلكم ) فأما مرثد بن أبي مرثد وخالد بن البكير وعاصم بن ثابت فقالوا ( والله لا نقبل من مشرك عهدا ولا عقدا أبدا ) ثم قاتلوا القوم وقتلوا.

وأما زيد بن الدثنة وخبيب بن عدي وعبدالله بن طارق فلانوا ورقوا فأسروا وخرجوا بهم الى مكة ليبيعوهم بها ، حتى إذا كانوا بالظهران انتزع عبدالله بن طارق يده من الأسر وأخذ سيفه وقاتلهم وقتل وفي مكة باعوا خبيب بن عدي لحجير بن أبي إهاب لعقبة بن الحارث ابن عامر ليقتله بأبيه ، وأما زيد بن الدثنة فابتاعه صفوان بن أمية ليقتله بأبيه أمية بن خلف.


صلب خبيب

وبدأ المشركين بتعذيبهما -رضي الله عنهما- وقتل نسطاس زيدا ، أما خبيب فقد حبس وعذب وهو صابر ثابت النفس ، حتى أنه يروى بأن ماوية مولاة حجير بن أبي إهاب قد دخلت عليه يوما فوجدته يأكل عنبا ، فخرجت تخبر الناس بذلك ، فلا يوجد في مكة عنبا يؤكل.

ثم خرجوا بخبيب إلى مكان يسمى التنعيم ، واستأذنهم ليصلي ركعتين ، فاذنوا له ، وصلى ركعتين وأحسنهما ثم قال لهم ( أما والله لولا أن تظنوا أني طولت جزعا من القتل لاستكثرت من الصلاة ) فكان خبيب بن عدي أول من سن هاتين الركعتين عند القتل للمسلمين ثم رفعوه على خشبة وصلبوه ، فقال ( اللهم إنا قد بلغنا رسالة رسولك فبلغه الغداة ما يصنع بنا !) ثم قال ( اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ، ولا تغادر منهم أحدا !) ورموه برماحهم وسيوفهم وقتل-رضي الله عنه-

وشعر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بمحنة أصحابه ، وترائى له جثمان أحدهم معلقا ، فبعث المقداد بن عمرو ، والزبير بن العوام ليستطلعا الأمر ، ووصلا المكان المنشود وأنزلا جثمان خبيب ودفنوه في بقعة طاهرة لانعرف اليوم مكانها
 
بسم الله الرحمن الرحيم

شكرا لودي

علي مرورك الكريم ومشاركتك الطيبة
 
دِحْيَة بن خَليفة
رضي الله عنه



من هو؟

دِحْيَة بن خَليفة بن فَروة بن فَضالة بن امرىء القيس الكَلْبي ، كان أجمل الناس وجهاً ، أسلم ولم يشهد بدراً ، وشَهِد المشاهد وبقي الى خلافة معاوية سكن الشام وكان منزله في قرية المِزَّة ، بعثه الرسول -صلى الله عليه وسلم- الى قيصر ملك الروم000
 
سلمت الايادي >> لخطت هذه النعمة
ننتظر جديدك المميز
 
جزاك الله كل خير أخي زناتي علي الموضوع المهم بجد عرفت حاجات كتير مكنتش عارفاها شكرا.
 
بسم الله الرحمن الرحيم

شكرا

طبيب نفس

angle girl


علي مروركما الطيب ومشاركتكما الرقيقة

 

أحدث المواضيع

أعلى