قصص الانبياء للأطفال

احساس

مؤسسي الموقع
إنضم
Sep 11, 2006
المشاركات
3,792
الإقامة
مصرية وافتخر
1150467244888nk9av4.gif


أيوب – عليه السلام


ولد "أيوب" – عليه السلام – بإحدى قرى بلاد الشام، وكان أبوه "موص بن رزاح" من أحفاد "إبراهيم" الخليل – عليه السلام، وكان على دينه.

وقد نشأ "أيوب" على دين أبيه وجده "إبراهيم" الخليل – عليه السلام- وكان ثريًّا له مال كثير وتجارة كبيرة، ويمتلك الكثير من المواشي والأراضي ، لكنه – مع كل هذا الجاه والثراء – كان متواضعًا محبًّا للخير، يكثر من التصدق بماله، والإنفاق على الفقراء والمحتاجين؛ فأحبه الناس، وصارت له منزلة كبيرة في قلوبهم، ومكانة عظيمة بينهم .
رزق الله- تعالى- "أيوب" – عليه السلام - الكثير من الأولاد، فزاده ذلك شكرًا لله، وتواضعًا للناس وحبًّا للخير .

001.jpg

عاش "أيوب" – عليه السلام – في سعادة وهناء، بين قومه وأولاده ، ينعم بما حباه الله من نعيم وثراء، ويؤدى حق الله في ماله للفقراء والمساكين , ولكن الأمور لم تستمر على هذا النحو من السعادة والهناء ، فسرعان ما تغيرت الحال بنبي الله "أيوب" وتبدلت حياته على نحو عجيب .
فقد ابتلاه الله- تعالى- في ماله وأهله وولده، فذهب ماله ، وفقد أولاده، حتى لم يبق من ذلك كله إلا زوجته، وأصابه المرض في كل أعضاء جسده، وطال مرضه حتى نفر الناس منه ، وضاق به أهله ، فلم يعد يزوره أحد من أقاربه ، وخاف الناس من مخالطته حتى لا يعديهم بمرضه ، ولم يعد أحد يحنو عليه سوى زوجته التي ترعى له حقه .
ولما اشتد به المرض أخرجه الناس من بلده ، وألقوه في مكان بعيد خارجه ، فكانت زوجته تتردد إليه , فتقوم على خدمته ، وتقضى حوائجه ، وتعينه على أموره , فقد كانت تلك الزوجة صورة مشرقة للوفاء والإخلاص للزوج.
وظلت زوجة نبي الله "أيوب" تخدمه وترعاه ، ولا تقصر في القيام بواجبها نحوه ، حتى ضعفت قوتها ، وهزل جسمها، وقل مالها ، فباعت كل شيء ، حتى لم تعد تملك شيئًا تنفقه على زوجها في مرضه , فكانت تخدم الناس بالأجر لتوفر لزوجها ما يحتاج إليه من طعام ، وظلت صابرة على ما حل بها ، مؤمنة بقضاء الله ، واثقة برحمته وعدله ، فلم تيأس يومًا ، ولم تسخط ، أو يتسرب الشك إلى قلبها في لحظة من اللحظات .
وكان "أيوب" – عليه السلام- مؤمنًا صابرًا على الرغم من مرضه ، وما ابتلاه الله به من فقر وحاجة ، ونفور الناس منه ، وابتعادهم عنه ، وكان كل ذلك لا يزيده إلا إيمانًا وصبرًا ، وحمدًا، ودعاءً وشكرًا .
وكانت زوجته حينما تراه على هذه الحال ترق له ، وتشفق عليه ، فلما طال عليه المرض قالت له : يا "أيوب" ، لو دعوت ربك لفرج عنك . فقال لها "أيوب" – عليه السلام - بإيمان صادق عميق :
- لقد عشت سبعين سنة صحيحًا ، فهل كثير لله أن أصبر سبعين سنة ؟!
ومرت أعوام كثيرة و" أيوب" – عليه السلام – في مرضه ، صابر محتسب ، وكانت زوجته المؤمنة الوفية تأتيه كل يوم فتطعمه وتخدمه ، وترعى شئونه.
وزاد المرض على " أيوب " – عليه السلام – وخاف الناس أن يصيبهم ما أصابه، فلم يعد أحد منهم يقبل أن تعمل زوجة " أيوب " عنده أو تخدمه حتى لا تعديهم بمخالطته ، ولم تجد تلك الزوجة الصابرة ما تنفقه ، فباعت إحدى ضفائرها لبعض بنات الأشراف لتزين بها شعرها ، واشترت بثمنها طعامًا كثيرًا لزوجها ، فلما جاءته به تعجب " أيوب " وسألها :
- من أين لك هذا ؟! وخشيت زوجته أن تضايقه بما فعلت فقالت له :
خدمت به أناسًا .
ولكن " أيوب " – عليه السلام – كان يشعر أنها تخفى عليه أمرًا ، فلم يلح عليها بالسؤال .
ومرت أيام، ولم تجد زوجة " أيوب " ما تشترى به الطعام لزوجها ، فباعت الضفيرة الأخرى ، واشترت طعامًا ، فلما أتت إلى " أيوب " – عليه السلام – سألها عنه ، وحلف ألا يأكل شيئًا منه حتى تخبره من أين جاءت به ؟!
ولم تجد تلك الزوجة المؤمنة ما ترد به على زوجها ، فكشفت خمارها عن رأسها، فلما رأى ما فعلت بشعرها ، نظر إليها نظرة حزينة حانية ، وترقرقت في عينيه دمعة تفيض بالحزن والأسى .
وبينما كان "أيوب"- عليه السلام- حزينًا مهمومًا، مر به رجلان ، فلم يستطيعا أن يقتربا منه لمرضه ، فقال أحدهما للآخر :
- لو كان الله علم من " أيوب " خيرًا ما ابتلاه بهذا !
وسمعهما " أيوب " – عليه السلام- فحزن حزنًا شديدًا ، وتوجه إلى الله بالدعاء أن يفرج عنه ما هو فيه من ضر وبلاء وقال :
"وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)" (الأنبياء)
واستجاب الله دعاء نبيه وعبده المؤمن الصابر " أيوب " فكشف عنه الضر، وشفاه من مرضه, وحينما جاءته زوجته كعادتها لتقدم له الطعام ، وتقوم على خدمته ورعايته ، لم تعرفه، فسألته :
003.jpg


- يا عبد الله . هل رأيت رجلاً مريضًا كان نائمًا في هذا المكان ؟!
فنظر إليها " أيوب "- عليه السلام- ولم يجبها ، فبكت وازداد بكاؤها .
ثم قال لها نبي الله "أيوب" ضاحكًا : أنا " أيوب " ! فقالت له باكية : أتسخر منى يا عبد الله ؟! فلما نظرت إليه جيدًا عرفته ، ففرحت بشفائه فرحًا شديدًا ، وعاش " أيوب "- عليه السلام- بعد ذلك سبعين سنة، رزقه الله خلالها كثيرًا من الأولاد ، وأنعم عليه بالنعم الكثيرة ، وعوضه عما فقده من مال وبنين .
وظل "أيوب" – عليه السلام – يؤدى رسالته ، ويدعو قومه إلى الإيمان بالله – تعالى- والتمسك بدينه ، حتى توفاه الله تعالى.


022jy1.gif




"آدم" عليه السلام أبو البشر


البشر كُلُّهم في كلِّ مكانٍ وزمانٍ من أبٍ واحدٍ وأمٍّ واحدةٍ ، هما"آدم" و"حواء".


01.jpg

ولم يكن"آدم"ـ عليه السلام ـ هو أوَّل مخلوق خلقه الله- تعالى-، فقد خلق الله-تعالى- قبله السماوات والأرض وخلق الملائكة والجن ، وقد خلقالله- تعالى- الملائكة من نورٍ،وخلق الجن من النار، أمَّا"آدم" فقد خلقه الله من طين،ثم سواه بيده، ونفخ فيه من روحه؛فصار بشرًا حيًّا.وأمر الله -تعالى- الملائكة بالسجود لآدم؛ تكريمًا له،وإظهارًا لما اختصه الله به من الفضل, فسجدت له الملائكة


02.jpg


جميعًا إلا"إبليس" الذي امتلأ قلبه بالغيرة والحسد لآدم على تلك المكانة والمنزلة الرفيعة التي لم ينلها أحدٌ غيره،فأخذه الغرور والكبر،ورفض السجود لآدم،وراح يجادل ربه، وقال في كبرٍ وغرورٍ متحديًا أمر الله تعالى :

"َأسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا " (الإسراء 61)
وراح يعلل رفضه السجود مفتخرًا متعاليًا :
" أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ "(الأعراف 12 )
كان"إبليس"أول من عصى الله، وتمرَّد عليه ، وتملكه الكبر والغرور،ونسي أن ما يتباهى به هو نعمة من الله عليه،وأنه هو نفسه من صنع الله وأحد مخلوقاته العديدة التي لا تُعَدُّ ولا تُحصَى؛ فكان جزاؤه أن طرده الله من الجنة.
لكن"إبليس" لم يعتبر بما حدث له ، وإنما استمرَّ على عناده وتكبره وامتلأ قلبه بالحقد على"آدم" والحسد له ، فأراد أن يغوي"آدم" ويضله، ويدفعه إلى المعصية فيتعرَّض لغضب الله تعالى.
طلب"إبليس"من الله-تعالى- أن يمهله , فأمهله الله- تعالى- إلى يوم القيامة.
وأسكن الله- تعالى- "آدم"ـ عليه السلام ـ في الجنة،بعد أن خلق له زوجته"حواء"من أحد أضلاعه؛ لتؤنسه في حياته فلا يعيش وحيدًا في تلك الجنَّة العظيمة،وأباح الله لهما كل ثمار الجنة،يأكلان منها كيف شاءا، لكن الله حذرهما من الاقتراب من شجرة معينة حدَّدَها لهما،وحرم عليهما أن يتناولا شيئًا من ثمارها،حتَّى لا يتعرضا لغضب الله وعقابه.
ووجد"إبليس" أن الفرصة قد أصبحت سانحة له لتحقيق هدفه، فسعى إلى غواية"آدم" -عليه السلام- وزوجته"حواء"، فراح يتقرَّب إليهما،ويتصنع النصح والإخلاص لهما،وأخذ يوسوس إليهما في مكرٍ،ويحاول إغرائهما في دهاءٍ، ثم أقسم لهما أنه ناصح أمين، وقال:


" مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ".


(الأعراف 20 )


اسـتطاع "إبليس" بمكـره ودهـائه أن يغري "آدم" و "حـواء" بالأكل من تلك الشجرة المحرمة، حتى ضعفت إرادتهما أمام إغرائه وإلحاحه ووسوسته، فاستجابا له في النهاية؛ فأكل "آدم" وزوجته من الشجرة التي نهاهما الله عنها، فكانت تلك المعصية سببا في خروجهما من الجنة و نزولهما إلى الأرض

لم يكـن"إبليس" ليدع "آدم" لينعم بالأمن والسـلام على الأرض، فقد كانت تلك هي البداية .
أراد"إبليس"أن يدفع البشر جميعًا من أبناء"آدم"وذريَّته إلى المعصية،وأن يشعل بينهم العداوة والبغضاء،فراح يوسوس لأبناء "آدم"حتى استطاع أن يوقع الفتنة بينهم،وتمكن من إشعال نار العداوة والشقاق بين ابني"آدم" : "قابيل" و"هابيل".
كانت "حواء" تضع في كل ولادة لها توأمين،ذكًرا وأنثى، فولدت أوّلا "قابيل" وأخته "إقليما"، ثمَّ ولدت "هابيل" وأخته "لبودا " .
فلما كبروا أمر الله "آدم" أن يزوِّج كلَّ واحدٍ من الأخوين توأمة الآخر،لكن"قابيل"رفض،وصمم على الزواج من توأمته"إقليما".
فأخبره"آدم" أنها لاتحلُّ له،لكنه رفض،وأصرَّ على تشبثه وعناده،وعندئذ طلب"آدم"من الأخوين أن يقدِّم كل واحد منهما قربانًا لله، فمن يتقبَّل الله قربانه فهو أحقُّ بالزَّواج بها .
أسرع "هابيل" يختار أفضل ما لديه من الغنم،فقدّم كبشًا سمينًا هو من أفضل ما لديه.


2.jpg



أمَّا "قابيل" فقد أخذ حزمة من أردأ زرعه، وقدمها قربانًا.



1.jpg



وضع كُلٌّ من الأخوين قربانه فوق قمة أحد الجبال،ثمَّ نزلا من على الجبل،ووقفا من بعيدٍ يراقبان ما سوف يحدث .
وفجأة حدث شيء عجيب .. لقد أقبلت نار من السماء تخترق الفضاء بسرعة متَّجهة نحو قمَّة ذلك الجبل،وفي لحظات انقضَّت النار على قربان"هابيل"فالتهمته وكانت هذه علامة قبول قربانه ، بينما لم تمسَّ النار قربان أخيه .
نظر"قابيل"نحو أخيه"هابيل"،وقال له:
ـ لماذا يتقبل الله منك قربانك ولا يتقبَّل منِّي ؟!..
قال "هابيل"مواسيًا وملاطفًا في مودَّةٍ وحُبٍّ :
4.jpg

ـ " إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ " .(المائدة 27)
وهنا ثار"قابيل" ثورة عارمة،وقال بغضبٍ وانفعال :
ـ سوف أقتلك .. فقال"هابيل" بلطفٍ ولينٍ :
" لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ". (المائدة 28)
ولكن هذه الكلمات الرقيقة المفعمة بالإيمان لم تنفذ إلى قلب "قابيل" القاسي،الذي أوصد أذنيه أمام توسلات أخيه ، وجمد قلبه من كل مشاعر الحب والرحمة.
تمادى "قابيل" في غضبه وثورته،واندفع نحو أخيه فقتله .
وقف"قابيل"مذهولاً أمام جثَّة أخيه"هابيل"،وهو لا يصدِّق ما حدث،كان منظر أخيه المدرج في دمائه بشعًا قاسيًا،لم يدر كيف جاءته كلُّ تلك القسوة،حتى فعل بأخيه ما فعل !!
وراح ينظر في صمتٍ وذهولٍ،وقد أظلمت الدنيا في وجهه .. سؤال واحدٌ كان يدور في ذهنه،ويلح عليه بشدة،لكنه لايجد له إجابة :
كيف يخفي جثَّة أخيه ؟!!

وبينما هو غارق في مخاوفه وأفكاره،رأى أمامه شيئًا عجيبًا، فقد أرسل الله إليه غراباً، راح ينبش في الأرض حتى صنع حفرة فدفن فيها غرابا ميتاً، وقابيل ينظر إليه بدهشة وتعجُّبٍ، وفجأة أمسك"قابيل"رأسه بين يديه،وراح ينتحب بصوتٍ عالٍ :


3.jpg

" يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي ".(المائدة 31)
وراح"قابيل" يقلَّد ما فعله ذلك الغراب الذي ساقه الله إليه ليعلِّمه كيف يدفن جثة أخيه،ويكشف له عن مدى ضعفه وعجزه حتى أمام مثل هذا الطائر الصغير.
وكانت تلك الجريمة البشعة أول جريمة في تاريخ البشرية.

* * *

عندما علم"آدم"ـ عليه السلام ـ بما فعله ابنه "قابيل"بأخيه "هابيل"حزن كثيرًا،فقد كان"هابيل" مثالاً للابن المؤمن بربه البار بوالديه،أما"قابيل" فقد شعر بالندم بعدما قتل أخاه. وقد عوَّض الله تعالى"آدم"ـ عليه السلام- عن فقد ابنه فأنجب بعد ذلك غلامًا اسمه"شيث"،وكان قد بلغ من العمر نحو مائة وثلاثين سنة،ثمَّ وُلِدَ لآدم بعد ذلك الكثير من الأبناء والبنين، وعاش"آدم"ـ عليه السلام ـ بعد ذلك نحو ثمانمائة عام،وحينما حضرته الوفاة عهد إلى ابنه "شيث" بالحفاظ على دين الله، وأوصاه بإقامة شرعه، وعبادة الله




يتبع باذن الله تعالى
 

المواضيع المتشابهة

نبي الله إسماعيل -عليه السلام-

نبي الله إسماعيل -عليه السلام-


جاء "إبراهيم" - عليه السلام - إلى أرض "كنعان" (فلسطين الآن) واستقر بها وكبرت سُنه، ولم يرزق ولداً لأن زوجته "سارة" كانت عاقراً لا تلد .

أحست السيدة "سارة" بشوق "إبراهيم" - عليه السلام- إلى الولد، فوهبته جاريتها المصرية "هاجر" فأنجب منها ولده "إسماعيل" .
سعد "إبراهيم" - عليه السلام- و"هاجر" بولدهما "إسماعيل" ثم أوحى الله إلى "إبراهيم" -عليه السلام- أن يأخذ "هاجر" وولدهما "إسماعيل" وأن يتجه بهما نحو الجنوب، حيث الأرض التي هي الآن "مكة المكرمة"، وكان المكان قفراً لا زرع فيه ولا ماء، ولكن "إبراهيم" - عليه السلام- ترك فيه السيدة "هاجر" وولدهما "إسماعيل" طاعة لأمر الله تعالى، وترك لها كيسًا من التمر وسقاء به ماء ثم ودعها، وعاد إلى أرض "كنعان"، فنادته مرة بعد مرة .
أين تذهب يا "إبراهيم" وتتركنا في هذا الوادي الذي لا أنيس به ؟
أبهذا أمرك الله ؟

فأشار برأسه : نعم .
قالت : إذن لا يضيعنا الله .
ومشى "إبراهيم"، ثم استدار بوجهه، ونادى :
" رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ " ( إبراهيم 37)

01.jpg


كان موقفًا عصيبًا لهاجر، ولكن "هاجر" الواثقة بالله أدركت أنه سيشملها برحمته، فأكلت من التمر حتى قارب على النفاد، وشربت من الماء حتى فرغ، وبعد فترة أحست بعطش شديد، ونظرت إلى ابنها فإذا هو يتلوى من العطش. حينئذٍ انطلقت فوق مرتفع "الصفا" تنظر لعل أحدًا ينقذها، فلم تجد، فهبطت إلى الوادي وأسرعت في منحدر الوادي، حتى بلغت مرتفع "المروة" ونظرت فلم ترأحدًا، وكررت ذلك سبع مرات، وأخيراً سمعت وهى على "المروة" صوتًا يناديها، فصاحت به في لهفة أن يغيثها، وإذا ملك يضرب بجناحه الأرض تحت قدمي "إسماعيل" فيظهر الماء ويتدفق، فشربت وملأت السقاء وأرضعت طفلها، ثم جعلت تقيم على الماء حاجزًا حتى لا يضيع في الرمال .
ومر نفر من قبيلة "جرهم" العربية فأبصروا طائرًا ينزل ويحوم فأدركوا أن عنده ماء، فأقبلوا فرأوا "هاجر"، فاستأذنوها أن يقيموا معها، فأذنت لهم، وبينهم شب "إسماعيل" وتعلم العربية .
لم يتخل "إبراهيم" - عليه السلام- عن "هاجر" وابنهما "إسماعيل" بل كان يزورهما مرة بعد أخرى .
وذات ليلة رأى "إبراهيم" - عليه السلام- في المنام أنه يذبح ابنه "إسماعيل"، ورؤيا الأنبياء حق، أي وحي من الله تعالى, كان الأمر شاقًّا على "إبراهيم" - عليه السلام- ، ولكن إيمانه بالله كان أكبر، فامتثل له، وارتحل إلى ولده وكان قد كبر، ونما عوده فانفرد به، وقال :
َ" يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى" ( الصافات 102) فأجاب "إسماعيل" :"يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ" ( الصافات 102)وأخذ الأب ابنه الوحيد، وذهب به بعيدًا، فأوثقه وأرقده، وشحذ (سن) سكينة، ومد يده ليذبحه وهنا ناداه ربه :
" وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ (106) " ( الصافات 104 - 106)فكف "إبراهيم" عن الذبح، وافتدى الله "إسماعيل" بذبح عظيم .

وقد أصبح ذلك سُنَّةَ يقوم بها المسلمون في عيد الأضحى تخليدًا لهذه الذكرى الكريمة .
وفى إحدى رحلات "إبراهيم" - عليه السلام- إلى "هاجر" قال "لإسماعيل" :
إن الله أمرني أن ابني ها هنا بيتًا، وأشار إلى مكان مرتفع فاستجاب "إسماعيل" في الحال، وأخذ إبراهيم وإسماعيل يرفعان قواعد البيت الحرام :


"إسماعيل" يأتى بالحجارة، و"إبراهيم" يبنى، حتى إذا ارتفع البناء وقف "إبراهيم" على المقام وقال :"رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127)رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)"
(البقرة 127-128)
3.jpg




وبعد أن تم بناء الكعبة أمر الله نبيه "إبراهيم" - عليه السلام- أن ينادى في الناس بالحج .
" وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ "( الحج 27)وارتحل "إبراهيم"، وبقى "إسماعيل" يقوم على رعاية الكعبة، وخلفه في ذلك أبناؤه، وبعد فترة طويلة من الزمن بعث الله نبيه "محمدًا" ليكمل مسيرة آبائه "إبراهيم" و"إسماعيل" وليكون خاتم الأنبياء والمرسلين .

يتبع
 
ما شاء الله

مشاركه متميزه منك يا احساس

بارك الله فيك

متابعه معاكي بس مش تتاخري علينا
 
تسلمى لى يا شوش وان شاء الله مش اتاخر ابدا بس انت خلى نفسك طويل
عشان معايا حاجات حلوة واحلى كمان ربنا ييسر واجيبها فلاشات اذا قدرت كمان

w6w200510230247490155affb9jr.gif
 
لوط وزكريا ويحي عليهم السلام

لوط (عليه السلام)


عاش نبي الله "لوط بن هاران بن تارح" - عليه السلام- مع عمه "إبراهيم" – عليه السلام- فترة من الزمن بأرض الرافدين (العراق حالياً) ، فأسلم على يديه، وتأثر بما كان يجرى بينه وبين قومه من صراع ، ورأى كيف وقف "إبراهيم" – عليه السلام- في وجه قومه يدعوهم إلى الله، ويأمرهم بترك عبادة أحجار لا تضر ولا تنفع ، ويطلب منهم الإيمان بدعوته والدخول في الإسلام ، فما كان من قومه إلا أنآذوه أشد الإيذاء ، حتى وصل بهم الأمر إلى أن يجمعوا له حطبًا ويحرقوه بالنار ، لولا أن نجاه الله منها ، وأعرضوا عنه وعن دعوته ، ثم تبرؤوا منه ، وعند ذلك هاجر "إبراهيم" – عليه السلام- إلى "فلسطين" واصطحب معه ابن أخيه "لوطًا"، وهناك عاشا معًا مدة من الزمن ، بعدها ترك "لوط" عمه "إبراهيم" في أرض "فلسطين" وذهب إلى "سدوم" بالأردن ؛ لأن الله – عز وجل- أرسله نبيًّا إلى أهلها، يدعوهم إلى عبادة الله ، وينهاهم عما هم عليه من أخلاق فاسدة . فذهب إليهم نبي الله "لوط" ، وأخذ ينهاهم عن الفواحش والمنكرات ، ودعاهم إلى الإسراع بالتوبة ، وتوعدهم إن لم يرجعوا عما هم عليه، فسوف يعذبهم الله عذابًا شديدًا، لكن أهل "سدوم" لم يستجيبوا لدعوته، بل تمادوا في فجورهم وطغيانهم ، حتى وصل بهم الأمر إلى أن حدثتهم نفوسهم الخبيثة أن يطردوا نبيهم، ومن آمن معه من قريتهم وقالوا :
001.jpg

" أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56)" (النمل:56)ألح عليهم نبي الله "لوط" – عليه السلام- بدعوته ، وحذرهم من سوء عاقبتهم إذا استمروا على ذلك ، لكنهم استهزؤوا به ، وسألوه أن يأتيهم بالعذاب ، ويعجله لهم إن كان من الصادقين ، وعندما تأكد نبي الله "لوط" – عليه السلام – من أنهم لم يستجيبوا له ، دعا ربه أن ينصره عليهم، قال الله تعالى :
"قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30)"(العنكبوت:30)فاستجاب الله – عز وجل- لدعوة نبيه "لوط" – عليه السلام – وأرسل إلى قومه ملائكة كرامًا لإهلاكهم .
فمر هؤلاء الملائكة الكرام في طريقهم إلى قوم "لوط" على "إبراهيم" الخليل – عليه السلام- بأمر الله- تعالى- وكانوا قد تشكلوا بصورة رجال وجوههم جميلة، فبشروه بغلام عليم ، وهو "إسحاق" ، ومن وراء "إسحاق""يعقوب" ، وأخبروه أنهم ذاهبون للانتقام من قوم "لوط" أهل "سدوم" وما حولها، وأن الله أمرهم بإهلاك أهل هذه المدائن، وعندما سمع "إبراهيم" – عليه السلام – ما قالته الملائكة ، وما أرسلوا به من العذاب ، تخوف على ابن أخيه "لوط" – عليه السلام- أن يصيبه أذى، فقال لهم: إن فيها "لوطًا".
فأخبروه بأنهم أعلم بمن فيها، وأن الله – عز وجل – سينجى "لوطًا" وأهله إلا امرأته التي لم تؤمن به ، وصارت تعين هؤلاء الفجار على هذا العمل الخبيث، قال الله تعالى :
" قَالُواْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ (58)إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59)إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (60)"(الحجر:58-60)خرجت الملائكة من عند نبي الله "إبراهيم" – عليه السلام- وتوجهوا نحو قرية "سدوم"
وعندما علم "لوط" – عليه السلام- بشأنهم خرج إليهم متخفيًا بعيدًا عن أنظار قومه حتى لا يعلموا بقدومهم ، وعندما رآهم اغتم، لأنه خاف عليهم من أولئك الأشرار المجرمين ، وخشى أن يكون قد رآهم واحد من قومه حين دخلوا عليه ، فيذهب فيخبر قومه ، قال تعالى:
" وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (77) وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ (78)" (هود:77-78)وسرعان ما حصل ما كان يخشاه "لوط" – عليه السلام- إذ خرجت امرأته- وكانت كافرة إلى قومها وقالت لهم : إن في بيت "لوط" رجالاً ما رأيت مثل وجوههم قط، وما إن سمع قوم "لوط" الخبر، حتى أقبلوا مسرعين يهرعون إلى بيت نبي الله "لوط" يريدون ارتكاب الفاحشة مع ضيوفه، وأخذ نبي الله "لوط" – عليه السلام- يجادل قومه المفسدين بالحسنى، ويناقشهم باللطف واللين ، لعل فيهم من يرتدع عن غيه وضلاله ودعاهم -عليه السلام- إلى سلوك
الطريقة الشرعيةالمباحة ، وهى أن يتزوجوا بناتهوأن يكتفوا بنسائهم ،لكن قومه الخبثاء رفضوا نصيحته وصارحوه بغرضهم السيئ من غير استحياء ولا خجل وقالوا له: ما لنا في بناتك حاجة ، عند ذلك ازداد همه – عليه السلام – وتمنى أن لوكان له بهم قوة، أو كان له منعة أو عشيرة فينصرونه عليهم، قال الله تعالى:
002.jpg


" قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80)" (هود::80)فلما رأت الملائكة ما يلقى نبي الله "لوط" –عليه السلام – من كرب شديد أخبروه بحقيقتهم، وأنهم ليسوا بشرًا، وإنما هم ملائكة الله ورسله قدموا لإهلاك هذه القرية بأمر الله ، ثم ضرب جبريل عليه السلام وجوه القوم بجناحه ، ففقد القوم أبصارهم وأخبر الملائكة لوطا أن


يصحب أهله أثناء الليل ويخرج بهم ،وسيسمعون أصواتًا مروعة تزلزل الجبال فلا يلتفت منهم أحد، كي لا يصيبه ما يصيب القوم، وأفهموه أن امرأته كافرة ، وستلتفت خلفها، فيصيبها ما أصابهم و أن موعدهم الصبح .خرج نبي الله "لوط" – عليه السلام- مع بناته
003.jpg


وزوجته ،وساروا في الليل، واقترب الصبح ، وكان "لوط" قد ابتعد مع أهله، ثم جاء أمر الله- تعالى- فاقتلع "جبريل" – عليه السلام – بطرف جناحه مدنهم السبع، ورفعها إلى عنان السماء، حتى سمعت الملائكة أصوات الديكة ونباح الكلاب، ثم قلبها وهوى بها في الأرض، وأثناء السقوط كانت السماء تمطرهم بحجارة من الجحيم، حجارة قوية صلبة يتبع بعضها بعضًا، وانتهى قوم "لوط" تمامًا، ولم يعد هناك أحد؛ فقد نكست المدن على رؤوسها وغارت في الأرض، حتى انفجر الماء من الأرض .
كان "لوط" – عليه السلام- يسمع أصواتًا مروعة، ويحذر قومه أن يلتفت أحد خلفه، ولكن زوجته نظرت نحو مصدر الصوت، فهلكت .
وبذلك انطوت صفحة قوم "لوط" فانمحت مدنهم وأسماؤهم من الأرض، وسقطوا من ذاكرة الحياة والأحياء ، وطويت صفحة من صفحات الفساد.

022jy1.gif

زكريا ويحيى -عليهما السلام-

اختار الله- تعالى- "زكريا" – عليه السلام – فأرسله إلى "بنى إسرائيل" لهدايتهم إلى عبادة الله وحده، وإرشادهم إلى طريق الإيمان، بعد أن انتشرت بينهم المعتقدات الفاسدة، وتركوا دين الله الذي أنزله على "موسى" – عليه السلام –.
وكان ذلك قبل ميلاد نبي الله "عيسى ابن مريم" – عليه السلام – بعدة سنوات، وفى ذلك الوقت كان يعيش رجل صالح من "بنى إسرائيل" عرف بالعلم والتقوى، واشتهر بالخير والصلاح، اسمه "عمران" .
كان لعمران زوجة طيبة صالحة، وعندما شعرت بحملها نذرت أن تهب ما في بطنها لله تعالى، وأن تجعله في خدمة بيت المقدس طوال حياته، يتفرغ لعبادة الله وخدمة بيته المقدس، فلما وضعت حملها قالت : رب إني وضعتها أنثي وليس الذكر كالأنثي وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم، وبعد أن كبرت "مريم" قليلاً، توجهت بها أمها إلى بيت المقدس لتفي بنذرها .
وكان لابد أن يتولى كفالة "مريم" الصغيرة أحد الأحبار من رجال الدين الأتقياء المقيمين بالمسجد؛ ليرعاها ويحسن تربيتها ويقوم على شؤونها.
وتنافس الأحبار على كفالة "مريم" ابنة العالم الجليل "عمران" ، وكان على رأس المتنافسين نبي الله "زكريا" – عليه السلام – فهو زوج أختها الكبرى، وأحق من غيره برعايتها وتعليمها .
فاتفقوا على إجراء قرعة فيما بينهم لاختيار من يكفل "مريم"، فلما جاءت من نصيب نبي الله "زكريا" – عليه السلام – سعد النبي الكريم بذلك سعادة عظيمة، وخصص لها مكانًا في المسجد لا يدخله أحد سواها، وأحسن تربيتها والعناية بها، فكانت تعبد الله- تعالى- وتسبحه ليلاً ونهارًا، حتى صار يضرب بها المثل في التقوى والصلاح، والإيمان الصادق العميق، وأكرمها الله- تعالى- بالكرامات التي تدل على تشريفه لها، وعلو منزلتها، فكان نبي الله "زكريا" كلما دخل عليها مكان عبادتها، ليتفقد شؤونها ويطمئن على أحوالها، يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف،
001.jpg


وحينما يسألها عن مصدرها، كانت تجيبه في إيمان وتواضع بأنه رزق من عند الله .
وكان "زكريا" – عليه السلام يتمنى أن يرزقه الله ولدًا صالحًا من صلبه، ولكنه كان شيخًا كبيرًا، وكانت زوجته عجوزًا و عاقرًا لا تلد .
002.jpg


كان "زكريا" – عليه السلام – يتمنى أن يكون له ولد صالح يرثه، ويرث ميراث آبائه وأجداده من العلم والفضل والنبوة .
وبينما كان "زكريا" يصلى في محراب المسجد، جاءته البشرى من الملائكة بأن الله تعالى استجاب لدعائه، وسوف يهبه ولدًا سماه الله "يحيى"، وهو اسم لم يسمَّ به أحد قبله، كما بشرته الملائكة بأنه سيكون سيدًا كريمًا عظيمًا في قومه، ونبيًّا صالحًا يوحي إليه من رب العالمين .
تعجب "زكريا" وأخذته الدهشة من تلك البشرى، وراح يتساءل في نفسه وهو مأخوذ بالمفاجأة، كيف يمكن لشيخ كبير مثله أن ينجب ؟ !
أو كيف تلد زوجته العاقر في مثل هذه السن ؟! ولكنها مشيئة الله- تعالى- وقدرته، ولا راد لمشيئته، ولا معجز لقدرته !!
وكانت لهفة "زكريا" – عليه السلام – كبيرة في تحقيق تلك البشرى العظيمة، فسأل الله تعالى أن يجعل له آية تدله على موعد تحقيق البشرى ليطمئن قلبه، فاستجاب الله تعالى له، وأوحى إليه أنه سيأتي عليه ثلاثة أيام لا يستطيع أن يكلم الناس فيها؛ فإذا حدث ذلك عرف أن معجزة الله قد تحققت، وأن زوجته قد حملت بمولودها "يحيى" ، وأمره الله أن يكثر من العبادة والدعاء، وشكر الله على نعمته .
ومرت الأيام و"زكريا" – عليه السلام – على عهده من الذكر والعبادة لله، وفى أحد الأيام، بينما "زكريا" يصلى في محرابه، أحس أن لسانه غير قادر على الكلام، فخرج على قومه مسرورًا، وراح يشير إليهم محاولاً إخبارهم بتحقق البشارة، وحدوث المعجزة .
وسرعان ما وضعت زوجة نبي الله "زكريا" مولودها "يحيى"، الذي جاء ميلاده معجزة، وكانت طفولته مختلفة عن غيره من الأطفال .
فقد ظهرت دلائل النبوغ والحكمة على "يحيى" منذ صغره، فنشأ محبًّا للعلم والعلماء، وأقبل بشغف على تعلم "التوراة" – كتاب الله الذي أنزله على "موسى" – عليه السلام – حتى حفظها وفهم أحكامها وشرائعها، وهو لا يزال صبيًّا صغيرًا .
003.jpg


واشتهر "يحيى" بالتقوى والإخلاص، وعرف بالصدق والأمانة، وكان بارًّا بوالديه، لطيفًا بهما، طائعًا لهما، محسنًا إليهما، كما كان متواضعًا للناس، لا يأخذه الكبر، ولا يعرف الغرور طريقه إلى قلبه .
وكان "يحيى" – عليه السلام – يدعو "بني إسرائيل" إلى عبادة الله وحده لا شريك له، والتمسك بدينه وشريعته التي أنزلها على "موسى" عليه السلام .
ولكن "بني إسرائيل" – كعهدهم دائمًا مع كل الرسل والأنبياء الذين أرسلهم الله إليهم- كذبوه، وأنكروا عليه ما يأمرهم به، وتعرضوا بالأذى للمؤمنين به، وراحوا يتآمرون عليه، ويكيدون له؛ ليصرفوا الناس عنه وعن دعوته، ولم يتورعوا عن إيذائه، والتحريض على قتله والتخلص منه ومن دعوته .
وفى إحدى الليالي اجتمع رؤوس الكفر، وتآمروا على قتله، وخططوا لتنفيذ جريمتهم ضد النبي الكريم .
وانطلق الكفار يبحثون عن النبي والشر يملأ قلوبهم، والحقد يقطر من نظراتهم، حتى وجدوه، وامتدت إليه أيديهم الآثمة، فقتلوه كما قتلوا الأنبياء والرسل من قبله؛ ليضيفوا إلى سجل جرائمهم جريمة أخرى، تظل على مدى الزمان وصمة عار في تاريخهم المليء بالدماء .. ،
004.jpg


وتظل الأجيال تتناقلها وهى تروى فظائع قتلة الأنبياء وجرائمهم.

26025401dn7.gif
 
ما شاء الله قصص في منتهي الجمال

تسلم ايدك حبيبتي احساس وربنا معاكي


في انتظارك تاني يا قمر
 

أحدث المواضيع

أعلى