جمهوريـة مصـر العـربيـة
وزارة التـربـيـة والتعـليـم
مديرية التربية والتعليم بالدقهلية
إدارة تمـي الأمديـد التعليميـة
بحـث بعنـوان
إجراءات تعليمية يستخدمها معلمي التربية الفكرية
في تعليم وتدريب التلاميذ المتخلفين عقلياً
"نموذج خطة مقترحة "
مقدم لجائزة
حمدان بن راشد آل مكتوم – للأداء التعليمي المتميز
إعداد الدكتور
عبد التواب محمود عبد التواب إبراهيم
1427هـ - 2006م
الفصل الأول : المقـدمة
تقـديـم :
خلق الله الإنسان في أحسن تقويم وفى أحسن صورة ولحكمة ما يراها الخالق سبحانه وتعالى يسلب الإنسان إحدى تلك النعم أو بعضها القليل أو الكثير وسلب إحدى هذه النعم الكثيرة هو في حقيقته نوع من الإعاقة ، والمعاق هو ذلك الإنسان الذي ُسلبت منه وظيفة أحد الأعضاء الحيوية في جسمه نتيجة مرض أو إصابة أو بالوراثة ونتج عن ذلك أنه أصبح عاجزا عن تحقيق احتياجاته.
فالإنسان آية من آيات الله تعالى جباه الله قدرات فائقة ومواهب كامنة وهذه المواهب قدرات خاصة تختلف من شخصٍ لآخر وهي لا ترتبط بذكاء الفرد بل إنَّ بعضها قد يوجد بين ذوي الاحتياجات الخاصة وعلى هذا قد يكون الموهوب ذا قدرات معرفية قليلة ولكن يملك قدرات أخرى عالية ، والمواهب تتنوع ما بين المواهب الفذة أو النادرة والمواهب الفائضة والمواهب النسبية والمواهب الشاذة.
وتعتبر عملية تعليم المتخلفين عقلياً مختلف المهارات التي تساعدهم على التفاعل بإيجابية مع بيئاتهم الطبيعية والاجتماعية من الأمور الشاقة لدى الكثير من المعلمين العاملين في مجال التربية الفكرية .
ولعل ذلك يرجع إلى عدم تمكن هؤلاء المعلمين من استخدام أنسب أساليب التعليم القائمة على المبادئ المستخلصة من نظريات التعلم ، وكذلك القائمة على الفهم السليم لخصائصهم المعرفية وغير المعرفية.
وقد أكدت نتائج البحوث التي حاولت تطبيق بعض النظريات السلوكية وخاصة النظرية السلوكية الإجرائية في مجال التخلف العقلي أن انخفاض الأداء الوظيفي للمتخلفين عقلياً في مواقف التعلم المختلفة يرجع إلى عدم توفير الفرص التعليمية المناسبة والصحيحة لهم من قبل من يقوم بتعليمهم.
( 4 : 25 ) ، ( 6 : 52 )
ولهذا ترى النظرية السلوكية الإجرائية إمكانية رفع أداء المتخلفين عقلياً من خلال استخدام أساليب التعلم القائمة على التطبيقات التربوية المستخلصة من مبادئ التعلم الاشتراطي ، وفي هذا الصدد ينادون بإمكانية إنجاز التعلم عن طريق تحديد دقيق للسلوكيات المستهدفة وترتيب المثيرات الملائمة التي يمكنها استدعاء الاستجابات المطلوبة ، وبرمجة التعلم في خطوات صغيرة ، مع ضرورة تعزيز الاستجابات المرغوبة واستخدام طرق التدريس المباشر مثل النمذجة والحث وخلافها.
وتؤكد نتائج البحوث المستخلصة من الاشتراط الإجرائي كذلك على استحالة تعليم المهارات التعليمية للمتخلفين عقلياً ككتلة واحدة ، بل يجب تعليمها عن طريق أسلوب التعلم الجزئي من خلال تحليلها إلى مهارات فرعية ثم تدريس كل مهارة فرعية بطريقة منفصلة ثم الانتقال إلى المهارة الفرعية التي تليها وهكذا حتى يتم الانتهاء من تدريس جميع مكونات المهارة. ( 11 : 34 )
وبناء على نتائج هذه البحوث التطبيقية فقد بذلت جهود كبيرة من قبل الاختصاصيين في مجال التخلف العقلي لتوفير البيئة التعليمية الصحيحة من خلال التعريفات الإجرائية الدقيقة للمهارات التي سيتم تعليمها للطفل ، وتحديد المهارات الفرعية التي يتمكن الطفل من أدائها والتي يعجز عن القيام بها والتدريس المباشر والمتكرر بدأً بالمهارة الفرعية التي لم يتقنها الطفل ضمن مجموعة المهارات الفرعية المتسلسلة للهدف السلوكي والتقييم المباشر والمتكرر لمستوى التحسن في أداء الطفل.
( 7 : 46 )
ويحاول الباحث في هذه الدراسة مستنداً - بعد عون الله إلى خبراته العلمية وتجربته الميدانية في مجال تدريب الأطفال المتخلفين عقليا على ترشيد السلوكيات الصحية لدبهم - أن يضع تصوراً لعله يسهم في مساعدة معلمي ومعلمات التربية الفكرية في كيفية إعداد وتطبيق خطة تعلم قائمة على قواعد نظريات التعلم السلوكية وبخاصة تلك التي استخلصت من الاشتراط الإجرائي.
ويحاول الباحث أثناء معالجته لموضوع دراسته الحالية الابتعاد بقدر الإمكان عن الأطر الضيقة التي تتمحور حول القيام بعمليات الرصد والوصف فقط دون الانطلاق إلى التفسير والنقد والإبداع ، وفي ضوء ذلك جاءت الدراسة الحالية كمحاولة متواضعة لإظهار المعرفة وتوطينها في البيئة العربية.
مشكلة البحث :
يعتقد الباحث أن المسئولين عن التربية الفكرية يستطيعون المساهمة بفعالية في عملية تعلم المتخلفين عقليا وكذلك وضع البرامج والأنشطة لمقابلة احتياجاتهم لأنه من المعروف أن هذه البرامج والخطط التربوية لها أهميتها وفوائدها المتعددة حيث تساعد على تحسين وتنمية الجوانب العقلية والنفسية والبدنية لديهم وتسهم في قدرتهم على التكيف مع المجتمع الذي يعيشون فيه.
ويلاحظ من يعمل في مجال تعليم التلاميذ المتخلفين عقلياً في وطننا العربي افتقاره إلى حد كبير إلى خطط تعليمية محددة واضحة المعالم وقائمة على الفهم الصحيح للسلوك المدخلي للطفل المتخلف عقلياً ولا يزال تعليم هؤلاء الأطفال في كثير من مجتمعاتنا يتم من خلال تعديل وتكييف أساليب تدريس مستخدمة في المدارس العادية ، ويقوم معلمي المرحلة الابتدائية بالمدارس العادية بالتدريس بمدارس التربية الفكرية ومعظمهم غير مؤهل للتدريس لهذه الفئة ، والمتتبع لتلك الأساليب التعليمية يجدها بعيدة عن المبادئ التعليمية المستخلصة من النظريات التي حاولت تفسير سلوك التعلم لدى هؤلاء الأطفال في مواقف التعلم المختلفة كما أنها لا تراعي خصائص هؤلاء التلاميذ ولا تحاول أن تستنبط منها تطبيقات تربوية تساعد على تلبية احتياجاتهم التعليمية الناجمة من اتصافهم بتلك الخصائص.
ويحاول الباحث من خلال خبراته العلمية في مجال التخلف العقلي وتجربته الميدانية في مجال تدريب الأطفال المتخلفين عقليا على ترشيد السلوكيات الصحية لهم وذلك من خلال تطبيق برنامج ترويحي رياضي ومعرفة مدى فعالية هذا البرنامج على ترشيد السلوكيات الصحية المرغوبة لديهم أن يضع مقترحاً لنموذج خطة تدريسية قائمة على الفهم الصحيح لكل من طبيعة المتخلف عقلياً (خصائصه) وطبيعة عملية التعلم لديه ، ولذا يرى الباحث أن تناول هذا الموضوع بالبحث والدراسة جدير بالاهتمام.
أهمية البحث والحاجة إليه :
نظرا لرقي المجتمع الإنساني وسعيه الدءوب للحد من التمييز بين بنية على أساس اللون أو الجنس أو المعتقدات فانه زاد الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة في أقطار العالم بتوفير التربية والتأهيل لهم من أجل إتاحة الفرصة لمشاركتهم في الحياة الاجتماعية والاقتصادية ومساهماتهم في نهضة بلدانهم.
( 6 : 10 )
وقد اهتم عدد كبير من العلماء والباحثين بفئة المعاقين عقليا فقاموا بإجراء البحوث والدراسات للتعرف على سلوكهم ودوافعهم وقدراتهم العقلية والبدنية وقد أتضح من نتائج هذه الدراسات أن أطفال هذه الفئة غالبا ما يتميز سلوكهم بالانطواء أو العدوانية نظرا لأنهم يفتقدون الثقة في أنفسهم ولا يستطيعون تقدير واحترام ذواتهم.
ويشير محمد حلاوة (1998) إلى أن كل طفل متخلف يسلك سلوكيات غير مقبولة وهو فى حاجة إلى تدريب مباشر على كل مهارة حتى يكتسبها ومن الضروري تدريبه على اللبس والنظافة والاستحمام واستعمال الحمام وتناول الطعام والتعامل مع إخوانه وأقاربه وجيرانه وغيرها من المهارات الاجتماعية والصحية التى تساعده على التوافق الاجتماعي كأقرانه العاديين ويتحمل المحيطين به مسئولية إرشاده وتوجيهه لتعديل هذه السلوكيات والإقلاع عنها وهذا يحتاج جهدا كبيرا وسعة صدر منهم لتحمل هذا الطفل وما تسببه سلوكياته من متاعب للآخرين. ( 13 : 102 )
كل هذه الأسباب جعلت المجتمعات المتحضرة تنظر إلي المعاقين نظرة أكثر تفاؤلا مما كانت عليه في الماضي بل وأن الأمم المتحدة أقرت حقوق المعاقين كما خصصت لهم عاما دوليا وهو 1981م.( 17 )
ومما سبق تتضح أهمية البحث والحاجة إليه في كونه محاولة لوضع نموذج خطة تدريسية مقترحة تساهم في مساعدة معلمي ومعلمات التربية الفكرية في نقل وتوصيل مختلف المهام التعليمية إلى تلاميذهم المتخلفين عقلياً حتى يتمكنوا من اكتساب وإتقان مختلف أنماط السلوك المرغوب فيها والتي قد تساعدهم على التفاعل بإيجابية مع بيئاتهم الطبيعية والاجتماعية والاستجابة للمتطلبات المتصلة بتحمل مسؤولياتهم الشخصية والاجتماعية بقدر من الاستقلالية.
مما دعا الباحث إلى محاولة تناولها بالبحث والدراسة من خلال البحث الحالي ، وتزداد أهمية البحث والحاجة إليه فيما يأمل الباحث أن يتوصل إليه من نتائج لعلها تصبح بمثابة مرشد عمل لمعلمي ومعلمات التربية الفكرية بصفة خاصة وللمهتمين بوضع البرامج المتعلقة بفئة المعاقين عقليا عامة.
هـدف البحث :
يهدف البحث الحالي إلى وضع نموذج لخطة تدريس مقترحة لمساعدة معلمي ومعلمات التربية الفكرية على القيام بوضع تصوراتهم الخاصة بكيفية التخطيط لتوصيل المهارات الأكاديمية الوظيفية ، ومهارات الحياة اليومية ، والمهارات الاجتماعية ، والمهارات البدنية والرياضية ، والمهارات المهنية لتلاميذهم المتخلفين عقلياً.
مصطلحات البحث والتعريفات الإجرائية :
سوف يستخدم الباحث المصطلحات التالية :-
1- التربية الخاصة
يقصد بها مجموعة البرامج والخطط والاستراتيجيات المصممة خصيصاً لتلبية الاحتياجات الخاصة بالأطفال غير العاديين وتشتمل على طرق تدريس وأدوات وتجهيزات ومعدات خاصة بالإضافة إلى خدمات مساندة. ( 3 : 18 )
2- معلم التربية الخاصة
هو الشخص المؤهل في التربية الخاصة ويشترك بصورة مباشرة في تعليم التلاميذ غير العاديين.
3- خطة تدريس مقترحة
المقصود بخطة التدريس في الدراسة الحالية " مجموعة الإجراءات أو الطرق التي يستخدمها معلم التربية الفكرية في تعليم تلاميذه المتخلفين عقلياً مختلف أنماط السلوك المرغوب فيها " ( خطة موجهة نحو هدف معين ).
4- تعديل السلوك
هو عملية منظمة تهدف إلى تعزيز وتنمية سلوك مرغوب فيه أو تشكيل سلوك غير موجود أو تخفيض أو إيقاف سلوك غير مرغوب فيه .( 11 : 23 )
الفصل الثاني : الإطار النظري
سوف يقوم الباحث فى هذا الجزء بالتعرض لبعض القراءات النظرية حول التخلف العقلي والطرق التربوية الرائدة والحديثة في تعليم المعاقين عقلياً وأيضا الذكاء والسلوك التكيفي والمساندة والدعم بالإضافة إلى بعض الاعتبارات التي يجب مراعاتها عند تعليم المتخلفين عقليا بعض المهارات الحركية من قبل المعلم والأسرة.
التخلف العقلي Mental Retardation
الإعاقات العقلية تشمل حالات الاضطرابات العقلية والسلوكية التي لا يستطيع فيها المصاب أن يتعايش مع الآخرين بشكل طبيعي كحالات الفصام وحالات التخلف العقلي بدرجاته المختلفة ، وللتخلف العقلي تعريفات عديدة من أهمها وأحدثها ما يلي :-
تشير الجمعية الأمريكية لرعاية المتخلفين عقليا (2001)
.American Association On Mental Retardation إلى أن التخلف العقلي هو حالة ينخفض فيها الذكاء العام عن المتوسط بشكل ملحوظ وينتج عنه أو يصاحبه سلوكيات توافقية سيئة ويحدث فى مرحلة النمو ويحتاج أصحابه إلى الدعم والرعاية والتوجيه.
( 19 : 117 ) ، ( 26 : 882 )
وتشير منظمة الصحة العالمية ( W.h.o ) (2003) إلى أن التخلف العقلي هو حالة من توقف أو عدم اكتمال نمو العقل والذي يتسم بشكل خاص بقصور فى المهارات التى تظهر أثناء مراحل النمو والتي تسهم فى المستوى العام للذكاء أى القدرات المعرفية واللغوية والحركية والاجتماعية ويمكن أن يحدث التخلف أو غير مصحوب بأي اختلاف عقلي أو بدني بالإضافة إلى هذا فإن الأفراد المتخلفين عقليا أكثر عرضة لخطر الاستغلال البدني والجنسي كما يكون هناك قصور فى السلوك التكيفي والصحي غير أنه فى البيئات المحمية اجتماعيا حيث تتوافر المساندة فإن هذا القصور قد لا يكون ظاهرا.
( 18 : 23 ) ، ( 27 : 284 )
ويشير محمود جمال أبو العزايم (2004) إلى أن التخلف العقلي هو نقص الذكاء الذي ينشأ عنه نقص التعلم والتكيف مع البيئة على أن يبدأ ذلك قبل بلوغ الثامنة عشرة من العمر وحدد معدل ذكاء 70 كحد أعلى لهؤلاء المتخلفين عقليا وذلك لأن أغلب الناس الذين يقل معدل ذكائهم عن 70 تكون قدرتهم التكيفية محدودة ويحتاجون إلى رعاية ودعم وحماية وخاصة في سنوات الدراسة وحدد سن الثامنة عشر لأن الصورة الإكلينيكية التي تحدث بعد الثامنة عشرة من العمر تسمى الخرف (الهتر) (Dementia) ويعرف التخلف العقلي بأنه " حالة من عدم تكامل نمو خلايا المخ أو توقف نمو أنسجته منذ الولادة أو في السنوات الأولى من الطفولة بسبب ما " ، والتخلف العقلي ليس مرضا مستقلا بل هو مجموعة أمراض تتصف جميعها بانخفاض فى درجة ذكاء الطفل بالنسبة إلى معدل الذكاء العام وعجز في قابليته على التكيف. ( 28 )
ويشير كمال مرسى (2000) إلى التخلف العقلي بأنه حالة تشير إلى جوانب قصور ملموسة في الأداء الوظيفي الحالي للفرد , وتتصف الحالة بأداء عقلي أقل من المتوسط بشكل واضح يكون متلازماً مع جوانب قصور في مجالين أو أكثر من مجالات المهارات التكيفية التالية : التواصل , العناية الذاتية , الحياة المنزلية , المهارات الاجتماعية , استخدام المصادر المجتمعية , التوجيه الذاتي , الصحة والسلامة , المهارات الأكاديمية الوظيفية , وقت الفراغ ومهارات العمل , ويظهر التخلف العقلي قبل سن الثامنة عشرة . ويصنف التخلف العقلي تربوياً إلى :
- القابلون للتعلم : وتتراوح درجة ذكائهم مابين 75 – 55 درجة تقريبا على اختبار وكسلر , أو 73 – 52 درجة تقريبا على اختبار ستانفورد بينية , أو ما يعادل أيا منهما من اختبارات ذكاء مقننة أخرى.
- القابلون للتدريب : وتتراوح درجة ذكائهم مابين 54 – 40 درجة تقريبا على اختبار وكسلر , أو 51 – 36 درجة تقريبا على اختبار ستانفورد بينية , أو ما يعادل أيا منهما من اختبارات ذكاء مقننة أخرى.
- الفئة الاعتمادية : وتكون درجة ذكائهم أقل من 40 درجة على اختبار وكسلر , أو 36 درجة تقريبا على اختبار ستانفورد بينية أو ما يعادل أيا منهما من اختبارات ذكاء مقننة أخرى. ( 10 : 84 )
الطرق التربوية الرائدة والحديثة في تعليم المعاقين عقلياً :
إن تربية الطفل المعاق عقلياً تقوم على أسس تربوية ونفسية واجتماعية وجسمية وذلك في ضوء خصائص نمو الأطفال جسمياً ونفسياً واجتماعياً وعقلياً ، وتتضمن الطرق الحديثة في تعليم المعاقين عقلياً مع الطرق الرائدة في التركيز على تعليم المعاق عقلياً من خلال تنمية حواسه ومهاراته الحركية وإكسابه السلوك الاجتماعي المقبول وزيادة معلوماته وتنمية قدراته العقلية وحصيلته اللغوية من خلال الممارسة والمشاهدة اليومية وفي ضوء خصائص نموه العقلي والبدني والنفسي والاجتماعي .
ومن أهم هذه الطرق :
1- طريقة سيجان Segain
وضع سيجان برنامج التربية الخاصة ركز فيه على تدريب حواس الطفل وتنمية مهاراته الحركية ومساعدته على استكشاف البيئة التي يعيش فيها .
ومن الأسس التربوية والنفسية التي قام عليها برنامج سيجان أن تكون الدراسة للطفل ككل وأن تكون الدراسة للطفل كفرد وأن تكون الدراسة من الكليات إلى الجزئيات وأن تكون علاقة الطفل بمدرسته طيبة وأن يجد الطفل في المواد التي يدرسها إشباعاً لميوله ورغباته وحاجاته وأن يبدأ الطفل بتعلم النطق بالكلمة ثم يتعلم قراءاتها فكتابتها.
2- طريقة منتسوري
ركزت منتسوري جهودها على تربية وتعليم المعاقين عقلياً وقد اعتبرت مشكلة الإعاقة العقلية مشكلة تربوية أكثر منها مشكلة طبية ، وقد وضعت برنامجها في تعليمهم على أساس الربط بين خبراتهم المنزلية والمدرسية وإعطائهم فرصة التعبير عن رغباتهم ، وتعليم أنفسهم بأنفسهم ، وقد ركزت منتسوري في برنامجها على تدريب حواس الطفل على تدريب حاسة اللمس عن طريق الورق المصنفر المختلف في سمكه وخشونته وتدريب حاسة السمع عن طريق تمييز الأصوات والنغمات المختلفة مثل أصوات الطيور والحيوانات وتدريب حاسة التذوق عن طريق تمييز الطعم الحلو والمر والمالح والحامض وتدريب حاسة الإبصار عن طريق تمييز الأشكال والأطوال والألوان والأحجام وتدريب الطفل الاعتماد على نفسه عن طريق المواقف الحرة في النشاط .
3- طريقة دسكدرس Descocudres
تؤكد دسكدرس على أهمية عمليات تدريب الحواس والانتباه بالنسبة للأطفال المعاقين عقلياً فإنه لكي يتم تعليمهم ينبغي توجيه الانتباه للأمور الحسية ، ويقوم برنامجها على تعليم الأطفال المعاقين عقلياً وفقاً لاحتياجاتهم في التعليم المناسب لقدراتهم وإمكانياتهم ويراعى خصائص نموهم البدني والعقلي والنفسي والاجتماعي ، وتتلخص خطوات برنامجها في تربية الطفل من خلال نشاطه اليومي وتدريب حواسه وانتباهه وإدراكه وتعليمه موضوعات مترابطة ومستمدة من خبرته اليومية والاهتمام بالطرق الفردية بين الأطفال المعاقين عقليا.ً
4- طريقة الخبرة التربوية
نادى جون ديو J , Dewey بالتعليم من خلال الخبرة وأدت دعوته إلى إدخال طريقة المشروع أو الوحدة أو الخبرة في تعليم المعاقين عقلياً والتي تقوم على أساس ربط ما يتعلمه الطفل في وحدات عمل تناسب سنه وقدراته وميوله ، ومن برامج الخبرة التربوية برنامج ( كرستين إنجرام C , Ingram ) في كتاب ( تعليم الطفل بطيء التعلم ) ويتلخص في تنظيم الفصل حتى يكون ( وحدة العمل أو الخبرة مركز اهتمام الطفل ) وأخذ موضوع ( وحدة العمل أو الخبرة ) من بيئة الطفل ومن مواقف حياته اليومية وجعل هدف ( وحدة العمل أو الخبرة ) تنمية مشاعر الطفل الطيبة نحو نفسه ونحو الآخرين وكتساب الطفل السلوك الاجتماعي المقبول وتنمية مهاراته الحركية وتآزره البصري العضلي وتنمية اهتمامه بالأنشطة خارج الفصل وإصلاح عيوب نطقه وزيادة حصيلته اللغوية وزيادة معلوماته العامة وإكسابه الخبرات التي تفيده في حياته اليومية وتعليمه القراءة والكتابة والحساب.
5- طريقة المواد الدراسية
وضع دنكان J , Duncan برنامجاً لتعليم المعاقين عقلياً عن طريق التفكير الملموس أي طريق الممارسة والملاحظة واللمس والسمع وأشار دنكان إلى ضرورة تخطيط نشاط الطفل الحركي بما يساعده في تنمية مهاراته الحركية وتآزره العضلي ، وتوسيع مداركه ، وزيادة معلوماته ، وتشجيعه على حل المشكلات والتعامل باللغة وأعطى اهتماماً لإشغال الإبرة والرسم والنحت والنجارة والنسيج والمسابقات الترويحية ، بالإضافة إلى تعليم القراءة. ( 29 ) ، ( 30 )
الـذكـاء :
هو قدرة عقلية عامة تستلزم القدرة على الاستدلال ، التخطيط ، حل المشكلات ، التفكير المجرد ، فهم الأفكار المعقدة ، التعلم بسرعة ، التعلم من الخبرة ... والذكاء يظهر من خلال درجات معامل الذكاء على الاختبارات المقننة والتي تطبق من خلال متخصص ويؤخذ بعين الاعتبار المحك العقلي عند تشخيص التخلف العقلي ويوجد في التعريف الدرجة الفاصلة وهى أن تكون اقل من المتوسط باثنين 2 انحراف معياري ، وأشار التعريف إلى الخطأ المعياري للقياس. ( 13 : 64 ) ، ( 31 )
السلوك التكيفي :
هو مجموعة من المهارات العملية والاجتماعية والتصورية ( مفاهيم ) التي تعلم الناس كيف يمكن أن يؤدى الناس وظائف حياتهم اليومية. ( 4 : 32 )
القصور في السلوك التكيفي يمكن أن يُحدد من خلال استخدام مقاييس معيارية تلك التي تصف الناس العاديين وغير العادين في سلوكياتهم ، والدلالة على القصور في السلوك التكيفي في هذه المقاييس المعيارية يتضح من خلال الانحراف عن المتوسط بمقدار اثنين 2 انحراف معياري في واحد من الاثنين التاليين :
1 -أحد الأنواع الثلاثة التالية للسلوك التكيفي- : التصور ( المفاهيم ) – الاجتماعي - العملي.
2 -الدرجة الكلية على المقياس المعياري للمهارات العملية والاجتماعية والتصورية ( المفاهيم ).
أمثلة على السلوك التكيفي :
1- المهارات التصورية : - اللغة الاستقبالية والتعبيرية - القراءة والكتابة - المفاهيم المالية - اتجاهات الذات.
2 -المهارات الاجتماعية : - العلاقات بين الأشخاص - المسئولية - احترام الذات - السذاجة - إتباع القواعد - البساطة - طاعة القوانين - تجنب الاضطهاد.
3- المهارات المهنية :- مثل الحفاظ على أمن البيئة.
4- المهارات العملية :
الأنشطة الشخصية للمعيشة اليومية مثل : - الأكل – اللبس - الحركة ) الانتقال ) - الحمام.
الأنشطة المساعدة اليومية مثل : - إعداد الطعام – اخذ الدواء - استخدام التليفون - إدارة المال - استخدام وسائل النقل - عمل أنشطة التدبير المنزلي (11 : 65)
المساندة ( الدعم ) supports
طريقة المساندة تُقيم الحاجات الخاصة للأفراد ثم تقترح الاستراتيجيات والخدمات المساندة التي ستزيد فاعلية الفرد وهى تعترف بالحاجات والظروف الفردية.
وتُعرف المساندة ( الدعائم ) كالموارد والخطط الفردية الضرورية التي تعمل على ارتقاء النمو والتعلم والاهتمامات والراحة الشخصية للمعاق عقليا.
والمساندة يمكن أن تُقدم من قبل ( الوالد – الصديق - المعلم – الأخصائي النفسي – الطبيب – أو من قبل أي شخص مناسب أو أي مؤسسه( ، وتعود أهمية المساندة والدعائم إلى إنها يمكن أن تحسن الوظائف الشخصية وتساعد على تقرير المصير والمحتوى الاجتماعي والراحة الشخصية للمعاق ، والتركيز على المساندة كطريقة لتحسين التعليم ، التشغيل ، الترفيه ، والبيئات الحية جزء مهم من التركيز على الشخص وتقديم المساندة للأفراد المعاقين ، ويتم تحديد المساندة التي يحتاج إليها الفرد عن طريق تحليل تسع مجالات على الأقل تشمل :
- التنمية البشرية – التربية والتعليم – المعيشة اليومية – المعيشة المجتمعية
- الوظيفة – التأمين الصحي – السلوك الاجتماعي - الحماية والدفاع.
وزارة التـربـيـة والتعـليـم
مديرية التربية والتعليم بالدقهلية
إدارة تمـي الأمديـد التعليميـة
بحـث بعنـوان
إجراءات تعليمية يستخدمها معلمي التربية الفكرية
في تعليم وتدريب التلاميذ المتخلفين عقلياً
"نموذج خطة مقترحة "
مقدم لجائزة
حمدان بن راشد آل مكتوم – للأداء التعليمي المتميز
إعداد الدكتور
عبد التواب محمود عبد التواب إبراهيم
1427هـ - 2006م
الفصل الأول : المقـدمة
تقـديـم :
خلق الله الإنسان في أحسن تقويم وفى أحسن صورة ولحكمة ما يراها الخالق سبحانه وتعالى يسلب الإنسان إحدى تلك النعم أو بعضها القليل أو الكثير وسلب إحدى هذه النعم الكثيرة هو في حقيقته نوع من الإعاقة ، والمعاق هو ذلك الإنسان الذي ُسلبت منه وظيفة أحد الأعضاء الحيوية في جسمه نتيجة مرض أو إصابة أو بالوراثة ونتج عن ذلك أنه أصبح عاجزا عن تحقيق احتياجاته.
فالإنسان آية من آيات الله تعالى جباه الله قدرات فائقة ومواهب كامنة وهذه المواهب قدرات خاصة تختلف من شخصٍ لآخر وهي لا ترتبط بذكاء الفرد بل إنَّ بعضها قد يوجد بين ذوي الاحتياجات الخاصة وعلى هذا قد يكون الموهوب ذا قدرات معرفية قليلة ولكن يملك قدرات أخرى عالية ، والمواهب تتنوع ما بين المواهب الفذة أو النادرة والمواهب الفائضة والمواهب النسبية والمواهب الشاذة.
وتعتبر عملية تعليم المتخلفين عقلياً مختلف المهارات التي تساعدهم على التفاعل بإيجابية مع بيئاتهم الطبيعية والاجتماعية من الأمور الشاقة لدى الكثير من المعلمين العاملين في مجال التربية الفكرية .
ولعل ذلك يرجع إلى عدم تمكن هؤلاء المعلمين من استخدام أنسب أساليب التعليم القائمة على المبادئ المستخلصة من نظريات التعلم ، وكذلك القائمة على الفهم السليم لخصائصهم المعرفية وغير المعرفية.
وقد أكدت نتائج البحوث التي حاولت تطبيق بعض النظريات السلوكية وخاصة النظرية السلوكية الإجرائية في مجال التخلف العقلي أن انخفاض الأداء الوظيفي للمتخلفين عقلياً في مواقف التعلم المختلفة يرجع إلى عدم توفير الفرص التعليمية المناسبة والصحيحة لهم من قبل من يقوم بتعليمهم.
( 4 : 25 ) ، ( 6 : 52 )
ولهذا ترى النظرية السلوكية الإجرائية إمكانية رفع أداء المتخلفين عقلياً من خلال استخدام أساليب التعلم القائمة على التطبيقات التربوية المستخلصة من مبادئ التعلم الاشتراطي ، وفي هذا الصدد ينادون بإمكانية إنجاز التعلم عن طريق تحديد دقيق للسلوكيات المستهدفة وترتيب المثيرات الملائمة التي يمكنها استدعاء الاستجابات المطلوبة ، وبرمجة التعلم في خطوات صغيرة ، مع ضرورة تعزيز الاستجابات المرغوبة واستخدام طرق التدريس المباشر مثل النمذجة والحث وخلافها.
وتؤكد نتائج البحوث المستخلصة من الاشتراط الإجرائي كذلك على استحالة تعليم المهارات التعليمية للمتخلفين عقلياً ككتلة واحدة ، بل يجب تعليمها عن طريق أسلوب التعلم الجزئي من خلال تحليلها إلى مهارات فرعية ثم تدريس كل مهارة فرعية بطريقة منفصلة ثم الانتقال إلى المهارة الفرعية التي تليها وهكذا حتى يتم الانتهاء من تدريس جميع مكونات المهارة. ( 11 : 34 )
وبناء على نتائج هذه البحوث التطبيقية فقد بذلت جهود كبيرة من قبل الاختصاصيين في مجال التخلف العقلي لتوفير البيئة التعليمية الصحيحة من خلال التعريفات الإجرائية الدقيقة للمهارات التي سيتم تعليمها للطفل ، وتحديد المهارات الفرعية التي يتمكن الطفل من أدائها والتي يعجز عن القيام بها والتدريس المباشر والمتكرر بدأً بالمهارة الفرعية التي لم يتقنها الطفل ضمن مجموعة المهارات الفرعية المتسلسلة للهدف السلوكي والتقييم المباشر والمتكرر لمستوى التحسن في أداء الطفل.
( 7 : 46 )
ويحاول الباحث في هذه الدراسة مستنداً - بعد عون الله إلى خبراته العلمية وتجربته الميدانية في مجال تدريب الأطفال المتخلفين عقليا على ترشيد السلوكيات الصحية لدبهم - أن يضع تصوراً لعله يسهم في مساعدة معلمي ومعلمات التربية الفكرية في كيفية إعداد وتطبيق خطة تعلم قائمة على قواعد نظريات التعلم السلوكية وبخاصة تلك التي استخلصت من الاشتراط الإجرائي.
ويحاول الباحث أثناء معالجته لموضوع دراسته الحالية الابتعاد بقدر الإمكان عن الأطر الضيقة التي تتمحور حول القيام بعمليات الرصد والوصف فقط دون الانطلاق إلى التفسير والنقد والإبداع ، وفي ضوء ذلك جاءت الدراسة الحالية كمحاولة متواضعة لإظهار المعرفة وتوطينها في البيئة العربية.
مشكلة البحث :
يعتقد الباحث أن المسئولين عن التربية الفكرية يستطيعون المساهمة بفعالية في عملية تعلم المتخلفين عقليا وكذلك وضع البرامج والأنشطة لمقابلة احتياجاتهم لأنه من المعروف أن هذه البرامج والخطط التربوية لها أهميتها وفوائدها المتعددة حيث تساعد على تحسين وتنمية الجوانب العقلية والنفسية والبدنية لديهم وتسهم في قدرتهم على التكيف مع المجتمع الذي يعيشون فيه.
ويلاحظ من يعمل في مجال تعليم التلاميذ المتخلفين عقلياً في وطننا العربي افتقاره إلى حد كبير إلى خطط تعليمية محددة واضحة المعالم وقائمة على الفهم الصحيح للسلوك المدخلي للطفل المتخلف عقلياً ولا يزال تعليم هؤلاء الأطفال في كثير من مجتمعاتنا يتم من خلال تعديل وتكييف أساليب تدريس مستخدمة في المدارس العادية ، ويقوم معلمي المرحلة الابتدائية بالمدارس العادية بالتدريس بمدارس التربية الفكرية ومعظمهم غير مؤهل للتدريس لهذه الفئة ، والمتتبع لتلك الأساليب التعليمية يجدها بعيدة عن المبادئ التعليمية المستخلصة من النظريات التي حاولت تفسير سلوك التعلم لدى هؤلاء الأطفال في مواقف التعلم المختلفة كما أنها لا تراعي خصائص هؤلاء التلاميذ ولا تحاول أن تستنبط منها تطبيقات تربوية تساعد على تلبية احتياجاتهم التعليمية الناجمة من اتصافهم بتلك الخصائص.
ويحاول الباحث من خلال خبراته العلمية في مجال التخلف العقلي وتجربته الميدانية في مجال تدريب الأطفال المتخلفين عقليا على ترشيد السلوكيات الصحية لهم وذلك من خلال تطبيق برنامج ترويحي رياضي ومعرفة مدى فعالية هذا البرنامج على ترشيد السلوكيات الصحية المرغوبة لديهم أن يضع مقترحاً لنموذج خطة تدريسية قائمة على الفهم الصحيح لكل من طبيعة المتخلف عقلياً (خصائصه) وطبيعة عملية التعلم لديه ، ولذا يرى الباحث أن تناول هذا الموضوع بالبحث والدراسة جدير بالاهتمام.
أهمية البحث والحاجة إليه :
نظرا لرقي المجتمع الإنساني وسعيه الدءوب للحد من التمييز بين بنية على أساس اللون أو الجنس أو المعتقدات فانه زاد الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة في أقطار العالم بتوفير التربية والتأهيل لهم من أجل إتاحة الفرصة لمشاركتهم في الحياة الاجتماعية والاقتصادية ومساهماتهم في نهضة بلدانهم.
( 6 : 10 )
وقد اهتم عدد كبير من العلماء والباحثين بفئة المعاقين عقليا فقاموا بإجراء البحوث والدراسات للتعرف على سلوكهم ودوافعهم وقدراتهم العقلية والبدنية وقد أتضح من نتائج هذه الدراسات أن أطفال هذه الفئة غالبا ما يتميز سلوكهم بالانطواء أو العدوانية نظرا لأنهم يفتقدون الثقة في أنفسهم ولا يستطيعون تقدير واحترام ذواتهم.
ويشير محمد حلاوة (1998) إلى أن كل طفل متخلف يسلك سلوكيات غير مقبولة وهو فى حاجة إلى تدريب مباشر على كل مهارة حتى يكتسبها ومن الضروري تدريبه على اللبس والنظافة والاستحمام واستعمال الحمام وتناول الطعام والتعامل مع إخوانه وأقاربه وجيرانه وغيرها من المهارات الاجتماعية والصحية التى تساعده على التوافق الاجتماعي كأقرانه العاديين ويتحمل المحيطين به مسئولية إرشاده وتوجيهه لتعديل هذه السلوكيات والإقلاع عنها وهذا يحتاج جهدا كبيرا وسعة صدر منهم لتحمل هذا الطفل وما تسببه سلوكياته من متاعب للآخرين. ( 13 : 102 )
كل هذه الأسباب جعلت المجتمعات المتحضرة تنظر إلي المعاقين نظرة أكثر تفاؤلا مما كانت عليه في الماضي بل وأن الأمم المتحدة أقرت حقوق المعاقين كما خصصت لهم عاما دوليا وهو 1981م.( 17 )
ومما سبق تتضح أهمية البحث والحاجة إليه في كونه محاولة لوضع نموذج خطة تدريسية مقترحة تساهم في مساعدة معلمي ومعلمات التربية الفكرية في نقل وتوصيل مختلف المهام التعليمية إلى تلاميذهم المتخلفين عقلياً حتى يتمكنوا من اكتساب وإتقان مختلف أنماط السلوك المرغوب فيها والتي قد تساعدهم على التفاعل بإيجابية مع بيئاتهم الطبيعية والاجتماعية والاستجابة للمتطلبات المتصلة بتحمل مسؤولياتهم الشخصية والاجتماعية بقدر من الاستقلالية.
مما دعا الباحث إلى محاولة تناولها بالبحث والدراسة من خلال البحث الحالي ، وتزداد أهمية البحث والحاجة إليه فيما يأمل الباحث أن يتوصل إليه من نتائج لعلها تصبح بمثابة مرشد عمل لمعلمي ومعلمات التربية الفكرية بصفة خاصة وللمهتمين بوضع البرامج المتعلقة بفئة المعاقين عقليا عامة.
هـدف البحث :
يهدف البحث الحالي إلى وضع نموذج لخطة تدريس مقترحة لمساعدة معلمي ومعلمات التربية الفكرية على القيام بوضع تصوراتهم الخاصة بكيفية التخطيط لتوصيل المهارات الأكاديمية الوظيفية ، ومهارات الحياة اليومية ، والمهارات الاجتماعية ، والمهارات البدنية والرياضية ، والمهارات المهنية لتلاميذهم المتخلفين عقلياً.
مصطلحات البحث والتعريفات الإجرائية :
سوف يستخدم الباحث المصطلحات التالية :-
1- التربية الخاصة
يقصد بها مجموعة البرامج والخطط والاستراتيجيات المصممة خصيصاً لتلبية الاحتياجات الخاصة بالأطفال غير العاديين وتشتمل على طرق تدريس وأدوات وتجهيزات ومعدات خاصة بالإضافة إلى خدمات مساندة. ( 3 : 18 )
2- معلم التربية الخاصة
هو الشخص المؤهل في التربية الخاصة ويشترك بصورة مباشرة في تعليم التلاميذ غير العاديين.
3- خطة تدريس مقترحة
المقصود بخطة التدريس في الدراسة الحالية " مجموعة الإجراءات أو الطرق التي يستخدمها معلم التربية الفكرية في تعليم تلاميذه المتخلفين عقلياً مختلف أنماط السلوك المرغوب فيها " ( خطة موجهة نحو هدف معين ).
4- تعديل السلوك
هو عملية منظمة تهدف إلى تعزيز وتنمية سلوك مرغوب فيه أو تشكيل سلوك غير موجود أو تخفيض أو إيقاف سلوك غير مرغوب فيه .( 11 : 23 )
الفصل الثاني : الإطار النظري
سوف يقوم الباحث فى هذا الجزء بالتعرض لبعض القراءات النظرية حول التخلف العقلي والطرق التربوية الرائدة والحديثة في تعليم المعاقين عقلياً وأيضا الذكاء والسلوك التكيفي والمساندة والدعم بالإضافة إلى بعض الاعتبارات التي يجب مراعاتها عند تعليم المتخلفين عقليا بعض المهارات الحركية من قبل المعلم والأسرة.
التخلف العقلي Mental Retardation
الإعاقات العقلية تشمل حالات الاضطرابات العقلية والسلوكية التي لا يستطيع فيها المصاب أن يتعايش مع الآخرين بشكل طبيعي كحالات الفصام وحالات التخلف العقلي بدرجاته المختلفة ، وللتخلف العقلي تعريفات عديدة من أهمها وأحدثها ما يلي :-
تشير الجمعية الأمريكية لرعاية المتخلفين عقليا (2001)
.American Association On Mental Retardation إلى أن التخلف العقلي هو حالة ينخفض فيها الذكاء العام عن المتوسط بشكل ملحوظ وينتج عنه أو يصاحبه سلوكيات توافقية سيئة ويحدث فى مرحلة النمو ويحتاج أصحابه إلى الدعم والرعاية والتوجيه.
( 19 : 117 ) ، ( 26 : 882 )
وتشير منظمة الصحة العالمية ( W.h.o ) (2003) إلى أن التخلف العقلي هو حالة من توقف أو عدم اكتمال نمو العقل والذي يتسم بشكل خاص بقصور فى المهارات التى تظهر أثناء مراحل النمو والتي تسهم فى المستوى العام للذكاء أى القدرات المعرفية واللغوية والحركية والاجتماعية ويمكن أن يحدث التخلف أو غير مصحوب بأي اختلاف عقلي أو بدني بالإضافة إلى هذا فإن الأفراد المتخلفين عقليا أكثر عرضة لخطر الاستغلال البدني والجنسي كما يكون هناك قصور فى السلوك التكيفي والصحي غير أنه فى البيئات المحمية اجتماعيا حيث تتوافر المساندة فإن هذا القصور قد لا يكون ظاهرا.
( 18 : 23 ) ، ( 27 : 284 )
ويشير محمود جمال أبو العزايم (2004) إلى أن التخلف العقلي هو نقص الذكاء الذي ينشأ عنه نقص التعلم والتكيف مع البيئة على أن يبدأ ذلك قبل بلوغ الثامنة عشرة من العمر وحدد معدل ذكاء 70 كحد أعلى لهؤلاء المتخلفين عقليا وذلك لأن أغلب الناس الذين يقل معدل ذكائهم عن 70 تكون قدرتهم التكيفية محدودة ويحتاجون إلى رعاية ودعم وحماية وخاصة في سنوات الدراسة وحدد سن الثامنة عشر لأن الصورة الإكلينيكية التي تحدث بعد الثامنة عشرة من العمر تسمى الخرف (الهتر) (Dementia) ويعرف التخلف العقلي بأنه " حالة من عدم تكامل نمو خلايا المخ أو توقف نمو أنسجته منذ الولادة أو في السنوات الأولى من الطفولة بسبب ما " ، والتخلف العقلي ليس مرضا مستقلا بل هو مجموعة أمراض تتصف جميعها بانخفاض فى درجة ذكاء الطفل بالنسبة إلى معدل الذكاء العام وعجز في قابليته على التكيف. ( 28 )
ويشير كمال مرسى (2000) إلى التخلف العقلي بأنه حالة تشير إلى جوانب قصور ملموسة في الأداء الوظيفي الحالي للفرد , وتتصف الحالة بأداء عقلي أقل من المتوسط بشكل واضح يكون متلازماً مع جوانب قصور في مجالين أو أكثر من مجالات المهارات التكيفية التالية : التواصل , العناية الذاتية , الحياة المنزلية , المهارات الاجتماعية , استخدام المصادر المجتمعية , التوجيه الذاتي , الصحة والسلامة , المهارات الأكاديمية الوظيفية , وقت الفراغ ومهارات العمل , ويظهر التخلف العقلي قبل سن الثامنة عشرة . ويصنف التخلف العقلي تربوياً إلى :
- القابلون للتعلم : وتتراوح درجة ذكائهم مابين 75 – 55 درجة تقريبا على اختبار وكسلر , أو 73 – 52 درجة تقريبا على اختبار ستانفورد بينية , أو ما يعادل أيا منهما من اختبارات ذكاء مقننة أخرى.
- القابلون للتدريب : وتتراوح درجة ذكائهم مابين 54 – 40 درجة تقريبا على اختبار وكسلر , أو 51 – 36 درجة تقريبا على اختبار ستانفورد بينية , أو ما يعادل أيا منهما من اختبارات ذكاء مقننة أخرى.
- الفئة الاعتمادية : وتكون درجة ذكائهم أقل من 40 درجة على اختبار وكسلر , أو 36 درجة تقريبا على اختبار ستانفورد بينية أو ما يعادل أيا منهما من اختبارات ذكاء مقننة أخرى. ( 10 : 84 )
الطرق التربوية الرائدة والحديثة في تعليم المعاقين عقلياً :
إن تربية الطفل المعاق عقلياً تقوم على أسس تربوية ونفسية واجتماعية وجسمية وذلك في ضوء خصائص نمو الأطفال جسمياً ونفسياً واجتماعياً وعقلياً ، وتتضمن الطرق الحديثة في تعليم المعاقين عقلياً مع الطرق الرائدة في التركيز على تعليم المعاق عقلياً من خلال تنمية حواسه ومهاراته الحركية وإكسابه السلوك الاجتماعي المقبول وزيادة معلوماته وتنمية قدراته العقلية وحصيلته اللغوية من خلال الممارسة والمشاهدة اليومية وفي ضوء خصائص نموه العقلي والبدني والنفسي والاجتماعي .
ومن أهم هذه الطرق :
1- طريقة سيجان Segain
وضع سيجان برنامج التربية الخاصة ركز فيه على تدريب حواس الطفل وتنمية مهاراته الحركية ومساعدته على استكشاف البيئة التي يعيش فيها .
ومن الأسس التربوية والنفسية التي قام عليها برنامج سيجان أن تكون الدراسة للطفل ككل وأن تكون الدراسة للطفل كفرد وأن تكون الدراسة من الكليات إلى الجزئيات وأن تكون علاقة الطفل بمدرسته طيبة وأن يجد الطفل في المواد التي يدرسها إشباعاً لميوله ورغباته وحاجاته وأن يبدأ الطفل بتعلم النطق بالكلمة ثم يتعلم قراءاتها فكتابتها.
2- طريقة منتسوري
ركزت منتسوري جهودها على تربية وتعليم المعاقين عقلياً وقد اعتبرت مشكلة الإعاقة العقلية مشكلة تربوية أكثر منها مشكلة طبية ، وقد وضعت برنامجها في تعليمهم على أساس الربط بين خبراتهم المنزلية والمدرسية وإعطائهم فرصة التعبير عن رغباتهم ، وتعليم أنفسهم بأنفسهم ، وقد ركزت منتسوري في برنامجها على تدريب حواس الطفل على تدريب حاسة اللمس عن طريق الورق المصنفر المختلف في سمكه وخشونته وتدريب حاسة السمع عن طريق تمييز الأصوات والنغمات المختلفة مثل أصوات الطيور والحيوانات وتدريب حاسة التذوق عن طريق تمييز الطعم الحلو والمر والمالح والحامض وتدريب حاسة الإبصار عن طريق تمييز الأشكال والأطوال والألوان والأحجام وتدريب الطفل الاعتماد على نفسه عن طريق المواقف الحرة في النشاط .
3- طريقة دسكدرس Descocudres
تؤكد دسكدرس على أهمية عمليات تدريب الحواس والانتباه بالنسبة للأطفال المعاقين عقلياً فإنه لكي يتم تعليمهم ينبغي توجيه الانتباه للأمور الحسية ، ويقوم برنامجها على تعليم الأطفال المعاقين عقلياً وفقاً لاحتياجاتهم في التعليم المناسب لقدراتهم وإمكانياتهم ويراعى خصائص نموهم البدني والعقلي والنفسي والاجتماعي ، وتتلخص خطوات برنامجها في تربية الطفل من خلال نشاطه اليومي وتدريب حواسه وانتباهه وإدراكه وتعليمه موضوعات مترابطة ومستمدة من خبرته اليومية والاهتمام بالطرق الفردية بين الأطفال المعاقين عقليا.ً
4- طريقة الخبرة التربوية
نادى جون ديو J , Dewey بالتعليم من خلال الخبرة وأدت دعوته إلى إدخال طريقة المشروع أو الوحدة أو الخبرة في تعليم المعاقين عقلياً والتي تقوم على أساس ربط ما يتعلمه الطفل في وحدات عمل تناسب سنه وقدراته وميوله ، ومن برامج الخبرة التربوية برنامج ( كرستين إنجرام C , Ingram ) في كتاب ( تعليم الطفل بطيء التعلم ) ويتلخص في تنظيم الفصل حتى يكون ( وحدة العمل أو الخبرة مركز اهتمام الطفل ) وأخذ موضوع ( وحدة العمل أو الخبرة ) من بيئة الطفل ومن مواقف حياته اليومية وجعل هدف ( وحدة العمل أو الخبرة ) تنمية مشاعر الطفل الطيبة نحو نفسه ونحو الآخرين وكتساب الطفل السلوك الاجتماعي المقبول وتنمية مهاراته الحركية وتآزره البصري العضلي وتنمية اهتمامه بالأنشطة خارج الفصل وإصلاح عيوب نطقه وزيادة حصيلته اللغوية وزيادة معلوماته العامة وإكسابه الخبرات التي تفيده في حياته اليومية وتعليمه القراءة والكتابة والحساب.
5- طريقة المواد الدراسية
وضع دنكان J , Duncan برنامجاً لتعليم المعاقين عقلياً عن طريق التفكير الملموس أي طريق الممارسة والملاحظة واللمس والسمع وأشار دنكان إلى ضرورة تخطيط نشاط الطفل الحركي بما يساعده في تنمية مهاراته الحركية وتآزره العضلي ، وتوسيع مداركه ، وزيادة معلوماته ، وتشجيعه على حل المشكلات والتعامل باللغة وأعطى اهتماماً لإشغال الإبرة والرسم والنحت والنجارة والنسيج والمسابقات الترويحية ، بالإضافة إلى تعليم القراءة. ( 29 ) ، ( 30 )
الـذكـاء :
هو قدرة عقلية عامة تستلزم القدرة على الاستدلال ، التخطيط ، حل المشكلات ، التفكير المجرد ، فهم الأفكار المعقدة ، التعلم بسرعة ، التعلم من الخبرة ... والذكاء يظهر من خلال درجات معامل الذكاء على الاختبارات المقننة والتي تطبق من خلال متخصص ويؤخذ بعين الاعتبار المحك العقلي عند تشخيص التخلف العقلي ويوجد في التعريف الدرجة الفاصلة وهى أن تكون اقل من المتوسط باثنين 2 انحراف معياري ، وأشار التعريف إلى الخطأ المعياري للقياس. ( 13 : 64 ) ، ( 31 )
السلوك التكيفي :
هو مجموعة من المهارات العملية والاجتماعية والتصورية ( مفاهيم ) التي تعلم الناس كيف يمكن أن يؤدى الناس وظائف حياتهم اليومية. ( 4 : 32 )
القصور في السلوك التكيفي يمكن أن يُحدد من خلال استخدام مقاييس معيارية تلك التي تصف الناس العاديين وغير العادين في سلوكياتهم ، والدلالة على القصور في السلوك التكيفي في هذه المقاييس المعيارية يتضح من خلال الانحراف عن المتوسط بمقدار اثنين 2 انحراف معياري في واحد من الاثنين التاليين :
1 -أحد الأنواع الثلاثة التالية للسلوك التكيفي- : التصور ( المفاهيم ) – الاجتماعي - العملي.
2 -الدرجة الكلية على المقياس المعياري للمهارات العملية والاجتماعية والتصورية ( المفاهيم ).
أمثلة على السلوك التكيفي :
1- المهارات التصورية : - اللغة الاستقبالية والتعبيرية - القراءة والكتابة - المفاهيم المالية - اتجاهات الذات.
2 -المهارات الاجتماعية : - العلاقات بين الأشخاص - المسئولية - احترام الذات - السذاجة - إتباع القواعد - البساطة - طاعة القوانين - تجنب الاضطهاد.
3- المهارات المهنية :- مثل الحفاظ على أمن البيئة.
4- المهارات العملية :
الأنشطة الشخصية للمعيشة اليومية مثل : - الأكل – اللبس - الحركة ) الانتقال ) - الحمام.
الأنشطة المساعدة اليومية مثل : - إعداد الطعام – اخذ الدواء - استخدام التليفون - إدارة المال - استخدام وسائل النقل - عمل أنشطة التدبير المنزلي (11 : 65)
المساندة ( الدعم ) supports
طريقة المساندة تُقيم الحاجات الخاصة للأفراد ثم تقترح الاستراتيجيات والخدمات المساندة التي ستزيد فاعلية الفرد وهى تعترف بالحاجات والظروف الفردية.
وتُعرف المساندة ( الدعائم ) كالموارد والخطط الفردية الضرورية التي تعمل على ارتقاء النمو والتعلم والاهتمامات والراحة الشخصية للمعاق عقليا.
والمساندة يمكن أن تُقدم من قبل ( الوالد – الصديق - المعلم – الأخصائي النفسي – الطبيب – أو من قبل أي شخص مناسب أو أي مؤسسه( ، وتعود أهمية المساندة والدعائم إلى إنها يمكن أن تحسن الوظائف الشخصية وتساعد على تقرير المصير والمحتوى الاجتماعي والراحة الشخصية للمعاق ، والتركيز على المساندة كطريقة لتحسين التعليم ، التشغيل ، الترفيه ، والبيئات الحية جزء مهم من التركيز على الشخص وتقديم المساندة للأفراد المعاقين ، ويتم تحديد المساندة التي يحتاج إليها الفرد عن طريق تحليل تسع مجالات على الأقل تشمل :
- التنمية البشرية – التربية والتعليم – المعيشة اليومية – المعيشة المجتمعية
- الوظيفة – التأمين الصحي – السلوك الاجتماعي - الحماية والدفاع.
يتبع