الطائرالمسافر
عضو ذهبي
(6)
الدعوة وشؤنها وشجونها
عند الاختلاف
لاحل إلا ...........بالعودة الى السنة
اختيار وتقديم وتعليق
ابراهيم بن فرج
بيان ما في كلام الأستاذ الطنطاوي من المآخذ :
قال العلامة المحدث الامام الالباني رحمه الله تعالى:
8- التقاء الطنطاوي مع الدعاة إلى السنة في ترك المذهب اتباعاً للسنة:
بعد هذا البيان أستطيع أن أقول :
إن موقف الصديق الطنطاوي من المذاهب لا يختلف كثيراً عن موقف دعاة السنة منها ،
ذلك لأن الطنطاوي يرى الخروج من المذهب جائزاً ،
بدليل إنكاره في مقاله هذا " مشكلة " على من " يرى الإسلام في اتباع مذهب من المذاهب الأربعة والوقوف عندما أفتى به متأخرو فقهائه . . . "
ويؤيد هذا قوله في مقدمة كتاب " قانون الأحوال الشخصية " (ص / 6):
" ومن السياسة الشرعية أن يفتح للناس باب الرحمة من الشريعة ،
ويؤخذ من غير المذاهب الأربعة ، ما يؤدي إلى جلب مصلحة عامة أو دفع ضرر عام " .
وعلى هذه السياسة
جرى حضرة الصديق في " مشروع الأحوال الشخصية "
الذي تحدث عنه في المقدمة المذكورة ،
فخالف فيه مذهبه الحنفي في مسائل كثيرة ،
أكتفي بذكر مسألتين منها على سبيل المثال :
1- قال الشيخ في المقدمة (ص / 5) :
" وقد عدل المشروع عن المذهب الحنفي الذي يحدد أقل المهر بعشرة دراهم
إلى المذاهب الثلاثة التي لا تجعل لأقله حداً " .
2- ثم قال فيها (ص / 6 - 7):
" نص أيضاً ( يعني المشروع )
على وقوع طلقة واحدة بالطلاق المقترن بعدد لفظاً أو إشارة
أخذاً بما رواه مسلم في صحيحه
من أن طلاق الثلاث كان يقع واحداً على عهد رسول الله (ص) إلخ . . .)
وبرأي ابن تيمية ".
والواقع
أن حضرة الشيخ الطنطاوي قد وفق للصواب فيما ذهب إليه في هاتين المسألتين ،
وقد بين هو في المسألة الأولى خلافه للمذهب الحنفي ،
وذهابه إلى المذاهب الثلاثة .
وأما المسألة الأخرى
فخلافه فيها أشد
لأن أحداً من أئمة المذاهب الأربعة لم يأخذ بحديث مسلم الذي ذكره هو ،
وان أخذ به غيرهم من الأئمة .
وما ذهب إليه الشيخ في هاتين المسألتين ،
هو مذهب الدعاة إلى السنة ،
قبل أن يكتبهما الشيخ في مشروعه بسنين .
وقد رأيت أنه في المسألة الثانية
إنما ذهب إلى خلاف الأئمة الأربعة أخذاً بالحديث وبرأي ابن تيمية ،
وهذا هو عين ما يصنعه الدعاة إلى السنة ،
فإنهم يأخذون بالحديث الصحيح
مدعمين فهمهم إياه بتبني بعض الأئمة له كابن تيمية ومن قبله من أئمة الفقه والحديث ،
فما بال الشيخ ينكر عليهم هذا وهو معهم فيه فعلاً ؟!
وخلاصة القول :
إن الدعاة إلى السنة لا يتركون المذاهب كلها جملة وتفصيلاً ،
بل إنهم يحترمونها ويقدرون أئمتها ، ويستعينون بها على فهم الكتاب والسنة ،
ثم يتركون من أقوالهم وأرائهم ما تبين أنه على خلاف الكتاب والسنة ،
وذلك من تمام إجلالهم واتباعهم ،
كما قال أبو الحسنات اللكنوي في " الفوائد البهية في تراجم الحنفية "
بعد أن ذكر أن عصام بن يوسف البلخي من أصحاب أبي يوسف ومحمد
كان يرفع يديه عند الركوع والرفع منه ،
قال أبو الحسنات (ص / 116) :
" يعلم منه أن الحنفي
لو ترك في مسألة مذهب إمامه لقوة دليل خلافه
لا يخرج به عن ربقة التقليد ،
بل هو في عين التقليد في صورة ترك التقليد ،
ألا ترى إلى أن عصام بن يوسف ترك مذهب أبي حنيفة في عدم الرفع
ومع ذلك هو معدود في الحنفية " .
قال :
" وإلى الله المشتكى من جهلة زماننا
حيث يطعنون على من ترك تقليد إمامه في مسألة واحدة لقوة دليلها
ويخرجونه عن جماعة مقلديه ،
ولا عجب منهم فإنهم من العوام ،
إنما العجب ممن يتشبه بالعلماء ،
ويمشي مشيهم كالأنعام. "