خلِّ ادّكارَ الأرْبُعِ • والمعْهَدِ المُرتَبَعِ
والظّاعِنِ المودِّعِ • وعدِّ عنْهُ ودَعِ
وانْدُبْ زَماناً سلَفا • سوّدْتَ فيهِ الصُّحُفا
ولمْ تزَلْ مُعتكِفا • على القبيحِ الشّنِعِ
كمْ ليلَةٍ أودَعْتَها • مآثِماً أبْدَعْتَها
لشَهوَةٍ أطَعْتَها • في مرْقَدٍ ومَضْجَعِ
وكمْ خُطًى حثَثْتَها • في خِزْيَةٍ أحْدَثْتَها
وتوْبَةٍ نكَثْتَها • لمَلْعَبٍ ومرْتَعِ
وكمْ تجرّأتَ على • ربّ السّمَواتِ العُلى
ولمْ تُراقِبْهُ ولا • صدَقْتَ في ما تدّعي
وكمْ غمَصْتَ بِرّهُ • وكمْ أمِنْتَ مكْرَهُ
وكمْ نبَذْتَ أمرَهُ • نبْذَ الحِذا المرقَّعِ
وكمْ ركَضْتَ في اللّعِبْ • وفُهْتَ عمْداً بالكَذِبْ
ولمْ تُراعِ ما يجِبْ • منْ عهْدِهِ المتّبَعِ
فالْبَسْ شِعارَ النّدمِ • واسكُبْ شآبيبَ الدّمِ
قبلَ زَوالِ القدَمِ • وقبلَ سوء المصْرَعِ
واخضَعْ خُضوعَ المُعترِفْ • ولُذْ مَلاذَ المُقترِفْ
واعْصِ هَواكَ وانحَرِفْ • عنْهُ انحِرافَ المُقلِعِ
إلامَ تسْهو وتَني • ومُعظَمُ العُمرِ فَني
في ما يضُرّ المُقْتَني • ولسْتَ بالمُرْتَدِعِ
أمَا ترَى الشّيبَ وخَطْ • وخَطّ في الرّأسِ خِطَطْ
ومنْ يلُحْ وخْطُ الشّمَطْ • بفَودِهِ فقدْ نُعي
ويْحَكِ يا نفسِ احْرِصي • على ارْتِيادِ المَخلَصِ
وطاوِعي وأخْلِصي • واسْتَمِعي النُّصْحَ وعي
واعتَبِرِي بمَنْ مضى • من القُرونِ وانْقَضى
واخْشَيْ مُفاجاةَ القَضا • وحاذِري أنْ تُخْدَعي
وانتَهِجي سُبْلَ الهُدى • وادّكِري وشْكَ الرّدى
وأنّ مثْواكِ غدا • في قعْرِ لحْدٍ بلْقَعِ
آهاً لهُ بيْتِ البِلَى • والمنزِلِ القفْرِ الخَلا
وموْرِدِ السّفْرِ الأُلى • واللاّحِقِ المُتّبِعِ
بيْتٌ يُرَى مَنْ أُودِعَهْ • قد ضمّهُ واسْتُودِعَهْ
بعْدَ الفَضاء والسّعَهْ • قِيدَ ثَلاثِ أذْرُعِ
لا فرْقَ أنْ يحُلّهُ • داهِيَةٌ أو أبْلَهُ
أو مُعْسِرٌ أو منْ لهُ • مُلكٌ كمُلْكِ تُبّعِ
وبعْدَهُ العَرْضُ الذي • يحْوي الحَييَّ والبَذي
والمُبتَدي والمُحتَذي • ومَنْ رعى ومنْ رُعي
فَيا مَفازَ المتّقي • ورِبْحَ عبْدٍ قد وُقِي
سوءَ الحِسابِ الموبِقِ • وهوْلَ يومِ الفزَعِ
ويا خَسارَ مَنْ بغَى • ومنْ تعدّى وطَغى
وشَبّ نيرانَ الوَغى • لمَطْعَمٍ أو مطْمَعِ
يا مَنْ عليْهِ المتّكَلْ • قدْ زادَ ما بي منْ وجَلْ
لِما اجتَرَحْتُ من زلَلْ • في عُمْري المُضَيَّعِ
فاغْفِرْ لعَبْدٍ مُجتَرِمْ • وارْحَمْ بُكاهُ المُنسجِمْ
فأنتَ أوْلى منْ رَحِمْ • وخيْرُ مَدْعُوٍّ دُعِي
للأديب العالم الحريري صاحب المقامات, وقد أوردها ضمن مقامته البصرية و هي من آخر مقامته وفيها يتوب بطل المقامات السروجي.
والظّاعِنِ المودِّعِ • وعدِّ عنْهُ ودَعِ
وانْدُبْ زَماناً سلَفا • سوّدْتَ فيهِ الصُّحُفا
ولمْ تزَلْ مُعتكِفا • على القبيحِ الشّنِعِ
كمْ ليلَةٍ أودَعْتَها • مآثِماً أبْدَعْتَها
لشَهوَةٍ أطَعْتَها • في مرْقَدٍ ومَضْجَعِ
وكمْ خُطًى حثَثْتَها • في خِزْيَةٍ أحْدَثْتَها
وتوْبَةٍ نكَثْتَها • لمَلْعَبٍ ومرْتَعِ
وكمْ تجرّأتَ على • ربّ السّمَواتِ العُلى
ولمْ تُراقِبْهُ ولا • صدَقْتَ في ما تدّعي
وكمْ غمَصْتَ بِرّهُ • وكمْ أمِنْتَ مكْرَهُ
وكمْ نبَذْتَ أمرَهُ • نبْذَ الحِذا المرقَّعِ
وكمْ ركَضْتَ في اللّعِبْ • وفُهْتَ عمْداً بالكَذِبْ
ولمْ تُراعِ ما يجِبْ • منْ عهْدِهِ المتّبَعِ
فالْبَسْ شِعارَ النّدمِ • واسكُبْ شآبيبَ الدّمِ
قبلَ زَوالِ القدَمِ • وقبلَ سوء المصْرَعِ
واخضَعْ خُضوعَ المُعترِفْ • ولُذْ مَلاذَ المُقترِفْ
واعْصِ هَواكَ وانحَرِفْ • عنْهُ انحِرافَ المُقلِعِ
إلامَ تسْهو وتَني • ومُعظَمُ العُمرِ فَني
في ما يضُرّ المُقْتَني • ولسْتَ بالمُرْتَدِعِ
أمَا ترَى الشّيبَ وخَطْ • وخَطّ في الرّأسِ خِطَطْ
ومنْ يلُحْ وخْطُ الشّمَطْ • بفَودِهِ فقدْ نُعي
ويْحَكِ يا نفسِ احْرِصي • على ارْتِيادِ المَخلَصِ
وطاوِعي وأخْلِصي • واسْتَمِعي النُّصْحَ وعي
واعتَبِرِي بمَنْ مضى • من القُرونِ وانْقَضى
واخْشَيْ مُفاجاةَ القَضا • وحاذِري أنْ تُخْدَعي
وانتَهِجي سُبْلَ الهُدى • وادّكِري وشْكَ الرّدى
وأنّ مثْواكِ غدا • في قعْرِ لحْدٍ بلْقَعِ
آهاً لهُ بيْتِ البِلَى • والمنزِلِ القفْرِ الخَلا
وموْرِدِ السّفْرِ الأُلى • واللاّحِقِ المُتّبِعِ
بيْتٌ يُرَى مَنْ أُودِعَهْ • قد ضمّهُ واسْتُودِعَهْ
بعْدَ الفَضاء والسّعَهْ • قِيدَ ثَلاثِ أذْرُعِ
لا فرْقَ أنْ يحُلّهُ • داهِيَةٌ أو أبْلَهُ
أو مُعْسِرٌ أو منْ لهُ • مُلكٌ كمُلْكِ تُبّعِ
وبعْدَهُ العَرْضُ الذي • يحْوي الحَييَّ والبَذي
والمُبتَدي والمُحتَذي • ومَنْ رعى ومنْ رُعي
فَيا مَفازَ المتّقي • ورِبْحَ عبْدٍ قد وُقِي
سوءَ الحِسابِ الموبِقِ • وهوْلَ يومِ الفزَعِ
ويا خَسارَ مَنْ بغَى • ومنْ تعدّى وطَغى
وشَبّ نيرانَ الوَغى • لمَطْعَمٍ أو مطْمَعِ
يا مَنْ عليْهِ المتّكَلْ • قدْ زادَ ما بي منْ وجَلْ
لِما اجتَرَحْتُ من زلَلْ • في عُمْري المُضَيَّعِ
فاغْفِرْ لعَبْدٍ مُجتَرِمْ • وارْحَمْ بُكاهُ المُنسجِمْ
فأنتَ أوْلى منْ رَحِمْ • وخيْرُ مَدْعُوٍّ دُعِي
للأديب العالم الحريري صاحب المقامات, وقد أوردها ضمن مقامته البصرية و هي من آخر مقامته وفيها يتوب بطل المقامات السروجي.