حبّها القاتل ( قصة قصيرة )::...

همسات حائرة

عضو ذهبي
إنضم
Apr 25, 2011
المشاركات
6,323
الإقامة
أم الدنيـــــــــــا
basm-all.gif




استلقى مرتميا" على فراشه و أغمض عينيه ، لقد حاول النوم مبتعدا" عن التفاصيل الدقيقة ليومٍ شاقٍّ وعصيب ، وأراد الدخول في عالمٍ آخر ينسيه واقع الحياة المليء بالتوتر والانفعالات المعقّدة..

شعر بأنّ روحه بدأت تتسلل بخفيةٍ وحذر ، تودّ التحرّر من قيودالجسد التي كانت تحجبها عن عالم الحقيقة ، فارتسمت أمام الروح صورة امرأةٍ تتيه بٍإطلالةٍ رشيقةٍ هزّت علاقتها بالجسد .

أدركت الروح الإنسانية بأنوارهاالثاقبة

أنّ هذه المرأة لم تكن إلا صورة الحياة الدنيا ،

فدار حوار بينهما

خرج بكينونته عن نطاق الزمان

لكنّ مكانه تجلّى بين السماء و الأرض..



الدنيا: مرحبا" بك أيتها الروح ، عودي من حيث أتيت فأنت معلّقة" بحبّي متيّمة" بجمالي ولا تستطيعين هجري وفراقي بملء إرادتك.




الروح: كلما ازداد ارتباطي بذاك الجسد أراك جميلة" نضرة ، ويزداد عشقي وهيامي بك أيتها الحياة الدنيا ، فأفتتن بسحرك مع كلّ نظرةٍ ترمقني بها عيناك ، لكن عندما تسنح لي الفرصة للتحرّر من أسرك قدر ما أستطيع ، أرى وجهك القبيح على حقيقته، فتعجزين أيتها الدنيا عن استمالتي بحسنك الأخّاذ.



الدنيا: لقد كشفت صورتي الحقيقية أيتها الروح بتحرّرك المؤقت من أغلال المادة ، لكنك ستعودين إليّ زاحفة" مرغمة" طالما ارتباطك بالجسد قدر محتوم ، لقدأقسمت أن أذيقك من كأسي الذي لا مفرّ منه.




الروح: صراعي الدائم مع الجسد لن يهدأ حتى لا أحترق بنيرانك أيتها الدنيا ،أعلم أنه صراع شائك بالألم والجراح ، وإن كان لابدّ من الاحتراق فليصبح الجسد بنيرانك رمادا" ، ولأمسي بلهيبك جوهرا" ثمينا" لا حدّ لقيمته.



الدنيا: مفاتني البرّاقة تطيل اغترارك بالأمل أيتها الروح حتى تنسين الأجل ، وتغرقين بحبّي وحبّ من أحبّني حتى لا يبقى فيك قبسة" من النور إلا وطمستها بظلماتي ، فتركنين إليّ هادئة" مطمئنّة ليغدو انفصالك عنّي أبغض ما يكون إليك.



الروح: لقدأيقنت حقيقتك الغدّارة الخادعة أيتها الحياة الدنيا ، فبعدا" لسهامك المسمومة عن إصابتي بعد اليوم ، وإن ركنت إليك بعد أن كشفت اللثام عن وجهك المريع لا بدّ أن أكون في عداد الهلكى.




الدنيا: لن أصفو لك يوما" أيتها الروح بعد أن تغلغلت في حقائقي ، إني لأعجب منك كيف تتجرّعين الصبر مع مرارتي وتأبين تذوّق حلاوتي.



الروح: أحسّ برائحةالسمّ تدسّينه في حلاوتك الزائفة ، فكيف تعديني بالبقاء وطول الأمل وتغرقيني في بحر شهواتك العميق ، ثمّ تولّين هاربة" تاركةّ أشلائي كزجاجٍ محطّمٍ وملوّثٍ بألوانك الخبيثة؟!



الدنيا: الأيام بيني وبينك ، لن أغادرك حتى تغادريني ، وسأملأ من حبري القلم حتى أدوّن الفصل الأخير من حكايتناأيتها الروح ..



اهتزّت أجفانه على أنغام موسيقى هادئة قطعت عنه الحوار ،

فاستدار برأسه المثقل بأفكارٍ لا يسعها كوكب الأرض باحثا" عن مصدرالصوت ،

فإذا بهاتفه الجوّال يخبره بأن صراعه مع الحياة الدنيا

قد انتقل من الحلم إلى الحقيقة...
 

المواضيع المتشابهة

رد: حبّها القاتل ( قصة قصيرة )::...

اللهم اتنا فى الدنيا حسنه وفى الاخره حسنه وقنا عذاب النار احسنتى اختى
 
رد: حبّها القاتل ( قصة قصيرة )::...


134337303614.png
أخي الكريم ::
جزانا الله وإياكم خير الجزاء...
أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول...فيتبعون أحسنه...
وأن يجعلنا سبباً ولو ضئيلاً في هداية مَن حولنا...
وأن يجعل ما نكتب شاهداً لنا...لا شاهداً علينا...
أسأل الله أن يعافيكـــ ويسلمكـــ من أي سوء أو مكروه...
شاكرة لكــ مروركــ المميز واهتمامكــ...
أسأل الله ألا يحرمني من هذه الطلة الرائعة التي تنير متصفحي...وتمنحني الثقة...
والرغبة في مواصلة المشوار الذي بدأته من أجل إعلاء اسم هذا المنتدى وتميزه...
لكـــ مني أجمل وأرق تحية وتقدير واحترام...
دمت بكل صحة وسعادة وراحة بال...
في حفظ الله وأمنه وعنايته الدائمة...
 

أحدث المواضيع

أعلى