" .
و روى البخاري عن عائشة " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه , ثم نفث فيهما فقرأ فيهما ( قل هو الله أحد ) و ( قل أعوذ برب الفلق ) و ( قل أعوذبرب الناس ) , ثم يمسح بهما ما استطاع من جسد , يبدأ بهما على رأسه ووجهه , و ماأقبل من جسده , يفعل ذلك ثلاث مرات
" .
( قل هو الله أحد
)
" قل " قولا جازما به , معتقدا له , عارفا بمعناه
"
هو الله أحد " أي : قد انحصرت فيه الأحدية , فهو الأحد المنفرد بالكمال , الذي له الأسماء الحسنى , و الصفات الكاملةالعليا , و الأفعال المقدسة , الذي لا نظير له و لا مثيل .
( الله الصمد ) أي : الله الذي لا تنبغي العبادة إلا له .
قال الغزالي: الله الصمد أي الذي يصمد إليه في الحوائج , ويقصد إليه في الرغائب , إذ ينتهي إليه منتهى السؤدد , و قال ابن جرير: الصمد عند العرب هو السيد الذي يصمد إليه , الذي لا أحد فوقه , وكذلك تسمى أشرافها .
و قال ابن تيمية رحمه الله تعالى : و في الصمد للسلف أقوال متعددة , قد يظن أنها مختلفة و ليست كذلك بل كلها صواب , و المشهور منها قولان : 1 - أن الصمد هو الذي لا جوف له 2 - أنه السيد الذي يصمدإليه في الحوائج . و الأول هو قول أكثر السلف من الصحابة و التابعين و طائفة من أهلاللغة , و الثاني قول طائفة من السلف و الخلف و جمهور اللغويين .
( لم يلد و لم يولد )
"
لم يلد " أي لم يكن له ولد لانتفاء من يجانسه إذ الولد يجانس والده , و المجانسة منفية عنه تعالى إذ ليس كمثله شيء .
"
و لم يولد " لانتفاء الحدوث عنه تعالى .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( قال الله عز وجل : كذبني ابن آدم و لم يكن له ذلك , و شتمني و لم يكن له ذلك فأما تكذيبه إياي فقوله : لن يُعيدني كما بدأني , و ليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته , و أما شتمه إياي فقوله : اتخذ الله ولدا و أنا الأحد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد ) رواه البخاري.
( و لم يكن له كفوا أحد ) أي لم يكن أحدا كفوا له و لا مثيلا و لا نظيرا و لا شبيها , لا في أسمائه و لا في أوصافه و لا في أفعاله , إذ ليس كمثله شيء و هو السميه البصير
.
قال مجاهد( و لم يكن له كفوا أحد ) يعني : لا صاحبة له , وهذا كما قال تعالى (بديع السماوات و الأرض أنّى يكون له ولد ولم يكن له صاحبة و خلق كلّ شيء ) أي هو مالك كل شيء و خالقه , فكيف يكون له من خلقه من نظير يساميه , أو قريب يدانيه , تعالى و تقدّس و تنزّه .
قال ابن القيم في زاد المعاد ( .. فسورة الإخلاص متضمنة لتوحيدالإعتقاد و المعرفة , و ما يجب إثباته للرب تعالى من الأحدية المنافية لمطلق الشركةبوجه من الوجوه , و الصمدية المثبتة له جميع صفات الكمال الذي لا يلحقه نقص بوجه من الوجوه , و نفى الولد و الوالد الذي هو من لازم الصمدية و غناه و أحديثه , و نفيُ الكفؤ المتضمن لنفي التشبيه و التمثيل و التنظير : فتضمنت هذه السورة إثبات كل كمال له , و نفي كل نقص عنه و نفي إثبات شبيه أو مثل له في كماله و نفي مطلق الشريك عنه , و هذه الأصول هي مجامع التوحيد العلميّ الإعتقاديّ الذي يباين صاحبه جميع فرق الضلالة و الشرك ) .
::
::
::